معركة خلافة محمود عباس تبدأ مُبكرًا.. قرارات صادمة لمركزية “فتح”

معركة خلافة محمود عباس تبدأ مُبكرًا.. قرارات صادمة لمركزية “فتح”
السبت ٢٢ يناير ٢٠٢٢ - ٠١:٣٣ بتوقيت غرينتش

يبدو أن حركة “فتح” بدأت تتجهز رسميًا للمرحلة الحساسة التي ستعيشها بعد غياب الرئيس الفلسطيني، وزعيم الحركة الرئيس محمود عباس صاحب الـ(86عامًا) عن المشهد السياسي، والتي بات تقترب أكثر من أي وقت مضى.

العالم - فلسطين

حركة “فتح” بدأت غمار هذه المعركة التي أطلق عليها البعض من قيادتها بـ”الوجودية والحاسمة”، بالمزيد من الخطوات التي تحكم سيطرتها ووضع يدها الحديدة الثقيلة على باقي مؤسسات السلطة الفلسطينية، فباتت لا توجد مؤسسة تابعة للسلطة أو الحكومة في الداخل والخارج إلا ويد حركة “فتح” عليها.

الثلاثاء الماضي، وبخلاف الحديث الذي كان يدور عن خلافات فتحاوية داخلية حول مناصب جديدة في مؤسسات السلطة، فاجأت الحركة الجميع بقرارات قلبت الشارع الفلسطيني بأكمله وأشعلت غضب الفصائل والقوى الوطنية، وأثارت حالة من الجدل الكبيرة، وسط اتهامات للحركة ورئيسها بإحكام السيطرة على منظمة التحرير التي تعتبر المظلة لباقي الفصائل وليست ملكًا خاصًا لفتح والرئيس أبو مازن.

وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح أعلنت في اجتماعها في مقر المقاطعة برام الله الثلاثاء الماضي، تجديد ثقتها بالإجماع برئيس السلطة محمود عباس رئيسًا للحركة واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، كما جرى ترشيح روحي فتوح لرئاسة المجلس الوطني، وحسين الشيخ لعضوية اللجنة التنفيذية، وعزام الأحمد لتنفيذية المنظمة.

وأثار إعلان اللجنة المركزية لحركة فتح عن اختيار روحي فتوح بالإجماع مرشحا لحركة فتح إلى رئاسة المجلس الوطني، وحسين الشيخ أيضا بالإجماع لعضوية تنفيذية منظمة التحرير، عن الطريقة التي تتخذ فيها القرارات داخل المركزية، التساؤلات ما إذا كانت بالانتخاب السري، أو التصويت العلني، وحول وجود مرشحين آخرين لهذه المناصب لم يحالفهم الحظ.

وقالت مصادر محلية: “إن الأسماء كانت جاهزة قبل الاجتماع، وقد جرى تسميتها بالاجتماع من قبل الرئيس محمود عباس، الذي سأل أعضاء المركزية عن موافقتهم عليها من عدمها، وقد جرى التصويت لصالح الشيخ، وفتوح، وعزام برفع الأيدي.

وأوضحت أنه لم تكن هناك أي مشاركة في التصويت لعضوي اللجنة المركزية لحركة فتح الأسيرين القابعين في سجن “هداريم ” مروان البرغوثي، وكريم يونس بشأن مرشح رئاسة المجلس الوطني، وعضوية اللجنة التنفيذية، سواء من خلال محامين أو طرق أخرى، وكذلك لم تتم استشارتهما بالأسماء مسبقا، وهو ما يثير الاستفهامات حول مفهوم الإجماع الذي ورد في بيان مركزية فتح.

وأكدت المصادر، أن التيار الذي يمثله الرئيس عباس، وحسين الشيخ، وهو التيار الأقوى في حركة فتح، بفرض الأسماء بالطريقة المشار إليها سابقا، رغم المعارضة المسبقة لأربعة من أعضاء اللجنة المركزية.

ونُشر في 11 يناير الجاري 2022، أي قبل جلسة مركزية فتح بأسبوع تقريرا، أشارت فيه إلى وجود خلافات تعلق بترتيبات فتح الداخلية، منها ما يتعلق بتغيير الهيئة الرئاسية للمجلس الوطني بما يشمل منصب الرئيس، وأن أبرز المرشحين لذلك هما روحي فتوح وعزام الأحمد، وهو ما يلقى معارضة شديدة من بعض الأطراف في الحركة، هذا بالإضافة إلى وجود خلافات على الشخصية التي ستحل مكان صائب عريقات في أمانة سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير.

قرارات مثيرة للجدل وتهم فساد تلاحق فتوح

وسيشغل الشيخ منصب أمين سر اللجنة التنفيذية للمنظمة خلفا لصائب عريقات الذي توفي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كما جاء في إعلان حركة فتح.

وتصّدر اسم الشيخ لم يكن وليد هذا الترشح، فخلال العامين الماضيين برز اسم الرجل على أنه الأقرب للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وصاحب الحظ الأكبر لخلافته، وهو ما يدعمه هذا الترشح أكثر، فهو الأقرب للفوز بمنصب “أمين سر المنظمة” أي نائب رئيس المنظمة، ورئيس السلطة الفلسطينية “محمود عباس”، ومن يحل محله في حال غيابه أو موته حتى إجراء الانتخابات.

وبحسب مصادر فتحاوية، فإن تعيين الشيخ جاء ضمن توافق بينه وبين رئيس جهاز المخابرات العامة، ماجد فرج، تمهيداً للسيطرة على جميع مفاصل “فتح” والسلطة، وقطْع الطريق أمام طموحات عضو “اللجنة المركزية” للحركة جبريل الرجوب، وتوطئة لإقصاء تيّار مروان البرغوثي من المؤتمر الثامن المُزمع عقده في نهاية آذار المقبل.

وبانتخاب الشيخ عضواً في التنفيذية، ينفتح الباب أمامه لتولي منصب أمين سرّ التنفيذية خلَفاً لصائب عريقات، الذي توفّي العام الماضي متأثّراً بإصابته بفيروس “كورونا”، ما يمهّد لخطوة لاحقة تتمثل في توليه الملفّ السياسي في السلطة والمنظّمة بعد وفاة عباس، فيما يتولى فرج الملفّ الأمني، بعد استكمال سيطرته على الأجهزة الأمنية وقيادة الأقاليم في الحركة في الضفّة المحتلة، وفق ما أوضحت المصادر نفسها.

من جانبه أكد القيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين أحمد الطناني، أن حركة فتح حسمت خيارها بأن منظمة التحرير الفلسطينية رهينة عندها، وحكمت على حوار الجزائر بالفشل.

وقال الطناني، إن “فتح حسمت خيارها بأن المنظمة رهينة عندها ولا مجال ولا مكان لأي صيغة تشاركية حقيقية، بل المطلوب من الجميع أن يعمل في المنظمة عند فتح وببرنامجها أو بالأدق برنامج رئيسها”.

وأضاف أن حركة فتح حسمت مصير حوار الجزائر المرتقب مسبقاً وحكمت عليه بالفشل، مشددًا على أن اختيارات حركة فتح لمن يمثلها أنها اختارت الأكثر تمسكاً بالانقسام والأكثر رفضاً للوحدة، مشيرًا إلى أن الرئيس عباس يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أنه ماضي في خيار التنسيق الأمني واوسلو كمسار سياسي بتقديم الشخصية الأبرز منذ سنوات التي تمثل السلطة في العلاقة مع الاحتلال والإدارة المدنية لموقع أمانة سر اللجنة التنفيذية.

ولفت الى أن أبو مازن يجنح باتجاه تحصين نفسه ومساره السياسي وسياساته الداخلية باختيار الموالين له ولأفكاره، ولا يترك أي هامش لا للاجتهاد او للمعارضة، مشددًا على أن اقصاء الشخصيات الفتحاوية ذات الحضور التنظيمي والتاريخ النضالي من الترشيح مثل محمود العالول ومروان البرغوثي هو حسم مسبق لمرشح الحركة القادم لخلافة أبو مازن وإخراج المذكورين من المعادلة.

وقال عضو المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” د. موسى أبو مرزوق، إنّ تجديد الثقة لرئاسة السلطة مكانه أصوات الشعب وليس بتصويت أعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح.

وأضاف: “فتح تتعامل مع مؤسسات الشعب الفلسطيني على أنها ملكية خاصة، تفعل بها ما تريد، دون الرجوع لشعبنا وقواه الحية، معتبرًا ذلك استفرادًا، و”أحد أهم أسباب الأزمات الفلسطينية”.

وتابع: إنّ “تجديد الثقة بالرئيس الفلسطيني مكانه أصوات الشعب، لا تصويت أعضاء مركزية فتح، وإلا فلتعلن حركة فتح أنّ لجنتها المركزية هي أعلى سلطة في البلاد، ولا سلطة غيرها لمؤسسة أو شعب”. مؤكدًا أنّ تقاسم مقاعد اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير يُفترض أن يكون وفق آلية شفافة ونزيهة، لا وفق ما ينتجه التدافع الداخلي في حركة فتح.

وفي ذات السياق رأى عضو اللجنة المركزية لحركة فتح -سابقا- ناصر القدوة، أن هناك مشكلة في غياب العمل المؤسساتي لدى السلطة ومنظمة التحرير، مشددا على: “أن كلمة قرارات بالإجماع مشكوك فيها”، مؤكدًا أن ما يجري تكرار لنفس الحالة الموجودة سابقا، بغياب أي عمل تنظيمي معقول، وغياب أي ديمقراطية داخلية، مضيفًا : “لا توجد مؤسسة اسمها لجنة مركزية عندما تتخذ القرارات بدون وضعها على جدول أعمال، ودون مبرر، ودون تصويت، ودون متابعة، ودون التزام بنصوص النظام الداخلي”.

وتابع: “وصلنا إلى مرحلة تم فيها تجاوز كل الخطوط الحمراء فيما يتعلق بمنظمة التحرير، فنحن نصر على تعميق المأزق، وعلى الذهاب إلى ما يسمى مجلس مركزي، بدلا من استعادة قوانا بشكل، جدي، والدعوة لحوارات حقيقية، ومجلس وطني جديد، وبرنامج سياسي”.

وبيّن، أن ما يجري يعكس غياب العمل المؤسساتي، وحالة الاهتراء والترهل والتمزق التي أصابت منظمة التحرير، متسائلا “كيف يمكن انتخاب رئاسة المجلس الوطني في ظل غياب المجلس الوطني، وهذا طريق خطير يزيد من حالة الانقسام، والتمزق، وستكون له نتائج وخيمة؟”.

من جانبه أكد مؤسس تجمع الكل الفلسطيني بسام القواسمة، أن قرارات اللجنة المركزية الأخيرة تفتقد للشرعية، خاصة فيما يتعلق بترشيح روحي فتوح لرئاسة المجلس الوطني، مشددا على أنها مخالفة للقانون والأنظمة القانونية الفلسطينية”، وقال إن فتوح تدور حوله شبهات فساد لم يتم البت والفصل فيها ومنها تهريب الموبايلات”، مشددا على أن هذه القرارات مسيئة لشعبنا الفلسطيني.

وأكد أن هناك “مجموعة متنفذة تختطف إرادة فتح الحقيقية، وهم بهذه القرارات يسيئون لها”، مشددًا على أن شعبنا بحاجة لانتخاب شخصيات بطريقة ديمقراطية ومن خلال سلطات شرعية، داعيا قوى وفصائل شعبنا لرفض هذه القرارات غير الشرعية”.

وأضاف أن هذه القرارات بهذه الطريقة هي محاولة للالتفاف على إرادة شعبنا واغتصاب إرادته وحقوقه وبالذات السياسية منها، مردفا “لا يعقل أن يتم تهميش إرادة شعب يبلغ حوالي 16 مليون نمسة بهذه الطريقة بالتعيين”.

وتابع “المجلس الوطني لابد أن يمثل شعبنا في الداخل والخارج، ثم تجرى الانتخابات، وبعد ذلك يتم حسم واختيار رئيس المجلس الوطني حتى يكون شرعي وقانوني”، مشددًا على أن التعيين بهذه الطريقة يشير إلى أن كل السلطات الموجودة، هي منتهية الولاية، وغير شرعية، ولا تمثل شعبنا”.

اشتعال الغضب على مواقع التواصل

وعبًر نشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي عن رفضهم لتفرد حركة “فتح” وإقصائها لفصائل منظمة التحرير، بعد إعادة انتخاب الرئيس محمود عباس رئيسًا للجنة التنفيذية ورئيسًا لفلسطين، وترشيح روحي فتوح لرئاسة المجلس الوطني، وحسين الشيخ لعضوية اللجنة التنفيذية، وتجديد ترشيح عزام الأحمد لتنفيذية منظمة التحرير.

واعتبر النشطاء في تغريداتهم اتخاذ حركة “فتح” هذه الخطوة “تفردًا وإصرارًا على استبعاد أي طرف يسعى للمشاركة في صناعة القرار”.

وكتب هؤلاء على عدة منصات بمواقع التواصل، مطالبين بالوحدة وإنهاء الانقسام وعدم إقصاء أي فصيل عن الساحة الفلسطينية، معبرين عن رفضهم التفرد بالقرارات الوطنية.

وقال الناشط والصحفي إبراهيم مقبل عبر “فيس بوك”، “فتح بترشيحها عزام الأحمد وحسين الشيخ للجنة التنفيذية فإنها تُجمع على تأبيد الانقسام ومواصلة التعاون الأمني مع العدو”.

بدوره، قال محمد أبو عرقوب: “الجماعة واضحين وضوح الشمس في مسارهم، من الرئيس الذي كتب بخط يده على ورقة منيب المصري للمصالحة، والدائرة المحطية بعباس على رأي كبيرهم الذي علمهم الصنعة، ولا أرى أي تلون في سياساتهم ويطبقونها على أتم وجه”.

وتابع “العتب على الطرف الأخضر الذي ما زال يؤمن بالشراكة وخواتها ومشتقاتها”.

ونشرت صفحة تلفزيون فلسطين خبر إعادة انتخاب قيادات حركة “فتح” للمناصب دون غيرها من فصائل المنظمة.

وانهالت تعليقات النشطاء التي انقسمت بين الغضب والتهكم على منشور التلفزيون، متهمين حركة “فتح” بالتفرد والإقصاء.

وعلق الناشط محمد أوغلو على منشور تلفزيون فلسطين، فكتب: “عاشت الديمقراطية الفتحاوية التي لا ترى إلا نفسها”.

بدوره، قال محمد الفرا متهكمًا، “أحلا شباب أصلا فش غيرهم مؤهل للقيادة”.

أما علي عودة فكتب غاضبًا ومتسائلًا، “والمستوطنين إلي عنا بحوارة شو الحل معهم؟؟”.

وكتبت الناشطة زينب شمس عبر تعليقات منشور التلفزيون، “شو يعني مصطلح تجديد الثقة هادا من وين جايبينه ملغوم، وين موقع الشعب من الإعراب؟ مش معترفين بانتخابات؟ وين موقع المجتمع الدولي من هاي البيروقراطية!”.

وعلق الناشط خليل الجندي، “يعني الشواغر أصبحت حكراً فقط لمن هو في منصب وبتعطيه منصب فوق منصبه، هل افتقدنا البدائل، فتح ي جماعة ولادة والله فيها شباب فتحاوية بميت (مائة) راجل بس بدهم فرصة”.

وتساءلت الناشطة هدى الهادي “ألم تنتهي صلاحيته بعد؟ أليس في فلسطين غيره؟ ألم ييأسوا أن فلسطين ليست للبيع وأن مناضليها الأحرار أولى بها”.

وقال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة عبر “تويتر”، “حركة فتح تقرر تجديد الثقة لمحمود عباس رئيساً لمنظمة التحرير ورئيساً للسلطة، وحركة فتح تقرر تعيين روحي فتوح رئيساً للمجلس الوطني، وحركة فتح تقرر تعيين حسين الشيخ عضوا في اللجنة التنفيذية للمنظمة، بعد كل هذه القرارات ماذا أبقت حركة فتح للشعب الفلسطيني؟ هذا استخفاف بالناس واحتقار لهم”.

أما المحلل السياسي إياد جبر فغرد عبر حسابه على “تويتر”، “أبرز ما يمكن التعليق عليه في نتائج اجتماع اللجنة المركزية ليس تجديد الثقة في محمود عباس ولا روحي فتوح للمجلس الوطني، فهذه مسائل متوقعه. الأبرز هو حسين الشيخ!! لاحظوا أن تولي حسين الشيخ للشؤون المدنية جعله خيار حركة فتح على حساب ماجد فرج الذي ظل لسنوات طويلة خليفة عباس المرتقب”.

بدوره، غرد حساب باسم “أساسامولبو”، “هو بحكي عن قادة محمود عباس وحركة فتح، هاي الحركة ما بتمثل الشعب الفلسطيني لإنو بكل بساطة في انتخابات 2006 انتخبنا حماس، وفتح خسرت الخون العرب ما بحبو يتعاملوا الا مع منبطخين مثلهم فحاربوا حماس وحاصروها ودعموا فتح عدوة الشعب الفلسطيني”

*نادر الصفدي -"رأي اليوم"