قراءة إسلامية لما بعد "النووي": التغيير في لبنان آتِ

قراءة إسلامية لما بعد
الثلاثاء ٢٨ يوليو ٢٠١٥ - ٠٨:٣٢ بتوقيت غرينتش

لا يزال الاتفاق النووي بين إيران والدول الكبرى محور الحوار والنقاشات في الاوساط الاسلامية الحركية في لبنان، إن على صعيد الأبعاد الاستراتيجية للاتفاق أو بالنسبة للتحديات التي سيفرضها مستقبلاً على إيران والقوى الإسلامية او لجهة الانعكاسات المباشرة على لبنان ودول المنطقة.

ففي لقاء خاص جمع قيادياً إسلامياً بارزاً، على صلة وثيقة بالاوساط القيادية الايرانية، مع عدد من الكوادر الإسلامية، تم تقييم أبعاد الاتفاق ودلالاته والانعكاسات المستقبلية له، حيث اعتبر القيادي الإسلامي «ان هذا الاتفاق سيفرض في المرحلة المقبلة تحديات عديدة على الصعيد الاسلامي وداخل الجمهورية الاسلامية الايرانية، ولذا تنبغي مراقبة كل الانعكاسات المباشرة وغير المباشرة له بهدوء ومن دون أية مبالغات». كما توقع أن الاوضاع في لبنان والمنطقة لن تبقى كما كانت عليه قبل الاتفاق «لأن هناك العديد من الملفات سيتم بحثها في المرحلة المقبلة، إن على صعيد مستقبل الوضع اللبناني او الملفات الساخنة كافة، وهذا يفرض الاستعداد الكامل لمواجهة التغييرات المتوقعة».
ويشرح القيادي وجهة نظره، موضحاً أن «مرحلة ما بعد الاتفاق النووي ستشهد تغيرات كبيرة وبعضها سيكون سريعاً وأكثر مما هو متوقع، لكن علينا أن لا نبالغ في تحديد من هو الرابح او الخاسر من الاتفاق، لأنه بمقدار ما سيكون هذا الاتفاق لمصلحة ايران ومحور المقاومة على الصعيد المباشر، بمقدار ما سيفرض تحديات مستقبلية واستراتيجية لها علاقة بمستقبل إيران ودورها ومواقفها وثوابتها من مختلف القضايا الأساسية، فهذا الاتفاق شكل حاجة متبادلة بين ايران واميركا ، وكل طرف وافق عليه كان يسعى لتحقيق مصالح معينة من دون أن يعني ذلك عدم مراعاة مصالح الطرف الآخر».
يشير إلى أنه وكما ستعمل إيران وحلفاؤها للاستفادة من الاتفاق لتعزيز دورهم في المنطقة، فإن اميركا والدول الغربية تسعى من وراء الاتفاق لتحقيق مكاسب معينة من خلال الرهان على حصول تغييرات مستقبلية داخل ايران إن على الصعيد السياسي او الاجتماعي او الفكري، ولذلك هناك رهان كبير في اميركا والغرب على دفع ايران كي تصبح جزءاً من مشروعهم المستقبلي. وبالمقابل ستسعى القيادة الايرانية لمقاومة الضغوط الغربية والتي ستعتمد وسائل جديدة عبر ما يُسمّى «الحرب الناعمة»، كما سيكون هناك صراع مستمر في إيران بين الثوابت السياسية والفكرية وبين المصالح الاقتصادية والسياسية.
ويرى القيادي الإسلامي أن «أحد التحديات التي تواجه الاتفاق هو ما يروّج له من قبل السعودية والإعلام الخليجي وبعض القوى والمجموعات الاسلامية المعارضة لايران، من أن هذا الاتفاق سيؤدي الى تحالف إيراني وشيعي مع اميركا والغرب ضد أهل السنة والدول العربية، وأنه تجب مواجهة هذا الاتفاق لأنه سيساعد على ازدياد التمدد الايراني في المنطقة وسيقوي حلفاء إيران في مواجهة القوى والدول الاخرى». ولذلك يشدد على أهمية العمل «لاعتماد سياسة جديدة لإزالة الهواجس والمخاوف في العالم العربي والاسلامي، سواء أكانت حقيقية أم مبالغاً فيها، ولا بد من العمل لتعزيز الوحدة الاسلامية والتركيز على القضايا المشتركة ولا سيما القضية الفلسطينية وتأكيد ان هذا الاتفاق لا يستهدف المشروع العربي بل هو مدخل لتعزيز التعاون العربي ـ الايراني والتقارب السني ـ الشيعي».
ويضيف القيادي أن «هناك مسؤولية كبيرة على ايران وحلفائها في كيفية مقاربة المرحلة المقبلة، لكن بالمقابل فإن السعودية معنية بالتعاطي الإيجابي مع الاتفاق ونتائجه، لأن مواجهته ستؤدي الى خسائر كبرى للسعودية في المرحلة المقبلة نظراً لأنها لم تعد تمتلك اوراقاً فاعلة، إلا إذا أرادت الذهاب نحو سياسة مدمّرة واعتماد خيارات قاتلة في المواجهة مما سينعكس على الداخل السعودي قبل انعكاسه على دول المنطقة».
ويختم القيادي: على الصعيد اللبناني فإنه آن الاوان للبحث جدياً في مستقبل النظام السياسي في لبنان، لان الحلول الترقيعية لم تعد مناسبة، وهذا يتطلب حواراً جدياً وحقيقياً بين مختلف الأطراف ووضع حل شامل ومتكامل وعدم الاكتفاء ببحث القضايا بشكل تجزيئي، وفي سوريا فإن الامور ستشهد تطورات جديدة في إطار البحث عن حلول سياسية بعد وصول المعركة العسكرية إلى أفق مسدود. ولذا فإن الحلول السياسية ستتقدم، وهذا يتطلب وعياً وتفهماً من الاطراف والقوى السياسية الفاعلة وعدم الاستمرار في الرهان على خيارات خاطئة».
• قاسم قصير – السفیر