على أوباما أن يفكر الف مرة قبل الضغط على الزناد

على أوباما أن يفكر الف مرة قبل الضغط على الزناد
السبت ٠٧ سبتمبر ٢٠١٣ - ٠٨:٤٩ بتوقيت غرينتش

يبدو ان الرئيس الامريكي باراك اوباما اصبح مقتنعا الى حد كبير بصحة مخططه الذي رسمه لسوريا بمساعدة اسرائيل والرجعية العربية ، والرامي الى تفكيك محورالمقاومة ، وإنقاذ إسرائيل من كابوس هذا المحور الذي جثم على صدرها منذ عام 2000 وحتى اليوم.

هذا الاقتناع بوجود فرصة تاريخية ، كما يراها هذا الثلاثي ، للانقضاض على محور المقاومة ، هو الذي دفع اوباما الى ان يخلع عنه لباس الحملان الذي اختفى وراءه حتى اليوم ، وظهر على حقيقته كزعيم حرب مثله مثل سلفه بوش.

الاستعجال في استغلال الفرصة التاريخية ، كما يراها هذا الثلاثي ، دفع اوباما الى تجاهل الامم المتحدة ، وعدم انتظار التقرير الاممي بشأن الجهة التي استخدمت السلاح الكيمياوي في سوريا ، الامر الذي جعله يقف وحيدا ، في مهمة انقاذ اسرائيل من محور المقاومة ، بعد ان تخلي عنه اقرب حلفائه وفي مقدمتهم دول الاتحاد الاوروبي وجناحه العسكري الناتو.

**لماذا يرى اوباما الفرصة سانحة لضرب سوريا؟

يرى هذا الثلاثي ، أمريكا واسرائيل والرجعية العربية، ان مخططهم في الانتهاء من المقاومة وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية ، وتمهيد الارضية امام شرق اوسط جديد تتربع على عرشه اسرائيل ، بات يحتاج الى ضربة عسكرية ضد سوريا ، تضع النقاط على نهاية حكاية الشرق الاوسط القديم برمته.

يعتقد هذا الثلاثي ، ويبدو اعتقدهم جازما كما يظهر من مواقفهم وتصريحاتهم !!، ان ضرب سوريا سيحقق لهم النتائج التالية:
-إضعاف قوة الجيش السوري
-خلق حالة من التمرد بين صفوف هذا الجيش
-خلق حالة من الاستياء بين ابناء الشعب السوري
-اشاعة الفوضى وانعدام الامن في سوريا
-دعم وتشجيع المجموعات المسلحة على الانتقال من مرحلة الدفاع الى مرحلة الهجوم للسيطرة على مناطق استراتيجية
-تجييش امبراطوريات اعلامية للنيل من معنويات الجيش والشعب في سوريا

يرى هذا الثلاثي ان هذه النتائج ستؤدي الى اسقاط النظام السوري في فترة قصيرة ، الامر الذي يستوجب الانتقال الى المرحلة الثانية ، والمتمثلة باطلاق يد المجموعات المسلحة في سوريا لارتكاب عمليات تطهير عرقي ومذهبي داخل سوريا بهدف تسخين الساحة اللبنانية ، التي ستكون ممهدة عندها لاحتضان هذه المجموعات ، المدفوعة بقوة سلاح ومال واعلام ، الثلاثي المذكور، بهدف محاصرة حزب الله وتلويث سلاحه في حرب داخلية لا ناقة له فيها ولا جملا.

يرى هذا الثلاثي ، ان الحلقة الاقوى في محور المقاومة ، وهي الجمهورية الاسلامية في ايران ، ستبقي وحيدة ، عندها سيكون بالامكان اشغالها من الداخل عبر اثارة النعرات المذهبية والقومية للضغط عليها لتخرج من معادلة الصراع مع اسرائيل ، وهو صراع لن يكون له اثر عندها!!.

**مصير المخططات الامريكية

التجارب التاريخية اثبتت ان ارادة الشعوب هي اقوي من ارادة المعتدي مهما تكبر و تجبر، فالرحيل وجر اذيال الخيبة والخسران ، هي نهاية كل معتد مهما اختلفت الازمنة والجغرافيا ، واما النصر فهو نصيب الشعوب الثائرة لا محالة.

صحيح ان المعتدين يضعون خططا ويكيدون المكائد ويستخدمون اقذر واخطر الوسائل لتحقيق اهدافهم اللامشروعة ، كما هو حال الثلاثي المذكور ومخططهم البائس للتخلص من محور المقاومة ، الا ان هذه المخططات تصطدم بارادة اخرى لطالما ابطلت سحر دسائس المعتدين وحولت مخططاتهم الى كوابيس تنغص عليهم حياتهم.

ان محور المقاومة ، وعلى العكس مما يراه الثلاثي الامريكي الاسرائيلي الرجعي العربي ، هو اليوم اقوى مما كان في اي وقت مضي ، فهذا الثلاثي ورغم كل ما يملك من امكانيات ، انهزم امام مقاتلي حزب الله في حرب تموز عام 2006 فاحُرقت مخططانهم ومات الشرق الاوسط الجديد قبل ان يولد.
هذا الثلاثي انهزم ايضا امام مقاتلي حركة حماس المحاصرين من البر والجو والبحر، فاحترقت مخططاتهم في غزة كما احترقت في لبنان.

اما حديث عجز هذا الثلاثي وتخبطه امام الجمهورية الاسلامية في ايران ، فهو حديث مطول ، ويكفي القول ان قوة ايران وتاثيرها على الساحتين الاقليمية والدولية ، هو خير دليل على فشل كل مخططات هذا الثلاثي ضد الشعب الايراني على مدى اكثر من 30 عاما.

اما سوريا المستهدفه حاليا من مخططات هذا الثلاثي ، فقد اثبتت قدرتها بشكل ملفت ، ليس على الصمود فحسب بل على تحقيق الانتصارات على المجموعات المسلحة رغم الدعم الهائل الذي تلقته من هذا الثلاثي والغرب بشكل عام ، وهو ما دفع هذا الثلاثي للتدخل مباشرة عبر التهديدات التي اطلقها اوباما ضد سوريا.

**هذه المرة تحترق أصابع أوباما قبل مخططاته

يرى بعض المراقبين ان الرئيس الامريكي باراك اوباما يعرف قبل غيره ان محور المقاومة وسوريا ليس باللقمة السائغة التي يصورها المخطط الذي وضعته مخابراته واسرائيل والرجعية العربية ، على طاولته ، والذي لا يحتاج سوى الى ضربة للانتهاء منه والى الابد.

ويعتقد هؤلاء المراقبون ان القاء اوباما الكرة في ملعب الكونغرس الامريكي ، رغم انه ليس بحاجة الى تفويض من الكونغرس لشن ضربة عسكرية ضد سوريا ، كان مؤشرا على شعوره بمدى خطورة ما سيقدم عليه ، وهو شعور لازم رئيس الوزاء البريطاني ديفيد كاميرون ولم يتحرر منه الا بعد ان حرره مجلس العموم البريطاني الذي رفض تدخل بريطانيا عسكريا في سوريا . ذات الشعور بخطورة الضربة العسكرية ضد سوريا وتداعياتها ، هو الذي دفع الاتحاد الاوروبي والناتو الى ترك اوباما وحيدا مع مخططه والتحريض الاسرئيلي وكيس الذهب العربي الرجعي.

اوباما لم يُترك وحيدا من قبل حلفائه فقط ، بل من قبل غالبية شعوب العالم وفي مقدمتها شعوب اوروبا وامريكا نفسها ، وهو ما اكدته نتائج الاستطلاعات الغربية والامريكية.

هذا الرفض الاوروبي الحكومي والشعبي والذي يترافق مع رفض اقوى واشد من روسيا والصين ومنظمة الامم المتحدة والفاتيكان ، ما كان ليقع لولا احساس الجميع بخطورة اي اجراء عسكري يمكن ان تقدم عليه امريكا ضد سوريا.

اخيرا على اوباما ان يتوقف مليا ، عند اسباب رفض الاخرين توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا ، فهذه الاسباب تكشف وبشكل لا لبس فيه قوة الطرف المُستهدف وقدراته الهائلة على الرد ، وهي قدرات سوف لن تحرق مخططات الثلاثي واصابع اوباما فحسب ، بل ستحرق الهدف الذي جازف من اجله اوباما بتوجيه هذه الضربة ، لذا على أوباما ان يفكر الف مرة قبل ان يضغط على الزناد.

* ماجد حاتمي