زيارة بوتين ومعالم التسوية المقبلة

زيارة بوتين ومعالم التسوية المقبلة
الثلاثاء ١٢ ديسمبر ٢٠١٧ - ٠٣:٣٧ بتوقيت غرينتش

هي زيارة مفاجئة بكل المقايس قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى سوريا للقاء الرئيس السوري بشار الاسد، فهبطت طائرته في مطار باسل الاسد في اللاذقية، حاملا معه رسائل كبرى للداخل والخارج اهمها الانتصار على الارهاب

العالم -مقالات

والتوقيت يعتبر الاهم في هذه الزيارة حيث ان سوريا مقبلة على مرحلة جديدة كليا سواء سياسيا او اجتماعيا، اما روسيا فمقبلة على انتخابات رئاسية يحتاج بوتين فيها لاي امر قد يزيد من حظوظه في الفوز فيها، وليس هناك افضل من الانتصار على الارهاب حتى يبقى بوتين في الكرملين، وكأن الايام تعود الى عام 2002 عندما ساعدت دمشق موسكو في القضاء على اكبر ارهابي في الشيشان السعودي سامر السويلم والملقب بالخطاب، وهو ما رفع اسهم الرئيس الروسي الشاب في ذلك الوقت لدى الشعب الروسي.

اعلان بوتين بدء سحب القوات الروسية من سوريا هو من أذكى التكتيكات الشطرنجية التي تلعب فوق الرقعة السورية، حيث ان هذا الانسحاب سيزيد الثقة بموسكو والتحالف معها خصوصا لدى دول الشرق الاوسط، فموسكو تحاول جذب الود للدول العربية وسحب البساط من تحت الولايات المتحدة، حيث ان عددا كبيرا من هذه الدول لم تعد تثق بواشنطن والتحالف معها. اضافة الى ان انسحاب روسيا من سوريا سيزيد الثقة الدولية بدمشق بأنها بدأت تعود الى ما كانت عليه قبل سبع سنوات، بالاضافة الى الدفع بعملية التسوية السياسية حيث ان موسكو استطاعت ان تكون حليفة للدولة السورية وللمعارضة وهو ما سيزيد الثقة لدى الاخيرة في روسيا.

الانسحاب الروسي سيحرج ايضا واشنطن التي لاتزال تبقي على قواتها في سوريا رغم انتهاء الحرب على الارهاب، ما سيجعل الانسحاب الاميركي من الاراضي السورية قريب جدا، حيث ان مصادر دبلوماسية اكدت ان هناك اتفاقا بين روسيا والولايات المتحدة، على سحب تدريجي للقوات وترك الساحة للسوريين لكي يعيدوا بناء بلدهم التي دمرها الارهاب، وهو ما يفسر سعي موسكو وراء عقد مؤتمر سوتشي. وهذا الانسحاب سيغلق الساحة السورية كساحة مواجهة دولية ويجعلها محلية ضد ما تبقى من جماعات ارهابية، حيث لم ينف بوتين ان تبقى هناك جماعات ارهابية ولكن الرأس والمتمثل بداعش قد تم القضاء عليه تماما.

الزيارة الروسية الى قاعدة حميميم في مطار الباسل الدولي، كانت طبيعية وعادية ولا يوجد بها شيء غريب، ودائما الدول التي تخوض معارك وتشاركها دول اخرى في هذه الحرب، يتم بها مثل هذه الزيارات دون مشاكل، فمثلا جورج بوش الاب قد زار القاعدة الاميركية في الظهران شرق السعودية عام 1990 والتقى هناك الملك السعودي الراحل فهد بن عبد العزيز، وامير الكويت جابر الصباح، وبحث معهم عاصفة الصحراء لاخراج القوات العراقية من الكويت، وبعدها توجه بوش الى القوات الاميركية في كلمة له بدون وجود الملك السعودي وامير الكويت، لذلك من لم يستطع الانتصار على الرئيس الاسد في ساحة المعركة سيحاول النيل منه في الاعلام واخراج الزيارة عن مضمونها الاساسي.

جولة بوتين المكوكية هي لتهيئة الارضية لتسوية سورية ضخمة تنهي الحرب فيها، ومحاولة لاشراك مصر اكبر دولة عربية واهمها من حيث الحضور العسكري في هذه التسوية خصوصا وانها تواجه الارهاب ايضا، بالاضافة الى تهيئة تركيا لانهاء ملف ادلب باقرب وقت، وادخالها في عملية التسوية التي سيكون وجود الرئيس الاسد فيها غير قابل للنقاش.

خلال فترة الحرب السورية الرئيس الاسد يتجاوز عدة امور نالت منه شخصيا، فاول ايام الازمة اسقط حقه القانوني في مقاضاة من ينال منه في العلن، وحتى الان الرئيس الاسد يتجاوز شخصه لمصلحة بلده ولا يرى لمقامه وجودا الا في سياق مصلحة بلاده العليا، لذلك يستحق هذا الرجل تحية إكبار وإجلال.

ابراهيم شير

113