سجّل.. الأنتصار يماني والفرحة ايرانية!

سجّل.. الأنتصار يماني والفرحة ايرانية!
الأربعاء ٢٢ أبريل ٢٠١٥ - ٠٩:٢٠ بتوقيت غرينتش

صباح الامس بدت كل المؤشرات السعودية تسير نحو التصعيد والمزيد من القصف الوحشي لما تبقى من مرافق عامة واسواق وجسور ومخيمات في اليمن الذي سلبت السعودية سعادته منذ زمن.

عسيري الذي بدا منذ فترة وكأنه مسؤول في الخارجية السعودية وليس عسكريا يؤكد استمرار القصف ويلوح بالحرب البرية والملك السعودي يستدعي قوات الحرس الوطني، فينتفض الامير متعب، صديق التويجري المختفي منذ رحيل الملك السابق ابو متعب، ملبيا نداء الوطن!
حتى المفتي الذي يعتمد في معلوماته على ما يقال له فقط، والذي افتى بالتجنيد الاجباري أثر تنصل باكستان والسودان ومصر وتركيا من المشاركة في الحرب البرية، وبعد أن ادى الخبر الى هروب العديد من عناصر الجيش السعودي خوفا من القتل على يد الحوثيين، كان له موقفا تصعيديا ضد ايران والحوثيين والشيعة والاعلام المعادي من صحف وتلفيزيونات ومواقع تواصل اجتماعي!

خبر صغير جاء من وكالة انباء الاذاعة والتلفيزيون الايرانية والذي انتشر كالنار في الهشيم ولم يصدقه كثيرون، افاد فيه مساعد وزير الخارجية الايراني عبداللهيان بأمله ان تتوقف الحرب خلال الساعات القادمة!

وبالنهاية تعلن السعودية عن وقف القصف الجوي، ويخرج الرئيس الهارب هادي ليبارك العدوان ويبارك وقفه!

ترى ما الذي حصل خلال اليومين الماضيين واجبر السعودي على ايقاف عدوانه والاعلان عن فشله "بصلف"...؟

بداية ولكي لانتساجل حول الفشل او عدمه، لننظر اليه من زاوية الاهداف السعودية للعدوان.. مالذي تحقق من اهدافه: فلا هادي عاد الى عدن، ولا "شرعية" صمدت أمام الزحف الحوثي، ولا الحوثي سلم اسلحته وعاد الى صعدة متخليا عن صنعاء.. كل ما حصل هو تدمير لليمن ستدفع السعودية وشقيقاتها ثمن اعماره مرغمة والاف من الشهداء والجرحى سيترك قتلهم دون ذنب وبنحو همجي بربري ثارات كبيرة مع السعودية ستستمر طويلا.. ناهيك عما تكبده السعوديون انفسهم وما كلفه عدوانهم، وتداعياته على علاقاتهم الاقليمية ووضعهم الداخلي.

لكن ماذا حصل ليخرج الموقف السعودي بهذه الفضيحة وما الذي جعل السعودية تفشل في اول عدوان لها.. رغم اننا لن نتوقع تقرير فينوغراد سعودي ليحاسب المسؤولين عن الفشل ويلقي باللائمة على وزير الدفاع او الملك، لاسباب يعرفها الجميع؟

بأختصار ان الذي أفشل العدوان هو الشعب اليمني وقيادته المقاومة البطلة بالدرجة لاولى، هذا الشعب الصامد، المقدام، الأبي والمؤمن بعدالة قضيته والموقف الذي هو عليه مقابل حفنة من المرتزقة المدعومين بوحشية القصف السعودي.. الذي افشل العدوان، هم حفاة اليمن وحزب المستضعفين من هذه الامة والمنتسبين لأبي تراب روحاً واداءً وليس بالعنوان الطائفي، الذي افشل العدوان ايمان السيد عبدالملك الحوثي الذي وقف غير مهادن ولا مستجيب لمطاليب المعتدين رغم عمليات الاغتيال التي دبرها المعتدي السعودي ومرتزقته للنيل من مقاومة اليمن من خلاله.
هؤلاء استطاعوا:
1. امتصاص ضربات العدوان السعودي والذي فشل في استهدافهم فأخذ يقصف عشوائيا كل الحياة في اليمن ولم تسلم منه مخيمات النازحين ولا مستودعات المنظمات الانسانية ولا معامل الحليب ولا بيوت الصفيح والطين بحجة تدمير الاسلحة البالستية للحوثيين!
2. تطهير مساحات شاسعة من ارض اليمن من مرتزقة هادي والقاعدة في آن واحد والممولين من السعودية وتحت وابل القصف الجوي والبحري.
3. تكبيد الجيش السعودي خسائر كبيرة في الارواح والمعدات، بواسطة عمليات نوعية على الحدود، لم تكشف عنها الحكومة السعودية خوف حصول بلبلة واضطرابات داخلية، حتى ان بعض الاخبار تحدثت عن نقل الجرحى الى مستشفيات خارج السعودية للتكتم على السعوديين وعدم تسليم القتلى للعديد من العوائل الى الان.
4. فشل السعودية في اغتيال اي قيادي يمني من الحوثيين او حلفائهم.
5. قدرة القيادة الحوثية على ضبط اداء قواتها والتنسيق مع حلفائها رغم 27 يوما من القصف و2500 غارة جوية!
6. فشل السعوديين في حصول اختراقات على جبهة تهامة (الساحل الغربي لليمن) وفي عدن جنوبا لتثبيت موطئ قدم على الارض.

لكن وفي ظل التكالب الدولي والاقليمي على هذا الشعب المسلم المقاوم، عدم سماع موقف مشرف من مجلس الامن وامين عام الامم المتحدة والاتحاد الاوروبي والجامعة الاعرابية ومنظمة التعاون الاسلامي، على مدى ثلاثة اسابيع من بدئ العدوان الذي استمر 27 يوما، كانت هناك عوامل اخرى ساعدت على وقف القصف:
1. ازدياد المظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية المنددة بالعدوان ووحشيته، وبعضها قام في بلدان منخرطة في العدوان بنحو وآخر.
2. انسحاب دول اقليمية مؤثرة كانت السعودية تستثمر على مواقفها، مثل باكستان وتركيا.
3. تنصل بلدان مشاركة في التحالف السعودي خوفا او كرها من الحرب البرية والتي هي المعركة الفيصلية والحاسمة في اي عمل عسكري، مثل مصر والسودان والمغرب والاردن.
4. تفسخ التحالف من داخله لتباين المواقف والرؤى والاولويات بين السعودية وبلدان خليجية اخرى في مقدمتها الامارات وقطر، فهذه الدول تحولت نحو تفضيل الحل السلمي منذ الايام الاولى للعدوان.
5. الدبلوماسية الايرانية النشطة التي ساعدت، بل وكانت السبب في الكثير من المواقف المناهضة او غير المؤيدة للعدوان.. وفي هذا الصدد لعبت بعض الدول العربية دورا مميزا في وقف نزيف الدم كسلطنة عمان والجزائر.
6. الاعلام المقاوم الذي استطاع ان يواجه جيش المرتزقة والطائفيين المصفقين لعاصفة الخيانة والفشل السعودية، حتى وصل الامر بالمعتدين الى حجب بعض القنوات الفضائية وقرصنة حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل مع حسابي قناة العالم الاخبارية على "تويتر" و "يوتيوب".
7. المشاكل الامنية التي واجهتها السعودية في الداخل والذي ظهر من خلال الاشتباكات المسلحة وعمليات الاغتيال والمداهمات والانتشار الامني الذي لم يقتصر على المناطق الشرقية والجنوبية الغربية والمواقع النفطية، بل طال العاصمة الرياض ايضاً.
8. وكان للروس دورهم في هذا المضمار، فهم شجعوا السعودية على التورط في المستنقع اليمني من خلال ادائهم في مجلس الامن وكانما هناك توزيع ادوار مع ايران، في نفس الوقت الذي تبنوا فيه المبادرة الايرانية العمانية، ومعظم الظن ان الروس انتقموا لملياراتهم التي فقدوها بسبب المؤامرة السعودية الاميركية في تقليل اسعار النفط.. انتقموا بافراغ الصندوق السيادي السعودي واهانة كرامة جيشها وتركها وحيدة من دون حلفائها، وخاصة مصر وتركيا!


لكن الأهم من كل ذلك هو الموقف العسكري الايراني، والذي باعتقادي حسم الوضع وأرهب المعتدي السعودي والذي بدأ من خطاب الامام الخامنئي في تمريغ انف المعتدين على اليمن في الوحل، وفي طوله مواقف سيد المقاومة في لبنان السيد حسن نصرالله وهجومه الكاسح على المعتدين، وبالطبع هذه التصريحات هناك رجال يعملون على تطبيقها وتحويلها الى واقع.. اعود لخطاب الامام الخامنئي والذي تبعته تصريحات من قيادات عسكرية ايرانية، لكن القيادة السعودية التي بدت هاوية في مواقفها وتصريحاتها لم تأخذ الامر محمل الجد، متكأة على أمرين: الاستظهار بالقوة الاميركية ووهم عدم امكانية عمل شئ من قبل ايران لانها ـ وحسب الوهم السعودي ـ لا تريد افشال اتفاق الاطار الذي وقعته مع 5+1، لان الكثير من المحللين ذهبوا الى ان احد اهداف العدوان السعودي هو افشال الاتفاق النووي المذكور.. لكن تحريك 9 قطع بحرية ايرانية وتوجهها الى خليج عدن قلب الطاولة، علما ان القطع البحرية السعودية الثلا ث لم تكن تستطع مواجهة الاسطول الايراني، فاستدعى استقدام حاملة الطائرات الاميركية تيودور روزفلت من مياه الخليج الفارسي.. وابلغت ايران المعنيين انها لن تقف مكتوفة الايدي حتى لو ادى الى صدام مع الاميركيين الذين بدأ الضخ ضدهم داخل ايران مع بدء العدوان.

تزامن ذلك مع استنفار للقوات الايرانية وخاصة التي في الخليج الفارسي، حتى القوات المكلفة بأمن العاصمة قامت بمناورات لم يسلط عليها الضوء.. اتصور ان الامر اتجه نحو حرب اقليمية كانت السعودية ستنهار في الساعات الاولى منها.. رغم ان صبر الايرانيين طويل وهم لا يريدون سحق كرامة السعودية، بل ردعها عن الاعتداء على الاخرين ووضع حد للتجبر على الضعفاء والمحرومين.. وكان على السعودية ان تقارن بين حربها على اليمن وحربها مع ايران!

لذلك اعتقد ان صمود وقوة ومقاومة الشعب اليمني وقيادته اولا، ثم الموقف الايراني الذي ارعب السعودية، هو الذي أوقف العدوان وان كانت المؤامرة والحقد لم ينته بعد.. وسيظهر في أماكن أخرى وفي هيئة عاصفة فشل أخرى!.

علاء الرضائي