رئيس المجلس الأعلى للحكمة في إيران..

يزدان بناه يتحدث للعالم عن رسالة الامام الخميني الى غورباتشوف

السبت ٠٣ يونيو ٢٠٢٣ - ٠٥:١٨ بتوقيت غرينتش

أكد رئيس المجلس الأعلى للحكمة في إيران يدالله يزدان بناه، أن الإمام الخميني (قدس سره) بعث برسالة إلی رئيس الاتحاد السوفيتي سابقًا ميخائيل غورباتشوف حملت مفهوما فی غایة الجدیة، حذّر فيها من نهایة وموت الشیوعیة.

العالم - لقاء خاص

وفيما يلي النص الكامل للحوار الذي أجرته قناة العالم مع السيد يزدان بناه في برنامج " لقاء خاص":

العالم : في الحديث عن شخصیة الامام،الاجدر بأن يكون سؤالي الاول عن رسالة الامام الى غورباتشوف، وهي الرسالة التي كُتبت في اواخر العمر الشريف للامام وايضا في اواخر ايام الاتحاد السوفيتي السابق، الصورة ُالتي رسمها الامام و نبه فيها العالم اجمع تقریبا من خلال اشارته بدايةً فى الدعوة الى التوحید وخطابه المباشر الى غورباتشوف باعلان موت منهج الشيوعية وفتحه باب معرفة التوحيد امام آخر زعيم سوفياتي ودعوته له لاكتساب المعرفة التوحیدية، وفيه اشارة الى فلسفة ابن العربي واما سؤالي فهو ان هذا البيان الذي شاهدناه في اواخر العمر الشریف للامام في اشارته تلك هل يحکي لنا فيها عن وجود علاقة بین العرفان والسیاسة ؟ وهل هنالك علاقة بين المعرفة التوحیدية وبين السیاسة ام ماذا؟ وانه ان كانت توجد هكذا علاقة فما هي ابعادها؟

يزدان بناه: انه سؤال وجیه وبدایة مناسبة، ذلك إن سماحة الإمام کتب تلک الرسالة فی أواخر عمره الشریف إلی أرفع زعیم سیاسی في الکتلة الشرقیة وهذه الرسالة حملت مفهوما فی غایة الجدیة، فهو قصد بذلک إعلان نهایة وموت الشیوعیة ودعاه لأن یرتاح باله تماما إلی أنه یرید أن یوضح له أمرا مهما، فقد یری الاتحاد السوفیتی انه لو اُغلقت امامه الشیوعیة فقد یکون بصدد التوجه الی طریق آخر يتمثل في العالم الغربی، فاراد سماحة الامام ان یحذره من التوجه غربا، وقال له انه یوجد سبیل آخرمتاح امامه وهو سبیل التوحید والروحانیة وقد حدد سماحته ذلک السبیل اولاٌ في الحدیث عن ماوراء الطبيعة وانه ينبغي له الايمان یقیناً بالعالم الماورائي ويضع ذلك الامرنصب عينيه،بعد ذلك دعاه الى افضل التوجهات والملاحظات الدقيقه التي وردت في افكار الفيلسوف الاسلامي ابن عربي، ان سماحة الامام عندما اراد ان يفتح امام غورباتشوف سبيلا آخر لايعني بالضرورة انه يفتح امامه سبيلا عقائديا فقط.

فالغرض من تلك الرسالة اساسا هو انه اراد ان يبين له:ان الكتلة الشرقية التي مثلها غورباتشوف، والكتلة الغربية التي تواجهه ليست السبيل الصحيح له، بل ينبغي له ان يختار سبيلا ثالثا في المسرح السیاسي،هذه هي الغاية الاصلية في الموضوع اي المسرح السیاسي الذي دعاه الامام اليه في ذلك الفكر الخالص

وباعتقادي ان ذلك التوجه يحمل معنىً كبيرا، ولو تسمح لي بالتمعن اكثر في هذا الامر فاني اعتقد ان تلك الرسالة كانت سوف تفتح له آفاقا ارفع فانه ليس مجديا وجودُ افكار لاتجدُ لها امتدادا اجتماعيا فحتی الافكار المعنوية التي تبدو في الظاهر انتزاعية للغاية فانها يمكن ان تتحول في الساحة الانسانية دوما الى افعال في ساحةِ العمل السیاسي الاجتماعي وعملا في المشهد الفردي، وهذه هي اساسا خصوصية الفكر وخاصةً الفكرَ العمیق الذي يشمل حياة البشرية بكافة ابعادها،ان بعض الافكار تبرز في زاوية من الميدان السیاسي الاجتماعي او في زاوية من مشهد حياة الفرد، لكنَّ بعض الافكار تملأ المشاهد كافة

والتوحید هو من تلك التي تشمل كل الميادين ، لانه ما ان يؤمن شخص ما بمبدأ التوحید فانه يكون في الواقع قد وضع قدمه في طريق العبودية وما يتبعه من ايمان بالألوهية ، یعني أنه يكون عبدا امام الحق الذي يجب عليه ان يعرفه اولا ويتعامل معه، ولن يحدث ذلك في زوايا البيت اوخلال الصلاة وفي اماكن العبادة وفي المشاهد الفردية الخاصة فقط، كلا! فان ذلك الامر يتجسد ويبرز في مختلف ميادين الحياة

فعندما تتحقق العبودية ( نفس التعبیر الذي ذكره سماحة الامام) فان العبودية لله تملأ الميادين الاجتماعية،إذ لايمكن للفرد ان يكون موحِّدا في المجال الفردي اوفي مشهد العبادة الفردية ويكونَ عبدا لله ، لكنه يقبل بعبادة الطاغوت في المشهد الاجتماعي، فقبول الطاغوت یعني الكفر بالله وهذا الامر يكشف عن تناقض.


العالم : هل لك ان توضح الامر؟ لانَّ موضوعَ العبوديةِ يبدو اَنه امرٌ فردي ، على الاقل خارج نطاق المجتمع الایراني، فكيف تتضح علاقة الفرد مع ربه في كنيسته او في مسجده مع امتداده الاجتماعي؟

يزدان بناه: لاحظ التبیان الذي قدمه سماحة الامام الى غورباتشوف ودعوته الى الحياة الماورائية، دعوته للتوحید والى إشارات ابن العربی الفلسفية، فهنالك، افكار ربانية حقة، وهي عین تجليات الحق فانه لايمكن للمرء في اي مشهد من مشاهد الحياة ان يكون مؤمنا ثم يتنصل عن ايمانه بالله تبارك وتعالى في اي مجال من مجالات الحياة، بل ينبغي بنا نحن المؤمنين.

الالتزام بماهو حق فقط في مشهد التزامنا وعبودیتنا التامة لله تبارك وتعالى في كل مناحي الحياة، وان تكون عبوديتنا هذه مطلقة في مختلف المجالات اذ لايمكن لنا ان نتخلف عنها في بعض الموارد مهما كانت ضئيلة،بل يجب ان تكون حالنا،حال من تكون حاله تتجلى فيها العبودية للحق جل وعلا وانه يمكنه ان يكون خليفة الله وهذه الحالة لاتنحصر في المشهد الفردي.

وباعنقادي انها تتكرس بشكل اعظم في المشاهد الاجتماعية، وانها تتبلور وتبرز حقيقتها في اكثرالمشاهد الاجتماعية ازدحاما، اي اننا اذا اردنا ان نُبرِزَ عبوديتَنا حقاً ونكون صادقين في عبوديتنا لله اذن يجب علينا ان نجسد تلك العبودية في صلب ارادتنا ،وهذا المعنى إن كان من المقرر ان يتم فانه لاينبغي ان يحصل في موضع دون آخر، فهویتنا هي هویة العبودية لله هویةُ تجليات الحق وهي التجليات التامة التي يجب ان تتجسد لدى كل انسان، وتلك الافكار التي يحملها ابنُ العربی وهي افكاره ايضا.

العالم : في الواقع تعریفنا للعبودية یحمل رؤية مختلفة لمنهج الامام

يزدان بناه: برأيي هذا الفكر القرآني،اشار اليه الامام نفسه، والذي يتمثل في العبودية في الميدان الاجتماعي وهو في واقع الامر يبين ثنائية الطاغوت والعبوديةَ لله وقد اُشيراليه في آية الكرسي في القرآن الکریم في قوله تعالى فَمَنْ يَکْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَکَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقي‏ لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ، كما وردت في آیات اخرى ، حسنا بماذا تريد تلك الافكار ان تخبرنا ؟ في المجالات الاجتماعية هل تريد منا ان نعبد الله ام نعبد الطاغوت.

فسماحة الامام نفسُه اوضح هذا الامر بصورة مفصلة، طبعا انا اريد ان اقول لكم : إن ذلك الفكر نفسَه هو فكر العبودية لكنَّ المشهد الاجتماعي يتبدل فیه الى ثنائية العبودية لله ام للطاغوت ، فَعَبْدُ الطاغوت في القرآن یعنی الذي يَتَّبِعُ الطاغوت ويسير على نهجه ويُصدِّقُه ولهذا السبب يذكرهم القران : بانهم عبدةُ الطاغوت اي ان افكارهم تكون هكذا وهذه الثنائية التي تبرز في المشهدالاجتماعي فانه على الانسان إما ان يكون عبدا لله او عبدا للطاغوت ولايوجد نهجٌ ثالث.

والقرآن الکریم كما بين الامام بفكره الفلسفي والعرفاني اننا بعبوديتنا لله لاينبغي لنا إلا اَن نَكفُرَ بالطاغوت حتى نكون في مقام العبودية لله ، فيجب علينا ان نؤمن بالله ونکفر بالطاغوت او نقبل الطاغوت ونكونَ عبيدا له ونکفر بالله ، هذا الفكر الذي هو فكرسماحة الامام مستنبَطٌ في الواقع من القرآن، انه مستنبط من عمق التوحید في القرآن، فالقرآن قدم لنا هذا الفكر، وهذا المعنى الذي يوضحه العرفان والان اذا تم طرح أسئلةٍ جديةٍ اكثَرَ وأدقَّ حول الافكار العرفانية سوف اوضح لكم الامر في هذا المجال.

العالم : تفضل وضح لنا لماذا اشارالامام الى منهج ابن عربي الان خاصة ، وقل لنا ایضا ما وجه العلاقة بين شخصية الشیخ الاکبر وافکاره وبين السیاسة

يزدان بناه: نعم هنا افضل موقع ينبغي لنا ان نتناوله ، فالبیان الاول لجنابكم يمثل اولاً -- إنه أصدق فكر توحیدي يوائم حقیقة القرآن، فالإمام نفسه مجتهد في الدین ومن جهة أخرى مجتهد في العرفان ومجتهد في الفلسفة، وهو في الوقت ذاته يحمل أفكارا واضحة في مجال السياسة ويحمل أفكارا بينة لايمكن لأحد أن يُنكرها، وكان يجد هذه الافكار لدى ابن العربي وانا اريد ان اتحدث قليلا في هذا المجال، ماوردعلى لسان ابن العربی اولا هو من اخلص وارفع رؤى التوحید الذي استدل بها من الآیات والاحاديث ، وقد وردت في بیان اهل البیت وفي بیانه هو كما يصفه سماحة الإمام بأنه نوع من البیانات وشرح الآیات والاحاديث اي انها الحقیقة التي صَدَعَت بالکشف المحمدي التام.

لقد قدم لنا في خطابه هذا عرفانا نظريا في حد ذاته ينبغي للعرفاء مقارنة هذا الکشف بالکشف المحمدي التام ومیزانه في (صلى الله عليه وآله وسلم) وطبیعيٌّ انه يقوم على اساس التوحید الخالص القرآني والتوحید العرفاني الخالص، وبعبارة اخرى ان التوحید العرفاني الخالص مستنبَطٌ من التوحید القرآنی الخالص.

ومن الشهود، شهودُ الحقیقة التي توصلوا لها وادركوها بین التوضیحات التي جاءت في باب التوحید والبیانات التي جاءت في باب التوحید والتي هي كانت الاقربَ الى القرآن وهذا ما ذَكَّرَ به سماحة الامام عادةً، حسنا هذا التوحید هو اخلص توحید ولکن الشيء الموجود في فكر ابن العربي والذي يمنح الامرَ الكثيرَ من المعنى هو نوع رؤية ابن العربي لمسئلة الولایة والانسان الکامل،الانسان الذي يمكنه بلوغ ارفع واکمل واعمق صورالتوحید حتی انه يكون ارفعَ درجةً من الملائكة، وغاياتُ التوحیدالتي يبلغها ذلك الانسان الكامل لها لوازم ونتائج، ولها مكتسبات، من بين تلك المكتسبات فانه اذا كان ذلك التوحید قويا للغاية يتبدل الى الخلافة بالسیف لدى ابن العربي.

وقد اشير الى هذه الفكرة أيضا في كتاب الفصوص وتم توضيحها في كثير من المواقع الاخرى ، فهو يقول في موضوع الخلافة بالسیف: توجد في موضوع الخلافة في باب سيدنا آدم عليه السلام انه يكون في هذا الباب انه يكون صاحب الاسماء الحسنى، وتلك الجهة الباطنية التي يتم توضيحها ببلوغ العمق لكن هنالك خلافة اخرى وردت في باب النبي داوود في القرآن ، يقول الله تبارك وتعالى لداوود: ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها ولا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ،وهذه في الواقع هي الولایة التي تنتهي الى السیف، لقد استخدموا فيما مضى خطاب السیف للاشارة الى الحاکمیة فقالوا الخلافةُ بالسیف

وهذه الخلافة بالسیف تعني في الواقع بیان ابن العربی في تلك الولایة الخاصة التي بلغت القمة لدى بعض الأنبیاء وتبدلت الى حاکمیة الدین، وحاکمیةُ الدین تتجلى ضرورتُها المنطقية في الولایة العمیقة والاَشدِّ تعقيدا في ساحاتها الباطنیة، تلك الساحاتُ التي عندما يبلُغُها شخصٌّ ما تتبدل الى هذا الامر الذي يحتاج لهذا التوضیح ، لكن اسمَح لي ان اكتفي بهذا المقدار.

العالم: لكنه من الممكن فقط طرح هذا السؤال وهو هل كان ابن العربی يرى هذا الامر مختصا بالانبیاء والمعصومین فقط؟

يزدان بناه: في الواقع انه في موضوع النبي داوود اراد ان يطبق هذا المعنى في امیرالمؤمنین عندما تحدث عن هذا الموضوع

انه اورد في موضوع النبي داوود وجعله في كتاب الفصوص ، وفيه اشار الى فصل هارون في حديث النبي الاكرم عندما قال صلى الله عليه وآله انتَ يا علي مني بمنزلةِ هارونَ من موسى اي ان اصله يختص بالفصلِ الهاروني ، واشار هنا في الفصل الداوودي الى انه عمِل بالتقية لانه كان يعاني في الميادين الاجتماعية، واَنه إن كان قد تحدَّثَ بصراحة في بعض المواقع فإنه تطرَّقَ لذلك بشكلٍ خاطفٍ ومُبهَم واَنه قال جسمي في خطرٍ قليل لكنه قال هناك : انَّ قوله ينطبق على رسول الله وامیرِ المومنین.

العالم : ماذا عن المعصوم اذن؟

يزدان بناه: في البداية دَعني اُبينْ فكرة الخلافة بالسیف، ففي الواقع اِن فكرة الخلافة بالسیف مستلهَمَةٌ من قلبِ الولایة، ماذا تريد ان تصنَعَ هذه الفكرة ، انها بصددِ الحديث عن آخرالساعات الباطنية وبلوغِ قلب الانسانِ الکامل صاحبِ الولایة التامة والتي تحتاج الى قوة معنوية هائلة تَخدم مسألة التوحید، وقد بلغت مقامَ حقِ الیقین الرفيع لتستطيل بهذا الشكل على مستوى المجتمع ، وكان سماحة الامام بصدد توضيح هذه الفكرة في کتابه مصباح الهدایة.

أي انه بدأ في کتابه مصباح الهدایة من اعمق ساعاته الاصلیة وعَرَجَ بعدها الى مسألة الولایة والنبوةِ والخلافة فبَرزت تلك التجلياتُ في مكانها حسب تعبيرِ ابن العربي ، وللامام تبیینٌ کاملٌ ومفصلٌ في هذا المجال في کتابه مصباح الهدایة ، فهو اراد بهذه الفكرة اي مسألةِ حاکمیةِ السیاسة ان يستخرجَها من بَطن العرفان والمعنویة، اذن هذه حقيقةٌ ونفسُ المضمون اوردَه العلامة القونَوي في کتبه ، اي اَن جنابَ القونوی لديه نفسُ الافكار، انا اُريد ان اقول اِن هذا الامر كان رائجا لدى العرفاء، العرفاءُ الباحثون في السُنَّة وفي منهجِ ابن العربي الذي بلغ عمقا كبيرا في هذا المجال ، وحسب رأيي فإنه يكون قد فَتَحَ الطريق امام هذه المسألة ، ودعني فقط ان اُضيفَ مقدمةً اخرى اليها ايضا

لقد حمل فلاسفتنا ايضا هذا المعنى في افكارهم السياسية وفق ما جرى في مسألة النبوة السابقة، والسادة العرفاء ايضا اَلحقوا الخلافةَ بتوابع النبوة والامامةِ والخلافة وقاموا بتبديلِها الى الحاکمیة والسیاسة والمَشاهِدِ السیاسية، لقد تناول ابن العربي هذا المعنى، كما تناوله سماحة الامام ، ولو سألتَني ايَّ كتابٍ استنبطه سماحةُ الامام من بطنِ افكاره السياسية الاجتماعية فاني سوف اقول لك اِنه كتابُ مصباح الهداية الذي يحمل نفسَ هذه الافكار العرفانية

والان القسمُ التالي الذي ذكرتم -- إن سماحة الإمام جاء بهذا المعنى في موضوع ولایة الفقیه المطلَقَة للمعصوم وأقام جسرا من هناك وحدد شعبة منه في الخلافة والسیاسة ومزج أفكاره الفقهية بها ، فلوطلبتم الحديث عنها يوما ما ووصلتُم الى هذا الموضوع فاني سوف اتناوله واُبين لكم اي الميادين استفادَ منها سماحة الامام عندما اراد اثبات مبدأ ولایة الفقیه.

العالم: هذا السلوك السیاسي والتلقي السیاسي الذي ينشأ من العرفان الذي تحدثتم عنه هل يوجد مَنْ فَكَّرَ به سابقا؟ اي هل ان حکماءَ آخرين من العرفاء فكروا به، في الواقع كان هنالك متقدمون ساروا على هذا النهج في دخول المسائل الاجتماعية والسیاسية.

يزدان بناه: نعم اننا نجد في حقبٍ تاريخية ان معظم الحرکات الاجتماعية ذاتِ الوزنِ الثقيل وبعضِ التغییرات الكبيرة طَرَأَت على الحاکمية بأيدي هؤلاء العرفاء، والان دعني أوردْ لكم بعضا من تلك الموارد التي حدثت في الحرکات الاجتماعية وكان العطار من اولئك الذين بَرزَت اسماؤهم في الحياة وقُتلوا في الحروب وكذلك حركةُ سربِداران التي اقامت تلك الحكومةَ وهي حکومةٌ عرفانية شیعیة

ولدينا في منطقة طبرستان میربزك أي السيد الكبير الذي كان عارفا وقائما بسیفه وقد شكل حکومته ، كما يمكنني ان اذكر مشاهد اجتماعية في الكثير من المناطق التي تأثرت بالحرکات الاجتماعية في الهند ومناطق اخرى وكانت معظمها تاثرت بهؤلاء العرفاء ، وان العرفاء الموجودين الان في تلك المناطق يمثلون محور وموضع اهتمام الناس ، وما يميز حضورهم في الميادين الاجتماعية هو قيامهم باعمال اجتماعية كالتي تشبه سلوك الفتوة الرائجة لديهم باشكال اجتماعية والبعضُ منها باشكال حکومية مثل حکومة سربداران التي اشرتُ اليها سابقا ، وحتی الصفویة كانت بدايةُ إنطلاقتها عرفانية ، وقامت بعدها بتشكيل حكومة ، وكانت تُقيم هكذا اجواءً عرفانية في الواقع طبعا مع وجود بعض النقص في اعمالها.

العالم: المدهش اننا عندما نتحدث عن العرفان والعرفاء تنتقل التصورات الذهنیة الى العزلة والزهد والابتعاد عن الجماعة والاجتماع، وهنا لابد من الاشارة الى انه قد يبدو هذا الامر مذموما في الاسلام او انه وقع عليه الذم في القرآن الکریم.

يزدان بناه: نعم في الواقع هذا الامر له جذوره التي اشار اليه العارفون والفلاسفة كلهم ، فالعارفون انفسُهم يؤكدونه، لاشك ان رسول الله هو في قمة العرفان وقد اقام الحکومة ، ومن بعده امیرُالمؤمنین . انظروا الى جنید البغدادي باعتباره شیخَ الطائفة في القرن الثالث يقول : ان قدوتنا في تحمل المصائب وما شابه هو امیر المؤمنین عليٌّ المرتضی ، انه يقول هكذا.

العالم: كل اصحاب الطرق الصوفية تقریبا يصلون انفسَهُم بأمیر المؤمنین

يزدان بناه: نعم، يصلون انفسَهم بامیر المؤمنین ، فقد كان امیرالمؤمنین حاضرا في المشهد الاجتماعي ، والقرآن أمر بهذا ، والقرآن اوجد هذه الفكرة ، والانبیاء اقاموا الحکومات، وجاء في القرآن اَن النبي داوود، والنبي سلیمان، و الانبیاءَ كافة ايضا يروْن في هذا التلقي الخاص باقامة الحكم تلقيا عرفانيا اصيلا اي ان واجبهم لايتلخص في تبیینِ الشریعة فقط بل اِنهم يروْنَ ان الشريعةَ تنطلق في واقع الامر من ولایتهم الاصيلة، هذا هوتوضیحي لكم.

اي انَّ رؤيتهم والرؤية الحقَّة التي تضمنتها الآیاتُ والاحاديث النبوية تحظى بالعمقِ الوَلائي والباطني ، وبتعبیر آخر وَرَدَ في روایةٍ عن الامام الصادق اَنَّ النبي ابراهیم كان في البداية عبدا لله فصارَ نبيا ورسولا واماما ، وقد بين الامامُ الصادق هذه المسيرة ، اي عبوديتَه اولاً وأن تلك العبودیة الخالصة يجب ان تتجلى في المعنویة.

وهذه الرؤيةُ الاسلامية للتقاليد الاسلامية لاتُقِرُّ للبعضِ ان يَحمِلوا تصوراتٍ اخرى ، فلايصح لأحد ان يزعُمَ : انه لا يُمكنه ان يتراجع . فقد قيل لاحد العرفاء انت ذهبت ولم ترجع،قال نعم اني ما رجعتُ، قالوا لكنَّ رسول الله رجع، قال حسنا ان هذا نقصٌ فيَّ أنا لا يمكنني ان ارجِع .

لم يَقُلْ هذا الامرمن الکمال! انه يَعتبره نقصا،اي انه ليس مهما لديه ان الشخص الذي امضى سفره الثاني يُبدِّلُه الى سفرٍثالثٍ ورابع ، وفي الواقع رؤية السفر الثالث والرابع هي رؤى وافكارُ ابن العربي وتلامذتِه ، وبرأيي هذه هي احدى الافكار والرؤى التي يمكنها ان تفتح افاقا في موضوعِنا الخاص بالحکومة.

وموضوعُ السفر الاول ويعني السفر من الخلق الى الحق، وفي السفر الثاني يكون السفر من الحق الى الاسماء الحسنى وتلك من جهة المعنی والتوحید الخالص وحق الیقین في السفر الى القمة ، وبعد بلوغ القمة يجب التبديل الى السفر الثالث،اي العودة من الحق الى الخلق البیان بشکل حقاني.

وعندما يحصل ذلك في الخلق وتمامِ الخلق فانه يكون لجهةِ الحق ويراه مجددا من حصة الانبیاء الاصلية والحصةِ الاصلية لحُجج الاله والخلفاء والائمة وهم یعلمون ان السفر الرابع امامهم ، فماهو السفر الرابع ؟ انه الأخذُ بأيدي الخلق وايصالُهم الى الحق وهم يقولون اِنهم يعملون بالحق .

هذه الرؤيةُ باعتقادي مَن اَراد ان يتمعَّنَ فيها جيدا سيتبين له ان فيها رؤيةً اجتماعيةً سیاسية اصيلة، وهذا هو اساس عملهم . وبهذه الافكار يأخذ الانبیاءُ بايدي الناس في سفرهم الثاني، ويَمضون الى السفرالثالث، وفي السفر الرابع يأخذون بأيدي الناس أيضا.. و مجددا توضیحٌ اخَرُ لجناب الکاشانی جاءَ في کتابه التاْویلات طبَعَهُ بإسم ابن العربي لكنَّ تاْویلاتِ الکاشانی يقول فيها : هل تعلم ماذا يجري في السفرالرابع؟ کلُّ المجتمع يُصبح كنفسِ النبي

ويقول فيه اِنه كما ينبغي بالسالک الى الله ان يجاهد نفسه فان المجتمع کله يصبح كنفسِ النبي ، وعلى النبي هنا ان يجاهد نفسَه ويأخذَها شيئا فشيئا الى الحق

وهو بذلك يقوم بتوضيحِ هویة هذا العمل وما يقوم به، لقد قدَّم سماحة الامام توضيحا جيدا لهذا الفكر، اِنه بين اساسا معنى الحکومة وفلسفة الحکومة الاسلامية والدینية: انها تكون سیرا الی الله ، لقد اوضح هذه الفكرة ، فهل تريد مني ان اوضح لك هذا الامر؟

العالم: أتقصد أنه عن طریق الاجتماع والمجتمع وايضا السفر الرابع الذي تتحدث عنه يمكن للعارف أن يوجد الكمال في نفسه ويوصلها الى هذا الكمال؟

يزدان بناه: الصفة التکمیلیة في نفسه اي انه يتولى تكميل الآخرين، اي انه نفسه بلغ مرحلة الکمال،فيأخذ بأيدي الآخرين لينقلهم ، وهذا عمل شاق بحد ذاته والذي يعبرسماحة الامام عنه بقوله (فاستقم کمؤمن ومن تاب معك) فقد قال رسول الله هذه قصَمَت ظهري ، ويشير سماحةُ الامام الى انَّ ذلك هو لاجلِ ومَن تاب معک اي اَن هؤلاء الذين يريدون ان يكونوا مع الرسول فرسولُ اللهِ نفسُه يمكنه ان يذهب ويأخذ الاخرين بمعيته.

العالم: ان روایة منزل العارفین هي في الواقع نفسُها؟


يزدان بناه: انه السیرُ الی الله

العالم: هل هذا يكون بعد السفر الرابع؟

يزدان بناه: في السفر الرابع یريد أن يأخذ بأيدي الجميع والوصول لهم الى الله وهذا یعني بتعبیرآخر الرؤية العرفانية لايجاد الحرکة الاجتماعية والاتجاه بها الى الله ، هذا ما تنطوي عليه هذه الرؤية

العالم: واذا اردنا الان ان نعقد هذه الرؤى بالثورة الاسلامية في ایران وتلك الحرکة التي انطلق بها سماحة الامام يحاول البعض ان يثير ثنائية في هذا الموضوع كأن يسأل هل فقه الامام يتفوق على عرفان الامام ؟ وعلى العکس من ذلك هل الثورة الاسلامية نتاج عرفان سماحته أم ماذا؟وهل هذه الثنائية صحيحة برأيكم أم ماذا؟ ولوكانت صحيحة جدلا فايهما تتفوق على الاخرى؟

يزدان بناه: وقد جاء في حديث للامام الصادق ان النبي ابراهیم (ع ) كان عبدا ثم صارنبيا ثم صار رسولا ومن ثم اصبح اماما . وقد وضح الامام الصادق هذا المسار أي انه تقبل العبودية الخالصة اولا وعادة ما يجب البحث عن العبودية الخالصة في الجانب المعنوي ، وهذا النوع من الرؤية لايمت بالسنة الاسلامية واذا كان هنالك من فسرالامر بهذه الطريقة ، فكل من يرى بشكل عملي عليه ان يقول أنا الذي لم اتمكن من العودة ، قالوا لأحد العرفاء ما إن عرجت فلم تعود بينما عاد رسول الله ، فقال عجزي عن العودة انما يعود لنقص فيَ أنا . ولم يقل إنما هذا هو الكمال ، بل وجده نقصا أي المهم عندهم ، ان الذي خبر المرحلة الثانية يجب ان تنتقل الى رحلة ثالثة ورابعة.

وبالمناسبة فان فكرة المرحلة الثالثة والرابعة هذه هي ايضا من عطاء ابن عربي وطلابه ابن عربی وبرأيي أن احدى الافكار التي يمكن ان تساعدنا في هذا النقاش ، هو انهم یمخرون الحق في المرحلة الثانية ، اي في المرحلة الاولى يتوجهون من الحق نحو الحق وفي المرحلة الثانية يختبرون مجال الاسماء الحسنى والجانب المعني والتوحيدي وتصل حقيقة الیقین عندهم الى القمة ، وحین ارتقى الى القمة يجب ان ينقلهم ذلك الى المرحة الثالثة ، أي أن عليهم أن يأتوا من الحق الى الخلق وبتمام الحق.

وهذا ايضا حين يصل الى الخلق ، يعني انهم يرون في جميع الخلق حرکئ نحو الحق وفي هذه المرحلة هو أن الذي يرونه كالحصة الاصلية للانبیاء والحجج اللاهية والخلفاء والائمة هو مقدمة المرحلة الرابعة ، وما هي المرحلة الرابعة ؟ وهو أن يأخذوا بيد خلق الله لايصالهم الى الحق المطلق ، وهنا ايضا يقولون انهم يعملون بالحق.

وبحسب رأيي أن الذي يمعن النظر في هذا الامر، يرى أنه يحتوي على رؤية اجتماعية وسياسية خالصة وهم يرون في هذا اساسا لهم ، وبهذا الفكر حين ياخذ الانبياء بيد الناس ، قد عبروا من المرحلة الثانية وفي المرحلة الثالثة قاموا بالأخذ بيد الناس ، وهنالك توضيح للسيد الكاشاني فی کتابه ( التأويلات ) والذي طبع بإسم ابن عربي ، لكنه تأويلات الكاشاني ، ويقول فيها هل تعلمون ما الذي يحصل في المرحلة الرابعة؟

يصبح كل المجتمع نفس النبي ، وكما على السالك أن يحارب نفسه الامارة ، فكل المجتمع يصبح نفس النبي والذي يجب ان يحاربه ، كي يأخذ بيده نحو الحق ، أي انه يضح هوية هذا الامر وما الذي يقوم به وقد وضح الامام هذا الفكربشكل جيد اذ قال ان الحكومة وفلسفة الحكم الاسلامي والديني والجمهورية الاسلامية يجب تكون في اتجاه السير الى الله ولو اردت فسوف اتطرق الى ذلك ايضا .

العالم: أي انك تعني ان العارف ومن خلال المجتمع يرقى بنفسه نحو الكمال

يزدان بناه: كلمة نفسه هي صفة تكميلية ، أي انه يشجع الاخرين ، أي أنه اكتمل من الداخل وبدء يأخذ بيد الاخرين ليأخذهم وهذا هو أمر صعب و في هذا الصدد كان الامام يطرح هذا التعبير وهو " فاستقم كما أُمرت ومن تاب معك " ، حيث قال رسول الله أن ذلك هو من قصم ظهري ، كان الامام يقول ان ذلك بسبب "ومن تاب معك " أي بسبب أؤلئك الذين يصطحبونه فرسول الله يتمكن من الارتقاء ، لكن الصعب أن يرافقك الاخرين معه في ذلك السبيل.

العالم : هل تعني أن هذا هو رواية منزلة العارفين؟

يزدان بناه: : اجل السيرالى الله

العالم: ويأتي هذا بعد المرحلة الرابعة

يزدان بناه: في الحقيقة إنه في المرحلة الرابعة يسعى للأخذ بيد الجميع والذهاب بهم نحو الله .. وبتعبير آخر ، الرؤية العرفانية الى الحركة الاجتماعية واصطحابها نحو الله.

العالم: والان لو اردنا أن نعقد هذا النسيج بالثورة الاسلامية في ايران ، تلك الحركة التي اراد أن يطبقها الامام ، ربما يوجد حالة مزدوجة في الفقه وهو هل أن فقه الامام أعلى من عرفانه ، أم العكس ، أو هل أن الثورة الاسلامية هي حصيلة عرفانه أم لا ، وعلى اساس هذه الأزدواجية ، هل هو صحيح أم لا ، وإذا كان كذلك فمن منهما هو الارجح برايكم؟

يزدان بناه: في الحقيقة إن فقه الامام وعرفانه كانا مؤثرين ، لكن للامام رؤية خاصة .. وقد تطرقتُ في كتاب " شروق الولاية " وهو شرح لكتاب مصباح الهداية للامام ، طرحتُ فيه نوعية رؤية الامام ، فألأمام يتفضل بالقول إن الفقه والسياسة هما فرعان من الاخلاق وكلاهما يتفرعان من العرفان والادب ، ولماذا جائت الحكومة الدينية ؟ انما جائت لتأخذ الجميع نحو المعرفة .. أي معرفة الله . ومن ثم ما العلوم التي يطرحها هناك في المعرفة ؟ هو العرفان النظري ومنازل السائرين ، أي أنه يطلب أن تطبق هذه الامور..وأساس الفكر لدى الامام ، إنما هو حقيقة منسجمة ومتساوية .. وأنا لا ارى في ذلك المزدوج ، ازدواجية حقيقية .. فرؤية الامام للفقه هي رؤية خاصة اصلا .. وقد أشرت في مقدمة ذلك الكتاب وأعني اقوال الامام .. حيث يوضح الامام ذلك وهو ماهو تصورنا عن الفقه ؟ وقد وضح الامام .. ان كل الفقه يتمحور حول مسؤليتنا في هداية الناس من المهد الى اللحد ، حسنا وما مسؤلية من المهد الى اللحد ؟ ويشير هنا حتى الى سياسته ايضا .. وهو يجب أن يطوي السير الى الله .. وما هو منبعه ؟ يجب أن ينبع من المعرفة .. اي من التوحيد الخالص .. ووضح ذلك ، اي يمكن القول إن فكر الامام هو كآلة منسجمة ، كأداتين يجب أن نجعلهما جنبا الى جنب.

العالم : أي الإنتاج على مدى العمل

يزدان بناه: نعم على مدى العمل .. آي أن آساسه هو تلك المعرفة والروحانية والتوحيد، وفرعه هو الفقه .. وعبَّر الامام عن هذا الفقه بأننا أُمرنا بهذا الواجب ولم نُأمر بالنتيجة ، وهذا هو فكر عرفاني يُظهر نفسه من خلال الفقه.

العالم: ولو تفضلت بتوضيح مسألة ولاية الفقيه

ميهمان : نعم .. ما ذا قام به الامام من خلال هذه الرؤية ؟ إنه يسأل ويقول : حسنا الان وقد بدء من هناك فما هي وجهتنا ؟ فنحن شكلنا الحكومة وذلك على اساس الفقه .. فما هو هدفنا ؟ هو السير الى الله .. وبتعبير آخر أن كل مجالات حكمنا السياسي الذي يدار من خلال الفقه يجب ان يكون من نوع السير الى الله .. وهذا يعني انه يجب ان يكون مصحوبا بالروحانية دوما .. لذلك لاحظ الامام .. في الحرب ، في تعامله مع المسؤلين ، في مشاهد فرح وحزن الناس والمجتمع.

.. كلها تنساق من الروحانية ، في مجال الحديث عن العمال والتحدث ال العمال، ويوم العمال وماشابه ذلك .. لو لاحظتَ كل ذلك لرأيت أنه يسلك طريقا خاصا .. التعامل مع الطلبة الجامعيين وكل هذه الامور وقد تطرقتُ الى كل هذه الامور في مقدمة كتاب " شروق المعرفة " ويمكنك ان تطلع عليه .. وهو ما الذي يريده من خلال هذا التوضيح ؟ أن الجميع كان يرى بجدية الى مسئلة السير الى الله ، وأنت تعلم ان هذا يغير من نوع التصرف الحكومي وقلقه ... وحسب تعبيره .. إن لم يكن هذا فلماذا كنا منشغلين فيه ؟ فهو لم يُرِدِ الحكومة لأجل ما هي عليه .. فالبداية من هناك والنهاية هناك .. و هو طبق هاتين الرؤيتين في مجال العلوم ايضا.

ويرى ان الفقه إنما ينبع من ذلك الفكر بالضبط .. وليس كلا على حدة .. هذه مسئلة والمسئلة الاخرى هي مسئلة ولاية الفقيه التي تفضل بها .. هنالك ركيزتان جادتان جدا في مناقشات الامام .. وتمت مناقشتها في كتابه ايضا .. وايضا في رسالته حيث اشار الى موضوع ولاية الفقيه في اواخرحياته المادية .. وكان حوالي عام 1988 حيث وضح هذا الامر حينها ايضا .. هذا الفكر الذي هو فرع من الولاية المطلقة لرسول الله (ص ) .. هو ذلك النوع من الرؤية الى ولاية رسول لله (ص.. هذه الرؤية هي روؤية عرفانية.

وما تحدث عنه البعض في كتبهم .. انما هو رؤية عقلانية يؤكد أن هنالك استخداما للفلسفة ايضا .. ولا يجب ان نتصور انها منعزلة عنه حيث يتبدل الى ولاية الفقيه .. لكن يبدو لي أن علينا أن نؤكد على هذا الامرايضا ... وهو انك شكلت حكومة بعنون ولاية الفقيه .. لماذا ؟ وما الذي تريد أن تنجزه ؟ وما الهدف ؟ وهنا يقول هو هدف الانبياء أي السير الى الله ... وحسب تعبيره فان الحكومة ليست مقصودة بالذات .. .. أي ان هدفنا ليس الحكم .. بل هوتمهيد للحركة الجماعية للأمة في السير الى الله.

يبدو لي أنه سيتبدل الى حضارة اسلامية خالصة وخاصة بما تملكه من عمق توحيدي ... اعتقد أن هذا الفكر الذي يتميز به الامام .. يمتلك هوية يمكن تناوله في أجواء الحضارة الاسلامية المعاصرة .. ويجب ان يكون نواة الحضارة الاسلامية المعاصرة ... ولا يجب أن يحتل مكانة الفقه ايضا لانه مرتبط بنقاشات الروحانية والمعرفية والولائية الخالصة .. لا ... فهو يمتلك مكانته الخاصة ... وجاء هذا في تصنيفات الامام في مجال العلوم ... وفي الاساس إن السبيل الى العبودية الخالصة هو أن ارى ما الذي قاله الله جل جلاله .. وما الذي قاله أهل البيت (ع) .. ومن لم يفعل هذا فهو قد ظل الطريق .. لذلك حتى في الفكر العرفاني.

فالشريعة والطريقة والحقيقة قد قام هنالك بتوضيحها ايضا ... أي يجب أن تكون هذه الاحكام موجودة كي يُفتح المجال امام الحقيقة والطريقة .. وهذه الرؤية لاتسمح له بالتغاضي عن الفقه .. فللفقه مكانته .. وهنالك مرتكز اعلى ايضا تمكن من استبدال نوع الرؤية في هذا الامر ... وحتى أنه تمكن من تغييرجهته وواجباته ايضا . وكل هذا يدل من منطلق الهوية أن للفقه معناه الخاص .. وهويشغل كل مجال مقولة " من المهد ال اللحد " ويوضح كافة مراحل حياة الانسان .. وبأعتقادي أن هذا القلق يضفي لونا آخر لنوعية رؤية الولي الفقيه والحكومة الدينية ايضا ... يظن البعض أن كل الامور هي فقهية بحته ..وهي ليست كذلك.

لكن الفقه له منزلته الخاصة دائما ويبدو لي أنه لايجب التضييق على مجال الفقه ويجب أن يحتل مكانته الخاصة .. وقد وضح الامام هذا .. وقد ذكرتُ هذا في مقدمة كتاب "شروق المعرفة " والذي هو شرح لكتاب " مصباح الهداية للامام رحمة الله عليه ذكرت نوع رؤيته للدين ونوعية رؤيته لترتيب العلوم وكذلك نوعية رؤيته للسياسة والفقه ومرتبته ومكانته بالنسبة للعلوم الاخرى وماهو تاثيرها.

العالم: ويمكن من خلال هذا معرفة بعض الامور المعاصرة مثل مسألة الحجاب وغيرها وايضاحها كذلك؟

يزدان بناه: نعم

العالم : وما هو اساس اصرار الحكومة الاسلامية على مراعات الشؤون المختلفة ، ولماذا هو كذلك اساسا؟

ميهمان : نعم ولماذا ؟ إذ أننا لو نفعل هذا .. فقد اغلقنا بذلك مجال السير الى الله .. ونفذنا اكبر نوع من الجفاء لما سيؤول اليه الناس في النهاية .. وكذلك لروحانية هؤلاء الناس حيث يظن البعض ان مراعات الحجاب حسب ما تتطلبه الشريعة إنما يفسح المجال أمام المرءة ليكون لها حضور اجتماعي ... لكنْ حضور انساني وليس حضورَ هوية .. تيقن أن الكثير من المشاكل الاجتماعية التي تحصل تُضعف العائلة وتضعف المجتمع ..ونوعية الامورالتي تتمخض عنها .. وتُحدث أ ضرارا اجتماعية كثيرة للنسوة.. وما سينتج من حالات الطلاق وامورأخرى مثل المشاكل التي تسببها للأطفال والمشاكل الاجتماعية المتنوعة وحتى حالات الكآبة الحاصلة وحالات الانتحار الناجمة عنها.

ففي الغرب الان قد جربوا هذاو وصلوا الى هذه النتائج ايضا وهذا ما يقدمونه هم في تقاريرهم الموثقة وكتبهم العلمية حتى انهم وضَّحوا هذا ايضا وقد حذر الكثير من شخصياتهم من هذا الامر خلال المئة عام الماضية .. ومفاده هو أننا نقوم باجتثاث العائلة من جذورها .. وانت تلاحظ الان أن من احد الامور البارزة واوراقنا الرابحة هي مسئلة البيت والعائلة في تقاليدنا الايرانية الاسلامية .. لكنك ترى الان بأن البيت والعائلة قد اصبح له تعريف آخر بالنسبة لهم .. وهنالك مشاكل قد ظهرت عقب هذا .. وبتعبير آخر ما إن تتشكل العائلة فان أمل استقرارها وبقائها ضعيف وهزيل .. إلا أؤلئك الذين يعيشون في محيطهم التقليدي .. وللاسف أن الاجواء الحديثة التي باتت تحكمهم وما تضخه من افكار.. حذفتهم الى حافة الهاوية بشكل عملي .. وأوجدت لهم الكثير من المشاكل.

ويبدو أن الظروف مواتية جدا لتحليل وبحث هذه الامور .. ويمكن حتى الاستفادة من الباحثين الغربيين في هذا المجال وتوضيحه .. وباعتقادي فأن هذا سيكون جفاءا من جانبنا .. لأن ما يطرحه الحكم الديني والدين في هذا المجال يَعمُر دنيا الناس بمعناها الانساني وليس الدنيوي .. بمعنى ان يستطيع الانسان إظهار كماله وجانبه الانساني .. وكذلك آخرتهم وروحانيتهم ايضا .. لكن ما المقصود في نهاية المطاف ؟ لذلك فان كبارنا يؤكدون على أننا نريد استتباب العدالة في العالم .. لكن لهذه العدالة مسير ايضا يفضي الى السير الى الله ... وهذا هو الهدف الاساسي من ذلك .. والدعوة الاساسية له .. وقد أكد الاما م أن القصد الاساس ليس الحكم بل هو ذلك .. نعم وتيقن ان أفضل طريق اساسي للسير الى الله بالنسبة لعامة الناس ..هو هذا النوع من الحكم.

العالم: ويرى الامام في تلك المعضلات الاجتماعية .. عائقا امام السير الى الله؟

يزدان بناه: نعم إنها تعيق السير الى الله

العالم: وربما لاتكون هي بالأساس

يزدان بناه: لا، هذاهو واقع الامر .. بالمناسبة كان لي في هذا العام بحث في مجال فلسفة الحجاب .. وهو لو أراد الناس أن لا ينصاعوا لهذا الزي الاسلامي فذلك

سيُغلق الباب امام الجانب الروحاني وفكرة التوحيد وجافينا الجانب الانساني ايضا .. لان اهم ما هو الاساسي والنواة الاصلية للكمال الانساني هو الجانب الروحي لذلك الانسان.

العالم: على أية حال لأن الاعلام، هو اعلام دولي، هذا النوع من تعريف شخصية الامام والذي هو اعمق نوعا ما من الحدث السياسي الذي حصل، حيث أن ذلك الحدث السياسي كان يتبع نوعية مدرسة وفكرالامام ما مدى تأثير ذلك في بقية الاديان والمجتمعات الاخرى؟

يزدان بناه: في حقيقة الامر أن ذلك قد بدء الان أي أننا وبشكل فعلي وبعد انتصار الثورة الاسلامية فان التوجه الى الدين وبشكل مطلق ولو عند المسيحية أو اليهودية قد ازداد بشكل مطرد وبغض النظر من الاجواءالسياسية التي أحدثها البعض.

فحقيقة الامر ان هنالك نهضة دينية ظهرت الى العلن ونحن نرى فعلا .. ان الكثير من الاعزاء الذين ولجوا الى أجواء شبيهة باجوائنا أكدت تقاريرهم انهم حصلوا على دافع مستجد حتى يمكنني القول الان ..أن في مجال العلوم التجريبية حتى، بدأت الافكار الدينية تطرح نفسها مجددا .. وليس في الجمهورية الاسلامية فقط بل في مناطق اخرى وبشكل جاد.

والسبب هو أن البشر بعد خوضه تجربة عزل السياسة عن الدين وقام الغرب بطرح هذا المقترح ومن ثم جاء الغرب وطبق حضارته الغربية في العديد من البلدان الاخرى وجعلهم يخوضون تلك التجربة ايضا واحدث ذلك نوعا من الهوة في هذا الاتجاه .. والمشاكل التي حصلت ، ولم يتمكنوا من ايجاد سبيل للخروج من هذه الحالة .. ولم تنقذهم الرفاهية التي قدموها بهذا الخصوص ايضا.

يبدو لي ان العديد إنكفأ وا نحو العودة واستعادوا الحاجة لذلك ... وحتى حين حصلت جائحة كورونا .. شاهدنا أن فكرة الموت قد جذبت البعض الى مجال من التفكير ... واصبحوا مجبرين للتوجه نحو هذا الجانب .. واستنباطي الشخصي الان .. أنه وبعد انتصارالثورة الاسلامية فأن التوجه نحو الدين والتدين قد تكاثر في مناطق اخرى ايضا ... ومن المدهش ايضا والذي اريد طرحه هنا .. ان بعض الافكار التوحيدية للامام وبعض العرفاء لدينا والذي قدمه البعض من زملائنا الى الاديان الاخرى .. قالوا اجل هذا ما سيحل مشاكلنا ونحن كنا نبحث عن شيئ من هذا النوع .. أن يتمكن من توضيح حقيقة المشهد وما هي نسبتنا الى الله (جل ) ولم نتمكن من حل هذه المعضلة .. وقام العديد من هؤلاء الان باتخاذ خطوات في هذا المجال ..ويبدو لي اننا اصبحنا نشاهد نماذج منها في الغرب الان .. نماذج من الرغبة لهذا في الغرب .. وكذلك الرغبة في بعض الواجبات الشرعية ايضا .. والغرب بحاجة ال فترة للوصول الى هذا طبعا .. وقد اظهربعضا من الرغبة في هذا المجال لتكون حلا.

العالم : وهل ترى أن هذا يمكن أن يقترن بالعرفان الخاص بالمسيحية والاديان الاخرى؟

يزدان بناه: المهمأن علينا أن نقوم بفعل ما ... لدينا بعض الانواع من الرؤية العرفانية اتخذت بعض القرارات .. وبعض هذه القرارات تشكل تمنع التدخل في السياسة .. وبعض المدارس العرفانية ارسوا اسسا .. وهذه الاسس تمنعهم .. لكن يبدو لي لو أنهم دققوا في روح حركة الدين وحركة الانبياء وأعتقد ان هذا يمكن ان يفتح المجال امام عارفيهم .. وطبعا نحن لدينا اشخاص من العارفين قد توصلوا الى هذا المستوى الفكري أنهم حين يلجون في المجال العميق للعرفان هنالك حاجة لنهضة اجتماعية ايضا ... لكن البعض من هؤلاء وللاسف لديهم معتقدات خاصة .. البعض من المدارس العرفانية الشرقية واعني هنا البعض منهم .. هي بشكل لاتسمح لهم التدخل في المجال الاجتماعي ... وباعتقادي أن ذلك عرفان سلبي .. ولو اننا نظرنا الى نفس عمل الانبياء والاديان ... فسنلمس أن هنالك عرفانا أيجابيا مشعا فيها ... فليس هنالك نبي جاء ليقول أنني معتكف ، بل جائوا ليوجدوا حركة اجتماعية في المجتمع.

العالم: ومثالا على هذا فان صلب السيد المسيح كان بسبب فعالياته الاجتماعية؟

يزدان بناه:نعم .. فان للنبي موسى فعاليات اجتماعية كثيرة وكذلك النبي عيسى ومضوا في طريقهم ذاك وضع البعض لهم صفة الصلب وطبعا هنالك رؤية اخرى في القران لهذا الامر ... وكل هذا يؤكد انهم قاموا بخطوات كبيرة في الحركة الاجتماعية ... وحتى جاء ذلك في القران الكريم فيما يخص النبي عيسى .. انما هي النهضة التي اوجدها عيسى المسيح أؤلئك ووعد الله بنصره في نهاية المطاف ...

العالم : وهذا ما دأب عليه كل الانبياء؟

يزدان بناه: أجل هذا حال كل الانبياء

العالم : شكرا جزيلا ولا أدري كم تبقى لنا من الوقت ؟ حول مسألة شخصية الامام اشرتم الى كتاب مصباح الهداية، ولو اردنا التطرق الى الكتب الاخرى للامام ايضا بشكل تعريفي ويمكن مشاهدينا انت يستفيدوا قدر المستطاع من ذلك رغم ان كتب الامام ليست كتبا بسيطة؟ ارجو ان توضح بألأجمال حول ما كتبه الامام.

يزدان بناه: لدى الامام (قدس سره ) كتب عرفانية كثيرة وكذلك اخلاقية ايضا ... لكن اسمح لي أناشير الى بعض النماذج منها ... لديه كتابان في باب العبادات والصلاة .. " في آداب الصلاة " والاخر " سر الصلاة " وكلاهما مفيدان ..لكن سر الصلاة مقعقد وعميق بعض الشيئ .. وسعى في " آداب الصلاة " ان يشرح الامر بشكل مسهب لكن جزءا منه هو كذلك عميق وصعب ... ويبد لي ان هذا الكتابان يمكنهما فسح المجال كثيرا .. وذلك لأؤلئك الذين يسعون الى يختبروا الروحانية من باطن الشريعة ... وانما الصلاة هي ممهدة لهذا الخصوص.

إذ من المقرر للصلاة إحياء الروحانية التوحيدية الخالصة في العرفان وتحيها ... بل كل مجال الحياة .. وهذان الكتابان مهمان جدا في مجال العبادات .. الى جان ذلك لديهكتاب " الاربعون حديث " إذ كان من تقاليد العلماء وطبقا لوصايا أهل البيت ( عليهم السلام ) .. ان على كل واحد أن يحفظ اربعين حديثا ... قام بشرح اربعين حديثا .. البعض منها أخلاقي من المستوى الرفيع .. والعديد منها اخلاقي عرفاني ... ويطغى على بعضها جو عرفاني كثيف ... وهي مكتوبة باللغة الفارسية ويمكن متابعتها.

العالم: عذرا هنا ربما يحصل خلط هنا لدى المشاهدين ، ارجو ان توضح الفرق بين ما بين العرفان والاخلاق؟

يزدان بناه: لاحظ أن مجال الاخلاق ترتبط على الاكثر بالملكات الحسنة والسيئة كالفضائل والرذائل.

العالم: في نفس الانسان

يزدان بناه: اجل في النفي الانسانية، ومن الطبيعي أن لدينا اتجاهان .. يعتبرها البعض اخلاقية بحته .. أي لايجدون حاجة بالذهاب به نحو العرفان ... لكن الامام راى كلاهما في العرفان .. أي انه توجه عرفاني بتعليل اخلاقي ... اما حول العرفان المشبع فلدينا اشارة ال ما يطرح في مجال العرفان النظري او العملي و بما تتميز به من اجواء خاصة من السلوك والمراتب التي يطرحها هذا فيما يتعلق بهذه الكتب .. لكن عنده كتاب آخر وهي تعليقات عن الفصوص ومصباح وأهم كتابات الامام عمقا ، هما هذان الكتابان وهما بحر محيط للمهتمين حقا.

حيث يطرح الامام بعض النقاط، ونوعَ التجديد الذي يطرحه في مجال العرفان النظري .. ونوعية رؤيته المتجانسة في مجال العرفان النظري ... وتم طرحها في ذلكما الكتابين .. وفي كتاب مصباح الهداية ايضا .. ولديه ايضا كتاب تحت عنوان " شرح دعاء السحر" وذلك ايضا تمت كتابته باهتمام وسلاسة .. لان دعاء السحر هو ضمن الادعية الروحية الخالصة و هو دعاء يتطرق الى اسماء الله الحسنى بشكل كامل.

وقد قام بشرحها .. ويبدو لي انه كتاب جيد ايضا .. ولديه كتاب جنود العقل هو توضيح لحديث للامام الصادق (ع ) .. لكن وفي نفس الوقت يطرح بحوثا اخلاقية مفصلة ... ونوعية الرؤية الاخلاقية للامام. وبودي أن أوضح لكم في مجال الفعالية الاخلاقية للامام بعض الشيئ ... تتميز الرؤية الاخلاقية للإمام بميزتين وهي خاصة به تقريبا .. احدهما جو التوجه العرفاني عنده .. حيث يتطرق الى الاجواء العرفانية بشكل كبير ... والاخر هو العنفوان الموجود في مجال الاخلاق لان بعض الكتب الاخلاقية تكون جافة الى درجة لايمكن قرائتها الا من هو ضالع في هذا المجال .. وعليه ان يشعر بتأثيرها شخصيا .. لكنك تلمس فيما حرره الامام الشعور الاخلاقي ويعبر عن ذلك بهذا الشكل، والاخلاق هو كذلك .. والامام فريد من نوعه في هذا المجال.

العالم: ويبدو أن خطابه في هذا الكتاب مؤثر جدا

يزدان بناه: نعم مؤثر جدا .. مفعم ومؤثر ايضا .. وعليَّ أن اذكر هنا أن الامام وبعد ان انتصرت الثورة الاسلامية .. تمتاز خطاباته بأنها مليئة بالاجواء الاخلاقية والعرفانية .. حيث أعجَز عن ذكرها لانني لا استطيع الاشارة الى مكان خاص لكن يمكن لصحيفة الامام أن تكون مفيدة جدا في هذا المجال .. وكان للامام عمل آخر بعد انتصار الثورة الاسلامية وهو " شرح سورة الفاتحة " وتفسيره لسورة الفاتحة .. وكانت بضع جلسات وتم بثها بشكل مصور وبهذا القدر وحسب. لكن هذا القدر بالنسبة للذين يريدون التعرف على الميزة الشخصية للامام .. وخاصة في الاجواء السياسية والاجتماعية التي توصل اليها والسلطة التي تمتع بها.

يبدو ان هذا الكتاب هو كتاب جيد .. واوصي ايضا اؤلئك الذين يستطيعون ويريدون ذلك مراجعة آداب الصلاة للامام هنالك اجزاء سهلة يمكنهم الاستفادة منها .. وذكرت كتبه الفنية كمصباح الهداية وتعقيباته حول الفصوص وحول مصباح الهداية . وكتبه هذه من جهة تمثل فعاليته الاجتهادية ايضا .. وعلي أن أشير الى هذا ايضا .. ولو نظرت الان الى مصباح الهداية.

هي مليئة باحاديث من العيار الثقيل وصعبة لآل البيت (ع) حيث يقوم بتناولها وتحليلها وذلك ببركة ميزته العرفانية وللانصاف هي مستدلة في هذا الجانب .. وأنا شخصيا أعتقد أن احدا ما اذا ادار جلسة او ندوة تتطرق الى افكاره العرفانية والحكمية لحضرته معطوفة على الاجواء الدينية وتفسير الاايات والروايات . فهذا مجال واسع بحد ذاته وقد فعل ذلك وهو يسعى للوصول الى الاجتهاد .. أي في ألأجواء العرفانية والفلسفية بالاضافة الى الاجتهاد في المجال الديني ايضا ... وهو فريدمن نوعه في كلا المجالين حقا ... وهذا ما جعل من كتبه فريدة ايضا .. "شرح مقامات الانسان الكامل " وقلما لاحظت كتابا كمصباح الهداية يتطرق الى شرح روايات اهل البيت (ع) ... وفي بعض الاحيان وفي طيات الفصوص ومصباح .. أنفسكم في النفوس وارواخكم في الارواح .. قد تتطرق اليها وفسرها بشكل ممتاز

العالم : شكرا جزيلا .. ولو كان لديكم اي تعقيب اخير سنكون من الشاكرين

يزدان بناه: يمكنني ان اقول شيئا عن حضرة الامام .. أن اسمه كان روح الله وكان ولايزال روحا الهية لهذين القرنين حقا .. اي انه وبشكل عملي هو روح الهية نُفِخت في عالم الدنيا المظلم وسوف نتلمس نتائجها ان شاء الله وذلك ببركة حضرة الامام.

التفاصيل في الفيديو المرفق ...