قائد الجيش الأردني الأسبق يخرق جدار الصمت!

قائد الجيش الأردني الأسبق يخرق جدار الصمت!
الأحد ٢٩ ديسمبر ٢٠١٩ - ٠٧:٣٧ بتوقيت غرينتش

يخرق قائد الجيش الأردني الأسبق الجنرال محمود فريحات عرفاً أردنياً استقرّ لسنوات وهو يقرّر أن يردّ على الاتهامات التي طالته وطالت مشروع إعادة الهيكلة الذي تم في عهده.

العالم-الأردن

وفي هذا السياق تقول صحيفة رأي اليوم: "إذ اعتاد الشارع الأردني وبمجرد رحيل المسؤول تخوينه وكيل الاتهامات عليه، وهذا أمر مستقرّ إلا ان الحالة غالباً ما تكون أكثر سوءاً مع قادة الجيش إذ يتعرضون لسلسة من الهجمات دون أن يقوموا بالرد نهائياً متأملين أن ينساهم الشارع من جهة، وأن تردّ عليه مؤسسات الدولة التي انتموا يوما اليها من جهة ثانية".

وبحسب الصحيفة فقد خرق فريحات جدار الصمت المتعارف عليه وقرر أن يجيب على كل ما طاله عبر التأكيد على ان مشروع إعادة الهيكلة بعهده لم يمسّ أي أردني و “لم يرم أردنيّاً الى الشارع”، وأنه خلافا للانطباع العام فقد فتح المجال امام تجنيد 21 ألف أردني وأعاد 5 الاف عسكري سابق إلى الخدمة، إضافة إلى ان الموازنة بعهده حققت وفراً كما لم يحصل في 20 عاماً سابقاً.

فريحات “أقسم” بأنه كان حريص على أموال القوات المسلحة، مبينا أن “كل زملائه” في رئاسة الاركان والمنطقة الشمالية يشهدون بمدى حرصه على أموال الجيش، وحلف بالله انه ” ما تخلص إلا من الورق الزائد والخراب”.

واعتبر رأي اليوم القسم وحلف الأيمان بالضرورة لا يعبران الا عن رجل يشعر بمقدار كبير من الظلم، وعلى الأغلب ليست لديه الكثير من التأكيدات على ان الحالة الحالية من التساؤلات عن ملف إعادة الهيكلة وغيره ستستثنيه.

وفي كلمة القاها بديوان عشيرة السعدي ببلدة الصريح في اربد شمالي العاصمة الاردنية، جاءت تصريحات فريحات ضمن أول ظهور له بعد احالته للتقاعد، مشدداً على انه على تواصل دائم مع شريحة المتقاعدين العسكريين، ومنوها أنه كان يستمع لمطالبهم والصعوبات المالية التي تواجههم.

وتتابع الصحيفة: بهذا المعنى، وبعد تصريحات واضحة وتخرج عن المألوف والمعروف، لا أحد يمكنه أن يعرف إذا ما كان ردّ فريحات سيخدمه عملياً أم لا، خصوصا مع زيادة في منسوب الترويج والتسريب عن “جنرالات” ستتم مساءلتهم في هيئة مكافحة الفساد خلال الفترة المقبلة من جهة، ومع تجاوز الخط الأحمر المتعلق باستثمارات المؤسسة العسكرية قبل أيام، وتحديداً حول شركة التزويد الغذائي.

الاشارتان، من الواضح ان فريحات التقطهما جيداً، والتقط ايضاً انه لن تتم تخلية ساحته، خصوصا وان اقالته جاءت تزامنا مع اقالة عراب مشروع إعادة الهيكلة العميد البريطاني إليكس ماكنتوش الذي كان مستشارا في الجيش العربي.

وتتسرب إشارات إلى سلسلة أزمات خلقها مشروع إعادة الهيكلة المذكور والذي قد تكون تصريحات فريحات تظهر جانباً منها، إذ يفترض بالنظام أن يخفف عبء المؤسسة العسكرية ويدمج بعض وحداتها، وهو ما لا يشرحه عملياً لا فريحات ولا سواه، إذ يعتبر الحديث في التفاصيل العسكرية ضمن الخطوط الحمراء في الأردن تاريخيا.

هنا تبرز إشارة مختلفة يمكن رصدها بعد تحويل عبد الله العكايلة سؤاله البرلماني الى استجواب، رغم إجابات من الجيش والحكومة ومؤسسات مستقلة، حول شركة للتزويد الغذائي للمؤسسة العسكرية قال انها زادت من أعباء الموازنة، مطالبا بإنهاء عقد الشركة المذكورة “للحفاظ على العقيدة العسكرية للجيش العربي”.

وتقول صحيفة "راي اليوم": طبعاً مثل هذا الاستجواب والتصريحات تتجاوز كل السقوف، وهو امرٌ يبرع فيه أساسا نائب مخضرم كالعكايلة، ولكن الارباك بالنسبة للنواب كان ظاهرا عبر تعليق من رئيس مجلس النواب بالجلسة الرقابية عاطف الطراونة أدت لمشادّة كلامية مع العكايلة الذي يمثل الكتلة الإسلامية.

سؤال العكايلة أدى للحصول على إجابات تتعلق بثلاثة شركات متداخلة في عقود وملكيات منقسمة بين القوات المسلحة (بنسبة 51%) والبقية للقطاع الخاص (لشركة يملكها رجال اعمال ثلاثة أردنيين ومعهم آخر بريطاني وهو الامر الذي تحدث عنه العكايلة باعتباره “تنفيع لمتنفذين”.

الإجابات عن سؤال العكايلة جاءت من كل حدب وصوب، إذ أجاب الجيش نفسه موضحا دور شركة “الولاء للإعاشة” في تزويد القوات المسلحة بالغذاء، متزامناً مع ردود من وزير الصناعة والتجارة وكذلك مؤسسة الغذاء والدواء.

بعيداً عن التفاصيل المتعلقة بالشركة والتي يمكن لها بالضرورة ان تكشف تفاصيل لا يعلمها الأردنيين إذا ما استمر العكايلة باستجوابه، فإن مجرد الوصول لاستجواب بهذا الشكل يجعل الباب مفتوحاً أمام المزيد من التساؤلات ويدخل استثمارات الجيش في حيز النقاش العام والبحث والتقصي وهو أمر لطالما حاولت المؤسسات تجنبه بكل قدراتها وتاريخيا.

هنا كثيراً ما تروي الشخصيات العريقة في الأردن، روايات عن “إغلاق” أي ملف يتعلق بموازنة الجيش سواء في انفاقها او إقرارها او حتى السؤال عنها، الامر الذي يصرون على انه لا بد وان يصبح قيد المراقبة حتى تتمكن الدولة من اقناع الشارع بالشفافية التي تحاول ممارستها، كما للحفاظ على المؤسسة العسكرية بعيدة عن الشبهات.

بكل الأحوال، ومن تصريحات الجنرال الأردني فريحات، وقبله أسئلة العكايلة في البرلمان، يمكن التأكد من ان التحرك في الدولة وبعد الايعاز بدمج المؤسسات الأمنية يتجه نحو فتح حقيقي لملف المؤسسة العسكرية، وهنا بالضرورة لا ضمانات طبعا ان تختلف النتائج عن إعادة الهيكلة الأولى والتي لا يعرف احد تفاصيلها الحقيقية غير “ماكنتوش” الذي شغل الأردنيين طوال الأشهر الماضية.

وختمت الصحيفة بالقول :لكن الثابت الوحيد ان “الولاء” سواء ذلك المستخدم في اسم شركة “الاعاشة” أو بمعناه التقليدي الأردني، قد يظل سيفاً مسلطا على من يفكّر بفتح ملفات المؤسسة العسكرية، خاصة ان كان في النهاية ممثلا للكتلة الإسلامية، وفي توقيت حساس. هنا على الأرجح سيتابع الشارع الأردني احد مسارين مع العكايلة، إما التجاوب معه للنهاية ثم خروجه من المسارات الانتخابية القادمة، أو اختفاء ملف المساءلة وعدم متابعتها، وهذا ما يرجحه خبراء.

(رأي اليوم)