حرب الاقنعة في "اسرائيل"!!

حرب الاقنعة في
الجمعة ٣٠ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٣:٠٨ بتوقيت غرينتش

ينشغل الرأي العام العالمي هذه الايام بأنباء الهجوم الامريكي المحتمل على سوريا، ومعارضة البرلمان البريطاني لمشاركة بريطانيا في اي هجوم عسكري، بينما يقف الاسرائيليون في صفوف وطوابير طويلة لشراء الاقنعة المضادة للغازات خوفا من تعرضهم الى هجمات من جانب سوريا.

وذكرت وكالات الأنباء ان الاسرائيليين في المدن الكبرى وخاصة القدس وتل ابيب وحيفا  اقبلوا على شراء الاقنعة الواقية من الغازات السامة، خوفا من تبعات الهجوم العسكري الامريكي على سوريا والملفت ان الاسرائيليين تدافعوا وتعاركوا فيما بينهم بعد وقوفهم في طوابير للحصول على الاقنعة .وقد  أعلنت السلطات "الاسرائيلية"  أن 40% من السكان لن يحصلوا على أقنعة كهذه، وتبين أنه لا توجد في المدن والبلدات العربية أي مركز لتوزيع هذه الأقنعة.
ولهذا السبب وُجهت في الأيام الأخيرة انتقادات شديدة لجهاز الأمن "الإسرائيلي" بسبب النقص بالأقنعة الواقية من الأسلحة غير التقليدية، فيما  عبّرت غالبية ساحقة من الإسرائيليين عن معارضتها الدخول بالحرب في سورية، فيما تعرض رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، لانتقادات بسبب تهديداته المتكررة للرئيس السوري بشار الأسد.
وأظهر استطلاع للرأي العام في "إسرائيل"، نشرته صحيفة "معاريف" الجمعة، أن 77% من الإسرائيليين يعارضون تدخل "إسرائيل" في القتال الدائر في سوريا في حال عدم تدخل الولايات المتحدة، وقال 11% أن على "إسرائيل" التدخل، بينما أجاب 12% أنه ليست لديهم إجابة على سؤال كهذا.
وقالت الصحيفة إنه في الوقت الذي يسود فيه الشعور بأن نتانياهو يؤيد عملية عسكرية ضد سوريا "يبدو أن قسماً من المسؤولين رفيعي المستوى في محيطه أقل حماسة"، وأنه "فيما نتنياهو لا يترك شيئا للخيال عندما يهدد بالرد على أي صواريخ تُطلق من سوريا، يبدو أن قسما من زملائه حول طاولة المشاورات (الأمنية) يعتقدون أن على "إسرائيل" أن تصمت وتضبط النفس".
وأضافت أنه "بينه وبين نفسه يدرك نتانياهو  أن عليه أن يدرس رد الفعل "الإسرائيلي" جيدا، إذ أن سوريا ليست منظمة إرهابية ، وإنما هي دولة عدو بحجم آخر". وأشارت الصحيفة إلى أنه باستثناء وزير الدفاع، موشيه يعلون، ووزيرة العدل، تسيبي ليفني، فإنه يجلس في المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، الذي انعقد خلال الأيام الثلاثة الماضية، مع وزراء "غير قادرين على القول لنتانياهو  إنه يبالغ في تهديداته للأسد".
وأكدت الصحيفة أن مسؤولين في المؤسسة السياسية - الأمنية يعتقدون أن "نتانياهو يرتكب خطأ استراتيجيا عندما يهدد بتدمير سوريا ردا على إطلاق صواريخ" وأنه يتصرف مثل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، "الذي وضع خطا أحمر أمام السوريين وأوقع نفسه بفخٍ، وسيضطر في ساعة الامتحان إلى كسر كلمته والتصرف من خلال ضبط النفس".
وأضافت أن الولايات المتحدة تفضل أن تحافظ "إسرائيل" على ضبط النفس في حال نفّست سوريا عن نفسها عقب ضربة أميركية، بإطلاق صواريخ باتجاه "إسرائيل"، وأنه "ليس صدفة أن رئيس أركان الجيش "الإسرائيلي"، بيني غانتس، التقى مع جنرال أميركي، أول من أمس".
وتابعت الصحيفة أن الأميركيين "يريدون إنهاء الضربة العسكرية بسرعة، من دون أن تتدهور المنطقة إلى مواجهة نتيجة لأخطاء في تقدير ردود الفعل وردود الفعل المضادة.
من جهتها ذكرت صحيفة "يديعوت احرنوت" الاربعاء ان بلدية تل ابيب اوصت بفتح الملاجىء وابقائها على جاهزية تامة تحسبا لوقوع هجوم امريكي على سوريا واعلان الحرب حيث من المحتمل ان تقوم سوريا بضرب "اسرائيل" كرد على العدوان.
وقال المتحدث باسم البلدية "في ضوء الوضع الامني الراهن يجب على الاسرائيليين الاستعداد للدخول الى الملاجىء وتجهيزها بالمعدات اللازمة كأجهزة الوقاية و كمامات الغاز وغيرها".
وافادت صحيفة "هارتس" الاربعاء ان رئيس بلدية حيفا "يونا ياهف" طلب من وزارة الجبهة الداخلية الاسرائيلية بتوفير الحماية الكاملة على مخازن الامونيا والمواد الخطرة المتواجدة في خليج حيفا في اعقاب الوضع الامني في سوريا. واضاف "نحن نستعد لاي سيناريو كما العادة في ظل الاوضاع الامنية السائدة، ويجب اتخاذ تدابير جذرية واحترازية من اوهام الحرب على سوريا.
وقال " قررت وزارة الجبهة الداخلية الرئيسية التحقق من طلب حماية المواد الخطرة في المدنية من اي اعتداء صاروخي".  يذكر ان مدينة حيفا يوجد بها مخازن كبيرة من مادة الامونيا وهي مادة خطرة تحتوي على مواد كيماوية وسامة وان استهدافها سيعرض حياة الاسرائيليين للخطر.
الخوف والهلع يسيطر على الاسرائيليين ، لانهم يخشون تكرار حرب 2006 وحرب غزة  التي اقضت مضاجع الاسرائيليين ، وتسببت بانهيار معنويات جنودهم وفرارهم  من ساحة المعركة ، وهم الان يعارضون اي حرب تندلع في المنطقة لانهم يدركون جيدا بانهم سيكونون  من ضحاياها.
اما السيناريوهات المحتملة للحرب القادمة فقد تناولتها  الصحف الاسرائيلية الصادرة يوم الخميس وكتبت صحيفة معاريف الاسرائيلية تقول : إن العملية العسكرية، التي ستقودها أمريكا، أصبحت أقرب من أي وقت مضى، لافتةً إلى أنه بحسب تقديرات الأجهزة الأمنية في الدولة العبرية فإن احتمالات تعرض "إسرائيل" ضئيلة للغاية، وعلى الرغم من ذلك، فإن صناع القرار في تل أبيب، يستعدون لعدد من السيناريوهات المحتملة.
وتابعت الصحيفة قائلةً إن السيناريو الأول هو مشاركة "إسرائيل" في العدوان المرتقب على سوريا، مشيرةً إلى أن أي هجوم سوري ضد "إسرائيل" سيمنحها الشرعية الدولية للرد والمشاركة الفعلية بضرب أهداف من شأنها أن تقضي على النظام السوري برئاسة د. بشار الأسد.
علاوة على ذلك، أوضحت أن الرد الإسرائيلي سيكون بمثابة فرصة سانحة للقضاء على محور الشر ، ذلك أن تل أبيب تعتبر إسقاط النظام السوري هو فقدان محور الشر، كما أسمته، لأحد أهم أركانه، على حد تعبيرها.
أما السيناريو الثاني المحتمل فهو قيام المجموعات المسلحة في سوريا بالهجوم على "إسرائيل"، وهذا السيناريو يتمثل بقيام بعض الجماعات المسلحة الموجودة في سوريا والمؤيدة للنظام السوري بمهاجمة "إسرائيل" ببعض الصواريخ التي تمتلكها بهدف إشعال الحدود الشمالية سواء مع سوريا أو لبنان، في حين سينأى النظام السوري بنفسه عن تلك الجماعات.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت الصحيفة إلى أنى سيناريو مشابه يتمثل في قيام حزب الله اللبناني بتوجيه ضربة عسكرية لإسرائيل، إنْ كان ذلك من الأراضي السورية أو اللبنانية،. وتطرقت الصحيفة إلى السيناريو الثالث وهو قيام حزب الله بنقل أسلحة إستراتيجية من سوريا إلى لبنان، ونقلت عن المصادر الأمنية في تل أبيب قولها إن عملية نقل الأسلحة الإستراتيجية إلى لبنان قد تتم في خضم العدوان الغربي على سوريا، وفي حال تحقق هذا السيناريو، فإن الجيش الإسرائيلي سيقوم بإحباط هذه العمليات، كما أكد كبار صناع القرار في تل أبيب من المستويين الأمني والسياسي.
السيناريو الرابع، الذي تحدثت عنه الصحيفة يتمثل في إطلاق صواريخ كيميائية على عمق الدولة العبرية، ولفتت الصحيفة إلى أنه في الفترة الأخيرة الجيش الإسرائيلي بنشر 3 بطاريات أنظمة دفاعية، واحدة بطارية قبة حديدية وأخرى أنظمة صواريخ باتريوت واثنتين لمن طراز صواريخ حيتس والمخصصة لاعتراض صواريخ بعيدة المدى، كما تم رفع حالة التأهب القصوى في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وأوضحت الصحيفة أنه على الرغم من أن الدولة العبرية شهدت حالة غير مسبوقة من الهستريا، وذلك من خلال توجه الآلاف من الإسرائيليين إلى مراكز توزيع الكمامات الواقية، إلا أن احتمال إطلاق صواريخ كيماوية على "إسرائيل" ضئيل جدًا، لكن لا يمكن استبعادها بتاتاً.
وفي حال خرج هذا السيناريو إلى حيز التنفيذ فإنه من المتوقع قيام الجيش الإسرائيلي بالهجوم بكل قوته على سوريا، ونقلت عن مسؤول أمني إسرائيلي وصفته بأنه رفيع المستوى، قوله إنه في حال إقدام سوريا على إطلاق الكيميائي على الدولة العبرية، فإن الأخيرة سترد بصورةٍ تُعيد بلاد الشام إلى العصور الحجرية، على حد تعبيره.
أما السيناريو الخامس فيتحدث عن التزام "إسرائيل" الصمت وعدم الرد، وهو السيناريو المشابه تمامًا لما حصل في حرب الخليج (الفارسي) الثانية عام 1991 عندما حينما هاجمت أكثر من 34 دولة بقيادة الولايات المتحدة العراق، والذي بدوره قام حينها بإطلاق 39 صاروخًا من طراز (سكود)، ولم ترد تل أبيب بناءً على طلب واضح من واشنطن، التي خشيت من أن الرد الإسرائيلي قد يؤدي إلى فك الحلف ضد العراق، والذي عملت الإدارة الأمريكية في حينها من أجل بلورته. ولفتت الصحيفة إلى عدم وجود أنباء عن طلب أمريكي مشابه من إسرائيل، إلا أن تصريحات أمريكية طالبت "إسرائيل" الالتزام بالصمت حتى لو تعرضت لضربة جزئية.
أما السيناريو السادس والأخير الذي تأخذه الدولة العبرية في حساباتها فهو أن تتعرض لهجوم صاروخي من الجنوب، أيْ من قطاع غزة، وذلك بالتزامن مع العدوان الأمريكي ضد سوريا، موضحةً أن حركة الجهاد الإسلامي هي التي من الممكن أنْ تُنفذ هذا الهجوم، بمشاركة فصائل أخرى صغيرة.
أما حركة حماس، فقالت الصحيفة نقلاً عن المصادر عينها قولها إنها ستلتزم الصمت، إلا أن المصادر عينها لم تستبعد قيام حماس بإطلاق الصواريخ باتجاه "إسرائيل" .
وهذا الأمر وارد في حسابات الإسرائيليين، لأن حركة حماس، وبعد عزل الرئيس محمد مرسي في مصر، فقدت أهم حليف لها في المنطقة، ووفي حال مشاركة حماس في إطلاق الصواريخ، فإن جيش الاحتلال هدد بالرد بشكل قاس ومؤلم جدًا ضد قطاع غزة، في حين قالت الصحيفة إن الأجهزة الأمنية لا تتوقع وقوع ما أسمتها بأعمال العنف في الضفة الغربية المحتلة، وذلك لأن الرئيس السوري لا يتمتع بتأييد كبير في الشارع الفلسطيني.

شاكر كسرائي