الوكالة" والتحدیات النووية الحقيقية"

الوكالة
الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٨:٣٣ بتوقيت غرينتش

لا يختلف اثنان في ان الدمار الذي سببته اميركا للبشرية على مدى العقود السبعة الماضية، هو مثال صارخ لاستهتار حكومات الولايات المتحدة بالقوانين الدولية ونقضها جميع المعاهدات والقرارات الرامية الى اقرارالامن والاستقرار في العالم.

نقول هذا في معرض الاشارة الى سياسات الحظر والمنابذة والعقوبات التي تطبقه واشنطن والعواصم الاوروبية ضد الجمهورية الاسلامية بحجة البرنامج النووي الايراني. فالثابت انه لا یمکن التشکیک فی سلمية نشاطات طهران، باعتبار ان المنشآت النووية الايرانية خاضعة لاشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي التي نفذت اكثر من خمسة الاف طلعة تفتيش في انحاء البلاد منذ نحو (7) سنوات.
ويعود الفضل في ذلك الى التعاون المفتوح الذي يقدمه مسؤولو البلاد وعلماؤها وخبراؤها من اجل تبديد  الهواجس والمخاوف التي تثيرها الدوائر الغربية والصهيونية والاطراف الاقليمية المتواطئة معها على مناهضة حركة التطور والانجاز والابداع ذات الاهداف التنموية والطبية والعلمية في الجمهورية الاسلامية.
لكن على الرغم من هذا التعاون فان  هذه الدوائر المعروفة بمواقفها الملتوية وسياستها المخادعة، لاتفتأ تضرب على وتر الابتزاز والتضليل والمخاتلة من اجل ابقاء ايران تحت طائلة المساءلات غير المبررة والضغوط اللامشروعة، مع ان العلاقات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ايجابية وشفافة وعملية الى ابعد الحدود.
فقد اعلن كبير مفتشي الامم المتحدة ونائب رئيس الوكالة (السيد هيرمان ناكيرتس) يوم الخميس 13-12-2012 عقب محادثاته في طهران وعودته الى فيينا:
"ان وفد الوكالة الدولية الذرية تمكن من احراز تقدم وقد اجرى اجتماعات جيدة" مشيرا الى "ان من المقرر اجراء المزيد من المحادثات مع الجمهورية الاسلامية يوم 16 كانون الثاني ــ يناير 2013".
وانطلاقا من هذا التفاهم القائم على الاحترام المتبادل والتعاون البناء، يمكن الخروج بالملاحظات الآتية:
أولا: ان المفاوضات بين ايران والوكالة هي ذات طابع تقني مهني اختصاصي ولايشوبها أية شبهات باعتبار ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية تراقب الانشطة النووية السلمية في مختلف انحاء البلاد مراقبة دقيقة منذ سنوات وان تقارير مفتشيها وخبرائها ووفودها اثبتت بما يقطع الشك باليقين ،عدم جنوح هذه الانشطة نحو الاستخدامات العسكرية او الحربية مثلما تزعم الدوائر الاميركية والاوروبية والاسرائيلية.
ثانيا: تأكيد الجمهورية الاسلامية على بقاء المحادثات مع الوكالة وحتى مع مجموعة (5+1) في نطاق الموضوع النووي تحديدا، والابتعاد عن الخوض في ملفات سياسية وعسكرية جانبیة غيرها لا تمت للقضية بصلة، وذلك على غرار الضجة المفتعلة بشأن (موقع بارتشين العسكري). فالمراقبون والخبراء في المنطقة يعرفون هم ايضا ان اثارة تفتيش هذا الموقع ليست سوى ذريعة لوضع ايران في دائرة الاتهام والشك والریبة. ومع ذلك فان طهران لا تمانع في اجراء مثل هذا "التفتيش" شريطة تخلي الغرب عن اساليب الحظر والحصار والتضييق التي لاتستهدف سوى ايذاء الشعب الايراني وحرمانه من الاحتياجات الضروریة للاغراض الطبية والانسانية والخدمية.
ثالثا: احترام ايران لميثاق الوكالة الذرية ومعاهدة حظر الانتشار النووي (NPT) وبذلها المساعي الحميدة لنزع الاسلحة النووية وترسانات التدمير الشامل الحربية من الشرق الاوسط والعالم أجمع. وازاء ذلك فقد ادانت الجمهورية الاسلامية الخطوة الاميركية بتاجيل مؤتمر عالمي كان من المقرر عقده نهاية العام الجاري 2012 في هلسنكي لهذا الغرض، الشيء الذي يبرهن على بطلان المزاعم والادعاءات التي يتشدق بها الغربيون تحت ذريعة العمل من اجل حماية الامن والسلم الدوليين.
رابعا: ان الوكالة الدولية مطالبة رسميا بادانة الانظمة والاطراف التي لا تقيم وزنا لميثاقها وقوانینها ولمعاهدة (NPT) ، وعلى رأسها اميركا التي اقدمت مؤخرا على تجربة تفجير نووي خطير في صحراء نيفاذا بالولایات المتحدة ،وكذلك الكيان الصهيوني الذي لايخفى على احد في المنطقة والعالم بانه يمتلك المئات من الصواريخ ذات الرؤوس النووية فضلا عن ترسانات اسلحة القتل والابادة والتدميرالشامل.
ومع التاكيد على رغبة المجتمع البشري في، اقامة نظام عالمي خال من اية نزعات او سلوکیات عدوانية او ارهابية هوجاء، فان من المستحيل هنا الجمع بين التناقضات القائمة، ما لم يتم وضع الامور في نصابها. لان موضوع الامن والسلم الاقليميين والدوليين، ليس امرا ترفيا او دعائيا يطبق على بعض ويستثنى منه البعض الآخر، بل هو مطلب انساني مصيري ، لايقبل سفاسف الجدل البیزنطي او المعايير المزدوجة اوالشعارات الزائفة.
حمید حلمی زادة