جلسات النواب اللبناني لانتخاب رئيس تعقد كل خميس والبلد ليس بخير

جلسات النواب اللبناني لانتخاب رئيس تعقد كل خميس والبلد ليس بخير
الجمعة ١٤ أكتوبر ٢٠٢٢ - ٠٨:٥٠ بتوقيت غرينتش

حددت جلسات مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس في بداية كل يوم خميس حيث كانت الجلسة الاولى يوم 29 أيلول الماضي، والجلسة الثانية يوم الخميس في 13 تشرين الأول، والجلسة الثالثة حُدّدت يوم الخميس المقبل في 20 الجاري.

العالم - لبنان

ومع كل خميس يُطوى تزداد المعاناة. ومع كل معاناة قديمة تنبت معاناة جديدة. ومع تراكم الأثقال وقلّة المسؤولية تكثر هموم المواطن، الذي لم يصدّق بعد أن إتفاق ترسيم الحدود سيتمّ عاجلًا أم آجلًا. فلكثرة ما كواه الحليب لم يعد يكتفي بالنفخ على اللبن، بل أصبح يضعه في الثلاجة ليتأكد أنه لن يحترق ثانية من كل ما هو أبيض.

ما حصل بالأمس في البرلمان اللبناني يمكن وصفه بأنه كان قمةً في إستخفاف بعض المسؤولين في ما يعانيه المواطن في حياته اليومية، إن كان في الإمكان وصف معيشتهم في مسلسل الذّل هذا بـالحياة. فحياة اللبنانيين مختلفة في الشكل وفي المضمون عن حياة سائر الشعوب.

اللبنانيون لا يعيشون طبيعيًا، لأن ثمة قرارًا في مكان ما بتحويلهم إلى "شحاذين". فهم يشحذون الدواء والماء والكهرباء والبنزين والمازوت والخبز، وحتى الهواء قبل أن يصير أصفرَ. حوّلوا أنظار اللبنانيين عن المهمّ والأهمّ، وألهوهم بأشياء هي من البديهيات في الدول المتقدّمة وحتى النامية. مَن مِن شعوب العالم يزلغط مثلًا أو يطير من الفرحة عندما تأتي الكهرباء؟ وحدهم اللبنانيون يفعلون هذا.

مرّ خميسان على اللبنانيين حتى الآن، والثالث والرابع وحتى الخامس والأربعون سيمرّون من دون أن يكون للبنان رئيس. المعادلة واضحة، وكذلك المخطّطات، إن لم نقل المؤامرات. لا نصاب الثلثين لأي جلسة إنتخابية ما دام المتحكّمون بهذا النصاب مستمرّين في تضييع الفرص على اللبنانيين المكتوب عليهم قلّة الراحة. فإما أن يكون الرئيس العتيد مطواعًا لمشيئة هذا الفريق أو ذاك الطرف وإمّا لا يكون للبنان رئيسٌ.

فـحزب الله، الذي إستطاع أن يفرض مرشحّه في العام 2016 بعد تعطيل للحياة السياسية سنتين ونصف السنة، حتى كان له ما أراد من خلال تسويتي حزب القوات الللبنانية و التيار المستقبل ، اللتين أوصلتا العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا، لا يزال يعتقد أنه قادر هذه المرّة على فرض مرشّحه، الذي لم يتبناه بعد، ولم يعلن عن إسمه. ولهذا أسباب كثيرة، ومن أهمّها عدم قدرته، ولو في الظاهر، على إقناع رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل بالسير في ترشيح رئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية.

ويقول البعض أن حزب الله ليس بالقوة الكافية اليوم لفرض شروطه كما فعل العام 2016. وهذا هو من بين نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، التي جرى خوضها تحت شعار رفض سلاح حزب الله، فنجحت في المناطق غير المتعاطفة مع هذا السلاح وأهدافه.

في العام 2014 رشحّت قوى 14 آذار رئيس حزب القوات سمير جعجع لرئاسة الجمهورية في مواجهة ترشيح 8 آذار العماد عون. أمّا اليوم فإن قوى المعارضة، على تنوّعها وتشتّتها، يرشّح القسم الأكبر منها النائب ميشال معوض كمرشح يرى فيه المحور الممانع مرشحًا تحدّيًا من شأن إنتخابه أن يجرّ البلاد إلى المزيد من المواجهات وإلى المزيد من الفوضى.

وما دام لا أكثرية مطلقة لدى هذا الفريق ولا لدى تلك الجهة السياسية فإن الوضع سيبقى على حاله، وستكرّ سبحة الخميسات إلى أن يُكتب ما ليس في الحسبان. وقد تُعاد تجربة التوافق على العماد عون، ولكن بطريقة معاكسة هذه المرّة. وقد يكون لإتفاق ترسيم الحدود تأثير مباشر لفرض معادلة جديدة على الجميع في الملف الرئاسي، فيكون أكثر من طرف أمّ الصبي.

وإلى أن يحين موعد تحقيق ما هو في إطار التمنيات والآمال يبقى كل خميس محطة لتذكير اللبنانيين بأن لبنان ليس بخير، قبل أن يطلع بخار الغاز على رؤوس الكثيرين.

المصدر : موقع لبنان 24