دول مجلس التعاون وفشلها في تحقيق التنمية والأمن !!

دول مجلس التعاون وفشلها في تحقيق التنمية والأمن !!
الجمعة ٢١ ديسمبر ٢٠١٢ - ٠٨:٤٦ بتوقيت غرينتش

يعقد زعماء الدول الست الاعضاء في مجلس التعاون في الخليج الفارسي هذا الاسبوع قمتهم الاعتيادية في المنامة ، لبحث أهم التحديات التي يواجهها الاعضاء في الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة وخاصة في ظل معارضة قوية لحكم أل خليفة في البحرين والقمع الوحشي للمطالبين بحقوقهم المشروعة وكذلك ما يواجهه المجلس من خلافات بين الكويت وقطر والتهم الموجهة من ساسة كويتيين للمسؤولين القطريين بالتدخل في الشان الداخلي للكويت والعمل على اثارة الاضطرابات في هذه الدولة الصغيرة التي تواجه معارضة من جانب مجموعات قبلية وطائفية وسلفية تريد الاطاحة بأسرة ال صباح .

فالعديد من دول المجلس يواجه  معارضة متنامية من فئة الشباب وخاصة في البحرين حيث يرى هؤلاء الشباب الثورات في المنطقة العربية والتي اطاحت بطواغيت مثل حسني مبارك وزين العابدين بن علي  ومعمر القذافي بسبب حكمهم المطلق والاستئثار بالسلطة وعدم منح الحريات لشعوبهم ، هولاء الشباب  يرون بأن حكامهم الجاثمين على صدور شعوبهم منذ عشرات السنين يعارضون منح شعوبهم ابسط حقوقهم  ، ويحكمونهم بالحديد والنار ويعارضون اقامة برلمانات ودساتير ومنح الشعوب دورا في ادارة شؤونهم ويستأثرون باموال النفط ويبذرونها على ملذاتهم دون رقيب أو حسيب.
الحكام في أغلب دول مجلس التعاون يحكمون بلدانهم حكما  قبليا ديكتاتوريا  ولا يسمحون للمعارضة بطرح مطالبها وخير مثال على ذلك ، ثورة الشعب البحريني الذي بدأ حراكه السلمي في شباط فبراير 2011 ولا زال مستمرا ويواجه قمعا من جانب ملك البحرين الذي يحظى بدعم حكام السعودية والولايات المتحدة والغرب.
فدول مجلس التعاون  فتحت ابواب بلدانها على مصراعيها للقوات الامريكية والاوروبية ومنحتها قواعد عسكرية وها هي بلدان المجلس أصبحت قواعد للقوات الامريكية والغربية التي تسرح وتمرح في منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز بحجة الدفاع عن دول المجلس في مواجهة البرنامج النووي الايراني.
فمجلس التعاون الذي أسس في 25 مايو 1981 بامر من الولايات المتحدة لمواجهة الثورة الاسلامية الفتية وتقديم المساعدات للنظام العراقي في حربة ضد
ايران كان يهدف
ايران كان ي في اعلان تأسيسه " إلى تحقيق التنسيق والتكامل والترابط بين دوله في جميع الميادين وصولاً إلى وحدتها وتوثيق الروابط بين شعوبها، ووضع أنظمة متماثلة في مختلف الميادين الاقتصادية والمالية، والتجارية والجمارك والمواصلات، وفي الشؤون التعليمية والثقافية والاجتماعية والصحية والإعلامية والسـياحية والتشـريعية، والإدارية، ودفع عجلـة التقـدم العلمـي والتقني في مجالات الصناعة والتعدين والزراعة والثروات المائية والحيوانية، وإنشاء مراكـز بحـوث علميـة وإقامـة مشـاريع مشـتركة، وتشـجيع تعـاون القطاع الخاص" .
ان ما جاء في الاعلان التاسيسي لمجلس التعاون حول التنسيق والتكامل والوحدة ،  بقي منذ أكثر من ثلاثين عاما حبرا على ورق وها هو تقرير اصدرته شركة  الشال للاستشارات  اكد على فشل مجلس التعاون في تنفيذ شعاراته .
و يقول التقرير ان مجلس التعاون فشل  بعد أكثر من 30 عاما في أبسط شؤون التعاون الاقتصادي، وهو يريد درس إمكانات القفز إلى الاتحاد، أي الاندماج، الكامل، سياسياً واقتصاديا ، وذكر التقرير انه  مازالت اجتماعات القمة تفتقر إلى منهجية مقبولة، ومازالت لا تهتم، كثيراً، بما يحدث، وبما سوف يحدث، على أرض الواقع، سوى ذلك الجزء المتعلق بالأمن، بمفهومه الضيق..
ويضيف تقرير شركة  الشال للاستشارات  بالقول ان  السوق المشتركة، بجناحيها، الاتحاد الجمركي والوحدة النقدية، فشلت في مشروع الاتحاد الجمركي، و فشلت دول المجلس في الاتفاق على آلية اقتسام حصيلتها وتحديد قوائمها وتبادل معلوماتها. وفي مشروع الوحدة النقدية، اختلفت الدول على مقر البنك المركزي الموحد، وانسحبت دولتان من المشروع، وانسحبت، جزئياً، ثالثة، من ربط عملتها بالدولار الأميركي، وتأجل نفاذ المشروع عشر سنوات، على الأقل. ذلك الخلاف كله سوف يصبح لاشيء عندما يأتي الأمر إلى نقاش حقيقي، حول تكوين السلطة المركزية السياسية، وكما حال الفشل في تحقيق التعاون الاقتصادي، لن تكون الشعوب، عند فشل مشروع الاتحاد..
وذكر التقرير نموذجا آخر على التخبط، وهو الإعلان المبكر لضم الأردن والمغرب إلى مجلس التعاون ، وكما تأسس مجلس التعاون، كرد فعل على الثورة الإيرانية، كان هذا الإعلان رد فعل مبكراً على أحداث الربيع العربي. ولأن تمرير انضمامهما غير قابل للتطبيق، والاختلاف حدث عليه بين القادة، جاء قرار القمة، الأخير، بتأسيس صندوق للتنمية خاص بالبلدين، برأسمال 5 مليارات دولار بنصف المبلغ لكل منهما، وهو قرار للتعويض عن مقترح متسرع ..
إن القفز على الواقع، يزيد من مستوى الإحباط على مستوى الشارع، في دول المنطقة التي لم تلحظ إنجازاً حقيقياً له، سوى على مستوى متواضع، مثل انتـــقال مــــواطنـــيها عبر حدودها بالبطاقة المدنية الممغنطة..
وقالت «الشال» إن ما يحدث في العالم وضمن المحيط العربي، أمر جلل، أهم قواعده، أن الماضي لم يعد يصلح وسيلة قياس، رئيسة، لمسار المستقبل، وأهم متطلباته، أن علاقات القمة بالقاعدة، أصبحت ضرورة أن تترجم أعمال القمة إلى مصالح أساسية، لتلك القاعدة -أي الشعوب-. وبدلاً من بيع آمال لن تتحقق، لابد من البدء في تدوين سجل من الإنجازات، الحقيقية والملموسة، لمعظم الناس، ولو متواضعة، فالمجلس مازال يفتقر إلى أي سجل يمكن الدفاع عنه. .
وقد صدرت أخيرا دراسة من تأليف الدكتور يوسف خليفة اليوسف ونشرها
مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عالج فيها  المؤلِّف، بالتحليل والتوثيق والنقد، الأسباب الكامنة وراء فشل بلدان مجلس التعاون في تحقيق التنمية والأمن، والمؤلف  يرجع هذا الفشل إلى وقوع هذه المنطقة في مثلث مفرغ، أضلاعه هي النُظُم السياسية الوراثية التي تمتلك ثروة نفطية طائلة، وتفتقد الرقابة المجتمعية، وتعتمد على القوى الأجنبية. وبالتالي، فإن الخروج من هذا المثلث يتطلب تصحيح مسار هذه البلدان، وذلك باستبدال أضلاع المثلث الحالية بثلاثة أضلاع أخرى، حيث يتم استبدال النُظَم الوراثية الحالية بنُظُم فيها حرية ومشاركة ومساءلة، واستبدال الاعتماد المفرط على النفط ببناء إنسان منتج، واستبدال الوجود الأجنبي بتكامل إقليمي، وتكامل مع المحيطين العربي والإسلامي.
و يرى المؤلِّف أن محور المسألة برمّتها هو غياب المشاركة السياسية وما تعنيه من مساءلة ومحاسبة وتمحيص لسياسات حكومات هذه البلدان، وترشيد لقراراتها المختلفة – هذا الغياب جعل مسيرة التنمية في هذه البلدان تتصف بالتخبط والفشل، ذلك في الوقت الذي أدت فيه سياساتها الأمنية إلى مزيد من عدم الاستقرار، وإلى إضعاف النظام الإقليمي العربي الذي يعتبر صمّام أمان لأمنها وازدهارها، وما نتج من ذلك من تدخل سافر للقوى الأجنبية في شؤون المنطقة، إضافة إلى اختلال موازين القوى لصالح إسرائيل في دائرة النظام الإقليمي العربي .
من المؤكد ان اجتماع قمة دول مجلس التعاون الذي سيعقد في المنامة،  سوف لن يخرج بقرارات حاسمة ، لان الاجتماع هو اجتماع روتيني والمجلس كما اكد الخبراء قد فشل خلال اكثر من ثلاثين عاما في تنفيذ أي بند من بنود  بيانه التاسيسي  ، بل ان قراراته هذه المرة ستكون تكرارا للاجتماعات السابقة .
شاكر كسرائي