قمة طهران في الصحافة 31/08/2012

السبت ٠١ سبتمبر ٢٠١٢ - ١٠:٥٢ بتوقيت غرينتش

إستقطبت القمة السادسة عشرة لدول حركة عدم الإنحياز التي أنهت أعمالها في طهران أمس الجمعة إهتماما واسعا من قبل الصحافة العربية والأجنبية.

صحيفة "الأخبار" اللبنانية كتبت مقالا تحت عنوان "هل تقدم حركة عدم الانحياز الحل للازمة السورية؟":

"لقد عادت الحيوية إلى الجنوب خلال السنوات الخمس الماضية، مع صعود تيارات تتمتع بالشعبية وتعارض الليبرالية الجديدة والإمبريالية، ظهرت للمرّة الأولى في أميركا اللاتينية، حيث تمكنت تلك التيارات الاجتماعية ــ السياسية من ترجمة شعبيتها في صناديق الاقتراع.

منحت الأزمة في سوريا فرصة للولايات المتحدة كي تعود لاعبا أساسيا إلى العالم العربي. وهذا ما يجعل الأزمة السورية قضية مركزية على جدول أعمال قمّة حركة عدم الانحياز.

واقترحت مصر جزءا صغيرا من عملية تشكيل الإطار السياسي للإبراهيمي، يقوم على إنشاء مجموعة اتصال تضمّ كافة اللاعبين الإقليميين: مصر، إيران، السعودية، تركيا. على أن تشكل قمة عدم الانحياز البيئة الحاضنة لتعزيز الثقة بين هذه الدول.

ومن شأن الدعم الذي تحصل عليه مجموعة الاتصال من جانب حركة عدم الانحياز أن يعزز دورها وأن يشجع الإبراهيمي على القيام بخطوات جادة بهدف التوصل إلى حلّ للطريق المسدود بين الحكومة السورية ومعارضتها."

صحيفة الأخبار اللبنانية لم تشر في مقالها الى المبادرة الإيرانية المقترحة التي ستأتي في إطار حركة عدم الإنحياز وتتضمن مشاركة الترويكا لهذه الحركة بالإضافة الى بعض دول الجوار السوري.

أما صحيفة القدس العربي الصادرة في لندن، فقد سلطت الضوء على زيارة الرئيس المصري محمد مرسي لإيران في مقال بعنوان "مرسي في قمة طهران":

"كثيرون هاجموا الرئيس مرسي بشراسة لأنه شدّ الرّحال الى هذه القمة، وقرر حضور فعالياتها، بعضهم كرها لايران من منطلقات سياسية وطائفية، سياسية لأنها تدعم النظام السوري بقوة، وطائفية لأنها تتزعم الاسلام الشيعي. ونسي هؤلاء مشاركة عدة زعماء عرب، وخليجيين على وجه الخصوص، اي حرام على مصر حلال على الآخرين.

ومن المفارقة ان من أبرز الذين يقفون في معسكر المهاجمين للرئيس مرسي الكاتب الامريكي توماس فريدمان.

فالمستر فريدمان لم ينتقد زيارة الرئيس مرسي الى المملكة العربية السعودية، وهي دولة غير ديمقراطية، ولا يعرف شعبها شيئا اسمه صندوق اقتراع او برلمان منتخب، وغير مسموح ان توجد فيها حركة ديمقراطية، خضراء او زرقاء، على غرار الحركة الاصلاحية الايرانية. ومن المؤكد انه كان سيرحب بحرارة اكبر بالدكتور مرسي لو كانت اول زيارة خارجية له الى تل ابيب.

الدكتور مرسي إستغل وجوده في قمة عدم الانحياز للانحياز الى جانب المعارضة السورية، وقد يكون بذلك سحب البساط من تحت اقدام دول احتلت موقع الصدارة في هذا الملف، مثل تركيا، والمملكة العربية السعودية ودولة قطر، ووضع مصر بثقلها الاقليمي امام عجلة القيادة في هذا الملف، وملفات اخرى حالية ومستقبلية."

أما صحيفة الأهرام المصرية فقد سلطت الضوء على الدور الجديد الذي يمكن أن تلعبه حركة عدم الإنحياز في الظروف العالمية الراهنة في مقال تحت عنوان "الانحياز المطلوب":

"لابد أن يتحول شعار الحركة التي تضم عددا كبيرا من الدول النامية من عدم الانحياز إلى الانحياز الإيجابي للحق والعدل والسلام والتعاون ورفع مستوى المعيشة، فالدول النامية مشكلاتها كثيرة، من الحاجة إلى التكنولوجيا والمساعدات المالية للتنمية, مرورا بالسلاح للدفاع عن أرض الوطن، إلى المساعدة في إخماد النزاعات الانفصالية في الداخل سواء كانت عرقية أو دينية.. عدم الانحياز هنا يجب أن يطبق، ليس فقط مع الدول المعتدية أو المحتلة لأراضي غيرها، وإنما أيضا مع أنظمة الحكم التي تقمع شعوبها وتحكمها بالحديد والنار وتحجب عنها شمس الديمقراطية ولا تحترم حقوق الإنسان وتقتل أبناء شعوبها الساعين إلى تنسم رياح الحرية والديمقراطية.

هدف آخر لا يقل أهمية، هو التعاون الحقيقي بين دول الحركة للنهوض اقتصاديا لتقوية شوكة الحركة نفسها في مواجهة التكتلات العالمية، بأن تساعد دول متقدمة تكنولوجيا مثل الصين والهند والبرازيل دول الحركة الأخرى في نقل التكنولوجيا لتحقيق التنمية المنشودة، وكذلك الدول القادرة اقتصاديا تساعد الفقيرة لتحقيق تطلعات شعوبها المشروعة."

صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية نشرت مقالا حول القمة بعنوان "قمة طهران اثبتت فشل المقاطعة الامريكية":

"تستضيف طهران قمة حركة عدم الانحياز رغم تشديد العقوبات من قبل الادارة الامريكية ورغم ان الغرب بقيادة الولايات المتحدة يحاول مواجهة المشروع النووي الايراني.

وقمة طهران انعقدت بحضور قادة مئة وعشرين دولة في العالم والسيد بان كي مون الامين العام للامم المتحدة رغم الضغوط الامريكية ما دل على فشل الولايات المتحدة في عزل ايران ومقاطعتها، حيث يعتقد الكثير من الخبراء السياسيين ان قمة عدم الانحياز تشكل ورقة بيد ايران لتأكيد اهدافها وخاصة في ادانة المجموعة الغربية، والبعض الاخر اعتبر القمة قمة الامل لايران لتدافع عبرها هذه الدولة عن برنامجها النووي. لان انعقاد هذه القمة من شأنه ان يزيد من عدد الداعمين لهذا البرنامج، ما يثير القلق الامريكي والغربي من جراء زيادة الدعم الدولي للمشروع النووي الايراني، كما ان القمة من شأنها ان تساهم في وضع حلول للازمات الاقليمية نظرا للظروف الحساسة التي تعيشها المنطقة، ومنها الازمة في سوريا."
وتؤكد صحيفة كامر سانت الصادرة في موسكو ما أوردته صحيفة الفايننشال تايمز اللندنية عن إستغلال إيران فرصة إنعقاد قمة عدم الإنحياز لتعزيز دورها في الوساطة لحلحلة الأزمة السورية، وتأكيد سلمية مشروعها النووي، وتؤكد هذه الصحيفة في مقالها:

"اقترح القادة في طهران تشكيل مجموعة اتصال للازمة السورية تفعل المفاوضات بين الحكومة والمعارضة من اجل الوصول الى حل لهذه الازمة. وسيكون اعضاء الترويكا لحركة عدم الانحياز بالاضافة الى العراق ولبنان من اعضاء هذه المجموعة.

كما ان طهران تستثمر هذه الفرصة لاثبات سلمية مشروعها النووي لأكثر من ثلثي دول العالم، ولذلك اكد القائد اية الله السيد علي الخامنئي في حديثه للقمة مبدأ الطاقة النووية للجميع والسلاح النووي ليس لأحد، منتقدا بشدة الادارة الامريكية التي تعتبر الدولة الوحيدة التي استخدمت السلاح النووي الفتاك."

فيما أكدت صحيفة "خبرين" الباكستانية على أهمية القمة المنعقدة بطهران ودورها المرتقب في التقريب بين وجهات النظر مشيرة الى الخلافات بين الهند وباكستان واللقاء الذي جمع بين الرئيسين لهاتين الدولتين، في مقال عنوانه "لا حل لقضية فلسطين الا عبر تحقيق السلام في الشرق الاوسط":

"اكد رئيس الوزراء الباكستاني انه لا حل للقضية الفلسطينية الا عبر تحقيق السلام في الشرق الاوسط. وهذا ما اشار اليه قائد الثورة الاسلامية آية الله خامنئي، عند افتتاحه اجتماع القمة السادسة عشرة لحركة عدم الانحياز في طهران، حيث أكد فشل كل المشاريع الغربية والامريكية لحل قضية فلسطين، قائلا ان الحل الوحيد هو اجراء استفتاء يشارك فيه كل اصحاب الارض.

وتضيف الصحيفة: "ان قمة طهران تشكل فرصة لاعضاء الحركة لايجاد حلول جذرية للقضايا والازمات الاقليمية والدولية مشيرة الى الاجتماع بين الرئيس الباكستاني ورئيس الوزراء الهندي على هامش القمة والذي يدل على ارادة الطرفين لحل الخلافات بينهما، تلك الخلافات التي ادت الى تدخل امريكي سافر في هذه المنطقة من اسيا، وشن هجمات جوية عدوانية على مناطق القبائل الباكستانية، واثارة الفوضى في هذه المنطقة."

صحيفة الخليج (الفارسي) الإماراتية نشرت مقالا بعنوان "حركة عدم الانحياز بين الجمود والتجدد" أشارت فيه الى الضغوط التي جرت لإفشال قمة طهران والتي باءت بالفشل مؤكدة أهمية هذه القمة في الظروف العالمية الراهنة، الأهمية التي تتطلب تفعيل دور الحركة في الكثير من الملفات وتقول هذه الصحيفة:

"في معرض الترحيب بانعقاد قمة حركة عدم الانحياز في طهران، وعد الناطق بلسان الخارجية الإيرانية بتحويل فترة الثلاث سنوات التي سوف تترأس إيران القمة خلالها، إلى فرصة لتفعيل الحركة وتعزيز مقامها الدولي. وبدا هذا الوعد مغاليا في ضوء التوقعات المتشائمة التي رافقت التحضير للمؤتمر.

ولكن خلافا لهذه التوقعات، فقد حضر الجلسة الأولى للمؤتمر مندوبو الدول الأعضاء البالغ عددهم 120، وحصل المؤتمر على دعم أممي مهم عندما أعلن بان كي مون الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، عزمه على حضوره. إن اجتياز عتبة عدد ومستوى الحضور يسمح لطهران بالقول إنها حققت نجاحا نسبيا في عقد مؤتمر عدم الانحياز، رغم الضغوط التي مارستها دول أطلسية بغرض إفشاله.

فهل تستطيع طهران تفعيل دور الحركة في تحقيق السلم والتحرر والتنمية وغيرها من الأهداف التي رسمها لها الآباء المؤسسون في مؤتمرها التأسيسي العام 1961؟

فحبذا لو يركز الزعماء الإيرانيون على هذا الهدف، وأن يعملوا على تحقيقه عبر حركة عدم الانحياز، وعبر الأطر المشروعة للنظام الدولي. من بين أهداف عدم الانحياز في تحقيق السلم والتحرر والتنمية، ينبغي القول هنا، إنه رغم الانتقادات الكثيرة التي توجه إلى حركة عدم الانحياز التي نشأت في مطلع الستينيات، فإن سجلها لا يخلو من الإنجازات، خاصة على صعيد التحرر. اذ أسهمت الحركة في تحويل العالم الثالث من مجال لصراعات القوى الكبرى الجيوسياسية، إلى مجموعة من الدول المستقلة التي اجتهدت في بلورة مفهومها الخاص للعلاقات الدولية. كذلك أسهمت هذه الحركة، وفي إطار هذا المفهوم، في دعم نضالات إفريقيا ضد الأبارتايد والعالم ضد الأنظمة الاستبدادية، وفي إطلاق عدد من الصيغ والمشاريع التي غذت النضال الفكري والإنساني، كالدعوة إلى إقامة أنظمة جديدة عالمية في مجالات الاقتصاد والإعلام."