رسالة مفتوحة الى السيد نوري المالكي

رسالة مفتوحة الى السيد نوري المالكي
السبت ٣١ ديسمبر ٢٠١١ - ٠٣:٤٣ بتوقيت غرينتش

رئيس وزراء العراق السيد نوري المالكي، ان المجازر التي ارتكبتها عصابات البعث الفاشي في العراق بحق الابرياء يوم الخميس الـ 22 من كانون الاول/ ديسمبر الجاري، اثبتت وبشكل لا لبس فيه الخطأ القاتل الذي ارتكبته الاحزاب والقوى الوطنية العراقية، بتركها ذئاب البعث طليقة بعد سقوط صنم بغداد في الـ 9 من نيسان 2003، وزاد من فظاعة هذا الخطأ السماح لهذه الذئاب بالانخراط في العملية السياسية.

هذا الخطأ الفادح ارتد ومنذ تسع سنوات، قتلا على ابناء العراق الشرفاء، وتدميرا للبنى التحتية وللقيم المجتمعية للعراق، وفوضى في المشهد السياسي العراقي وتشكيكا بكل القوى والرموز الوطنية العراقية، الامر الذي افشل التجربة السياسية العراقية فشلا ذريعا وادخلها في دائرة مفرغة جعلت ابواب العراق مفتوحة على مصراعيها لقطعان التفخيخيين والموتورين وشذاذ الافاق، رفاق البعثيين من الوهابيين والسلفيين!!!.

 السيد نوري المالكي .. قُتلوا لانهم صوتوا لك ولرفاق دربك

السيد المالكي ان على الشخصيات والاحزاب والقوى الوطنية العراقية وعلى رأسها شخصكم الكريم، ان يعرفوا ان الذين سقطوا بحقد البعثيين والتكفيريين، شهداء مضرجين بدمائهم من ابناء العراق بعد ان تركوا وراءهم مئات الالاف من الايتام والارامل، دفعوا ومازالوا يدفعون ثمن التصويت لكم والوقوف الى جانبكم، ان الذين سقطوا في يوم الخميس سقط لهم اخوة من قبل وهم يتوجهون الى صناديق الاقتراع للتصويت لصالحكم، وانتم تعرفون ماذا كان يعني ان يجازف العراقي في التوجه الى مراكز الاقتراع التي كان البعض منها يقصف بالهاون،  ليمنحوكم فرصة لانقاذهم وانقاذ العراق من عصابات البعث المجرم، والانتقال بالعراق الى بر الامن والامان كما هي حال شعوب العالم الاخرى.

السيد نوري المالكي ان الدماء التي سقطت يوم الخميس الدامي وكل ايام العراقيين الدامية من قبل، هي امانة في عنقك وعنق رفاق دربك، هذه الدماء تستصرخك للطلب بثأرها وان تضرب بيد من حديد على يد البعثيين والتكفيريين، وان لاتأخذك في احقاق حقهم لومة لائم، وان لم تفعل فقد خذلت من نصرك ولم تكن عند حسن ظنهم بك.

السيد نوري المالكي .. لماذا كل هذا الصبرعلى البعثيين ؟

السيد نوري المالكي ، قيل الكثير عن الاسباب التي كانت وراء قضية السماح لذئاب البعث في الانخراط في العملية السياسية، ومن بين اهم هذه الاسباب ثلاثة، الاول هو وجود قوات الاحتلال الامريكي الذي فرض هذه الذئاب على العملية السياسية ليكون قابضا على طرفي الطاولة العراقية لقلبها متى شاء، والسبب الثاني كذبة كبرى روج لها الكثيرون وهي امكانية تدجين ذئاب البعث في حال دخلوها العملية السياسية ورضخوا لقواعد اللعبة الديمقرطية، والسبب الثالث انطلق من مقولة عفى الله عما سلف حيث تم فيه ترك هذه الذئاب المفترسة تسرح وتمرح بين ظهراني العراقيين.

السيد المالكي، اذا كان السبب الاول هو الذي كان وراء كل الذي جرى لحد الان، فالقوات الامريكية قد انسحبت، وانت الان تقف على رأس اكثر من مليون جندي ورجل شرطة وامن، يمكن ان يتحولوا الى قوة ضاربة لايستهان بها، بعد تطيرها من عناصر البعث والتكفيريين واصحاب النفوس الضعيفة، كما تقف وراءك العشائر وابناء العراق الاصلاء. لذا عليك ان تتصرف كرئيس وزراء للعراق بكامل الصلاحية، لتقديم الامن هدية للعراقيين لوقوفهم معك، ولا تصغي لابواق الاعلام العراقية والعربية التي تحمل راية البعثيين والتكفيريين، فهذه الابواق هي ضدك وضد المشروع السياسي الجديد في العراق ويعملون بكل مايملكون من قوة لاعادة عقارب الساعة الى الوراء مهما حاولت الاقتراب منهم وتنفيذ رغباتهم، فهؤلاء لا يرضيهم الا ابتلاع العراق مرة اخرى كما كان في زمن كبيرهم المقبور صدام حسين.

اما السبب الثاني فليس هناك من العراقيين من يشك من انك ادرى من غيرك بان حزب البعث هو حزب فاشي مجرم يمسخ انسانية كل المنتمين اليه ويحولهم الى ذئاب مفترسة تنفذ رغبة الحزب الذي كان يجسده دكتاتور سادي لم يرتو قط من دماء العراقيين.

ان التجربة التي عاشها العراقيون مع كذبة امكانية تدجين ذئاب البعث، كشفت عن عقم كل هذه المساعي التي بذلت على مدى تسع سنوات، فالمسخ البعثي يبقى مسخا وتستصرخه طبيعته المتوحشة حتى لو تنازل العراقيون و ارادوا تدجينه من خلال منحه مناصب عليا في البلاد كمنصب نائب رئيس جمهورية او منصب نائب رئيس وزراء، فتوقع ان يتحول المسخ البعثي الى انسان سوي هو مثل توقع ان يتحول الذئب المفترس الى حمل وديع، فمثل هذا التوقع هو في غير محله.

السيد رئيس وزراء العراق، اما تعاملكم، او من اراد منكم ان تتعاملوا، مع البعثيين من منطلق عفى الله عما سلف النابعة من الروح العراقية السمحة، فهو ايضا في غير محله، فمن الممكن ان يعفو انسان عن قاتل قتل نفسا مع سبق الاصرار والترصد، لماذا، لان ولي الدم يستشعر ندما حقيقيا نابعا من قلب هذا القاتل. ولكن انا اسأل: هل بامكانك ان ترشدني الى بعثي واحد من الذين شاركوك العملية السياسية اعرب عن ندم حقيقي مما اقترفه البعث او تنكر لصنمه المقبور؟، رغم اني اعرف انك سوف تعجز عن ذكر اسم واحد، اسم واحد فقط.

المؤسف ان شركائك في العملية السياسية لم يتبرؤا من تاريخ البعث القذر فحسب بل ان نائبك البعثي حتى النخاح المدعو المطلك يعتبر صدام المجرم السفاح افضل منك!! ويشيد ليل نهار بمنجزات!! سيده السادي المقبور!!.

السيد نوري المالكي، عندما اقول ان العفو لايجب ان يشمل ذئاب البعث، هذه الدعوة مستخلصة من تجارب العراقيين مع هؤلاء القتلة، فقبلك عفى عبد الكريم قاسم عما سلف من جرائم البعث فما كانت النتيجة؟!!!. الم يدخل العراق الى نفق مظلم دام اربعة عقود .. فاذا لم يكن يحق للزعيم عبدالكريم قاسم ان يعفو على البعثيين فلا يحق لك ايضا ان تعفو عنهم .. هذه ارادة العراقيين وعليك الرضوخ لها كي لاندخل مرة اخرى الى نفق البعثيين المظلم.

 السيد نوري المالكي ..الا تؤكد المجازر هيمنة البعثيين على الحكومة

الا تؤكد المجازر التي ارتكبت يوم الخميس والتي استخدمت فيها هذه الاعداد الكبيرة من السيارات المفخخة والعبوات الناسفة، ان حياة العراقيين رهن بارادة البعثيين الذين يستطيعون في اية لحظة شاؤوا ان يحرمونهم منها دون ان يردعهم اي رادع؟ الا يكشف توقيت الانفجارات واختيار اماكنها، كما قلت انت، ان هناك ارادة سياسية واضحة وراءها؟ الا يكشف هذا ان الامن في العراق هو بيد ذئاب البعث يستطيعون قلب الاوضاع كما شاؤوا؟ الا يكشف توغلهم في المفاصل المهمة في الدولة العراقية من الهرم وحتى القاعدة؟ اين اذن النخب السياسية التي انتخبتها الغالبية العظمى من الشعب العراقي؟ هل يعرفون بحجم هذا التوغل ام لا؟ فاذا كانوا يعرفون فلم السكوت واذا كانوا لايعرفون فهذه طامة كبرى؟ هل سكوتهم هو من اجل الحفاظ على مناصبهم ام لشيء اخر لانعرفه؟ ترى الى اي حد سيواصلون هذه اللعبة؟ الا يجب ان يقفوا موقفا مشرفا لنصرة قواعدهم الجماهيرية؟ وهل هم واثقون بان صبر هذه الجماهير لاحدود له؟ ترى ماذا سيكون موقفهم لو نبذتهم هذه الجماهير يوما؟.

السيد نوري المالكي..فجروا بغداد لانك اقتربت من الذئاب الكبيرة

السيد نوري المالكي، ليس فقط انت بل حتى الانسان العراقي البسيط يعلم علم اليقين ان الدماء التي سيلت في بغداد يوم الخميس كان بسبب اقترابك من ذئابهم الكبيرة، الذين ارادوا قتلك انت ايضا قبل ذلك عندما تمكنوا حتى من ادخال سيارة مفخخة الى داخل المنطقة الخضراء.

السيد المالكي، ان الانسان العراقي البسيط استشرف بذكائه الفطري وتجربته المرة مع البعث الفاشي على مدى عقود، ان حكومتك التي قمت بتشكيلها لايمكن ان تستمر طويلا لانها ولدت والسموم في احشائها، فلايمكن ان تقنع العراقي البسيط كل توافقاتكم واجتماعتكم وحوارتكم على مدى شهور طويلة ان العراق ماض الى الامام وينشد الامن والامان والحرية وفي المفاصل العليا للدولة العراقية بعثيون للعظم امثال اياد علاوي وطارق الهاشمي وصالح المطلك ومظفر العاني وحيدر الملا والعشرات امثالهم.

الا تكفي تجارب العراقيين المرة مع رفقا هؤلاء في الخيانة والارهاب امثال حارث الضاري وعدنان الدليمي وغيرهم الكثير، لكي تركن الى رفاقهم اليوم وتسمح لهم ان يشاركوك الحكم !!.

السيد نوري المالكي، ترى هل يستحق بعثي قديم مثل الهاشمي او المطلك ان تحترق بغداد وان تسيل كل هذه الدماء الطاهرة من اجلهما؟.

السيد نوري المالكي .. اضرب بيد من حديد

 السيد رئيس وزراء العراق، وقبل ان يفوت الاوان وقبل ان يوصل ذئاب البعث الفاشي العراق الى نقطة اللاعودة، عليك ان تقف، بقوة الشعب الذي منحك هذه السلطة، في وجه ذئاب البعث وان تضرب بيد من حديد على كل رأس مازال يعشعش فيه حلم عودة البعث الفاشي او يمني النفس بافشال العملية السياسية برمتها عبر التهديد باحراق بغداد والعراق اذا ما اقتربت من اوكارهم وعصاباتهم.

امض في طريقك حتى لو تطلب ذلك ان تعلن عن تشكيل حكومة ذات اغلبية سياسية منسجمة تعمل لخير الغالبية العظمى من ابناء الشعب العراقي وان تدفع بالمندسين بعيدا عن المفاصل الحساسة للدولة، وان تضعها في مكانها الطبيعي اما معارضة تتحرك وفق القانون او عصابات ارهابية يلاحقها القانون.

كفى هدرا للوقت والطاقات في الدوران في حلقة الحكومة الوفاقية الجهنمية التي حولت ليل العراقيين الى كابوس واوصلت البعثيين المجرمين الى  المناصب العليا في الدولة كما عادة الوجوه البعثية الكريهة الى الظهور مرة اخرى في الدوائر الحساسة للدولة بعد ان اختفت لبعض الوقت خوفا من بطش العراقيين.

  لاسبيل للعراق من الخروج من جهنم البعث الا بتشكيل حكومة اغلبية سياسية وعندها لايمكن للمعارضة، كما هي الان رجل في الدولة ورجل خارجها، فهذه الحالة الشاذة لابد ان تنتهي. فاذا كانت النية الخدمة والعمل من اجل الوطن فأن القوى التي ستخرج من جسد الحكومة ستعمل في نطاق المعارضة، اما اذا كان الهدف غير ذلك فانك قد انقذت الجهاز الحكومي من المندسين والفاسدين.

السيد نوري المالكي، انت تعلم وكما الجميع يعلم ان موقفك الحازم الاخير من المطلوبين للعدالة الهاشمي والمطلك وباقي زمرة البعث، سيؤلب عليك الاعلام العراقي الممول من عائلة الطاغية صدام وبعض الدول العربية، والمتمثل بقناة "الشرقية" وشقيقاتها ومن لف لفها، وكذلك الاعلام العربي  وفي مقدمته "الجزيرة" و"العربية" سيئتي الصيت، فهذه الابواق المأجورة ستقيم الدنيا ولاتقعدها  لـ"الظلم" الذي وقع على ذئاب البعث وبسبب "دكتاتورية" و"تفرد" و" انقلاب" المالكي على العملية السياسية!!، ولتنفيذه "مخططات" دولة اقليمية في العراق!!. ويحولون صراع العراقيين مع ذئاب البعث الى صراع طائفي. كما ستزهق ارواحا بريئة من ابناء الشعب العراقي على يد ذئاب البعث كرد فعل طبيعي ازاء ما ستتخذه من اجراءات رادعة، ولكنها ستكون بعون الله الاخيرة ويطوي العراق بعدها صفحة البعث والى الابد.

لم تعد اوضاع العراق تتحمل هذه الفضائيات البعثية التي مازالت ترفع علم النظام السابق وتمجد بالطاغية وجرائمه وتنهش ليل نهار بالجسد العراقي عبر النفخ ببوق الطائفية واطلاق الاتهامات بالجملة واهانة رموز العراق الوطنية والدينية، تحت يافطة حرية التعبير، فمثل هذه الممارسات الرامية لضرب النسيج الاجتماعي والوطني والمذهبي والقومي والديني للعراق هي ممارسات مسمومة يجب ان تضع الحكومة العراقية حدا لها، فهي حالة شاذة لايوجد لها مثيل في العالم.

ابو أسراء، نعرف ان المهمة التي يجب ان تبدأها فورا لانقاذ العراق من دنس البعث وجميع رموزه والى الابد هي مهمة في غاية الصعوبة و محفوفة بالمخاطر، الا اننا عهدناك مقداما مستبسلا في مقارعة نظام البعث الفاشي، عندما كان في اوج طغيانه وهمجيته، ولم يعرف الخوف الى قلبك من سبيل، رغم انك فقدت الكثير من رفاق دربك الذين غيبهم الطاغية المقبور في السجون وفي احواض التيزاب واجهزة الفرم على مدى اكثر من ثلاثة عقود، فمن المستحيل ان يعرف الخوف اليوم الى قلبك سبيلا بعد ان انتهى طغيان البعث ولم يبق منه الا بعض الذئاب الشاردة التي مكنتها ظروف خاصة من العودة الى المشهد السياسي العراقي فصبغته بالدم كعادتها، وهي ذئاب تنتظر صائدها وانت لها .

"الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل".

بقلم: منيب السائح/البديع نت