أكبر من سفارة وأصغر من قاعدة عسكرية... ماذا تفعل أمريكا في لبنان؟

أكبر من سفارة وأصغر من قاعدة عسكرية... ماذا تفعل أمريكا في لبنان؟
الأربعاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٩ - ٠١:٤٥ بتوقيت غرينتش

اثارت خطوة الخارجية الامريكية بناء اكبر صرح دبلوماسي لها في الشرق الاوسط والمتمثل بتوسعة سفارة امريكا في عوكر شرق بيروت العديد من الاسئلة وعلامات الاستفهام خاصة وان ما يحصل يتعدى بنائا دبلوماسيا في دولة جفرافية صغيرة قياسا على الدول الاخرى ما دفع بالمتابعين الى وضع ما يجري في خانة المشروع الامريكي المرتبط مباشرة بتامين المصالح الاسرائيلية قبل اي امر اخر.

العالم- لبنان

من هنا يأتي بناء الولايات المتحدة في عوكر مقراً لطاقمها الديبلوماسي تفوق تكاليفه المليار دولار، وُصِف بأنه أكبر من سفارة، لكنّه أصغر من قاعدة عسكرية. ووفق المحللين، هي إشارة إلى مدى الأهمية التي توليها واشنطن لنفوذها في لبنان، أو لموقع لبنان قاعدة لنفوذها في الشرق الأوسط.

ويقول المتابعون: صحيح ليس في لبنان جيشٌ أميركي أو فصيل لبناني مسلَّح يشكّل جزءاً من المنظومة العسكرية الأميركية، ولكن، واقعياً، للولايات المتحدة دور لا يمكن تجاوزُه. فهي تزعم انها تشكل الضامنة لأمن الحدود اللبنانية جنوباً مع فلسطين انما الحقيقة تتجاوز هذه المزاعم لتشكل قاعدة وكيلة للاسرائيلي داخل الاراضي اللبنانية. وبامكانها ان تمد الجيش اللبناني بسلاح دفاعي وهجومي فعال اذا كان حرصها المزعوم على لبنان في مكانه بينما التجربة مع التسليح الامريكي للدولة اللبنانية لم يتعد الالية المستعملة وبعض المدافع المصطمة والتي تعرف ادارة البيت الابيض مدى استعمالها بما لايؤثر على ربيبتها الاسرائيلية.

ويسلم البعض انه في ظل منع لبنان الاستفادة من دول اخرى عرضت تسليح الجيش اللبناني ببقى السلاح الأميركي هو العمود الفقري للجيش اللبناني. وعبثاً حاول الروس أن ينافسوا واشنطن في تسليحه، إبّان زيارة الرئيس ميشال عون لموسكو، العام الفائت. فقد ردّ الأميركيون بالتهديد بسحب اليد من لبنان عسكرياً ومالياً وديبلوماسياً، فتراجع اللبنانيون فوراً.

وتسال المصادر ما هي وظيفة ما اسمته بمستعمرة دبلوماسية امريكية في لبنان رابطة توقيت هذا البناء بما يدور في المنطقة وخاصة تطورات الوضعين السوري والايراني وتداعيات ما قد يحصل اذا ما وقعت الحرب مع الجمهورية الاسلامية الايرانية خاصة وان امين عام حزب الله كان واضحا بان اي تطور عسكري امريكي ايراني لم يبق في مكانه الجغرافي محذرا من ان المنطقة ستتاثر بالتداعيات ومحور المقاومة لن يكون بمنأى عن اي مستجد.

وفي اعتقاد محللين أنّ الأميركيين يستخدمون القوة الناعمة وغير المباشرة في لبنان لتبقى واشنطن قادرة على الامساك بمعادلة التوازن القائمة. ولا مجال لتركيب السلطة في لبنان إلّا بضوء أخضر أميركي. وعلى الأقل، تحتفظ واشنطن بالقدرة على ممارسة «الفيتو» والتعطيل حسب المحللين.

وترى المصادر ان واشنطن لم تغير نظرتها إلى هذا الملف إلّا مع إدارة الرئيس جورج بوش، عام 2005، عندما نضجت الظروف لتغيير المعادلة الشرق أوسطية الكبرى. فـما سمي انذاك«بالربيع اللبناني» كان إيذاناً مبكراً لاندلاع أحداث ما سمي الربيع العربي» عام 2010 وما بعده.

وتطرح الاوساط المتابعة تساؤلات حول القوى التي تشكل شريكاً أو حليفاً تعتمد عليه الولايات المتحدة في لبنان؟

يقول المطلعون: ليس منطقياً إدراج قوى 14 آذار، السابقة، في هذه الخانة. فهذه القوى التي تلقّت دعم واشنطن عام 2005، ومعها وصلت إلى قمة النفوذ في السلطة، باتت اليوم ضعيفة.

وبديهي أنّ واشنطن ما زالت تنظر إلى الرئيس سعد الحريري وجنبلاط والدكتور سمير جعجع بعين العطف، لأنهم لا يصطفون فيما تسميه واشنطن المحور الإيراني، بل يسايرونه فقط. إلّا أنّ الهوامش التي يمتلكها هؤلاء ضيّقة. فيما هناك قوى أخرى كالنائب سامي الجميل وأخرون مستعدة للإفصاح أكثر عن رفض نهج محور المقاومة لكنّ حدود تأثيرها في المعادلة لا تكفي لإحداث التوازن.

لذلك، ما يرتاح إليه الأميركيون فعلاً هو حجم رصيدهم في المؤسسات الرسمية الحيوية، ولا سيما الجيش ومصرف لبنان. كما أنهم يعرفون أنّ هناك حدوداً لا يمكن حتى لحلفاء «حزب الله» أن يتجاوزوها،على حد تعبير المصادر.

وتتابع الاوساط المعنية بالقول : ففي أيّ حال، لبنان الرسمي يحتاج إلى التغطية الأميركية على كل المستويات، ومن دونها يصبح عارياً في أيّ مواجهة. وعندما يهدِّد الأميركيون بتوسيع دائرة العقوبات لتشمل هؤلاء الحلفاء، حتى أولئك الذين ليسوا من الطائفة الشيعية، فإنما يحاولون شدّ القبضة إلى الحدّ الأقصى .

وتختم المصادر ان ما يجري في عوكر نطلق من قاعدة الهيمنة على القرار اللبناني فممنوع أن تقع الحكومة المركزية اللبنانية، ولبنان عموماً، تحت سيطرة أيّ قوة إقليمية أو دولية أخرى .

فهل تشكل اجراءات توسعة سفارة امريكا في لبنان الى مركز استعمار تحت الغطاء الدبلوماسي؟

حسين عزالدين

كلمات دليلية :