الخيبة الاميركية الكبرى

الخيبة الاميركية الكبرى
الإثنين ٣١ أكتوبر ٢٠١١ - ١٢:٠٥ بتوقيت غرينتش

عبثا تحاول اميركا واوروبا واذنابهما في حلف شمال الاطلسي (الناتو)، التخطيط للبقاء في المنطقة ولاسيما في الدول التي عرضتها للغزو والاحتلال والغارات الجوية، لان الوقائع والمعطيات تؤكد على ان الامة ترفض مجرد تفكير الغربيين بهذا الشأن، كما انها عازمة بقوة على مكافحة أي تواجد للاستكبار على اراضيها، باعتباره المسؤول الاول والاخير عن جميع الكوارث والمآسي والازمات التي تضرب بأطنابها في العالم الاسلامي حاليا.

لقد برهنت واشنطن وحليفاتها خلال الاعوام العشرة الماضية – تحديدا – على انها لايمكن ان تكون ودودة مع العرب والمسلمين، بل لقد اظهرت ممارساتها وسلوكياتها العدوانية في افغانستان والعراق ولبنان وفلسطين وسورية وباكستان وليبيا واليمن وغيرها، احقادا لايمكن ان تصدر الا من عدو لدود يسعى لتدمير خصومه، وهو ما جسدته الادارة الاميركية والحكومات الاوروبية عبر مختلف سياساتها العسكرية والاقتصادية والثقافية والاعلامية تجاه دول المنطقة وشعوبها.

في مقابل ذلك لم تسكن الامة  الاسلامية الغيورة ولم تهدأ امام لغة الغطرسة والطغيان والغدر التي حاول الغزاة القادمون من وراء المحيطات والقارات تمويهها بشعارات الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان، في سبيل احكام السيطرة على مقدرات العالم الاسلامي وخيراته. فقد التزمت الامة موقف التصدي للسارقين الدوليين، والحقت خسائر فادحة بجيوشهم واسلحتهم وزلزلت الارض من تحتهم حتى غدوا يتمنون لو انهم لم يتورطوا قط في غزو ديار المسلمين واحتلالها.

  ففي افغانستان و العراق تقطعت السبل بالغرب وجيوشه، وقد ضاقت بهم الارض بما رحبت ، وعندما اقتضت اجندة الرأسمالية الغربية التدخل في الشؤون الليبية تحت ذريعة مساندة الثوار في بلد الشهيد الشيخ عمر المختار، نأى الناتو بنفسه عن الدخول في معارك ومواجهات برية والتجأ الى السماء مكتفيا بالضربات الجوية للحيلولة دون تكرار تجربته المريرة السابقة وسقوط الكثير من القتلى والجرحى في صفوفه جراء انتشاره العسكري في الدولتين المحتلتين آنفتي الذكر.

 اما الان وبعد انكشاف حقيقة الدوافع المريضة للشيطان الاكبر وجنوده من وراء عملياته الحربية في العالم الاسلامي، وترافق ذلك مع تعاظم مقاومة الشعوب المؤمنة بوجه هذا الغزو الغربي الصهيوني الشرس، فان المراقبين يعتقدون بان التخبط والفزع هما السمة الغالبة على جيوش الحلف الاطلسي، ويؤكد هذا القول التصريحات التي ادلى بها الرئيس الاميركي باراك اوباما الاسبوع الماضي عقب محادثاته مع رئيس الوزراء العراقي السيد نوري المالكي ضمن دائرة تلفزيونية مغلقة، والتي بشّر فيها شعب الولايات المتحدة بان ابناءه الجنود سيحيون اعياد الميلاد ورأس السنة في بلادهم وبين عوائلهم بعد الانسحاب الكلي من العراق اواخر العام 2011.

    لكن يبدو ان الاجل لم يمهل عشرات من جنود اميركا والناتو ممن سقطوا قتلى وجرحى في العاصمة الافغانية كابل يوم السبت الماضي حتى يعيشوا فرحة العيد كما وعدهم رئيسهم، وفي هذا انذار واضح بان الامة وابناءها جادون في مسألة مقارعة الغزاة والمحتلين ومطاردتهم حتى يخرجوا من الديار الاسلامية دون قيد او شرط.

     العراقيون الشجعان هم ايضا عبروا عن موقفهم الصريح برفض التواجد العسكري الاميركي بعد 2011 بأي شكل او تحت اية واجهة وقد اثبتوا جدارة فائقة في الكشف عن مؤامرة دنيئة للانقلاب عسكريا على بلد المراجع و المفكرين والمجاهدين والشهداء  والارامل واليتامى الذين راحوا ضحية عهد الاجرام البعثي الصدامي طيلة 35 عاما من الحكم الدكتاتوري ، وهي مؤامرة تقف وراءها الاستخبارات الاميركية والاموال الخليجية والانظمة العميلة التي لاتطيق ان يتنفس ابناء وادي الرافدين عبير الحرية والتآخي والوئام وتريد  خنق العراق بالافكار الهدامة والنزعات الطائفية والصراعات المفتعلة.

      انه امر قد عفا عليه الزمن  تكرار تجربة البعث  الذي  حكم البلاد بالحديد و النار ،لان الشعب العراقي الذي ذاق الويلات خلال الاعوام "1968 – 2003" وقدم ملايين القرابين في سبيل التخلص من ذلك النظام الشمولي البغيض، لن يفرط بحريته المعمدة بالدماء الطاهرة  لخيرة ابنائه ، و هو لن يسمح بعودة شبح الحروب والمجازر والمقابر الجماعية  الى ربوعه ابدا.

*حميد حلمي زادة