لو كان بن غوريون موجود اليوم لأرسلوه الى لاهاي

لو كان بن غوريون موجود اليوم لأرسلوه الى لاهاي
الجمعة ٣١ مايو ٢٠١٣ - ٠٦:٥٠ بتوقيت غرينتش

نشرت صحيفة هآرتس الاسرائيلية مقالا اعترفت فيه بالجرائم الاسرائيلية بقيادة بن غوريون وخاصة خلال فترة 1948، من قتل وسلب ودمار وتهجير ضد الشعب الفلسطيني وجعله القضية هروب الفلسطينيين ويضيف كاتب المقال اذا كان بن غوريون موجودا اليوم لأرسلوه الى لاهاي كمجرم حرب.

ويأتي في المقال: اذا كان الوف بن قد عرف ابناء جيله هذا الاسبوع بانهم ‘اولاد بيغن’ (‘هآرتس′ 27/5)، فقد كنا نحن ابناء الجيل السابق اولاد بن غوريون. وقد غلف الاجلال، بل قدر لا يستهان به من عبادة الشخصية كما يجب أن نعترف، اكبر ساستنا.
وصحبه ايضا في حالتي الخاصة بعد جدي الذي بقي من انصار بن غوريون حتى في عزلة الاب المؤسس المتأخرة. صوت جدي لحزب رافي وبعد ذلك للقائمة الرسمية ـ د.ع. م، وكان شعاره ‘ان تعلم في قلبك ان الحق معنا’ قد صحب حداثتي. وكنا جميعا ابناءه وقلنا جميعا نعم للعجوز ما عدا اولاد حزب حيرون والشيوعيين القليلين. لم تتصدع صورة ديفيد بن غوريون قط، حتى حينما تم الكشف عن النكبة.
وحينما كشف المؤرخون الجدد عن جرائم حرب في 1948، وحينما فهمنا أيضا أن ليس العرب جميعا هربوا بامر من قادتهم، وحينما عرفنا ايضا أننا لم نكن ‘قلة في مواجهة كثيرين’، وحتى حينما ظهرت بقايا القرى من تحت حراج الكيرن كييمت، وحينما ظهرت الحقيقة عن عمليات الرد، وحينما بلغنا سن الرشد وتعلمنا وفهمنا ان ليس كل ما قالوه لنا في طفولتنا كان حقا. حتى بعد كل ذلك بقي بن غوريون جليلا في الوعي كما كان. ومع كل التقدير لعظمته حان الوقت للفحص ايضا عن جوانبه المظلمة، وحان الوقت لنقرأه من جديد.
نشر المؤرخ شاي حزكين قبل نحو من اسبوعين في صحيفة ‘هآرتس′ تقريرا صحافيا مقلقا ‘التحقيق الذي كان يفترض أن يبرهن على أن العرب هربوا في 1948′ عن تجنيد الاكاديميا لخدمة دعاية بن غوريون. فقد دعا بن غوريون في معهد بحث اكاديمي يبرهن على أن الامور لم تقع قط، وأن العرب جميعا هربوا ولم يطرد احد.
اشتعلت الارض تحت قدمي السياسي ذي الوعي التاريخي المتطور، وادرك انه يجب أن يروج لاكذوبة دعاية، ولم تستقر آراء المؤرخين الى اليوم على أنه أكان بن غوريون قد أمر بأمر أو بغمز او علم على الاقل، ويثبت بحث حزكين انه قد علم حقا.
كانت هناك الرملة واللد ومئة وعشرون قرية اخرى على الاقل، طرد سكانها بالقوة، وباعمال ذبح وسلب، وكان طرد جماعي بمقادير تطهير عرقي في عدد من مناطق البلاد، وربما عدة اعمال اغتصاب ايضا. وكان هنالك بالطبع منع عودة ابناء البلاد الذين فروا خشية الحرب من بيوتهم.
ما يزال غير قليل من الامور سرا في الارشيفات، لكن لم يعد احد يستطيع أن يزعم ان بن غوريون الذي كان يشارك في كل شيء لم يأمر ولم يعلم او لم يوافق على الاقل.
ان ما حدث في 1948 وفي السنوات الاولى التي بعدها ينبغي الا نفصحه بالعيون الانتقادية في 2013. فقد كانت "اسرائيل" تقاتل آنذاك دفاعا عن وجودها، وكان العالم ايضا مختلفا. الواضح أن هذه الاعمال لو وقعت اليوم لحظيت بتعريف جرائم حرب بصورة قاطعة، ولكان المسؤولون عنها يحاكمون في لاهاي.
خذوا مثلا عملية الرد في قبية في 1953 فقد رمى متسللون قنبلة يدوية على بيت عائلة يهود فقتلت اما وابنيها. وفي اليوم نفسه أمر بن غوريون بتدمير خمسين بيتا في قبية. وورد في الامر العسكري لـ’عملية شوشانا’ بصورة صريحة ‘تدمير بيوت واصابة سكان وجعلهم يهربون من القرية’.
وورد في الامر العسكري التالي: ‘القصد مهاجمة القرية واحتلالها المؤقت وتنفيذ تدمير، واكبر قدر من الاصابة في الارواح’ (بني موريس، ‘حروب اسرائيل الحدودية 1949 1959′) . وكانت النتيجة ان دمر 45 بيتا فوق ساكنيها، ووقع 69 قتيلا أكثرهم نساء واولاد. أفليست هذه جريمة حرب؟ الصحيح أن ارييل شارون شدد الامر العسكري، لكن القرار الاول بتدمير خمسين بيتا صدر عن جلسة مع بن غوريون في موقع استجمامه على شاطئ بحيرة طبريا. ألم يحن الوقت لنذكر له هذا ايضا "الى جانب أعماله العظيمة"؟
نشرت جمعية ‘زخروت’ (نتذكر) في الاونة الاخيرة خريطة جديدة فيها قائمة للقرى الفلسطينية الـ678 التي دمرتها "اسرائيل" في النكبة الى سنة 67. كم عدد السكان الذين طردوا وكم عدد الذين هربوا. لم ينته الجدل في ذلك، لكن شخصية بن غوريون تقوم فوق كل ذلك ولم يعد من الممكن انكار ذلك.

*هآرتس

تصنيف :