من أجل إنقاذ الإتفاق النووي

على أمريكا وأوربا الكف عن مواصلة النفاق السياسي وتقاسم الأدوار

على أمريكا وأوربا الكف عن مواصلة النفاق السياسي وتقاسم الأدوار
الإثنين ٢٢ مارس ٢٠٢١ - ٠٦:٤٣ بتوقيت غرينتش

"الاتفاق النووي ليس مجرد نجاح رمزي، لقد أوفت هذه الاتفاقية بوعودها وكانت فاعلة وأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 15 تقرير رصد متتاليا من يناير 2016 إلى يونيو 2019 أن إيران امتثلت لالتزاماتها بموجب الاتفاقية"، هذا بعض ما جاء في كتاب جديد صدر لمسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل،"السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي في فترة كوفيد – 19".

العالم كشكول

وقال بوريل في كتابه ايضا:" “الاتفاق النووي يتعرض اليوم للضغوط من جبهات مختلفة وأنا متأكد من أن العمل للحفاظ عليه ليس ضروري فحسب، بل عاجل أيضا لسببين على الأقل، لأن المجتمع الدولي وإيران استغرقا 12 عاما لتنحية خلافاتهما جانبا والتوصل إلى اتفاق، وأنه في حال انهيار الاتفاق النووي لا يمكن توقع بديل آخر شامل أو فعال".

ما قاله بوريل عن اهمية الاتفاق النووي والجهود التي بذلت من اجل تحقيقه، والاهم من كل هذا وذاك التزام ايران به، وهو ما اكده بوريل في اكثر من مكان في كتابه، حيث قال ما نصه:"إيران نفذت الاتفاقية بالكامل لمدة 14 شهرا، على الرغم من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق"، ما قاله بوريل ليس امرا جديدا، فالاوروبيون يعلمون جيدا هذه الحقيقة اكثر من غيرهم، ولكن الجديد في اقوال بوريل، هو وجود تناقض واضح في مواقف دول الاتحاد الاوروبي ازاء الاتفاق النووي وكيفية العودة اليه وسبل الحفاظ عليه.

البعض يعتبر هذا التناقض في المواقف بين اكبر مسؤول اوروبي على صعيد العلاقات الدولية، وهو مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، وبين زعماء الدول التي وقعت على الاتفاق، فرنسا وبريطانيا والمانيا، الذين مازالوا يحملون ايران مسؤولية وصول الاتفاق النووي الى ما وصل اليه، في غزل واضح للموقف الامريكي في عهدي ترامب وبايدن، بانه يعكس التخبط في سياسة الاتحاد الاوروبي الخارجية، والتي من المفترض ان تكون متناغمة، او انها تعكس تغول الدول الثلاث على باقي دول الاتحاد الاوروبي.

الا ان هناك من يرى انه ليس هناك اي تناقض في الموقف الاوروبي، وكل ما هنالك هو تنسيق بين الدول الاوروبية وامريكا، في اطار سياسة تقاسم الاداور، بهدف ممارسة المزيد من الضغوط على ايران ودفعها الى تقديم تنازلات، ليس في برنامجها النووي فحسب، بل في برنامجها الصاروخي الدفاعي ودورها الاقليمي.

يبدو ان الراي الثاني هو الصحيح، فمن غير المستبعد ان تتخبط اوروبا في ساستها الخارجية، بهذ الشكل الفاضح. كما لم يكن مفاجئا، تقارب الموقف الفرنسي والبريطاني والالماني من الموقف الامريكي في عهد بايدن، بينما كانت هذه الدول تتظاهر بانها على خلاف مع الموقف لامريكي في عهد ترامب، فيما الموقف الامريكي في عهدي ترامب وبايدن لم يتغير من الاتفاق النووي، الامر الذي يؤكد ان اوروبا كانت تنافق ولم تكن بصدد مناهضة الموقف الامريكي، ولم تخطو خطوة واحدة ازاء دعم الموقف الايراني، او الالتزام بما عليها في الاتفاق، واكتفت خلال السنوات الماضية باطلاق شعارات وخطابات معسولة بشأن الحفاظ على الاتفاق، كما يفعل بوريل اليوم.

هذا النفاق الاوروبي وتلك البلطجة الامريكية، هي التي دفعت ايران الى تقليص التزاماتها في الاتفاق النووي، حتى تكف اوروبا عن نفاقها، وامريكا عن بلطجتها. كما وضع قائد الثورة الاسلامية سماحة اية الله السيد على خامنئي النقاط على حروف خارطة الطريق التي يجب ان يلتزم بها الجميع اذا ارادوا احياء الاتفاق النووي، في كلمته التي القاها بمناسبة اعياد النوروز.

قال السيد خامنئي في كلمته :" ان وعودهم ليس لها مصداقية عندنا.. على الأمريكيين رفع كل العقوبات، وسوف نتحقق من ذلك، وفي حال إلغاء العقوبات سنعود للوفاء بالتزاماتنا دون أي مشكلة… لدينا صبر طويل ولسنا في عجلة من أمرنا".

وفي كلام واضح وصريح، كان بمثابة رسائل على الجانب الاخر قراءتها وبدقة اذا ما ارادوا الالتزام بالاتفاق النووي حقا، قال سماحته: لقد "وثقنا بأمريكا في زمن أوباما وأنجزنا تعهداتنا. لكنهم لم ينجزوا تعهداتهم. قال الأمريكيون على الورق إن العقوبات سترفع لكنهم في الواقع لم يرفعوا العقوبات.. ان سياسة الضغوط القصوى لجر ايران الى طاولة المفاوضات لم تنجح ومن كان يتبناها ذهب الى مزبلة التاريخ.. واذا ما تغير الاتفاق النووي سيتغير لصالح ايران".

بات واضحا للجميع، وخاصة الاوروبيين والامريكيين، ان سياسة النفاق السياسي وتبادل الادوار، قد انتهت ، وان عليهم منذ الان التفكير في سياسة، ذات مصداقية وتقوم على احترام المعاهدات والمواثيق والاتفاقيات الدولية، من اجل ان تثق بهم الشعوب مرة اخرى، وتحترم تواقيعهم ، ويحفظوا بالتالي ما بقي من ماء وجوههم، فإيران ليست بالبلد الذي يمكن ان يستسلم امام لعبة النفاق وتقاسم الادوار والبطجية الاوروبية الامريكية، فالوقت لن يكون في كل الاحوال في صالحهم، اذا ما ارادوا التمادي في هذه اللعبة الفاشلة.. فصبر الايرانيين طويل.