الطريق الى حلب من القطيف الى الاناضول

الطريق الى حلب من القطيف الى الاناضول
الإثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٢ - ١٠:٣٦ بتوقيت غرينتش

وليد المعلم صاحب شعار سنلغي اوروبا من خريطة العالم يصل الى طهران في زيارة مفاجئة وخاطفة وغاية في الاهمية وذلك للقاء اركان قادة بلد مسحوا من ذهنهم منذ ثلاثة وثلاثين عاما بلدا اسمه امريكا ليناقشوا احتمالات الحرب والسلام على بوابات حلب التي بات من ينجح في اعادة الهدوء لها هو من سيمسك في زمام المبادرة لتشكيل نظام عالمي جديد كما يقول الروس والصينيون والايرانيون وكما يخوضها السوريون!

ثمة تحرك دؤوب في البحر كما في البر كما في الجو السري منه اكثر من المعلن يدور من حول بلاد الشام وايران هدفه محاولة لي ذراع محور المقاومة من البوابة السورية، ظنا منهم بانها البطن الرخوة في الجسم الممانع!
هو التحرك ذاته يقوم به الجانب المقاوم وشعاره لابد من اسقاط مثلث سفك الدماء الامريكي العثماني الجديد والبترودولار العربي الرجعي كما يسميه اهل هذا المحور، والتي باتت قدراتهم تصل الى خليج عدن وباب المندب على تخوم البحر الاحمر وهم الجاهزون والمستعدون للوصول الى مياه الاطلسي بانتظار صدور اشارة القيادة العامة للقوات المسلحة الايرانية كما يقول قادة الحرس الثوري والجيش الايراني تماما كما هي الحال فيما يخص خارطة طريق اغلاق مضيق هرمز ورسم معادلة ما بعد هرمز كما يطلقون عليها!
يتساءل عديدون اليوم ما الذي جرى في الساحة العربية والمسلمة حتى صار العديد من الحكومات الملكية فضلا عن الجمهورية القومية منها والاسلامية متحمسة الى اعلى درجات الحماس لحملات جمع التبرعات النقدية والتسليحية لجماعات معارضة لحكومة بلد عربي اختلفنا او اتفقنا معه، ويتم التمديد لتلك الحملات لايام واسابيع، فيما كانت نفس هذه الحكومات تمنع في يوم من الايام حتى الدعاء على مواطنيها لنصرة جنود الله من ابناء المقاومة الاسلامية والعربية ضد الكيان الصهيوني في حرب تموز من العام 2006 فضلا عن مشاركتها الفعالة في قطع كل المواد التموينية واللوجستية ومصادرة ما جمع من اموال نقدية في المطارات لابناء غزة ؟!
سؤال في الاجابة عليه تكمن اجوبة عديدة على كثير مما يحصل اليوم حول سورية وايران ولبنان وفلسطين ام القضايا التي يتم التآمر عليها من تحت الطاولة وعلى الطاولة، بل وعلى المكشوف وباسم الثورة العربية والاسلامية!
الا يذكرنا هذا بما جرى للعرب والمسلمين على مشارف وغداة وبعد الحرب العالمية الاولى وخديعة 'الثورة العربية الكبرى' ووعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو المشؤومين؟!
يقول متفائلون بمستقبل شعوب المنطقة بمن فيهم الشعب السوري العظيم ان مفاجآت كبرى في طريقها للوقوع ستغير عمليا من وجه المنطقة وجغرافيتها السياسية بما يجعل الصورة الحالية تنقلب تماما وبعض الخرائط المزيفة تزول وفي مقدمتها 'اسرائيل' وبعضها الذي ظل مشطوبا بقرار دولي مقيت تعود الى الضوء بقوة ارادة هذه الشعوب المنتفضة اي فلسطين!
بالمقابل يقول متشائمون بمستقبل الحكام العرب والعثمانية الجديدة التي تسللت للمنطقة العربية باسم الاسلام وفلسطين بان ثمة غيوما سوداء انكليزية وامريكية وفرنسية ومن جنسيات غربية كثيرة ومتعددة في سماء المنطقة تنذر بالشؤم عليها وتدفع لاحتمالات نشوب حروب طائفية وعرقية ومذهبية لا تبقي ولا تذر!
في هذه الاثناء لم يبق سر لم ينكشف حول نشاط الاستخبارات الاجنبية الصهيونية والامريكية منها بشكل خاص والغربية عموما والعربية بشكل شفاف وعلني وانطلاقا من حدود تركيا والاردن ولبنان والعراق، الا وبان وظهر على السطح ولسان حالها جميعا يقول لا بد من اسقاط نظام الرئيس بشار الاسد ايا تكن الاثمان والنتائج والتداعيات!
على الجانب الآخر لم يبق سر لم ينكشف ايضا حول موقف الداعمين لنظام الرئيس بشار الاسد من روس وصينيين وايرانيين ومقاومين لبنانيين وغير لبنانيين، وهم يقولون بصراحة وشفافية انه لا مكان في قاموسنا السياسي لشيء اسمه ما بعد الاسد في سورية!
هذا يعني ان معركة كسر عظم دولية وكونية تدور حاليا على وحول ابواب دمشق وحلب وسائر المدن السورية بين محورين باتا مكشوفين للعالم:
الاول يدور حول مقولة بقاء 'اسرائيل' عمليا شاء ان يقبل من هو بهذا المحور او ابى!
والثاني هو المحور الذي يدور حول فلسفة المقاومة وثقافتها ايضا ايا يكن التفسير الذي يقدمه المدافعون عن نظام الرئيس بشار الاسد مقبولا عند العامة من المجتمع السوري والعربي والدولي ام مرفوضا!
ولكن يبقى السؤال المحير يلاحق المتفائلين والمتشائمين ما الذي بقي من منظمتي الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي، بعد هذا الانقسام الاقليمي والدولي العميق الحاصل الآن حول مستقبل واحدة من الدول الاساسية المؤسسة للمنظمتين ؟!
ثم هل بات من الجائز والمشروع من الآن فصاعدا ان ندفع بعربات مدفعيتنا وطائراتنا وصواريخنا وكل ما نملك من رؤوس اموال لتسليح وتمويل المنظمات المسلحة المعارضة لهذا النظام او ذاك ونساعدها في التسلل الى داخل المدن والارياف العربية والمسلمة لتهديمها على رؤوس اهلها بذريعة ان هذا النظام العربي او المسلم ديكتاتوريا او مستبدا او يغرد خارج سرب النظام الدولي الغالب والمتحكم بما يسمى بالمجتمع الدولي؟!
الامر الذي قد يزيد الامر تساؤلا واستغرابا هو ان هؤلاء المسلحين المعارضين - وهذا امر لم يعد سرا - باتوا اقلية بالمقارنة مع مئات اذا لم يكن آلاف ممن يسمون 'بالجهاديين' من عشرات البلدان العربية والغربية وهم الذين اقر الغرب واذعن ومعه الملكيات والجمهوريات العربية والمسلمة بانهم ليسوا سوى مجموعات ارهابية لابد من اجتثاثها وهم الذين لم ينفكوا من ملأ آذاننا بطنينها!
ثم الا يخاف او يقلق هؤلاء من اشتعال مناطق الذهب الاسود المحيطة بحكوماتهم والتي ينتفض اهلها مع كل صبح ومساء وهم يطالبون باوليات حقوق المواطنة من البحرين الى القطيف الى 'الاراضي الشاسعة من تركيا الكردية والعلوية'، واذا ما قررت احدى الدول القوية والقادرة على الزج بكل ما تملك لانقاذ هؤلاء البشر المظلومين من حكامهم الطغاة لانها قررت الا تحبهم وتقطع المجاملات معهم ؟!
ومع ذلك كله يغلب جو المتفائلين على جو المتشائمين، وهم القائلون بان ما جرى من تحول في الوعي العربي والمسلم بشكل عام لم يبق للغرب مجالا ان ينتصر على تفاؤلهم وهو الذين باتوا مسلحين بالاضافة الى تفاؤلهم بقدرات عصرية وتقنية كبرى تستطيع ان تهزم مشاريع الغرب التفتيتية في اللحظة الاكثر عسرا سلما جاء ذلك او حربا !
* محمد صادق الحسيني