منتدى حوار طهران والتحديات الاقليمية

الخميس ٠٩ يناير ٢٠٢٠ - ٠٦:٣١ بتوقيت غرينتش

نلتقي في حلقة اليوم من برنامج "من طهران" الامين العام لمنتدى حوار طهران الدكتور سعيد خطيب زاده للحديث عن اخر التطورات في منطقة الخليج الفارسي.

س- ما الاهداف من انعقاد منتدى حوار طهران؟
کما تعلمون فأنّ مرکز الدراسات التابع لوزارة الخارجیة لدیه أهداف مهمّة منها العمل علی ایجاد أطر للتفاهم والحوار داخل المنطقة. نحن للأسف نجتاز ظروفاً في المنطقة هي لیست بظروف عادیة أو طبیعیة، بل أنّنا شهدنا ولانزال العدوان وتسویق وبیع أسلحة مدمّرة وقتل الأبریاء منذ سنوات عدیدة ، هذه الظروف أوصلتنا إلی مرحلة الجوع في الحوار إن صحّ التعبیر، أي لم یعد هناك مجال للحوار والنقاش، وهذا الجوع في الحوار لا یحمل صفة یومیة بل هو من النوع الإستراتیجي. وهذه الحالة من عدم الحوار أو صعوبة حصوله أوصل العلاقات والروابط الإقلیمیة إلی أدنی مستوی لها. کما أنّ من نتائج هذه الحالة أن عملت قوی الشر من داخل المنطقة وخارجها علی تنفیذ بعض الإجراءات والخطوات التي أوصلت المنطقة إلی نقطة الهاویة من دون أيّ رجعة.
أهم هدف سنسعی إلیه في مجمع الحوار الذي سینعقد في طهران یتمثّل في البدء بالحوارات في المنطقة، هذه الحوارات المبنیة علی عدّة أصول ومبادئ جدّیة، أوّلها محادثات شاملة، بمعنی أنّنا سنسعی إلی توجیه الدعوة إلی أکثر من دولة إقلیمیة للمشارکة في هذه الحوارات التي یجب أن تنبعث من الدخل وغیر مفروضة من الخارج، والأهم من کلّ شئ یجب ألا یُستثنی أيّ طرف من الأطراف الرئیسة في المنطقة. ما نعرفه بإسم مشروع سلام هرمز والذي طرحته الجمهوریة الإسلامیة في ایران علی لسان رئیس الجمهوریة المحترم في هیئة الأمم المتّحدة مبني علی ماذکرته قبل قلیل.
سیکون مجمع الحوار في طهران عبارة عن مجمع للفکر سیسعی لإعطاء دفعة لبرامجه بواسطة هذه الأهداف.

س- كيف ترون مستوى المشاركين في هذا المنتدى؟
الحقیقة هي أنّنا لم نتوقّع مثل هذا الترحیب بمجمع الحوار، بمعنی أنّه لو نظرنا إلی هذه الهجمة الشرسة التي تطلقها وسائل الإعلام التابعة لبعض الجهات التي تعلمونها أنتم ونحن أیضاً، والتي تسعی إلی قلب الحقائق والعمل علی تحریف الرأي العام، لم نعتقد من أنّ طهران ستکون مرکزاً لهذه الحوارات بسبب هذه الهجمة الشرسة وتحصل علی هذه النسبة الکبیرة من الإهتمام. وصلتنا الموافقة علی المشارکة من العشرات أو أکثر من الوفود التي أبدت رغبتها في الحضور من عدّة دول من قارّات أوروبا وأمریکا وآسیا وعلی الأخصّ من غرب آسیا وقارّة أفریقیا إضافة إلی المناطق المجاورة لایران کالخلیج الفارسي، کما لدینا وفود رسمیة مثل الصین والعراق والکویت وقطر وعمان ودول أخری مجاورة لایران.
لدینا حوالي مائة وفد دولي وصلت یومي الأحد والاثنین، کما تمّ توجیه الدعوة إلی البعض بصفتهم ضیوف شرف لوزیر الخارجیة في الجمهوریة الإسلامیة في ایران وسوف یتواجدون في قاعة الإجتماعات.

س- هل سيكون المشاركون من خارج منطقة الخليج الفارسي؟
الواقع هو أنّ منطقة الخلیج الفارسي تتّمیّز بأنّها أکثر منطقة تتّصف بالعالمیة، والتطوّرات التي تشهدها هذه المنطقة لیست محصورة في هذه المساحة الجغرافیة. فهذه المنطقة الحساسة محل إهتمام الدول کما أنّ الأحداث والتطوّرات التي یشهدها الخلیج الفارسي لها إنعکاسات علی مختلف مناطق العالم. ومن ناحیة أخری إلی جانب ما سنبحثه من مواضیع إقلیمیة ومایتعلّق بالخلیج الفارسي سوف نسعی جاهدین إلی أن تکون الحوارات والنقاشات شاملة أي أن یتمکّن هؤلاء الذین یعتقدون بوجوب أن تُسمع أصواتهم في هذا الموضوع التحدّث في هذه الأجواء الفکرية غیر الرسمیة، لهذا نحن رحّبنا وبحرارة بالوفود التي أبدت رغبتها بالحضور من شمال أوروبا إلی جنوب أفریقیا ، ولکن سوف نسعی إلی أن تترکّز الحوارات والنقاشات علی المواضیع المهمّة والحسّاسة الخاصّة بهذه المنطقة.

س- ما هو تاريخ هذا المنتدى وكيفية انطلاقه؟
مرکز الدراسات التابع لوزارة الخارجیة، أو مایُعرف دولیاً أو إنجلیزیاً بالإسم المختصر "آي بي آي إس" من أهم المؤسّسات للسیاسة الخارجیة لایران والذي أُنشأ بعد نجاح الثورة الإسلامیة. إجتماعنا هذا یُعتبر الإجتماع الثالث والعشرین وبالطبع بعد توقّف لعام واحد فقط، أمّا من هذه السنة وبسبب شمولیة المواضیع الإقلیمیة أطلقنا علی المنتدی السنوي إسم "مجمع حوار طهران" لکنّه في الحقیقة المنتدی الثالث والعشرین للخلیج الفارسي الذي یُعقد سنویاً من قبل مرکز الدراسات التابع لوزارة الخارجیة والذي یبدأ نشاطه بهذا الإسم الجدید وبمستوی جدید من الحوارات علی المستویین الدولي والإقلیمي.

س- كيف كان انطلاق هذا الملتقى اصلا؟
الواقع وکما تعلمون أنتم أنّ الحوار ماهو إلا میزة مهمّة کنّا نؤمن به ولانزال. ومنذ الیوم الأوّل الذي طُرحت فیه فکرة إنشاء مثل هذا المرکز کان المدخل من خلال هذا الإعتقاد وأهمّیة الحوار. ما طُرح منذ سنوات من قبل ایران فیما یخصّ"حوار الحضارات" کان ذروة هذه الحاجة للحوار، فقد کانت البدایة الإحساس بوجوب وجود حوار إقلیمي وکذلك بسبب أنّ المشاریع والأطروحات والمساعي التي شهدتها المنطقة کان مصدرها من الخارج ولم نشهد من داخل المنطقة سوی القلیل. لهذا فقد تمّ الترکیز منذ البدایة علی أن ینصبّ إهتمامنا علی النظرة الداخلیة الإقلیمیة والحوارات بین الدول الإقلیمیة ، ومن هنا بدأ مؤتمر الخلیج الفارسي والذي أصبح إسمه "مجمع الحوار" أعماله.

س- ما اهم المواضيع التي تطرحونها في منتدى هذا العام؟
نحن سوف نتابع الحوارات في مجمع طهران للحوار من خلال مستویین مختلفین. أحدهما في الإجتماعات العامّة حیث بإمکان الصحفیین ورجال الإعلام الحضور والمشارکة فیها، وهنا سوف نتحاور في موضوعین مهمّین أحدهما یتمثّل في أهمّ مواضیع وقضایا المنطقة وبالتحدید الخلیج الفارسي والسیناریوهات الإحتمالیة لهذه المنطقة الحسّاسة من العالم، وثانیاً البنیة الجدیدة وفقاً للمشاریع والتصامیم الجدیدة المطروحة حالیاً في إطار التعاون بین الدول الإقلیمیة. یسعی هذا المجمع للوصول إلی المیزات والأسس لهذه البنیة الجدیدة في المنطقة أو علی أقلّ تقدیر تقدیم تصمیم لها، وبالطبع تبادل وجهات النظر حول هذه البنیة الجدیدة ومواصفاتها ومیزاتها.

س- هل هناك خطط للتعاون الاقليمي لديكم؟
بالتأکید، نحن في هذا المجمع الفکري الذي سیکون عبارة عن مجموعة مدمجة من الشخصیات من عدّة دول إلی جانب شخصیات فکریة من مراکز مختلفة للفکر في العالم، سوف نسعی بکلّ صدق وصراحة لمناقشة المشاریع المطروحة بخصوص المنطقة، بالطبع بعض هذه المشاریع غیر واقعیة ومعادیة وإستفزازیة کالمشروع الأمریکي الذي یتّصف بعدم مطابقته للواقع في المنطقة ومتناقض لمبادئ حسن الجوار الی أن نصل إلی مشاریع أکثر شمولیة کالمشروع الروسي إلی جانب المشاریع الأخری المطروحة. لکن الإهتمام الخاصّ سوف ینصبّ علی أمور أخری منها بدایة میزات أيّ مشروع ناجح یخصّ التعاون الإقلیمي، وثانیاً مشروع سلام هرمز الذي أطلقته الجمهوریة الإسلامیة في ایران بصفته مشروعاً أشمل من المشاریع الأخری ویقع تحت مظلة الأمم المتّحدة وهذا المشروع قابل للدراسة والتقییم.

س- هل من الممكن ان تشرحوا لنا مبادرة السلام في مضيق هرمز؟
الواقع هو أنّ مشروع هرمز للسلام المطروح من قبل الجمهوریة الإسلامیة في ایران یتمیّز بخصائص یصبح رفضه بسببها غیر ممکناً، حتی هؤلاء الذین لدیهم توجّهات سیاسیة خاصّة سیکون من الصعب علیهم عدم الإهتمام بهذا المشروع الذي یتضمّن خصائص معیّنة. ما نسمعه ونراه الیوم هو الترحیب بهذا المشروع من مختلف المستویات، أو إلتزام الصمت من قبل بعض النشطاء أو جیراننا الذین لم یرتّبوا علاقاتهم وروابطهم لربّما وفقاً للصداقة. ولکن مایوجد في جعبتنا إلی هذا الیوم هو عدم رفض هذا المشروع وهذا أمر مهم وایجابي للغایة. مشروع سلام هرمز لیس هدفاً بل عملیة ونهج، عملیة تمکّننا من خلالها من إحیاء الحوارات الداخلیة بین دول المنطقة والوصول إلی ترتیبات جدیدة للتعاون. لهذا نحن لاننظر إلی المشروع الآنف الذکر کهدف، بل هو بمثابة خارطة طریق تمکّننا من التخلّص من هذا التدخل الأجنبي المدمّر وهذه التبعیة من قبل بعض دول المنطقة للقوی الأجنبیة.

س- ما مدى تفاعل الدول معكم بشأن هذه المبادرة؟
کما أسلفتُ لکم، الواقع هو أنّ بعض دول المنطقة رحّبت بالمشروع ترحیباً جیّداً، خذ مثلاً من سلطنة عمان إلی دولة الکویت، إلی حدّ أنّ بعض هذه الدول أجابت بشکل مکتوب بینما البعض إتّصل هاتفیاً ولکن حسناً دولة کالسعودیة لم نر منها سوی الصمت المطبق. نحن نعتقد أنّه قد آن الأوان کي نری شجاعة أوضح وأن یمضي أصدقاؤنا في المنطقة في طریق یتّسم بالسلام والإستقرار والهدوء والإلتقاء ببعضنا البعض.


س- ما المبادئ التي تناقشونها في هذا المنتدى؟
یُعرف مشروع سلام هرمز وفقاً لعدّة مبادئ دولیة، حیث تمّ تدوینه وتنظیمه وفقاً للقانون الدولي ومیثاق منظمة الأمم المتّحدة والوقائع في المنطقة والعالم. فهذا المشروع مبني علی نهج شامل متکامل. أي بمعنی أنّ المجهود قد إنصبّ علی أن یتواجد جمیع النشطاء في المنطقة فیه. بالطبع لایُعتبر مشروع هرمز للسلام مشروعاً ایرانیاً، والسبب أنّ الجمهوریة الإسلامیة في ایران لا تنظر إلیه علی أنّها صاحبة هذه الفکرة وهذا المشروع، بل کما أسلفتُ لکم فأنّ الجمهوریة الإسلامیة في ایران تقترح خارطة طریق للمنطقة وبالمناسبة سؤالکم یُعتبر صحیحاً من هذه الناحیة، فالمبادئ التي یمکن الإستفادة منها في هذا المشروع هي ثابتة ومستدامة، مبادئ کعدم الإعتداء وعدم التدخّل في الشؤون الداخلیة للدول الإقلیمیة وحرّیة الملاحة في الخلیج الفارسي والحفاظ علی أمن الطاقة والتعاون بین الشعوب، وبالمناسبة فمبادئ معروفة کهذه تُعتبر نجاحاً لأيّ مشروع.

س- هل ستتم مناقشة موضوع الارهاب الدولي في المنتدى؟
الإرهاب الحکومي للولایات المتّحدة الأمریکیة من النوع الذي لایمکن ضمّه إلی أيّ مجمع وهذا الأمر ینطبق علی مجمعنا الفکري هذا، أنتم أشرتم إلی نقطة جیّدة. یُفتتح هذا المجمع في یوم یکون فیه الشعب الایراني العظیم والشعوب الحرّة في العالم في عزاء قائدهم المغوار. هذا القائد الشجاع الذي حارب طوال حیاته لیس من أجل ایران والایرانیین فحسب بل من أجل حیاة أفضل للجمیع في المنطقة وجاهد في سبیل هذا الهدف. فقد کان مجاهداً في سبیل الله. بالمناسبة فقد أثبت الإرهاب الحکومي الأمریکي مرّة أخری إلی أيّ حدّ هذه الإدارة خارجة علی القانون محتالة ومتجبّرة ومعارضة للقانون الدولي وجمیع الأعراف والتقالید العالمیة. بالتأکید أنّ شهادة هذا القائد العزیز وقائد القلوب سیکون لها تأثیر رائع علی مواضیع النقاش في المنتدی. أنا علی ثقة من أنّ الکلمة الإفتتاحیة لوزیر الخارجیة المحترم والکلمات الأخری لبقیّة الشخصیات ستکون متأثّرة بهذه الحادثة. أرید أن أوضّح نقطة مفادها أنّ الولایات المتّحدة الأمریکیة قد إرتکبت خطأ إستراتیجیاً کبیراً ، وهذا الخطأ سوف یرتدّ علیها. وبالنسبة لمنطقة غرب آسیا، وکما تفضّل قائد الثورة الإسلامیة بالقول، فأنّ زمن الضرب والهرب من مسرح الجریمة قد ولّی إلی غیر رجعة، لهذا سوف لن نتحدّث عن الإرهاب الحکومي هذا ولن ندینه فحسب، بل سنتحدّث عن نزیف الدماء وإسالتها والحروب المتعدّدة التي أتت بها الولایات المتّحدة إلی منطقتنا هذه. فالولایات المتحدة أحضرت معها إلی المنطقة البؤس والشقاء والحروب والحظر الإقتصادي بأنواعه والإغتیالات. علی هذا الأساس لایمکنکم الکفّ عن الحدیث عن الإرهاب الحکومي الأمریکي في أيّ جزء من المنطقة، من أفغانستان والعراق وإلی الیمن ولیبیا وأيّ مکان تنظرون إلیه، وبالتأکید سوف یکون هناك ترکیز خاصّ علی هذا الموضوع.

س- كيف ترون الرسائل التي وصلت لإيران عبر الوسطاء بعد اغتيال الفريق قاسم سليماني؟
الإدارة الأمریکیة في عجلة من أمرها، کما أنّ ترامب في عجلة من أمره أیضاً. فقد إرتکب حماقات وسوف یحصل علی الردّ المناسب لهذه الحماقات.

س- كيف ترون مواقف فرنسا والمانيا وبريطانيا من خفض ايران لالتزاماتها بالاتفاق النووي؟
بالطبع هذه الدول الثلاث لم تلتزم بأيّ من تعهّداتها منذ أکثر من سنتین. فالحکومات الألمانیة والفرنسیة والبریطانیة هي المسؤولة عن عدم تنفیذ تعهّداتها. بالمناسبة فقد قامت هذه الدول الثلاث بمساعیها کي لا تُنفّذ تعهّداتها، وفقاً لوجهة نظري الشخصیة، بینما تبقی ایران في الإتّفاقیة النوویة. بالطبع أن تقوم الجمهوریة الإسلامیة في ایران بصفتها عضو یقدّر المسؤولیة ویحترمها في المجتمع الدولي بکلّ ما یمکنها من مجهود ومسعی للحفاظ علی الإتّفاقیة النوویة، وهذا ما أکّدته الوکالة الدولیة للطاقة الذرّیة مرّات ومرّات، قد أثبت ماهیة نظرة الجمهوریة الإسلامیة في ایران للقانون الدولي، إلا أنّ الطرف الآخر لم یجرؤ علی تقدیم شکوی أو الإدلاء بأيّ تصریح لأنّ عدم إلتزام الدول الأوروبیة الثلاث بتنفیذ تعهّداتها لم یترك لها أيّ مساحة للمناورة. نحن أعلمنا مندوبي هذه الدول في الإجتماعات العامّة والخاصّة مرّات ومرّات بهذه المواقف، إلا أنّهم لم یکونوا یملکون سوی تقدیم الأعذار والإعتذار وإنتظار التنازلات من ایران. ولکن علی أیّة حال، هذه طبیعة الدول الأوروبیة حیث یقول ممثّلوها في العلن عکس ماذکروه في الإجتماعات المغلقة. نحن نعتقد أنّ الشرکاء الأوروبیین المسؤولون عن تنفیذ تعهّداتهم وبدلاً من أن یتعبوا أنفسهم علیهم أن یسلکوا طریقاً مختصراً وأسهل لهم، علیهم العودة إلی إتّفاقیة خطّة العمل المشترك والعودة إلی تنفیذ تعهّداتهم وفق ما جاء فیها، وآنذاك سوف یعود کلّ شئ إلی نقطة معیّنة ستکون مرجعاً لإتّخاذ القرار.