استهداف ممنهج لحرية التعبير والمعارضة السلمية في الإمارات

استهداف ممنهج لحرية التعبير والمعارضة السلمية في الإمارات
الأربعاء ٢٣ فبراير ٢٠٢٢ - ٠٥:٤٥ بتوقيت غرينتش

يعاني الإعلاميون والمؤثرون في الإمارات من مراقبة إلكترونية مكثفة واستهداف ممنهج من السلطات الحكومية لحرية التعبير والمعارضة السلمية في ظل واقع القمع الشامل في الدولة.

العالم- الامارات

وبحسب "إمارات ليكس" فإنه على مدار سنوات تراجع مستوى حرية الإعلام والرأي في الإمارات تدريجيًا بشكل ملحوظ، فحلت في المركز 131 من أصل 180 دولة في العالم في التصنيف العالمي لحرية الصحافة عام 2020 بحسب منظمة “مراسلون بلا حدود”.

وجمعت الإمارات 31 نقطة من 150 في مقياس حرية الرأي والتعبير في مؤشر المشاركة السياسية في دول مجلس التعاون الصادر عن “البيت الخليجي للدراسات والنشر” لعام 2020.

وبحسب منظمة (الخط الأحمر- مجموعة الخليج (الفارسي) لمراقبة الحريات والصحافة) يجد النشطاء الإماراتيون أنفسهم عرضة للاستهداف والملاحقة بمجرد الإدلاء بما يعارض وجهة نظر الحكومة أو ما يمثل انتقادًا لها.

ويعتبر المدون والناشط في حقوق الإنسان أحمد منصور أبرز ضحايا هذه السياسات القاهرة لحرية الرأي والتعبير في البلاد.

وقد اعتقل منصور في مارس 2017، ثم حُكم عليه بالسجن 10 سنوات ودفع غرامة قدرها مليون درهم (270 ألف دولار أمريكي)، وذلك بتهمة “تشويه سمعة الدولة على وسائل التواصل الاجتماعي” لدفاعه عن معتقلين اسلاميين في السجون الإماراتية وإثارته لملف حقوق الإنسان في البلاد.

وتؤكد عائلة منصور انقطاع الاتصال معه لستة أشهر بعد اعتقاله، وحرمانه من الرعاية الصحية وتعرضه للتعذيب والإهانات، ما يمثل إنتهاكًا صريحًا للمعايير الدولية الأساسية لحقوق الإنسان.

ومنصور كان هدفًا للسلطات التي راقبته وحاولت اختراق هاتفه عبر رسالة تحتوي رابطًا مموهًا بعنوان “أسرار جديدة لعمليات تعذيب في السجون الإماراتية”.

لكنه استدرك الأمر بالاستعانة بخبير أكد له أن الرابط عبارة عن برنامج خبيث طورته شركة إسرائيلية، وتقوم ببيعه للحكومات.

في مارس 2017، حُكم على الأكاديمي ناصر غيث بالسجن مدّة عشر سنوات بسبب تغريدات انتقد فيها انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان ووجدت فيها السلطات الإماراتية تعكيرًا لصفو العلاقات مع الدولة المصرية عبر الانترنت.

بالإضافة للأحكام التعسفية، تعمد الإمارات إلى إبقاء المعتقلين في السجون لمدة أطول من العقوبة المقررة دون إعادة محاكمة.

مثل المعتقل أسامة النجار الذي أطلق سراحه في اغسطس 2019 رغم انتهاء محكوميته عام 2017، لكن المدعي العام قرر تمديد العقوبة إلى أجل غير مسمى بعد أن اعتبرت الحكومة أن خروجه يمثل “تهديدًا للأمن القومي” كما هو الحال مع العديد من المعتقلين الذين يقبعون حتى اليوم في السجون الإماراتية.

اتهم النجار بالتحريض على الكراهية ضد الدولة عبر تويتر ونشر الأكاذيب عن تعذيب والده حسين النجار، المعتقل بسبب أنشطته في مجال حقوق الإنسان.

وفي سبيل سعيها لإسكات كل الأصوات المعارضة، قامت السلطات الإماراتية بحجب مواقع عربية ودولية ومواقع لمنظمات مجتمع مدني ومواقع اعلامية ومنها قناة الجزيرة.

مبالغ طائلة للتجسس

تعُرف الإمارات كواحدة من أكبر الإمبراطوريات في عالم التجسس الإلكتروني، إذ يولي ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد الجانب الأمني والاستخباراتي أهمية واسعة.

واستقدم محمد بن زايد في سبيل ذلك مئات الضباط الغربيين، وقدم لهم رواتب مرتفعة مقابل العمل على تأسيس جهاز استخباراتي وتدريب ضباط إماراتيين.

وذكرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية في تقرير لها أن الإمارات استخدمت برنامج تجسس إسرائيلي نادر للتجسس على مواطنيها من المعارضين السياسيين والحقوقيين، كما نشرت آلاف كاميرات المراقبة الأمنية في شوارع دبي وأبوظبي.

ما يعني أن الجميع عاجزون عن التحدث بحرية حتى في الجلسات والنقاشات الخاصة، وقد يتعرض أي مواطن للملاحقة القانونية بسبب رسالة كتبها أو مقال تصفحه.

لم تكتف الإمارات بمراقبة مواطنيها، بل عمدت إلى التجسس على حكومات وناشطين من دول أخرى، كأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير الدولة العُماني للشؤون الخارجية يوسف بن علوي وغيرهم.

وسبق أن عرضت قناة الجزيرة حلقة بعنوان “شركاء التجسس” أكدت فيها أن الإمارات استخدمت البرنامج الإسرائيلي “بيغاسوس” لقرصنة 36 هاتفاً لصحافيين جلّهم يعملون في “الجزيرة” ومع جهات إعلامية معارضة للنظام الإماراتي.

لا يمكن وضع هذه الإجراءات ضمن إطار الحفاظ على الأمن العام أو الدفاع عن النفس، لأنها تمثل تعديًا صريحًا على خصوصية الأفراد وحقهم الطبيعي في التعبير السلمي عن آرائهم، لا سيما وأن جميع المستهدفين بهذه الإجراءات لم يقوموا بأي عمل عنفي أو يشكل خطرًا حقيقيًا على أمن الدولة.

وفيما سعت الإمارات خلال السنوات الأخيرة لتقديم نفسها كـ “واحة الحريات الإعلامية” ضمن حملة دعائية واسعة، لكنها فشلت في إقناع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بسبب قوانينها الصارمة وأجهزتها الاستخباراتية المتسعة النفوذ والسلطة.