ضيف وحوار..

الخطوط العريضة في المشروع السياسي للرئيس التونسي قيس سعيد

الجمعة ٠٥ نوفمبر ٢٠٢١ - ٠٤:٣٨ بتوقيت غرينتش

أكدت بثينة بن كريديس أستاذة القانون الدولي العام وعضو الحملة التفسيرية للرئيس قيس سعيد، أن الرئيس قيس سعيد لم يكن مكرها على اختيار الفصل 80 من الدستور، بل كان الخيار الوحيد لانقاذ الدولة، التي وصلت لمرحلة صعبة في الازمة الصحية والعدد الهائل من الأموات، وكان هنالك تهاونا ولم يكن هنالك حلا الا بتفعيل الاجراءات الاستثنائية.

العالم - ضيف وحوار

وفي حوار خاص مع قناة العالم الإخبارية ببرنامج "ضيف وحوار"، وبسؤال بثينة بن كريديس حول مشروع رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد باعتبار ان العديد من جوانب المشروع غامضة خاصة بعد تاريخ 25 من شهر تموز انطلق الحديث ليس في تونس فقط، بل في كل العالم عن هذه الرؤية الجديدة، والبديل الذي يطرح نفسه الآن، ماهي ملامحه وما أبرز مرتكزاته، ونبدأ من المصطلح الرائج الآن مصطلح "الحملة التفسيرية"الذي ظهر خلال الانتخابات ويعود بقوة، ما هي الحملة التفسيرية وماذا تفسر بالضبط؟

بثينة بن كريديس: في فترة الانتخابات عندما تلا الرئيس الحالي قيس سعيد "وقت ترشحه للانتخابات الرئاسية" تم سؤاله عن برنامجه، فقال الرئيس سعيّد:" أنا ليس لدي برنامج، ولكن لدي مشروعا ولدي فكرة ولدي تصور بالأحرى بديل أريد أن اطرحه واريد أن اقنع الناس به مع مجموعة من الشباب ومن المواطنين التونسيين من مختلف المجالات، فآمنوا بهذه الفكرة والمشروع وانطلقوا في تفسيره في الجهات في تونس وفي جهات مختلفة من تونس.

واضافت بثينة بن كريديس:"بعد الانتخابات بقي هذا المشروع يراود الكثيرين ممن آمن به وبالتالي حتى تسمية المشروع السياسي أو البرنامج السياسي لقيس سعيد ليست صحيحة نوعا ما، لانه مشروع تبناه العديد من الشباب مع رئيس الجمهورية قيس سعيد ثم بعد 10 سنوات بعد الانتخابات عام 2019.

واعتبرت بن كريديس انه كان ذلك نتاج عشر سنوات، فبعد الثورة لوحظ انهيار المنظومة القائمة ولوحظ الفساد، كما ان المنظومة غير قادرة على مجابهة الازمة الصحية، ولوحظ العديد من العراكات والحروب بين اعضاء الحكومة، وبين رأسي السلطة التنفيذية، وكذلك كان هنالك العديد من الصراعات داخل البرلمان التونسي، ووجود نقائص في دستور عام 2014، كما رأينا صعوبة مواصلة المسار الديمقراطي الذي انطلقنا فيه، حيث شرعنا في القيام به".

واشارت بن كريديس الى ان المرحلة عام 2013 قد جاءت صعبة، فيما حدث من"اعتصام ورحيل"، وكان هنالك حوار وطني، ثم بعد ذلك تواصلت الازمة، ولم تحل الامور، فوصلت الازمة حتى وصلنا الى تاريخ 25 تموز الى اجراءات استثنائية، وكان السياق مختلف".

واعتبرت بن كريديس الى أنه في هذا التاريخ 25 / تموز، برزت فكرة طرحت مرة اخرى، وهي فكرة مشروع او فكرة البناء القاعدي كبديل، ولكن ليس في اطار "حملة تفسيرية"بمعنى الكلمة، فهنالك من تبنى هذا المشروع من الاشخاص الذين تبنوه في البداية، وهنالك اشخاص قالوا لم لا نفكر ببديل آخر، وفكرة اخرى، فطرحوا المشروع للنقاش، بشكل آخر وعلى سياق مختلف.

- هل كان تاريخ 25 تموز معدا مسبقا للبدء بمشروع رئيس الجمهورية، أم انه لحظة كما قال الرئيس عنها انها" لحظة انقاذ مؤسسات الدولة التي كانت بصدد الغرق"؟

بثينة بن كريديس: كانت لحظة (( 25 تموز )) لحظة انقاذ لمؤسسات الدولة، وكانت لحظة ايقاف لما كنا في طريق الهاوية وكانت اللحظة الحاسمة التي اختارها لانقاذ الدولة، واللحظة الحاسمة التي اختارها للشروع في مرحلة جديدة، شكلت مرحلة استثنائية جديدة، لان الوضع لا يمكن ان يستمر، ولم تكن لديه نية مبيتة لإعادة احياء المشروع ولم يفعل ما فعل لتمرير مشروعه.



وشددت بثينة بن كريديس الى أن قيس سعيد كان يستطيع كرئيس جمهورية بان يمرر هذا المشروع، ويستطيع ان يحل الدستور تماما وان يختار حلا خارج الدستور حتى أن يحل البرلمان بشكل كامل ولكنه لم يذهب في هذا الحل واختار أن يذهب في حل دستوري كان أصعب الحلول حيث اضطر الى استعمال الفصل 80 من الدستور التونسي.

وينص الفصل 80 من الدستور التونسي على ((على أنه "لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلن عن التدابير في بيان إلى الشعب".

ويؤكد الفصل 80 من الدستور التونسي على أنه "يجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويُعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حل مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة".

ويلفت إلى أنه وبعد "مضيّ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتُّ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه، وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.. ويُنهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها. ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب".)).

ونوهت بثينة بن كريديس الى أن الرئيس قيس سعيد لم يكن مكرها على اختيار الفصل 80 من الدستور التونسي، بل كان ذلك الخيار الوحيد لانقاذ الدولة، لاننا وصلنا الى مرحلة صعبة فيما يتعلق بالازمة الصحية في تونس والعدد الهائل والآلاف من الأموات، وكان هنالك تهاونا ومواصلة في التهاون فلم يكن هنالك حل الا تفعيل الاجراءات الاستثنائية، والقول بطرح أفكار بديلة لاننا كنا ننقض النظام السياسي الذي كان وننقض المنظومة برمتها.

وأفادت بن كريديس أن الحوار "سيكون حول مسائل فيصلية وتحديات كبرى إقتصادية وإجتماعية وسيتم طرح التصورات والحلول".

وشددت بثينة بن كريديس التأكيد على أن" اول الخطوات نحو حل كافة المشاكل المطروحة تتم بالإستقرار السياسي وتأسيس مؤسسات دستورية فاعلية في الدولة".

وأقرت أن الحوار قريب جدا وأسسه موجودة والتصورات والحلول موجودة، حسب قولها.

وتقول عضو الحملة بثينة بن كريديس، إنها لم تنتم سابقاً لحملته الانتخابية، لكنها بحثت جيداً في فكرة البناء الديموقراطي القاعدي التي يطرحها الرئيس وآمنت بها، لذلك تحاول اليوم شرحها لإقناع الناس بها تطوعياً، من دون أن تكلفها بذلك أي جهة.

وكان قد قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إن الأسباب التي دفعت لاتخاذ تدابير استثنائية هي إنقاذ الدولة من الانهيار وتحقيق إرادة الشعب، في وقت تتزايد فيه الضغوط الخارجية مما يصعّب وضع البلاد، وطالما تحدّث سعيّد في خطاباته عن إعادة السيادة الى الشعب، مشيراً الى ضرورة إصلاح النظامين السياسي والانتخابي.

وكان سعيّد أعلن في كلمة وجهها للشعب من محافظة سيدي بوزيد الاثنين الماضي، مواصلة العمل بالتدابير الاستثنائية الصادرة في 25 يوليو الماضي، مؤكدا "وضع أحكام انتقالية وقانون انتخابي جديد"، ما اعتبر من قبل مراقبين وسياسيين بمثابة تعليق العمل بدستور 2014، وأشار إلى وجود مساعٍ لتشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن واختيار وزراء قادرين على تحقيق مطالب الشعب.

يذكر أن إجراءات الرئيس التونسي التي علقت عمل الحكومة والبرلمان في يوليو الماضي، لاقت شعبية واسعة في الشارع التونسي، بعد أشهر من الجمود السياسي، لكنها أثارت أيضاً بعض المخاوف على مستقبل النظام الديمقراطي الذي تأسس بعد انتفاضة 2011.

وصارت تسمية "الحملة التفسيرية لمشروع الرئيس سعيّد" واحدة من التسميات المتداولة بكثرة في تونس، إعلامياً وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، ومعها ظهرت صفة "عضو الحملة التفسيرية" التي باتت تطلق على من يتزعمون الخطوط الأمامية، للحديث عن مشروع الرئيس سعيّد لتفسير خطوطه العريضة للرأي العام، في ظل وجود نقاط استفهام عديدة حوله يطرحها الإعلام والفاعلون السياسيون، ولا تجد إجابات من جهات رسمية مكلفة بفعل ذلك.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...