ماذا خلف إعلان السعوديّة تعديلات على المناهج التعليمية؟

ماذا خلف إعلان السعوديّة تعديلات على المناهج التعليمية؟
السبت ٢١ أغسطس ٢٠٢١ - ٠٦:١٨ بتوقيت غرينتش

أعلن وزير التعليم السعودي حمد آل الشيخ، عن تعديلات جديدة على المناهج التعليمية في بلاده، بل ومناهج جديدة، قال أنها ستثري فكر الطالب المدرسي، وتنقله لمراحل التفكير النقدي، وهي حالة جديدة تنويرية، لم تشهدها البلاد من قبل.

العالم-السعودية

وكانت المناهج السعودية موضع انتقادات، لتركيزها على الجانب الديني، وإهمالها العلمي، والتفكيري، والتحليلي، لكن هذا الحال لم يعد ممكنا، مع وصول محمد بن سلمان للسلطة، وتأكيده أنه لن يسمح للإسلاميين في بلاده، أن يضيعوا من حياته ثلاثين عاما أخرى.

120 ألف تعديل تحدث عنها الوزير آل الشيخ، تضمنت 89 كتابا في المناهج التعليمية، هذه التعديلات لم يجر التطرق إليها تفصيليا، توقع البعض أن كلها تطال الحشو الديني في المناهج، والنصوص التي تتضمن تحريضا على أهل الكتاب واليهود، وكان تربويون أساسا قد رصدوا العام الماضي حذفا لنصوص قالوا إنها تحرض على التشدد الإسلامي، ومعاداة السامية، المملكة حتى كتابة هذه السطور يذكر أنها لا تزال ترفض التطبيع، وتربطه بالحق الفلسطيني حسب زعمها.

حذر البعض من أن تطال المناهج الثوابت الدينية والعربية فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وفلسطين، وتغيير النهج الداعي لتحريرها، ومحاربة الصهاينة والدعاء عليهم، البعض الآخر تفاءل بالمنظومة الجديدة، وتأمل أن تنافس المناهج الدول الغربية، وتعطي للمرأة حقوقها دون تجريدها من حشمتها، تساءل ثالثهم عن هذه التغييرات، وإن كانت تخدم الطالب، أم تخدم صورة المملكة، وسحب اتهامات الغرب لها المتعلقة بدورها في تمويل الإرهاب والتطرف، فالمناهج المدرسية كانت على الدوام محط انتقاد من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.

اللافت في العام الدراسي السعودي الجديد، أنه يأتي بعد عام تفشي فيروس كورونا، وانتقال البلاد إلى التعليم الإلكتروني، لكن هذا العام سيبدأ وجاهيا، مع استحداث 34 كتابا ومنهجا، ليصل مجموع المقررات إلى 52 كتابا، ويبدو الموسم الدراسي استثنائيا، مكونا من عام دراسي موزعا على ثلاث فصول.

وبالرغم من تراجع حريات الصحافة، إلا أن المنظومة التعليمية لم تغفل التطوير الإبداعي، فأضافت التعليم السعودية كما قالت ثلاث مواد دراسية، وهي: الدفاع عن النفس، التفكير الناقد، ووحدة وطني.

ويبدو التطوير السعودي للمناهج متماشيا مع المعايير الغربية، فمادة الدفاع عن النفس ستشمل تدريبا على الفنون القتالية، وعدم الاكتفاء فقط بحصة الرياضة التقليدية، أما الأكثر لفتا للمعلقين فهي مادة التفكير الناقد لتعزيز المهارة التحليلية، وسط تساؤلات حول مدى سماح الحكومة بتعزيز هذا الفكر، وإنشاء جيل نقدي، لا يخشى الملاحقة، ومادة وحدة وطني التي ستكون تكميلية لمادة التربية الوطنية، والتي سيكون أساسها الولاء والانتماء للقاعدة الملكية المتعارف عليها، الله، الوطن، الملك.

ومع تسجيل السعوديين ضعفا في مادة اللغة الإنجليزية، فسيبدأ التعليم فيها منذ الصف الأول، بدلا من الرابع، وستضاف مادة الحاسب الآلي من الرابع الابتدائي، وكل هذا يقول معلقون يخدم الطالب السعودي.

وتتخذ السعودية إجراءات احترازية عالية، مع عودة الطلاب إلى المدارس غدا الأحد، حيث سيجري تعليق الدراسة في الفصول التي يشتبه في تسجيلها حالات إصابة بفيروس كورونا، وانتقالها لمنصة “مدرستي” الإلكترونية.

ويبدو أن حالة التعليم الإلكترونية الطويلة، قد خلقت حالة من الطرافة على المنصات السعودية، وتحديدا الطلاب الذين سيعودون لمقاعد الدراسة غدا الأحد، حيث اعتاد الكثير منهم على العطلة، بل إن عبارة وزير التعليم السعودي حين قال: “هناك اشتياق من الطلبة للعودة إلى المدارس”، طالتها بعض الطرائف، للتعبير عن الصعوبات التي ستطال الطلاب حين قيامهم صباحا للذهاب إلى المدارس، وبعد غياب طويل وركود.

وفيما تذهب المملكة، المسؤولة عن نشأة المذهب الوهابي والأصولي، والصحوي لاحقا، نحو الانفتاح، وتقود مرحلة القضاء على الإسلام السياسي، تحضر طالبان في أفغانستان للمفارقة، وفيما بدأت الذاكرة تنسى عقود فرض الحجاب، وإطالة اللحى، تسجل العاصمة كابول مشهد عودة الفتيات للمدارس بالحجاب، فيما تؤكد طالبان أن نظامها لن يكون ديمقراطيا بالمعنى الغربي، لكنه سيكفل للجميع حقه بالشريعة، ليبرز السؤال الأخطر، هل يجد الإسلاميون ضالتهم، ويعود صوتهم من بوابة عودة طالبان، أم أن سطوة المناهج الجديدة، ومشروع محاربة الإسلام السياسي الذي يحضر في الإمارات أيضا، سيكون له الصوت الأعلى؟.. الإجابة في قادم الأيام.

*رأي اليوم