فايننشال تايمز:

لماذا يحرج قرار ترامب الأخير الرياض وأبوظبي؟

لماذا يحرج قرار ترامب الأخير الرياض وأبوظبي؟
الجمعة ٠٨ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٤:٤٥ بتوقيت غرينتش

ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واعترافه بالقدس عاصمة للدولة اليهودية أحرج حلفاءه الأقوياء في الشرق الأوسط.

العالم - السعودية

ويشير التقرير، إلى أن قرار ترامب يضع حلفاءه في حالة من الدفاع عن النفس، ويعمق الخلافات في الشرق الأوسط، لافتا إلى أن الحكومات في المنطقة قامت بشجب قرار الرئيس، محذرة أن قراره بنقل السفارة يقضي على فرص الحل السلمي ويشعل العنف.

وتبين الصحيفة أن قرار الرئيس الأمريكي وضع كلا من السعودية والإمارات العربية المتحدة، الدولتين الحليفتين لواشنطن في المنطقة، في وضع محرج، وعرضهما لمخاطر ارتباطهما بالتحرك؛ نظرا للعلاقة القريبة مع واشنطن. 

ويفيد التقرير بأنه يعتقد أن الدولتين زادتا من التعاون الأمني والاستخباراتي السري مع "إسرائيل"، التي تشترك معهما في التحذير من إيران، وجعلها الهدف الأكبر للسياسة الخارجية قبل إعلان الرئيس عن نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. 

وتنقل الصحيفة عن الزميلة الاستشارية البارزة في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إليزابيث ماريتو، تساؤلها قائلة: "السؤال المهم هو إن قررت الدول العربية التي توصف بالاعتدال اتخاذ مواقف صلبة غير الشجب"، وأضافت: "مرة أخرى يشعل ترامب النار ويترك حلفاءه العرب للتعامل مع لهيبها، وقد أطلق ترامب بكلامه النار على قدمهم، فهل سيقررون إطلاق النار على القدم الأخرى". 

ويلفت التقرير إلى أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش بدا ملمحا إلى مخاطر السمعة التي يواجهها حلفاء الولايات المتحدة السنة على وسائل التواصل الاجتماعي، قائلا: "يواجه العالم العربي تحديا كبيرا فيما يتعلق بأزمة القدس"، وتساءل قائلا: "هل سيتم تسييس الأزمة واستغلالها لتحقيق أهداف ضيقة ومكاسب سياسية وتصفية حسابات صغيرة، أو نلتقي ونتحدث بشكل عملي".

وتنوه الصحيفة إلى أن وضع القدس يعد من أكثر الموضوعات الخلافية في قضايا الحل النهائي، وتعدها "إسرائيل" منذ عام 1967 عاصمة موحدة لها، وتتمتع بالسيادة عليها، فيما ينظر إليها المجتمع الدولي على أنها محتلة، ويراها الفلسطينيون عاصمة للدولة الفلسطينية. 

ويذكر التقرير أن كلا من الإمارات العربية والسعودية انتقدتا القرار الذي اتخذه ترامب من جانب واحد، ملغيا عقودا من الدبلوماسية الأمريكية، مشيرا إلى أنه لم تعترف أي دولة بالقدس عاصمة "لإسرائيل" إلا الولايات المتحدة حتى الآن.

وتشير الصحيفة إلى أن الملك سلمان حذر في مكالمة مع ترامب من تبعات القرار، وقال إنه سيعقد من فرص التوصل إلى سلام، لافتة إلى أن ما يبدو أن "منافسي البلدين في المنطقة يحاولون الآن بناء رأسمال سياسي من القرار وتوريط الرياض وأبو ظبي".

ويورد التقرير نقلا عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قوله: "لو أنفق نصف المال الذي ينفق على الإرهاب والتطرف ونشر الطائفية لتحرير فلسطين، لما واجهنا هذه الغطرسة الأمريكية".

وتقول الصحيفة إن مقالا في صحيفة "العربي الجديد" اتهم دول الاعتدال العربي، قائلا: "لقد أصبح واضحا أن إدارة ترامب لم تكن لتتجرأ على هذه الخطوة، التي تنتهك حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين، لو لم تحصل على الضوء الأخضر، أو ضمنت صمت بعض الدول العربية"، مشيرة إلى أن المستشار في الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، رد متهما دولة قطر بالنفاق، وقال إنها سمحت بفتح ممثلية تجارية إسرائيلية في الدوحة في نهاية التسعينيات، التي أغلقت بعد الانتفاضة الثانية.

ويجد التقرير أن "الصورة الإقليمية معقدة قبل تدخل ترامب الأخير، فدول الخليج(الفارسي ) ومصر تفرض حصارا على قطر بتهمة دعم الإرهاب، وهو ما تنفيه الدوحة، وعقد ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد تحالفا مع إدارة ترامب، وذلك بعد ما رآه البلدان من تحيز إدارة باراك أوباما لإيران، وتوقيعه الاتفاقية النووية معها عام 2015، وقاما بالتنسيق مع جارد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس ترامب، الذي كلفه الأخير بمتابعة ما يقول إنها الصفقة الكبرى للتسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين". 

وبحسب الصحيفة، فإن هناك تقارير أشارت إلى أن ابن سلمان قام بالضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للقبول بالخطة الأمريكية، التي تتحيز كثيرا "لإسرائيل"، حيث يقول الباحث الزائر في معهد "أمريكا إنتربرايز" أندرو باوين، إن الرياض دعمت الرئيس الأمريكي ومحاولاته للتسوية مقابل "تقديم ترامب لهم ورقة على بياض لعمل ما يريدون.. ومهما تكن نية السعودية فقد أعطى (القرار) نقطة رابحة للإيرانيين".

وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى قول باوين إنه في الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة باتجاه المواجهة مع إيران: "نقول إننا لم نعد وسطاء نزيهين في العملية السلمية".