في ذكرى إعدام الطاغية.. العراق لن يعود مرتعاً لعصابات البعث الصدامي

في ذكرى إعدام الطاغية.. العراق لن يعود مرتعاً لعصابات البعث الصدامي
الإثنين ٠١ يناير ٢٠٢٤ - ٠٥:٤٢ بتوقيت غرينتش

تحتفل الشعوب عادة بعظمائها ورموزها في ذكرى مولدهم او في ذكرى رحيلهم، عرفانا بدورهم في بناء دولهم وتطورها، وتوفير الحياة الكريمة لهم، الا ان هذه القاعدة لا تنطبق على الجميع، فهناك من الشواذ والاشخاص غير الاسوياء، لن يتحرجوا في الاحتفال علنا، في ذكرى موت  طواغيت اشعلوا الحروب، ودمروا البلدان واحرقوا الحرث والنسل، وتفننوا في تعذيب شعوبهم والشعوب الاخرى، وارتكبوا من الجرائم، ما تعزف عنها الوحوش الكاسرة.

العالم مقالات وتحليلات

هناك من يبرر لهذه الفئة احتفالها بموت الطغاة والسفاحين والقتلة الساديين، بشحة او عدم وجود ابطال حقيقيين في حياتهم، لذلك يتخذون من هؤلاء القتلة رموزا لهم، الا ان هذا التبرير ليس مقنعا، فالجرائم التي ارتكبها هؤلاء الطغاة، ليست كجرائم الحجاج او غيره من الطغاة، والتي تحتاج الى تقليب صفحات التاريخ للوقوف عليها، وهناك من يمكن ان ينكرها كما نرى اليوم، ولكن جرائم الطغاة الذين نحن بصددهم، هم طغاة عاصرناهم من سوء حظنا، وان جرائمهم موثقة بالصوت والصورة، ولا تحتاج لا الى كتاب نقرأه ولا الى شاهد، فالصور والافلام، التي وثقها الطغاة، هي التي تتحدث عن نفسها، فالطغاة ارادوا من خلال تصويرها ان يرعبوا بها شعوبهم.

من اقسى الطغاة الذين ظهروا في النصف الثاني من القرن الماضي، ليس في منطقتنا بل في العالم اجمع، كان السفاح صدام حسين، وكان ظهوره للاسف الشديد، في ارض الائمة الاطهار عليهم السلام، ارض الرافدين، والتي ذاقت من الموت ماذاقت على يديه، فقد زرع مئات المقابر الجماعية في هذه الارض الطاهرة، على مدى 24 عاما من سنوات حكمه الاسود، وهي مقابر دفن فيها مئات الالاف من الاطفال والنساء والشيوخ والشباب وهم احياء، وتم توثيق العديد من عمليات الاعدام دفنا بالاحياء، اما عمليات قطع الروؤس والالسن والاذان وقلع العيون والاظافر، فكانت تجري في اجواء احتفالية، ويمكن لاصحاب القلوب القوية، ان يشاهدوا هذه الافلام، فهي متوفرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

السبب الذي دفعنا الى ان نتحدث عن الطاغية صدام، وعن بعض جرائمه بحق العراقيين، هو مرور ذكرى اعدامه وتحرير العراقيين من كابوسه الفظيع، وكذلك بسبب محاولة ابنة الطاغية المدعوة رغد، الابقاء على جرح العراقيين نازفا، عبر رش الملح على هذا الجرح، كلما حلت ذكرى اعدام ابيها السفاح، وكذلك بسبب الشواذ وغير الاسوياء من الذين لم يجدوا في تاريخهم البائس المعدم، ما يتغنون به الا هذا المجرم السادي.

تحاول ابنة الطاغية، ومنذ فترة طويلة، عبر هذا السلوك الاجرامي، التطبيل لابيها وعائلتها المجرمة و تطهيرهم، عبر شراء منابر اعلامية، وذباب الكتروني، ونفوس رخيصة، وهي تعلم ان كل ماء زمزم، لم ولن يطهرها ولا يطهر اباها ولا اخوتها ولا زوجها ولا اعمامها ولا خالها ولا جدها، فالعراقيون عانوا عقودا من وحشيتهم وساديتهم، وهي وحشية وسادية، كادت ان تهدد العراق كوجود وتشرذم شعبه.

صحيح ان هناك جهات تستغل ابنة الطاغية بهدف تعكير صفو العراقيين، بمناسبة او بدونها، بعد ان تنفسوا الصعداء منذ عقدين من الزمن، بعيدا عن كبت ووحشية ابيها وعصابته الاجرامية، ولكن ما هو مؤكد ان ابنة الطاغية تعمل وبشكل حثيث من اجل الانتقام لوالدها واسرتها المنبوذة الكريهة، لا من الامريكيين، الذين استدعاهم ابوها لغزو العراق بغبائه وطغيانه، بل من العراقيين، الذين تحقد عليهم اكثر من حقد ابيها وعصابته عليهم، فهي ومنذ عشرين عاما، تمارس الجريمة والخيانة ضد العراق والعراقيين، فقد مولت العمليات الارهابية في العراق، وكان لها دور رئيسي في الجرائم والمجازر التي ارتكبت بعد سقوط صنم ابيها، خاصة دورها في مجزرة سبايكر، والعمل على الترويج للبعث البائد والتمجيد بأبيها المقبور، واعادة هيكلية عصابات البعث، وتعاونها مع المخابرات الدولية والاقليمية المعادية لضرب استقرار العراق.

الشيء الذي غاب عن ذهن ابنة الطاغية ومشغليها، هو ان العراق لن يعود الى زمن الحروب والفتن والاحقاد والعنصرية والمقابر الجماعية وتذويب الابرياء في احواض التيزاب وفرمهم بالفرامات ودفنهم وتقطيع اوصالهم وهم احياء، لمجرد الشك في ولائهم لجرذ الحفرة، فالعراق لا يرفض العودة الى هذه الحقبة السوداء فحسب، بل يرفض حقبة الاحتلال الامريكي ايضا، ويعمل على التحرر من تبعاته، فالعراق لن يعود مرتعا لعصابات البعث، التي كانت تضحي بشباب ومقدرات العراق، عبر زجه في اتون حروب، لا ناقة فيها للعراق ولا جملا، فقط من اجل مصالح امريكا والرجعية العربية، فعراق اليوم، يرفض التدخل في شؤون الاخرين ، كما يرفض ان يتدخل الاخرون في شؤونه، ويعمل على استتباب الامن والاستقرار في المنطقة، ويعمل ضمن محور المقاومة، لمواجهة الارهاب الاسرائيلي والغطرسة الامريكية.