لماذا تتدخل واشنطن في التعيينات الأميرية في السعودية؟

لماذا تتدخل واشنطن في التعيينات الأميرية في السعودية؟
الإثنين ٢١ نوفمبر ٢٠١١ - ٠١:٢٥ بتوقيت غرينتش

حملت وفاة الأمير سلطان بن عبد العزيز مفاجأة كبيرة للمملكة. لأنها وجدت نفسها أمام مفترق طرق لم تُرسم أبعاده الاستراتيجية بعد. من هو الملك السعودي المقبل؟ بعد تعيين الأمير نايف وليا للعهد . سؤال أجاب عنه مقال تضمن تقريرا أميركيا نشر في الولايات المتحدة بمناسبة الحدث السعودي .

الخلافة، المرجّح أن تتسارع وتتنقل بين أمراء طاعنين في السن (كل عامين أو ثلاثة)، تحمل ما تحمله من خطورة على الاستقرار السياسي في السعودية وعلى استقرار العلاقة مع واشنطن .

هذا ما جاء في تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى للكاتب الأميركي سايمون هندرسون والذي أعيد نشره بعد تعيين الأمير نايف وليا للعهد في المملكة العربية السعودية . 

  لقد رافق استحقاق تعيين الأمير نايف ولياً جديداً للعهد، كمّ هائل من التساؤلات التي طافت على سطح العلاقة بين الأبناء الـ 18 للملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، والاحتمالات المواكبة لتولّي كل منهم السلطة بعد الملك عبدالله، الساهر على صحّته أكثر من أي وقت مضى. لماذا الأمير نايف وليس الأمير سلمان؟ لماذا يتولى أبناء المؤسس الخلافة وليس أبناء الأبناء؟ ما الذي يمنع خروج الخلافة من دائرة الجيل الأول الطاعن في السن لتشمل الجيل الثاني، الذي ليس أيضاً في ربيع عمره (محمد بن نايف - 52 عاماً - نموذجاً)؟ ما هي الظروف التي تفرض على المملكة أن تعيش شيخوخة قياداتها؟ إلى أي مدى تقرّر العلاقة مع الولايات المتحدة اسم الخلف؟

  وبعد أن يشير التقرير الأميركي إلى كيفية التعاطي مع موضوع خلافة الملك يؤكد أن

  الخلافة في السعودية تخضع لمزاج عام يربط بين العائلي والسياسي والاقتصادي،

  ولا تراعي المشاورات الداخلية حول الخلافة رأي الأمراء فحسب بل أيضاً، وعلى خلاف ما يعتقد المتابعون للشؤون السعودية، رأي زوجاتهم وتصوراتهن للمرحلة المقبلة أيضاً.

إذ تلعب نساء آل سعود دوراً سياسياً في الخلافة .

وبحسب التقرير الأميركي :  يصبّ إشراك النساء في القرار، ولو بشكل سري، في الحفاظ على منطق «التوافق» في اتخاذ القرارات، خصوصا أن ما تكرّس في المملكة، منذ 250 عاماً وحتى اليوم، هو تشعّب أذرع الشجرة العائلية حتى وصل عدد من يطلق على نفسه لقب «الأمير» خلال التسعينيات إلى 20 ألفاً، بين «صاحب السمو» و«صاحب السمو الملكي.

 لقد تمّ التسويق لاسم الأمير نايف خلفاً لسلطان في آذار 2009، حين اشتد مرض الأخير. أغاظ الإعلان عن ذلك، الأمير طلال تحديداً حيث طالب المملكة بتوضيح الأمر، غير أن صرخته لم تلق صدى... عُيّن الأمير نايف ولياً للعهد قبل أسبوع بسرعة وسهولة أوحتا بأن لا انقسام يُذكر داخل أروقة الأسرة الحاكمة. إلا أن التعيين أكد أيضاً أن عبد الله لم يستطع التنصل من «السديريين» (من سلطان إلى نايف) رغم مرور التسمية في هيئة البيعة التي لم تجتمع سوى لثلاثين دقيقة قبل أن تخرج مبايعة الأمير نايف، بإيعاز من الملك. وذلك ليس سوى دليل قاطع على عدم استقلال الهيئة عن التجاذبات السعودية الداخلية، بل لكونها ساحة «سرية» لها.

  وعن التأثير الأميركي على الحدث السعودي الداخلي يقول مقال لصحيفة "السفير" اللبنانية :

  اليوم، يثير ولي العهد الجديد الأمير نايف، مخاوف واسعة في أوساط صنع القرار الأميركي، من أن يزيد العلاقات مع السعودية صعوبة وتوتراً. سبب هذه المخاوف، ما يشاع عن صعوبة مراس الأمير.

  وفيما ينظر إليه على أنه محافظ، لا ينفك الأمير نايف يتقرّب من رجال الدين في المملكة ويصرّ على دعمه لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في وقت يرفض بحزم مشاركة المرأة في الحياة السياسية. يُذكر أن الأكثر تحدياً في العلاقة مع نايف، كما مع سلطان، بالنسبة للولايات المتحدة يعود إلى أواخر العام 1990 عندما كان الأميران يغريان أسامة بن لادن مادياً، لتجنّب أي هجمات محتملة للتنظيم داخل المملكة.

  في الواقع، أياً تكن هوية الملك المستقبلي فجلّ ما تتمناه واشنطن هو الحفاظ على ذاك الانتعاش الذي حظيت به العلاقة منذ العام 2008.

  ومع ذلك لا تزال التحديات قائمة، فآل سعود طلبوا، في السرّ طبعاً، من الولايات المتحدة أن تكون أكثر حزماً في الردّ على إيران التي تطوّر سلاحها النووي. أما في العلن، فموقف السعودية من ملفات إيران والسلام في الشرق الأوسط يبقى ضبابياً.

  ويخلص مقال "السفير" إلى القول :  وسط المناخ السائد بشيخوخة المملكة، وعدم صمود ملوكها لفترات طويلة على العرش، انشغلت واشنطن بابتكار وسائل دبلوماسية تتيح لها أن تؤقلم سياساتها مع متغيّرات الخلافة الحاصلة والحدّ من حالة انعدام الاستقرار التي قد تنتج عنها. وقد تمّ اقتراح إجراءات تساعدها في الحفاظ على استقرار العلاقة الثنائية مع الرياض ومنها جدولة الزيارات الدبلوماسية، حيث تحدّد الزيارات إلى الرياض بشكل منتظم من قبل مسؤولين رفيعي المستوى بشكل يبقى أمراء المملكة على تماس دائم مع اهتمامات الولايات المتحدة وتوقعاتها في مجمل قضايا السياسة العامة.

  هكذا يبدو التأثير الأميركي في الخلافة السعودية واضحا . وما يساعد على ذلك مخاطر التحولات التي تشهدها المملكة في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها المنطقة العربية برمتها .

تصنيف :