الى ترامب

خيار الخروج من العراق سالماً لن يكون متاحاً دائماً

خيار الخروج من العراق سالماً لن يكون متاحاً دائماً
السبت ٢١ مارس ٢٠٢٠ - ٠٢:٢٢ بتوقيت غرينتش

نقلت وكالة انباء رويترز نقلا عن مسؤول وصفته بالكبير بالخارجية الأمريكية قوله ان الولايات المتحدة تشعر بـ"خيبة أمل شديدة" بسبب "أداء" الحكومة العراقية فيما يتعلق بـ"تنفيذ التزامها بحماية" قوات التحالف الذي تقوده واشنطن ضد "داعش" في العراق.

العالم يقال ان

المتابع للمشهدين الميداني والسياسي في العراق تتبادر الى ذهنه وهو يقرأ تصريحات هذ المسؤول "الكبير"، المثل المصري المعروف "ضربنى وبكى ، سبقني واشتكى"، فاذا كانت هناك جهة تشعر حقا بخيبة امل فهذه الجهة هي العراق حصرا، الذي يرى بأم عينيه كيف تتصرف هذه القوات في ارضه وكأنه بلا سيادة، فهذه القوات لم تدعم العراق في حربه ضد "داعش" فحسب بل كانت تعمل على افساح المجال لعصابات "داعش" من الانتقال من سوريا الى العراق بدون ان تعترضها كما حصل في عام2014 ، كما عملت هذه القوات على فتح الاجواء العراقية امام الطائرات الاسرائيلية لتقتل ابطال الحشد الشعبي المرابطين على الحدود مع سوريا بذريعة "التصدي للنفوذ الايراني"ّ، حتى تمادت امريكا والكيان الاسرائيلي في جرائمهما عندما لم تجد ردا من العراق!!.

المواطن العراقي العادي لا يشعر بخيبة أمل كبيرة من اداء القوات الامريكية في العراق فحسب بل يشعر بخيانة هذه القوات للعراقيين وسيادة العراق، بعد ان قصفت هذه القوات ومازالت تقصف مواقع الحشد الشعبي، خدمة لمصالح الكيان الاسرائيلي ونشر بذور الفتنة بين العراقيين، وتوجت جرائمها البشعة هذه بجريمتها الجبانة والمروعة عندما اقدمت على اغتيال قائدي النصر على "داعش" الشهيدين قاسم سليماني وابومهدي المهندس ورفاقهما الابرار وسط بغداد وهم يهمون بالخروج من مطار بغداد الدولي.

بعد جريمة اغتيال الشهيدين سليماني والمهندس، سقطت عن هذه القوات صفة "التحالف الدولي ضد داعش"، واضحت الصفة الحقيقية لها هي قوات احتلال تعمل جنبا الى جنب مع العصابات التكفيرية والبعثية وفي مقدمتها "داعش" لاضعاف العراق وانهاكه بالفوضى والفتن وصولا الى تقسيمه وتشتيت شعبه.

تُرى اي حماية تنتظرها قوات الاحتلال الامريكي التي قتلت الشهيدين الكبيرين سليماني والمهندس، صناع النصر على "داعش"، بشهادة الامريكيين والعراقيين والسوريين والعالم اجمع، من الشعب العراقي والحكومة العراقية؟!، فهذا الشعب وهذه الحكومة طلبتا رسميا وشعبيا من هذه القوات مغادرة العراق فورا، بعد ان تكشفت نواياها، وباتت اكثر خطرا من "داعش" على العراقيين والعراق، فهي تهدد السلم الاهلي في العراق كما تهدد وحدة ارض العراق.

ليس هناك من يشك بالدور السلبي والتخريبي والتدميري للقوات الامريكية ليس في العراق فحسب بل في المنطقة والعالم، فنظرة سريعة الى اداء هذه القوات في سوريا، تكشف بما لا يقبل الشك عن دورها في الابقاء على الفوضى في سوريا وجعل هذا البلد في حالة صراع لا ينتهي خدمة للكيان الاسرائيلي، اما دور السفارة الامريكية الهدام في لبنان فقد انكشف وبشكل لا لبس فيه بعد تهريب هذه السفارة للعميل الصهيوني السفاح عامر الفاخوري من بيروت الى قبرص عبر طائرة مروحية حطت في السفارة الامريكية في عدوان سافر وصارخ للسيادة اللبنانية.

دور السفارة الامريكية في بيروت في عملية تهريب العميل الفاخوري من بيروت تثير العديد من علامات الاستفهام حول الدور الاكثر تخريبا للسفارة الامريكية في بغداد ، وهي اكبر عشرات الاضعاف من السفارة الامريكية في بيروت، ففيها مطار للطائرات الحربية التي تقلع وتهبط دون ان يكون للعراقيين علما بما تنقل.

الخطأ القاتل الذي ترتكبه امريكا يكمن في استنساخها ظاهرة بناء القواعد العسكرية الموجودة منذ عقود في دول الخليج الفارسي، في العراق، من دون ان يكون لها إلمام بشخصية الانسان العراقي، المعروف بحسه الوطني الرافض لاي وجود اجنبي على ارضه مهما كانت عناوين هذا الوجود، لذا فمن الافضل على القوات الامريكية ان تخرج من العراق بطريقة سلمية دون تاخير، افضل من الاعلان عن شعورها بخيبة امل من اداء الحكومة العراقية بشأن حماية قواتها المحتلة، في الوقت الذي كانت هذه الحكومة هي اول من طالب بخروجها بعد ارتكابها جريمتها النكراء.