"حزب الله" نجح بقطع الطريق على اي التزام رسمي بالخارج

الثلاثاء ١٢ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٣:٣٨ بتوقيت غرينتش

نجح حزب الله بحملته التصعيدية في قطع الطريق على أي التزام لبناني رسمي في موضوع الحكومة أو أي ملف آخر في الخارج ولا سيما في المملكة العربية السعودية التي يزورها الرئيس سليمان في مرحلة بالغة الدقة والحساسية على الصعيد المحلي والإقليمي .

أوساط مراقبة أكدت لـ الديار بأن هذه الحملة التصعيدية القوية للحزب أتت بعد أن سرت معلومات بين أوساط بعض الدبلوماسيين والقيادات اللبنانية في بيروت بأن الحكومة العتيدة ستبصر النور فور عودة الرئيس سليمان من السعودية، وبان هذه الحكومة الجديدة ستشكل ضمن منطق ومسار قيام حكومة أمر واقع أي حكومة لا تراعي مطالب ولا خصوصية ولا هواجس شريحة واسعة وكبيرة في لبنان أي حزب الله وبقية مكونات فريق 8 آذار.

الأوساط أضافت بأن زيارة وزير الخارجية الأميركية جون كيري إلى السعودية الأخيرة واكبتها تسريبات في بيروت بأن هناك صفقة سعودية – أميركية تمت بشأن الموضوع الحكومي وذلك على قاعدة مقايضة مسألة تسهيل المملكة العربية السعودية موضوع انعقاد مؤتمر جنيف2 حول سوريا في مقابل ممارسة الولايات المتحدة الضغوط على إيران في سبيل تمرير وتسهيل تشكيل حكومة في بيروت تراعي واقع حلفاء المملكة العربية السعودية في لبنان. لذلك بعد الكلام الواضح لرئيس جبهة الضال الوطني النائب وليد جنبلاط الذي حذر فيه من مغبة الإقدام على أي خطوة ناقصة في موضوع تشكيل حكومة أمر واقع وذلك بإعلانه الصريح بأنه وفي حال الإقدام على مثل هذه الخطوة فإنه سيبادر بالطلب إلى الوزراء الدروز بالإستقالة من هكذا حكومة فوراً في حال تم تشكيلها، وبعد سلسة من الإتصالات والمباحثات في كواليس الاروقة السياسية، والتي عجزت جميعها في كبح جماح هذا التوجه نحو تتويج زيارة الرئيس سليمان إلى السعودية بتشكيل حكومة أمر واقع في لبنان كان لا بد لحزب الله من اطلاق ماكينة خطابه العالي النبرة واللهجة للتحذير من مغبة عواقب من هذه الخطوة على الوضع الداخلي، وبالفعل نجح حزب الله في وضع النقاط على الحروف في هذا الموضوع حيث جاء الكلام الواضح لرئيس الجمهورية بإن «زيارته للسعودية عنوانها لبنان، وانه لن يتكلم بموضوع الحكومة بالخارج».

وفي هذا الإطار أكدت مصادر وسطية لـ الديار بأن كافة القوى المحلية تعيش في لبنان تحت وطأة هاجس الصفقة الكبرى في المنطقة التي ما تزال بخلفياتها وأبعادها غامضة على القوى المحلية وحلفائهم الإقليميين الذين قد لا يتورعون في «لحظة تخلي» وضمن سياق البراغماتية السياسية ولعبة تبادل المكاسب والمصالح في التخلي عن حلفائهم في لبنان إذا ما اقتضت شروط وقواعد التسوية ذلك، سيما أن القوى الإقليمية وإن كان هامش المناورة لديها أكبر وأوسع بكثير من قدرة اللاعبين المحليين إلا أنه ايضا لهؤلاء اللاعبين الإقليميين سقف وحدود لمناوراتهم التي تقف في نهاية الأمر عند موازين القوى الدولية.

المصادر أشارت بأن لغة التهديد والتهويل المحلية هي لغة مرتبطة بمناخ الصفقة الدولية – الإقليمية التي ترخي بأثقال أعبائها على الأوضاع الداخلية التي تزداد هشاشة وانكشافا في ظل غياب أي بوادر حقيقية تدل عن اقتراب موعد اخراج الأزمة التي تعصف بالبلاد من عنق الزجاجة، لا بل إن كل المؤشرات تحمل ما يكفي من الدلالات التي تؤكد بأن حالة الفراغ الرهيبة التي يعيشها لبنان مستمرة حتى اشعار آخر.مشيرة بأن هناك من يستعجل توظيف المناخ الإقليمي الحالي لمصلحته تحسبا لإنقلاب وتبدل المعطيات لاحقا بعكس ما يشتهي، لذلك هناك من يسابق في خطابه التصعيدي رياح المتغيرات والمتحولات الإقليمية غير الثابتة والتي يمكن أن يمكن أن تأتي خواتميها بعكس كل الأجواء التي يحاول كل فريق سياسي في لبنان تفسير مسارها وفقا لحسابات مصالحه الداخلية ، في حين أن خواتيم تطورات الأحداث في المنطقة لا سيما في سوريا لن تأتي إلا في سياق مراعاة مصالح القوى الكبرى ضمن لعبة الأمم. وعليه، فإن التسوية القادمة لن تبصر النور إلا ضمن السياق الذي يراعي مصالح كل من أميركا وروسيا من جهة ومصالح بقية الأطراف الإقليمية الفاعلة في المنطقة من جهة أخرى والتي تأتي إيران والمملكة العربية السعودية على رأسها.

الأوساط نفسها أضافت بأن خطورة الأوضاع في لبنان يمكن الإستدلال عليها من خلال ما ما أدلى به امين عام الحزب العربي الديموقراطي رفعت عيد في المؤتمر الصحافي الأخير، ومن خلال الخطابات النارية في مهرجان طرابلس مما يدل بأن الأمور في البلد تسير باتجاه بعكس ما يحتاج إليه البلد من تهدئة وعقلانية في مقاربة وطرح الملفات والمواضيع ضمن خلفية تخفيف وطأة العوامل الخارجية السلبية على لبنان وسلمه الأهلي وعيشه الوطني المشترك. الأوساط وضعت الخطابات التصعيدية والتحريضية والتوتيرية غير المسبوقة التي تعيشها البلاد بخانة التشويش على زيارة الرئيس سليمان إلى المملكة العربية السعودية مع ما ستحمل ورائها من نتائج ، كما وضعتها أيضاً في خانة انعكاسات مسار تطور الملفات الساخنة في المنطقة لا سيما على خط الأزمة السورية والمحادثات الايرانية الغربية والاتجاه الايراني للالتزام بتحريك المفاوضات النووية، ما يدل بأن الوضع اللبناني القابع على برميل بارود سيبقى منتظراً اتجاهات الرياح الدولية والإقليمية المتحكمة بأزمات المنطقة برمتها وعلى رأسها الأزمة السورية التي سيكون لخواتيمها الأثر البالغ في رسم خريطة مستقبل لبنان.

الديار-هشام يحيى