عاصمة ايران... تطبيق مشاريع وخطط المدن الذكية

الأحد ١١ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٤:٤٨ بتوقيت غرينتش

استضاف برنامج "من طهران" عمدة العاصمة الايرانية السیّد بيروز حناجي واستعرض معه البرامج السياحية التي تضعها طهران لاستقطاب الزوار والخدمات التي تقدمها لزوار الامام الحسين عليه السلام في أيام الاربعين.

كما سلط البرنامج الضوء على المشاريع والخطط الذكية التي تطبقها طهران للحد من التلوث والازدحام السكاني، أضافة الى مساعيها لنقل التجارب والخدمات الفريدة التي تمتلكها لعواصم الدول المجاورة.

وفيما يلي نص اللقاء كاملا...

س. هل يمكن ان نعتبر مدينة طهران مدينة سياحية وتستقطب السياح؟
بسم الله الرحمن الرحیم. طهران عاصمة ایران، منذ أکثر من مائتي عام، أو من مائتین وثلاثین أو أربعین عاماً أُنتخب هذا المکان کعاصمة لایران، ومنذ اللحظة التي أُنتخبت فیها وحتّی اللحظة، کانت ولاتزال تنمو وتتوسّع. ویبدو للناظر آنّ هؤلاء الذین انتخبوا هذه البقعة من الأرض کي تصبح عاصمة للبلاد، قد درسوا طاقاتها وقدراتها بشکل دقیق وصحیح. علی الرغم من آنّ المدینة تواجه مشکلات عدیدة، إلا آنّها قد ضمّت في جنباتها وإستوعبت هذا الکمّ الکبیر جدّاً من السکّان والأنشطة المختلفة. ومن المواقع الجذّابة في طهران، إضافة إلی صفتها التاریخیة، والتي تعود نواتها إلی العهد الصفوي، إذا آردنا أن نتحدّث عن "ري" ، یجب علینا أن نعود إلی حقبة ما قبل التاریخ، لکنّ طهران في حدّ ذاتها وماضیها في السکن وإستقطاب الناس، تعود إلی مرحلة ماقبل العهد الصفوي، ومن العناصر الجاذبة فیها طبیعتها الجمیلة جدّاً التي لم تطالها ید البشر وقربها من المدینة. لدینا جبال البرز التی تضمّ أعلی نقطة فیها بإرتفاع یربو علی أربعة آلاف متر عن سطح البحر، لذا فأنّه من الندرة بمکان وجود مدینة تدنو منها الطبیعة إلی هذا الحدّ. نحن لدینا سنویاً حوالي 240 ملیون متر مکعّب من الأمطار من جبال البرز بإتّجاه مدینة طهران. وسبب نشأة طهران یعود إلی هذه المیاه التي ذکرتُها والتي کانت تتّجه صوب طهران إمّا من خلال القنوات المائیة أو علی شکل أنهار طبیعیة. لو أردنا مقارنة طهران باصفهان مثلاً، لم تکن الآثار التاریخیة الموجودة في طهران أقلّ من نظیراتها في اصفهان، بالطبع الآثار الموجودة في اصفهان تعرّضت للتآکل بدرجة آقل من آثار طهران، کما أنّ العاصمة طهران تعرّضت للکثیر من التغییرات بسبب التنمیة والتطوّر. وفیما یخصّ النواة القدیمة لطهران، آقصد مدینة ري، فهي أقدم بکثیر من العاصمة طهران، فتاریخها یعود إلی مرحلة ما قبل التاریخ، ویمکننا ملاحظة هذا القدم من إسمها "راگا" ، الإسم التاریخي للمنطقة. کما أنّ طهران تتمتّع بمیزات وخصائص آخری، فهناك الجداول المائیة القادمة من المرتفعات الشمالیة إلی البساتین وحدائق الصفصاف في جنوب المدینة، ولاتزال هذه الآثار موجودة في شمال طهران وأطرافها.

س. هل هناك نشاطات في مدينة طهران للتعريف عن الآثار والمواقع في طهران والطاقات الموجودة والكامنة في العاصمة للسياح الاجانب؟
توجد نتاجات عدیدة لبلدیة طهران في هذا المجال. علی سبیل المثال، کتب کثیرة تشمل المجال التاریخي وأخری توضّح تاریخ المدینة وخرائط مختلفة لها. کما توجد مواقع خبریة والمنشورات التي تتطرّق إلی مواضیع ومواقع محدّدة في طهران.
طهران دات آي آر، هو موقع بلدیة طهران الخبري، ویحتوي علی الکثیر من المعلومات المفیدة کخرائط جي آر سي وتاریخ طهران.
تُعتبر طهران من المدن التي تتمیّز بطاقاتها وقدراتها التاریخیة إلی جانب حاضرها الفعلي، فنحن لدینا هنا تراث حدیث إلی جانب الآثار التاریخیة، وأثر تاریخي تمّ تسجیله عالمیاً. کما لدینا قصر غلستان وهو من البساتین الباقیة من سور العهد الصفوي والذي تطوّر وتوسّع خلال عهد القاجار، ومبنی شمس العمارة یُعتبر شذرة هذا المکان. ولدینا أیضاً بازار طهران المعروف والذي لایزال یعمل کمرکز فعّال ونشط إلی جانب العدید من آثار العصر الحدیث والتي لدیها القدرة والقابلیة کي تُسجّل عالمیاً، کمیدان آزادي، أو الحرّیة، ومتحف السجّاد ومتحف الفنون المعاصرة والعدید من الآثار الحدیثة کجامعة طهران الموضوعة علی القائمة الخاصّة بالآثار المرشّحة للتسجیل عالمیاً ولاتزال تنتظر دورها. تتمیّز هذه المدینة بثقافتها القدیمة ولها ماض عریق ضارب في التاریخ، وقد طوّقتها الحیاة الیومیة والمرور المزدحم والتلوّث والغبار المنبعث منها. نحن نسعی جاهدین في هذه الدورة من مسؤولیتنا في البلدیة إلی إظهار جمالیات مدینة طهران آکثر من ذي قبل لمواطنینا ولاولئك الذین یختارون العاصمة کمقصد لرحلاتهم وزیاراتهم.

س. حول الادارة الحديثة للمدن وتوسيع المساحات الخضراء، ماذا فعلت بلدية طهران في هذا الصدد؟
تطویر وتوسعة الأراضي العامّة واحد من برامجنا التي وضعناها علی جدول آعمالنا في الدورة الجدیدة لبلدیة طهران. في حقیقة الأمر، فأنّ الآراضي العامّة تمثّل الإدراك الذي تحصل علیه کفرد حینما تزور آيّ مدینة في أيّ بقعة من العالم، وکلّما کان هذا القطاع مزیّناً ومجهّزاً لسکّان تلك المدینة کلما بقیت ذکراها في ذهنك لفترة زمنیة أطول. المدن العالمیة الناجحة في هذا المجال هي تلك التي تخصّص الجزء الأکبر من الآراضي العامّة لسکّانها. ونحن الآن في طهران نتابع هذه البرامج عن کثب. فإضافة إلی الحدائق العامّة والبساتین التي آُلحقت إلی ما کان موجوداً في السابق، نسعی إلی إعادة إحیاء الأراضي التي کان الناس یشعرون اتّجاهها بشعور متبادل، والتي کانت تمثّل آیضاً العمود الفقري لمدینة طهران عبر التاریخ، والقسم الذي کان مخصّصاً للسیّارات سوف نستردّها ونخصّصها للمشاة. لربّما هذا العمل لم یکن ممکناً في السابق، ولکن بعد تطویر وتوسعة خطوط قطارات الأنفاق في العاصمة طهران، حالیاً لدینا أکثر من مائتین وخمسین کیلومتراً من خطوط قطارات الأنفاق، ولدینا أکثر بقلیل من هذا الرقم تحت الإنشاء، لذا فقد أصبح هذا العمل ممکناً الآن. ومؤخّراً قمنا بتنفیذ مشروع في میدان السابع من تیر، وإن شاء الله سوف نتابع مثل هذه المشاریع في شارع لاله زار ومیدان الإمام الخمیني (ره) ومحاور متعدّدة أخری کمیدان مشق، وسنستردّ مساحات آخری مخصّصة للمرکبات ونضمّها إلی الأراضي العامّة المخصّصة لإستفادة أفراد الشعب وذلك عن طریق تطویر وتوسعة شبکة المواصلات العامّة.

س. طهران لديها تجارب فريدة على سبيل المثال مترو الانفاق، هل هناك عواصم دول اخرى طلبت من طهران نقل هذه التجارب؟
نعم، علی أیّة حال، بسبب الصلات والعلاقات الدولیة التي تربط المدن المختلفة في المعمورة عادة، بإمکان الکثیر من هذه التجارب أن تتبادل. علی سبیل المثال، حینما أردنا تطویر وتوسعة الآماکن المخصّصة لتردّد الدراجات الهوائیة، إستفدنا من تجارب وخبرات الهولندیین في هذا المجال، أو خلال الزیارة الآخیرة لي إلی بغداد بدعوة من عمدة العاصمة العراقیة المحترم، طُرح موضوع تطویر قطار الأنفاق في العاصمة العراقیة والإستعانة بتجارب وخبرات طهران في تطویر بغداد. علی أیّة حال، حینما کنّا في ضیافة المسؤولین العراقیین، قلتُ لهم صراحة أنّنا بدأنا عملیة إنشاء قطار الأنفاق في طهران في عقد الثمانینات من القرن الماضي، وللعلم حینما بدأنا عملیة الإنشاء آنذاك کنّا في الحقیقة قد بدأنا متآخّرین بحوالي 20 سنة! لذا، فقد قدّمنا توصیة للأصدقاء العراقیین بالتفکیر السریع في بغداد الکبیرة من الآن، إضافة إلی مدینة البصرة التي تحکمها نفس الظروف. وخلال اللقاءات المختلفة تمّ طرح موضوع نقل الخبرات والتجارب وإن شاء الله سوف تتمّ متابعته في اللجان الخاصّة للبلدین.

س. الموضوع الاخر حول التعاون بين العواصم بشكل عام، هل هناك نعاون بين طهران وعواصم اخرى وفي أي مجال بالتحديد؟
علی کلّ، نحن نقوم بعملیة تبادل الخبرات والتجارب بین المدن التي تجمعها التوأمة وهي عملیة أصبحت تقلیداً بین المدن في العالم. نحن لدینا هذه الحالة مع 30 مدینة کبیرة في العالم، وللعلم فأنّ الکثیر من المناسبات والمنافسات الدولیة في الدول والمدن تُعطی الأولویة للمدن التي تدخل في إتّفاقیة التوأمة، سواء کانت المشارکة طوعیة أو منضمّة لإتّفاقیة التوأمة. نحن نسعی کي نزید من وتیرة هذه الصلات والعلاقات، والسبب أنّ المدن الضخمة تحمل نفس المشکلات، مثل المرور والتلوّث والسکن في حزام البؤس في أطراف المدن، کما أنّ هناك أیضاً تجدید وتحدیث النسیج القدیم في المدن وترمیم الآثار التاریخیة والآثار القیّمة، هذه المواضیع یمکن نقلها للآخرین وتبادل الأفکار حولها. علی سبیل المثال، خلال الزیارة التي قمنا بها إلی بغداد، أعلنّا عن إستعدادنا لترمیم وتجدید المباني التاریخیة والعدید من الآثار التاریخیة کطاق کسری، ولدینا الطاقات للقیام بهذا العمل، والسبب أنّ طاق کسری من آثار العهد الساساني، وللعلم فأنّنا نجحنا في تسجیل الآثار التي تعود للعهد الساساني في ایران عالمیاً، کما أنّه لدینا تجارب وخبرات کثیرة متراکمة في ترمیم آثار العهد الساساني. علی أیّة حال، عملیة نقل التجارب والخبرات سوف تفید الجمیع کما ستسبّب في توفیر الوقت وعدم العودة إلی الماضي وإلی نقطة البدایة.

س. بالنسبة لما ذكرتموه حول مترو الانفاق في بغداد وصيانة المواقع الاثرية في العراق بشكل عام، هل توصلتم الى نتائج او مذكرات تفاهم؟

کانت مقدّمات ذاك المشروع قد قُدّمت من قبلنا، وقد وافق علیها الجانب العراقي، کانت هناك إتّفاقیة قد وُقّعت في السابق وتمّ الإتّفاق علی أن تتمّ متابعة هذه المواضیع بشکل أکثر جدّیة في الإجتماع القادم للجنة الایرانیة- العراقیة المشترکة. أمّا فیما یخصّ موضوع زیارة الأربعین فانّه یحظی بالآهمّیة مع إقتراب شهر محرّم الحرام، هناك التعاون في مجال الخدمات بین مدن النجف الأشرف وکربلاء والکاظمیة ، بالطبع فأنّ التعاون یکون أکبر وأشمل بین مدن النجف الآشرف وکربلاء وسامرّاء، یقوم العاملون في البلدیة بتقدیم المساعدة والتعاون سواء في مجال المواصلات أو في مجال تقدیم الخدمات للزائرین بهذه المناسبة.

س. حول موضوع اتفاقية التوأمة بين طهران وثلاثين عاصمة اخرى، ماذا تعني هكذا اتفاقيات؟
في حقیقة الأمر، لا أرید أن أقول أنّ هذه الخطوة إحتفالیة فحسب، ولکن علی أیّة حال فأنّها توفّر الأرضیة اللازمة والخاصّة بالتعاون بین رغبات الجانبین. علی سبیل المثال، عدد من دول العالم وبعض المدن الضخمة تتمتّع بخبرات وتجارب عادیة في مجال ما یُعرف بالمدن الذکیّة، أو في مجال التقلیل من تلوّث الجوّ، مثل هذه المواضیع تُعتبر مشترکة بین المدن الکبیرة، لذا فأنّها تخضع لعملیة التبادل. کما أنّ المعارض المشترکة والتعریف بالمقاولین والمستشارین من النخب یمکن أن تکون مواضیع تحظی بالإهتمام من مختلف الأطراف. علی سبیل المثال، أقمنا ورشة عمل في طهران سنة 2014 تمحورت حول تطویر المسارات الخاصّة بالدرّاجات الهوائیة، وعلی الرغم من أنّنا إستفدنا من التجارب والخبرات الهولندیة في هذا السیاق، إلا أنّنا نظرنا إلی الموضوع من خلال طرق الحلّ الایرانیة بهدف تطویر وتوسعة مسارات الدرّاجات الهوائیة والخاصّة بالمشاة.

س. ذكرتم المدن الذكية، كيف يمكن توصيف طهران؟
الإجراءات التي اتّخذتها الحکومة في العاصمة طهران، من حیث البُنی التحتیة وسرعة الإنترنت والإستفادة من الهواتف الجوّالة الذکیّة بسهولة، وإنتشار الإنترنت في مختلف أنحاء ایران ، کلّ ماسبق ذکره ساهم في تطویر العاصمة طهران. کنّا من ضمن المدن الکبیرة ، سواء في المنطقة أو فی ایران، بدأنا مبکّراً قبل الکثیرین في ایجاد البُنی التحتیة لنظام التصویر الفضائي، المعروف بنظام جي آي اس، والنظام الأساسي لتحدید وتصویر الإنشاءات المدنیة، المعروف بنظام مبنا،. لحسن الحظّ فانّ المنظومة الالکترونیة لبلدیة طهران قد أوجدت بنیة تحتیة تعریف الخدمات المقدّمة لمواطنینا. علی سبیل المثال، " من دون دخان"، هو عبارة عن تطبیق لعرض خدمات الدرّاجات الهوائیة، أو توب ثلاثین أو سناب، کلّ ماسبق ذکره عبارة عن خدمات یستفید منها الناس. وهي لا ترتبط بالمرکبات فحسب، مثلاً في تقدیم الوجبات الغذائیة أو خدمات ویز، المعروفة بمنظومة الإرشاد المروري الالکتروني، تقوم شرکاتنا المحوریة العلم بتطویر هذه الخدمات بشکل یومي لأفراد الشعب.

س.يبدو انكم ستسافرون الى النمسا هل هذه الزيارة تندرج في اطار المدن الذكية؟
بالتزامن مع زیارتي لمدینة فینّا، سوف یُعقد مؤتمر في هذا المجال یضمّ العدید من عمداء ومحافظي المدن الکبیرة ، إضافة إلی هذا فانّ مدینة فینّا من العواصم التي حازت ولاتزال بصفة مستمرّة في قطاع الذکاء ، لذا فأنّها تتمتّع بخبرة جیّدة في هذا السیاق، من المؤکّد أنّ هذه الخبرات ستکون محل إهتمام الجمیع.

س. الموضوع الذي يطرح بالنسبة للعواصم والمدن الكبرى في الشرق الأوسط وحتى بالنسبة لأوروبا، هو موضوع الازدحام والتلوث، ماهي الحلول بالنسبة للعاصمة طهران، هل هي حلول داخلية أو هناك نماذج اخرى ناجحة؟
کما أشرتم، فأنّ المدن الضخمة تشترك في خصیصة واحدة ألا وهي المرکزیة. والمرکزیة هنا بمعنی التکدّس السکّاني والسکن والقیام بالأنشطة في مساحة محدودة. ومن نتائج وتبعات المرکزیة الکثافة المروریة وتلوّث الجوّ والإقامة في ضواحي المدن الکبیرة أي فیما یُعرف بحزام البؤس. عادة ماتکون الإقامة في الضواحي جزء لا ینفكّ من المدن الضخمة، حتّی أنّ مدینة نیویورك أو العدید من المدن في الدول المتقدّمة تعیش مثل هذه الحالة. بالطبع هناك کثرة وقلّة حسب الأماکن، ولکن علی أیّة حال، فهذه الظاهرة موجودة ولایمکن إنکارها. وفیما یخصّ طریقة حلّ المرکزیة هناك سیاسة اللامرکزیة التي تعطي نتائج جیّدة، الأمر الذي نفتقده نحن في الشرق الأوسط مقارنة بالأوروبیین، ولکن علی أیّة حال، هناك طرق وحلول أخری، مثل تطویر وتوسعة النقل العام والتقلیل من الإستفادة من السیّارات الخاصّة والإستفادة من النماذج الأخری من المواصلات کالمشي وإستخدام الدراجات الهوائیة، حیث نسعی نحن في البلدیة تطبیق کلّ السیاسات الآنفة الذکر، أي اللامرکزیة علی المقیاس الواسع، وتطویر وسائل النقل العام في طهران وضواحیها وحتّی المدن القریبة من العاصمة، والتقلیل من إستخدام السیّارات الخاصّة وذلك عن طریق تطبیق النظام الانجلیزي "لو امیشین زون" أي منطقة إنبعاثات منخفضة، نحن نتابع هذه البرامج وان شاء الله نحن نری علاماتها. خلال العام الماضي، لم تشهد طهران أيّ یوم أزمة کي نضطرّ إلی إعلان عطلة في العاصمة، کما أنّ الجزیئات المعلّقة في الهواء قد إنخفضت بنسبة 20%. یجب متابعة هذا المسیر بجدّ کي نحصل علی أفضل النتائج.

س. الموضوع المهم خلال الأعوام الماضية هو تقديم الخدمات لزوار الإمام الحسين عليه السلام خلال أيام الأربعين، ماهي الخدمات التي تقدمها بلدية طهران؟
کما أسلفتُ لکم، علی آیّة حال، فآنّ رغبة الایرانیین تتمثّل في زیارة المرقد المبارك لسیّد الشهداء (ع) ، جمیع الایرانیین لدیهم تلك الرغبة القویّة لزیارة المرقد الشریف لیس فقط خلال شهري محرّم وصفر، بل طوال أیّام السنة. أمّا بالنسبة لزیارة الأربعین والتي هي مناسبة قدیمة ولها جذور في العراق، فانّ إزدحام الزوّار یزید بحضور هذا الحشد الکبیر من ایران، وهذه الحرکة عادة ما ترافقها مشکلات في الطریق بین النجف الأشرف وکربلاء المقدّسة، وهذه المشکلات لن تُحلّ إلا بمساعدة بعضنا لبعض. علی أیّة حال، فأنّ هذا الحجم الکبیر من الزائرین المحلیین والقادمین من الخارج خلال فترة زمنیة قصیرة، یستوجب تعاون الجمیع کي تصل المشکلات الناجمة عن هذه الظاهرة الفریدة إلی أقلّ حدّ ممکن. ونحن بصفتنا من العاملین في بلدیة طهران لدینا أنشطتنا ومجهودنا في نقل الزائرین إلی جانب الخدمات التي تُقدّم إلیهم خلال إقامتهم هناك وذلك من خلال تعاوننا مع زملائنا في بلدیتي کربلاء والنجف بهدف حصول زائري سیّد الشهداء وأمیر المؤمنین وقمر بني هاشم (ع) علی راحة أکثر خلال تواجدهم في زیارة الأربعین.

س. قبل ايام بلدية طهران كرمت الوزير محمد جواد ظريف بعد إعلان اجراءات الحظر ضده، ما كان الهدف؟
بالطبع، لم یکن هناك برنامج موضوع مسبقاً، فقد کان لدینا برنامج خیري لدعم ومساندة المتضرّرین من الفیضانات في جنوب وشمال البلاد. کان الترکیز أکثر علی منطقة خرّم آباد التي تزامنت مع هذا الموضوع. نحن مسلمون ونؤمن بأنّ "محمد رسول الله والذین معه أشدّاء علی الکفّار رحماء بینهم". علی أیّة حال، مایحدث في هذه العداوات لایجب أن یوفّر الأجواء لتضعیف الصداقة والأخوّة بین المسلمین. نحن کنّا نعلم بمسؤولیاتنا في دعم ومساندة وتکریم من الشخص الذي أصبح مؤثّراً بحقّ في مجال السیاسة الخارجیة وأصبح عرضة للحظر، ولم یکن یملك أيّ سلاح ماعدا بیانه القاطع والحاسم والمؤثّر جدّاً. أنتم تتذکّرون کیف أنّ السیّد/ کیسینجر، والذي کان من الشخصیات المشهورة في السیاسة الخارجیة والأمن القومي لأمریکا، قدّم کتاباً للسیّد ظریف دوّن فیه العبارة التالیة:
"تقدمة للعدوّ المحبوب" ، وهذا تأکید لروایات المعصومین (ع)، یجب علینا أن نتصرّف بطریقة تدفع العدو إلی الإعجاب بخصائصنا الإنسانیة والإسلامیة، وأنا شخصیاً أعتقد أنّ السیّد/ ظریف هو فخر للشعب الایراني في عالم السیاسة الدولیة.

س. أشرتم الى الخدمات التي تقدمها العاصمة طهران لزوار الامام الحسين عليه السلام في أيام الاربعين، هل هناك خدمات أخر تقدمها طهران خارج العاصمة؟
نعم، نحن شهدنا النعم الالهیة في بدایة العام الهجري الشمسي الحالي، أي في آذار/ مارس المنصرم، ومن ناحیة هطول الأمطار یمکن تصنیف هذه الظاهرة بین 50 إلی 100 سنة فیما یخصّ هطول الأمطار في کلّ ایران. هذا الکمّ من الأمطار الغزیرة أوجد مشکلات وصعاب للناس في بعض مناطق البلاد، في منطقتي جرجان وآق قلا، ومنطقتي بل دختر وخرّم آباد إلی جانب جنوب ایران وعلی وجه التحدید في محافظة خوزستان. کانت بلدیة طهران من أولی المجموعات التي وصلت بسرعة إلی منطقة جرجان حیث قامت بمجهود کبیر لتقدیم المساعدة لمواطنینا. بعد ذلك تأتي منطقة خرّم آباد والآهمّ منها کلّها محافظة خوزستان وخاصّة منطقة دشت آزادکان والتي أوکلت الحکومة مهمّة تقدیم المساعدة لها إلی طهران کمحافظة معینة لتلك المنطقة المنکوبة، لم یکن الأمر بمثابة تکلیف حکومي فحسب،بل حسّ إنساني موجود وبقوّة بین أفراد الشعب الایراني الذین یهبون لنجدة بعضهم البعض في الحالات الصعبة. سعینا کثیراً وقد أثمر هذا السعي الدؤوب ، توجد نقطة هنا أودّ الإشارة إلیها وهي أنّ المجهود الذي قام به أبناء هذه المناطق نتج عنه حمایة الشعیبیة وسوسنکرد وبستان من الغرق جرّاء میاه الفیضانات، فالسواتر التي أُقیمت في شمال المدینة نجحت في الحفاظ علی هذه المدن وقلّلت من الخسائر الممکنة. علی أیّة حال، بالرغم من مرارة فترة الفیضانات، إلا أنّها کانت مرحلة نابضة بالحیاة وحلوة حیث تجلّی فیها التعاضد والتلاحم الشعبي من مختلف طبقات الشعب.