السنة والشيعة ومخاطر الوقوع في شراك الوهابية

السنة والشيعة ومخاطر الوقوع في شراك الوهابية
الخميس ٠٨ مايو ٢٠١٤ - ٠٥:٥٣ بتوقيت غرينتش

يبدو ان مقالي الذي كتبته قبل ايام عن انتشار ظاهرة الالحاد في المملكة السعودية، اثار حفيظة الوهابيين الذين رفضوا ما جاء في المقال جملة وتفصيلا، متهمين الكاتب باشنع الاتهامات، ولم ينسوا ان يتوعدونه كعادتهم مع من يخالفهم، بالويل والثبور وعظائم الامور.

رغم ان المقال الذي جاء تحت عنوان "الإلحاد في السعودية.. إستغراب الإستغراب"، جاء تعليقا على نتائج دراسة اعدها معهد غالوب الدولي، والتي اظهرت ان نسبة الإلحاد تراوحت حسب الدراسة بين 5 و9 بالمئة من مجموع عدد سكان المملكة، وهي نسبة اكثر بكثير مقارنة مع دول العربية وحتى مع تلك التي تعرف بميولها العلمانية، وتضاهي ايضا نسبة الإلحاد في دول غربية.

قلت في ذلك المقال اني استغرب من الذين استغربوا من نتائج دراسة معهد غالوب حول انتشار ظاهرة الالحاد في السعودية، لان الغريب هو انتظار ان يترشح عن الوهابية انسانا سويا، فهذا الانتظار ضرب من الخيال، فالوهابية اما ان تلد تكفيريا واما ملحدا ولا ثالث لهما.

الذي اثار اهتمامي من مجموع ردود الفعل الوهابية على المقال، لم يكن كل ذلك الضجيج ولا ذلك الوعيد، بل الطريقة الخبيثة التي يتناول فيها الوهابية مثل هذه القضايا، فهم يعتبرون اي انتقاد لافكارهم الظلامية، انتقادا لعقيدة اهل السنة الكرام، ويحاولون عبر هذه الطريقة اثارة مشاعر البسطاء من المسلمين، رغم ان كل ما قيل لا يمس عقيدة اهل السنة لا من قريب ولا بعيد.

انطلاقا من قرائتي لردود الافعال على المقال السابق، شعرت ان الوهابية تحاول بشتى السبل، ان تتستر بعقيدة اهل السنة في صراعها الغريزي والمرضي مع الشيعة، رغم ان حقد الوهابية على عقيدة اهل السنة لا يقل عن حقدها على الشيعة، فعلماء السنة سبقوا علماء الشيعة في الرد على الافكار الشاذة لمؤسس الوهابية محمد بن عبدالوهاب، وقاموا بتاليف عشرات الكتب والرسائل، في الرد عليها وتحذير المسلمين من مخاطرها، الا ان الوهابية سعت وبطريقة في غاية الخبث عبر التمسك بقضايا مثل موقف الشيعة من الصحابة، عبر القاء شبهة ان الشيعة لايحترمون صحابة الرسول (ص) قاطبة الا ما ندر، والعزف على هذا الوتر، بينما يمكن لاي انسان ان يتصفح كتب علماء الشيعة ليقف على موقفهم من الصحابة الكرام، فالشيعة يبجلون اغلب صحابة الرسول (ص)، الا ما ندر منهم، وهم قلة قليلة، اتفق جميع اهل السير من المسلمين على دورهم السلبي في تاريخ الاسلام، وهو موقف يشاركه فيهم جميع اتباع المذاهب الاسلامية، وهو موقف منطقي وعقلي، الا ان الوهابية شذوا عن هذا الاجماع فهم يضعون الصحابة جميعهم دون استثناء في منزلة واحدة.

ان العقل السليم يحتم على الانسان المسلم، السني والشيعي، ان يحذر من الوقوع في شراك الوهابية التي نصبتها في طريق المسلمين، وزرع الفتنة في ديارهم وتشتيت مجتماعتهم، رغم انهم عاشوا قرونا متمادية جنبا الى جنب بسلام ومحبة، الى ان انتشر فيروس الوهابية في اجوائنا، فنال من وحدتنا ونخر جسدنا واضعف قوتنا، فاخذنا ندور في دائرة عبثية لا نهاية لها، تتحكم فينا افكار ظلامية ترشحت من عقل جاهلي متخلف قادم من الصحراء، وجد قوة دفع هائلة تمثلت بدولارات النفط.

ان بامكان اي مسلم بسيط ان يشم رائحة الوهابية النتنة من ردود الافعال على المقالات التي تنتقد جهلهم وافكارهم البليدة، فهم لايتورعون عن تكفير اي انسان حتى لو كان معلم من معالم العلم والتقوى، ويلصقون به اخس الصفات دون حياء او خجل، يستخدمون ادبيات ولغة تموج بالحقد على الحياة والانسان، ديدنهم ليس فقط اقصاء الاخرين بل تدميرهم والقضاء عليهم، تفوح منهم رائحة الفتن والفوضى والدم، وكل هذه الصفات لا تجدها ابدا في خلق وادب الانسان المسلم السني، لانها تتعارض مع ما تربى عليه من احترام اخيه المسلم حتى لو لم يتفق معه على قضايا ثانوية ليست من صلب الاسلام.

لذلك ادعو المسلمين والسنة والشيعة، من خطر الوقوع في شراك الوهابية المنصوبة في شبكات التواصل الاجتماعي، عليهم ان يفرقوا بين النفس السني والشيعي الاصيل وبين النفس الوهابي الذي ينضح سموما ويريد النيل من المسلمين خدمة لاجندات باتت معروفة للجميع، على المسلم الشيعي ان يعرف ان الذي يعقب على المقالات ويكتب التعليقات التي تفوح منها تلك الروائح النتنة التي اشار اليها، ليعرف ان هذا المتحدث هو انسان وهابي، ولا يضعه في خانة واحدة مع اخية المسلم السني، فاذا ما فعل ذلك فانه سيكون قد حقق للوهابي هدفه، في ضرب المسلمين بالمسلمين، كما ان على المسلم السني، ان يعرف ان مايقوله الوهابي عن اخيه المسلم الشيعي هو كذب وافتراء من الالف الى الياء، وان يرفض ان يتحول الجهلة والدخلاء على السنة الى متحدثين باسمها كذبا، وهم يملكون جهابذة العلماء.

اخيرا على المسلمين السنة والشيعة، ان يتسلحوا بوعي اسلامي اصيل، وان يستخدموا لغة رصينة في التخاطب، وان يحترموا جميع المذاهب الاسلامية، وان يبجلوا علماء الامة مهما كانت مشاربهم، عندها فقط ستتعرى الوهابية ويضيق بها الخناق وتخرس، فالوهابية لا يمكن ان تعيش في اجواء صحية تسودها روح التسامح والتضامن الاسلامي.

منيب السائح – شفقنا