الاحتلال تلقّى صفعة مجلجلة من الغرب..

تطبيق الاتفاق النووي مع ايران؛ يوم أسود لـ"اسرائيل"

تطبيق الاتفاق النووي مع ايران؛ يوم أسود لـ
الإثنين ١٨ يناير ٢٠١٦ - ٠٩:٢٨ بتوقيت غرينتش

كما كان متوقعا، ركز الإعلام العبري في "إسرائيل"، الأحد، على البدء بتنفيذ الاتفاق النووي بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وبين الدول العظمى، وفي مقدمته الولايات المتحدة الأمريكية.

وساد الإجماع من الحائط حتى الحائط أن إسرائيل تلقّت صفعة مجلجلة جدا من الغرب، الذي منح لإيران الشرعيّة لمواصلة أعمالها الـ"تخريبيّة" في منطقة الشرق الأوسط، والاستمرار في دعم الـ"إرهاب" اللبناني والفلسطيني، علاوة على أنها تعمل، أي إيران، بدون كلل أو ملل، على إسقاط نظام الحكم في المملكة العربية السعودية، كما أكد المحلل للشؤون العسكرية في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، أليكس فيشمان، وهو الناطق غير الرسمي بلسان الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وتابع فيشمان قائلا إن الشروع في تطبيق الاتفاق النووي مع إيران يُعتبر صفعة قوية لإسرائيل، إذ أنه يؤكد لكل من في رأسه عينان، على أن الدبلوماسية الإسرائيلية أخفقت إخفاقا مدويّا في إفشال الاتفاق، وإقناع العالم بأنه يشكل خطرا ليس عليها فقط، وليس على منطقة الشرق الأوسط، بل على العالم أجمعه.

كما أنها لم تتمكن من إقناع حليفتها الإستراتيجية الأولى، أمريكا والدول الأوروبية، بخطورة هذا الاتفاق، الذي يمنح طهران دعما لا مثيل له، ويعطيها الشرعية الدولية. وأضاف فيشمان قائلا ربما الدبلوماسية ربحت، ولكن العالم بأسره خسر جراء هذا الاتفاق والشروع بتطبيق بنوده، على حد تعبيره.

وتابع قائلا إن إيران، كانت وما زالت وستبقى، بحسب الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، العدو رقم واحد لإسرائيل، الأمر الذي يُحتّم على الدولة العبرية تخصيص الموارد المالية من أجل الاستعداد للمعركة مع إيران، كما أن إسرائيل، أضاف فيشمان، تعمل على تدجين حزب الله، الذي يُعتبر رأس الحربة الإيرانية على الحدود، بحسب تعبيره.

كما لفت إلى أنه يتحتّم على الدولة العبرية مراقبة ومواكبة التسلح الإيراني بالصواريخ المتطورة والمتقدمة، وإعداد الخطط الدفاعية والهجومية، على حدّ سواء، قال فيشمان. من ناحيته، قال محلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، د. تسفي بارئيل، اليوم الأحد، إن الاستفادة الاقتصادية لإيران من تنفيذ الاتفاق النووي لا جدال عليها، إذ أن رفع أيادي الغرب فورا عن حوالي مائة مليار دولار، المحتجزين في أرجاء المعمورة، يُعتبر نصرا كبيرا لطهران، ففي هذه الفترة بالذات، والتي وصل فيها سعر برميل النفط إلى أقل من ثلاثين دولارا، وهذا الأمر يجري على الرغم من أن الموازنة الإيرانية للسنة القادمة ستعتمد في ثلثها على تصدير النفط.

وتابع بارئيل قائلا إن العقود المُستقبلية مع الشركات الأجنبية ستبدأ في غضون الأشهر القليلة القادمة، وفي هذه الفترة بالذات، شدد المحلل الإسرائيلي، باستطاعة إيران إنتاج أكثر من 500 ألف برميل نفط في اليوم، كما أنها قادرة على زيادة الإنتاج إلى مليون برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري، على حدّ قوله.

كما أشار المحلل بارئيل إلى أن السماح لإيران بالعودة إلى السوق العالمي بدون قيود من شأنه أن يؤدي إلى تقوية العملة الإيرانية، الريال، والذي فقد من قيمته كثيرا بسبب العقوبات التي كانت مفروضة على طهران، لافتا إلى أن هذا الأمر سيفتح سوق العمل، وسيُقلص البطالة المتفشية في الجمهورية الإسلاميّة، حسبما ذكر. علاوة على ذلك، لفت المحلل إلى أنه بحسب نبوءة وزير الخارجية الإيرانية، محمد جواد ظريف، فإن لرفع العقوبات ستكون تداعيات سياسية قوية جدا، فإيران، التي سحب الاتفاق منها لقب الدولة غير الواقعية، قال بارئيل، تحولت الآن إلى دولة شرعية، القادرة على المطالبة بتبوأ مكان رفيع في النزاعات الإقليمية.

وبحسب المحلل الإسرائيلي، فإن إيران تريد أن تحارب ما تسميه التطرف المسلح، وبالنسبة لها، لا يدور الحديث فقط عن تنظيمي "القاعدة" و"داعش"، اللذين نعتا الشيعة بالأعداء، بل أيضا محاربة الميلشيات الدينية التي تقاتل ضد نظام الرئيس السوري، د. بشار الأسد، والتي بعضها يتلقى الدعم المادي والمعنوي واللوجيستي من المملكة العربية السعودية، وأيضا مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتالي، رأى المحلل الإسرائيلي، أنه الآن بعد أن تم البدء بتنفيذ الاتفاق النووي، فإن النقطة الجوهرية ستكون حول مستقبل العلاقات الإيرانية-الأمريكية، وهذه العلاقة من شأنها أن تؤدي إلى حل العديد من النزاعات في منطقة الشرق الأوسط، على حد رأي المحلل بارئيل. وتابع قائلا إن إيران تضع على رأس سُلّم أولوياتها إبعاد خصمها، المملكة العربية السعودية، وتفضل ذلك على التقرب من واشنطن، إذ أن النزاع بين الرياض وطهران، أشار المحلل، دفع الكثير من الدول الإسلامية والغربية إلى التدخل لمنع الانفجار بين الدولتين.

وشدد بارئيل على أن عامل الزمن مهم للغاية، ذلك أنه بحسبه، فإن السعودية أمام تغيير حقيقي في الفترة القريبة، حيث سيقوم الملك سلمان بالتنحّي وتسليم المملكة لابنه محمد، على حد قول المصادر السياسية التي اعتمد عليها في تل أبيب.

وخلص إلى القول إن يوم الشروع بتطبيق الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة دول (5+1)، هو عمليا يوم انطلاق الإستراتيجية الجديدة، فإيران من اليوم فصاعدا، ستكون لاعبا إقليميا، لا بل عمليا، تشارك في صناعة القرارات الدولية، على الرغم من أنها ستكون تحت رقابة الوكالة الذرية للطاقة النووية، على حدّ تعبيره.

زهير أندروس / رأي اليوم