عندما يعمل أعدائنا لصالحنا!

عندما يعمل أعدائنا لصالحنا!
الإثنين ٢٦ أغسطس ٢٠١٩ - ٠٦:٣٧ بتوقيت غرينتش

حین أقدم النظام البهلوی البائد، على نفي الامام الخمیني (قدس) لم یفکر أحد بان هذا العمل یدمر اساس سلطته. فعمت مظاهرات واسعة مختلف المدن الایرانیة فسقط الشاه في النهایة.

العالم - مقالات و تحليلات

وعندما قبلت فرنسا اقامة الامام الخمیني في نوفل لوشاتو لم یکن یخطر ببال مسؤوليها بان هذه القریة الصغیرة ستتحول الی محطة قویة للامام وتنتشر أفکاره السامیة الی کل المدن والقری الایرانیة وتتسرع وتيره انتصار الثورة.

وحین انتصرت الثورة الاسلامیة وجمدت العلاقات الاميركية الايرانية لم یخطر ببال أحد من القیادات الامریکیه بان هذا الامر سیتحول بالتالي الی موهبة لایران کما صام الامام الخمینی شکرا لهذه النعمة التي ظهرت آثارها في السنوات التي تلت انتصار الثورة الاسلامية المباركة.

وعندما شجعت الولایات المتحده وحلفائها العرب صدام لفرض حرب علی ایران دامت ثماني سنوات، لم یكن يتوقع أحد بان هذه الحرب ستتحول الی منصة لازدهار ایران في المجالات كافة. فقد قال الامام الخمیني في نداء وجهه بعد قبوله الهدنة "كل يوم كان لدينا نعمة في الحرب...لقد صدرنا ثورتنا إلى العالم خلال الحرب..." كما جاء في كلام الامام الخامنئي "أعتقد أن هذه الحرب وهذا الدفاع المقدس والى جانب ما خلفته من خسائر، حققت لنا فوائد ومنافع جمة هي أكبر وأكثر بكثير من تلك الخسائر... بيد أن منافع الحرب كانت منافع طويلة الأمد وباقية...". فایران الاسلامية صنعت تاریخا جدیدا أثناء وبعد الحرب التي فرضها نظام قبل صدام عليها بدعم أكثر من ثمانين دولة - رسمياً وبشكل غير رسمي-.

وأثناء الحرب فقد استفادت القوات المسلحة الایرانیة من کل الخبرات والادوات لدعم المجاهدین حيث يمكن القول بان العقول والافكار ازدهرت والمواهب تفتقت فی الحرب.

وعلى صعيد أخر فحینما تم فرض الحظر الاميركي الغربي الاحادي الجانب علی ایران لم یكن يظن الاعداء بان ایران ستصمد امام کل الضغوط الاقتصادیة والسیاسة ولن تستسلم بتاتا وعلى العكس تحقق تطورا مدهشا في العلوم والتکنولوجیا رغم کل الصعوبات والمشاكل وهذا ما يفسر كلام الامام الخامنئي الذي قال "فقد أدرك الشعب الايراني في ظل المقاطعة والحظر، بمدى قدراتهم وطاقاتهم الداخلية وهذا موهبة كبيرة".

وعلى الصعيد الاقليمي فقد قام الکیان الصهیوني بالاعتداء على لبنان وظن ان بامكانه أن یتغلب علی "عروس المنطقة" لکن هذا البلد کان عصیا علی المحتل وتأسس حزب الله وتتطور سلاحه وقدراته العسکریة مما دفع المحتل على الانسحاب وأذاقه طعم الفشل والهزيمة لاكثر من مرة منها في الحرب الـ33 يوما عام 2006 والان يرتجف ويعيش في قلق متزايد بتطور ترسانة صواريخ حزب الله ومما يزيد من هذا القلق والهلع انه لایعلم بالضبط ما نوعیة الصواریخ الذی یمتلکه الحزب ولا مداها ولذلك لا یجرؤ على شن اعتداء جديد على لبنان وحاصر نفسه في الحدود التی ظن یوما أنها مفتوحة له.

وأما في سوریا؛ فربما كان الجیش السوري غیر مستعد لخوض حرب المدن أوحرب العصابات خلال فترة ما اما الان وبفضل روح المقاومة التي يحظى بها الجیش العربي السوري فانه مستعد لخوض اي حرب على اي مستوى ومع اي عدو، سواء كانت اسرائیل أم غیرها.

ونأتي الى العراق حيث كان هناك شباب ربما لم یدرکوا الحرب وحتى لم يخطر على بالهم بانهم سيحملون السلاح يوما، ولكن باتوا الان ابطال ومقاتلين متمرسين من الصف الاول في مواجهة بؤرة الارهاب المتمثلة بجماعة داعش الارهابية وقاموا باجتتاث جذورها وصار بامكانهم قطع دابر كل محتل بدخلوهم محور المقاومة والممانعة.

الولايات المتحدة وحليفها الصهیوني المحتل شجعا السعودیة وحلفائها العرب على مهاجمة الیمن السعيد لتدمیرهذا البلد واستهداف البنى التحتية لحركة أنصارالله ومحوها خلال اسبوعین لکن ماذا حدث؟ هل تحققت أمنية ائتلاف العدوان السعودي الاماراتي الاميركي باستنزاف قدرات أنصار الله وهل أفضت مخططاتهم ما وصفوه بـ"عاصفة الحزم" الى نتيجة؟

والجواب بسيط وهو ان ائتلاف العدوان على اليمن وبعد اكثر من اربع سنوات من الخراب وقتل المدنيين وتدمير البنى التحتية لم يحصد اي شيء سوى الذلة والهوان وعاد صفر اليدين وفي المقابل انتصرت جبهة المقاومة المتمثلة بحركة انصار الله والجيش واللجان المشتركة مسنودة بسلاح ايمان الشعب اليمني بقياداته وفي الحقيقة ان تحقيق انجازات كتطوير الصواریخ البالستیة وتجهيز الطائرات المسیرة والكوادر البشرية المحترفة وهتافات "الموت لامریکا والموت لاسرائیل" کانت اکبرهدية من العدو الى الشعب الیمنی.

ومن هذا المنطلق نحذر العدو من ان اي عمل جنوني ضد المقاومة سيأتي بنتائج عکسیه تماما. فالعدوان على مخزونات الحشد الشعبي بالعراق سیدفع هذه الهيئة الى تطوير قدارتها الصاروخية وتعزيز دفاعاتها الجویه اكثر من ذي قبل وخير مثال على ذلك هو الجيش واللجان الشعبیة اليمنية وقبل ذلك حزب الله لبنان..

ولم تمض سوى ساعات من كتابة هذا المقال الا وسمعنا اخبارا عن سقوط طائرتين مسیرتين اسرائيليتين بالضاحیة الجنوبیة في لبنان وكذلك استهداف قاعدة الملك خالد الجوية ومطار أبها بالسعودية وهكذا حكاياتنا ستستمر....

محمود هاشمي -كاتب واعلامي ايراني