ماذا وراء تهديد سفير السعودية للأردنيين؟

ماذا وراء تهديد سفير السعودية للأردنيين؟
الإثنين ١١ ديسمبر ٢٠١٧ - ١٢:٥٦ بتوقيت غرينتش

توعد الأمير خالد بن فيصل بن تركي سفير السعودية في عمان الأردنيين في إحالة واضحة إلى الشعارات التي رفعت خلال المظاهرات الأردنية الأخيرة التي هاجمت ولي العهد السعودي محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب معتبرا أنها قامت بـ"توجيه الشتائم لرموز المملكة".

العالم - السعودية

وهاجم السفير أيضاً بعض نواب البرلمان الأردنيين الذين انتقدوا تحذير سفارة المملكة رعاياها من المشاركة في مسيرات الاحتجاج ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل" متهما إياهم بأنهم "يجهلون قوانينهم" التي تمنع الأجانب من التظاهر.

وتطرقت تصريحات الأمير أيضاً إلى الأنباء التي تناقلتها الأوساط السياسية والإعلامية عن تواطؤ سعودي مع القرار الأمريكي نافياً ما توارد عن "صفقة القرن"، والتي تقول تفاصيلها تخلّي الفلسطينيين عن القدس وحق العودة واللاجئين مقابل وعد "بمال وفير" لدولة في غزة. رغم محاولاته لضبط مصطلحاته "الدبلوماسية" فقد خانت اللغة السفير حين هدد "من يتعدى حدوده" (من الأردنيين) "أيّاً كان" فهذه الإطلاقية تفلت العنان لتصوّر أن الأمير لا يهدد جموع المتظاهرين ولا نوابهم المنتخبين فحسب بل يفتح القوس واسعاً لتهديد المملكة الأردنية و"رموزها" أيضاً، على مبدأ حمورابي الشهير "العين بالعين والسنّ بالسن".

بغض النظر عن مقصودها الحقيقي، فإن تصريحات الأمير تؤدّي إلى عكس مفعولها المفترض، فالهدف الواضح والمفهوم من طلب سفارة السعودية في عمان من رعاياها عدم المشاركة في مظاهرات الاحتجاج الأردنية لم يكن همّه الحفاظ على قوانين البلد بالتأكيد، فسلطات البلاد حرة بالطريقة التي ترتئيها لتنفيذ قوانينها (ناهيك عن أن من تهمّه قوانين الأردن لا يهدد شعبه ونوابه) بل كان إعلاناً مكشوفاً عن موقف الرياض الإيجابي من قرار ترامب، ووضوح هذا الموقف لا يحتمل التأويل كما أنه ليس تحليلاً في صحيفة أجنبية أو تسريبات يتناقلها السياسيون والإعلاميون. تشير كلّ ملامح المشهد العربي إلى وجود تواطؤ من قبل بعض الدول العربية مع القرار الأمريكي، وتلعب ما تسمى بـ"دول الحصار"، كل واحدة لأسبابها الخاصة، الدور الأساسي في هذا التواطؤ الواضح أن خطط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الداخلية والخارجية منها، تسير بتناغم شديد مع خطط ترامب وصهره جاريد كوشنر في تثبيت أركان وليّ العهد، من جهة، وتصفية القضية الفلسطينية، من جهة أخرى.

جدير بالذكر هنا أيضاً ما تقوم به قوّات نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من حصار وبطش بمظاهرات المصريين الداعمة للفلسطينيين (وهي بالتأكيد لن تقصّر بحق من يشارك فيها من "الأجانب")، أو ما قامت به السلطات البحرينية التي اختارت هذه اللحظة المؤلمة بالذات لترسل وفداً رسمياً لها لزيارة "إسرائيل" علناً.

وللأسف، فإن ما يرد من السعودية (ودول الحصار) حاليّاً يكذّب التصريحات الرسمية التي تستنكر قرار ترامب، فبدلا من تفعيل أجهزتها السياسية والدبلوماسية للعمل ضد القرار، أو السماح لجماهيرها بالتعبير عن مشاعرها، فقد صرّفت القضية عبر بعض خطباء الجوامع (على اعتبار أن ما جرى شأن دينيّ نشكوه إلى الله فحسب)، وهو ما فعلته مصر أيضاً حيث رأينا شيخ الأزهر، وليس وزير الخارجية أو الرئيس، هو من يرفض لقاء نائب الرئيس الأمريكي.

وبدلاً من الغضب على "إسرائيل" وجدنا غضب بعض الكتاب والناشطين السعوديين يتّجه إلى الفلسطينيين أنفسهم، ووجدنا الأمير السفير يهدد الأردنيين الذين "يجهلون قوانينهم"!

* القدس العربي

108