نهاية الحرب الناعمة ضد إيران لن تكون أفضل من نهاية الحرب الصلبة.. الجاسوسة زاغري مثالاً

نهاية الحرب الناعمة ضد إيران لن تكون أفضل من نهاية الحرب الصلبة.. الجاسوسة زاغري مثالاً
الأربعاء ١٦ مارس ٢٠٢٢ - ٠٧:٠٨ بتوقيت غرينتش

"القوة الناعمة" مصطلح صاغة ضابط أمن امريكي يدعي جوزيف ناي، الذي كان مساعدا لوزير الدفاع في حكومة بيل كلينتون ورئيس مجلس المخابرات الوطني، في كتابه"القوة الناعمة: وسيلة النجاح في السياسة الدولية"، حيث يرى ناي ان القوة الناعمة تعمل جنبا إلى جنب مع القوة الصلبة (العسكرية) لتقوية مصالح أمريكا في كل أرجاء العالم.

العالم – كشكول

يرى الخبراء الذي رصدوا اساليب القوة الناعمة، التي تستخدمها امريكا في سياستها الخارجية، انها جاءت اعتمادا على تجربة الحرب الباردة وتطويرها مع تطور وسائل الاتصال بشكل يفوق الخيال وخاصة بعد ثورة الأنترنت، حيث أصبح العالم كله جاهزا لتلقي الرسائل الأمريكية في كل لحظة، وأصبحت أدوات الصراع الناعم أكثر فعالية وتأثيرا بشكل لا يقاس.

ويرى هؤلاء الخبراء ايضا، ن هناك ترابط واضح بين القوة الناعمة الأمريكية ومنظمات المجتمع المدني، التي اخترقتها امريكا بشكل مباشر، عن طريق التركيز على نخب محددة ومختارة بدقة، وخلق نسيج اجتماعي مرتبط مباشرة بأمريكا، لديه دور ميداني فاعل، وليس فقط دورا فكريا وثقافيا.

صحيفة "الاخبار اللبنانية" نشرت قبل فترة تقريرا مدعما بالارقام، عن الحرب الناعمة التي تُشن على لبنان، الذي بات يحتل المرتبة الأولى عربياً كوجهة تمويل لمؤسسات امريكية، وجاء في جانب من هذا التقرير ان "مؤسسة الترويج للمجتمع المنفتح" التابعة للملياردير الأميركي جورج سوروس، ضخت عام 2019 نحو 3,618,000 دولار، وصلت معظمها الى منظّمات ذات طابع ثقافي.

وبلغ حجم هذا المبلغ عام 2020 ، بحسب الموقع الإلكتروني لمؤسسة سوروس، حوالى 6,655,000 دولار، بعد ان كان في عام 2018 ، 3,036,948 دولاراً، ونحو 8,978,000 دولار عام 2017، ونحو 3,728,000 دولار عام 2016.

هذه الاموال الضخمة تضخ سنويا لمصلحة منظمات "مجتمع مدني" في لبنان، وتتنوع القضايا التي يجري تمويلها، من السياسة إلى الثقافة والتنمية والتعليم، ويصل حجم تمويلاتها السنوية المعلَنة إلى أضعاف حجم تمويلات مؤسسات الدول الرسمية.

هذه الحرب التي استخدمتها امريكا والغرب ضد لبنان والعراق والعديد من الدول العربية والاسلامية، ونجحت في جوانب منها، شجع امريكا والغرب على استخدام هذه الحربة ضد ايران ايضا، بعد ان فشلت كل خيارات الغرب لتركيع ايران عبر الحروب "الصلبة" والحصارات الاقتصادية، الا ان الغرب ارتطم بجدار عال هو وعي وذكاء ويقظة الشعب الايراني واجهزة الامن الايرانية، التي كانت بالمرصاد، لبيادق الغرب، التي تساقطت امام صلابة الجدار الايراني.

احد بيادق الحرب الناعمة ضد ايران كانت الجاسوسة البريطانية من اصول ايرانية نازنين زاغري، التي اطلق القضاء الايراني اليوم سراحها بعد ان قضت كامل فترة العقوبة بالسجن 4 سنوات التي صدرت ضدها.

زاغري هذه كانت آخر أعضاء مجموعة مكونة من 50 جاسوسا تم القبض عليهم في قضية النفوذ والتسلل، واغلق إلقاء القبض عليها ملف هذه المجموعة من الجواسيس.

من خلال عضويتها في شركات ومؤسسات اجنبية، شاركت زاغري، بتوجيه ودعم اجهزة اعلامية وتجسسية تابعة لحكومات اجنبية، في تنفيذ مخططات، تحت عناوين اعلامية بهدف زعزعة امن واستقرار المجتمع الايراني.

زوج زاغري، وهو بريطاني الاصل، كان مسؤولا عن تدريب شبكة "بي بي سي" باللغة الفارسية للصحافة على الإنترنت، والتي كانت تهدف الى جذب وتدريب الشباب على الأنشطة الدعائية ضد إيران، وكيفية استخدام الأسماء المستعارة، واستخدام برامج تشفير المعلومات ، وجميعها تقنيات كانت من بين العناصر التي تم تضمينها في هذه التدريبات.

وبالتزامن مع الافراج عن الجاسوسة زاغري وتسليمها الى بريطانيا، تم الافراج ايضا على الجاسوس انوشه آشوري، نظرا لتقدمه بالسن ووضعه الصحي، بعد قضاء نحو 4 سنوات و7 أشهر من مجموع فترة العقوبته بالسجن 10 أعوام، على ان يسدد المبالغ التي كان قد تلقاها إزاء خدماته التجسسية لصالح الأجهزة الاستخباراتية الأجنبية.

حكاية الجاسوسة زاغري، اكدت للغرب وعلى راسه امريكا، ان نهاية الحرب الناعمة، ضد ايران، لن تكون افضل من نهايات حروبه الصلبة وعقوباته القصوى، ضد ايران والشعب الايراني.