كيف سترد سوريا على اعتداء مطار المزة؟

كيف سترد سوريا على اعتداء مطار المزة؟
الأحد ١٥ يناير ٢٠١٧ - ٠٥:٥٩ بتوقيت غرينتش

إن القول بأن الرد السوري سيكون من خلال مواصلة الحرب على الإرهاب لكونه أداة "إسرائيل" في الداخل السوري هو حديث منطقي ولكن الأكثر منطقية في مثل هذا الحدث هو أن دمشق وحلفاءها لديهم ما يردون به وإن كان بشكلٍ غير معلن على المستوى السياسي.

العالم - العالم الاسلامي

الكيان وللمرة الثانية لم يعترف بشكل رسمي من قبل وزارة حربه بالاعتداء والسبب الأكيد من وراء هذا الصمت هو فشل المهمة بتحقيق أهدافها المبتغاة، والثابت أن تل أبيب لن تجنح نحو عمل عسكري ضد الدولة السورية دونما أهداف واضحة على أن تحسب كامل السيناريوهات المتوقعة لرد الفعل، ولأن المرتين اللتين استهدف من خلالهما مطار المزة العسكري ركزت على استهداف مستودعات تقع للغرب من المطار، فالثابت أيضاً أن "إسرائيل" حصلت على معلومات اعتبرتها بغاية الأهمية ويجب التعامل معها بشكل عسكري مباشر، وفي المرتين لم تصل للنتائج المرجوة، وفي المرتين أيضاً يظهر العجز الاستخباراتي العسكري لتل أبيب نتيجة لاعتمادها معلومات من مصادر غير دقيقة.

عجز المصادر الإسرائيلية عن تأمين المعلومات التي تلزم أمن الكيان من التهديدات الخارجية يفضي إلى فهم أن المؤسسة العسكرية السورية عصية على الاختراق المخابراتي، وهذا واحد من أسباب بقاء الدولة قادرة على مواجهة سنوات من الحرب المفروضة عليها، وعلى ذلك يمكن القول أن دمشق تعرف كيف تخبئ أسرارها حتى عن أقرب الحلفاء وهذا يضعها في مستوى متقدم من العمل الممنهج لرسم انتصار.

ولن يكون التاريخ بعيداً عن مثل هذا الحدث، وعلى سبيل المثال لا الحصر كان الاحتلال الإسرائيلي قد استهدف موقع رادار سوري في جبل لبنان على بعد 45 كم إلى الشرق من بيروت، وذلك في الـ 16 من شهر نيسان من العام 2000، ولعمق ارتباط المقاومة الفلسطينية آنذاك بالحكومة السورية، اعتبرت حكومة الاحتلال أن العمليات الفدائية الأربعة التي نفذت في "22 - 23" نيسان و في "10- 22" أيار من العام نفسه" رداً سوريّاً على استهداف موقع الرادار في لبنان، وأدت هذه العمليات الأربع التي استهدفت موقعين للاحتلال في "كفارسابا"، و مطار تل أبيب، وموقعاً في مستوطنة "نتانيا"، إلى مقتل 20 جندياً للاحتلال وجرح ما يقارب 160 بين مستوطن وعسكري، علماً أن المستوطنين جميعاً مدربون على السلاح ويعملون لصالح جيش الاحتلال عند الحاجة.

الإعلام الإسرائيلي نفسه يتوقع "رداً محدوداً" من دمشق على استهداف مطار المزة العسكري، فإن الاحتمالات أن يكون هذا الرد في عمق الجولان المحتل من خلال نقل "تجربة المقاومة اللبنانية"، وتل أبيب تعرف تماماً أن دمشق وحزب الله عملا خلال سنوات الحرب على الإعداد لفتح حسابات الجولان المحتل وضرب "إسرائيل" في العمق، وعلى هذا الأساس أقدمت على اغتيال كل من "جهاد عماد مغنية - سمير القنطار - فرحان الشعلان"، وهؤلاء الثلاثة كانوا مكلفين بمهام تعنى بنقل تجربة المقاومة للداخل المحتل، وبناء على المخاوف الإسرائيلية من الرد يبنى فهم عام أن احتمال الرد وإن كانت الضرورة تبيح تأجيله حالياً قائم، ولعله لن يكون مجرد عملية تعتمد العمل الاستخباري لزرع عبوة أو "تشريكة عبوات" لآليات الاحتلال في الجولان.

وإن عملت دمشق على وضع خطة لرد عسكري ضد الكيان على الخروقات المتعمدة، فإنها ستناقش "حزب الله" وحده من بين الحلفاء لكونه الشريك على الأرض، ولأن أحد احتمالات ما بعد الرد هو توجه "إسرائيل" نحو حرب مفتوحة في المنطقة، ومن الضروري فهم الصراعات الدولية على إنها ليست رهينة بـ "مزاج الجمهور"، ولا تبنى على أساس الفعل ورده المباشر، لذا كل احتمالات المرحلة القادمة مفتوحة ولكنها مرهونة بمسار الملف السوري نفسه، فإن كانت دمشق تتمكن من إسقاط أهداف أعدائها دون الحاجة لحرب أكثر توسعاً فلا ضير من ضبط النفس على ما تفعله "إسرائيل" من محاولات استفزاز.
* محمود عبد اللطيف - عاجل الاخبارية

4