عاجل:

إعادة الإعمار أو الورقة الأخيرة في الحرب على سوريا

الأحد ٣١ ديسمبر ٢٠١٧
٠٩:٣٠ بتوقيت غرينتش
إعادة الإعمار أو الورقة الأخيرة في الحرب على سوريا كائناً ما كان حجم الضغط الذي يمكن أن يُمارس على سوريا عبر ورقة إعادة الإعمار فإن الخروج من الحرب سيتم تحت السقف الذي ارتسم في ميادين القتال، وقد لا يتأخّر الوقت الذي نرى فيه دستوراً سورياً يكرّس انتصار دمشق و محور المقاومة هذا إذا أردنا التزام الصمت حول احتمال تمدّد نفوذ هذا المحور في المنطقة بأسرها.

العالم - مقالات وتحليلات

هل انتهت الحرب السورية؟ حدّد الرئيس الفرنسي ماكرون نهايتها في شهر فبراير ـــــــ شباط المقبل ، معتبراً أن القضاء على داعش يمكن أن يتم في هذا التاريخ.

لا يخطئ ماكرون إذ يربط الحرب السورية ببقاء داعش أو زوالها، ذلك أنها الطرف الأساسي الذي شكّل تهديداً جدياً للنظام في سوريا، وفي العراق أيضاً، وبما أن الحرب تحتاج إلى طرفين فإن غياب أحدهما يؤذن حتماً بنهايتها.

لا يعني ذلك أن جبهة النصرة والفصائل الأخرى المُقاتِلة ستزول من الميادين بجرّة قلم. لكن مصيرها على ما اتضّح ويتضّح من التطوّرات الميدانية آيل للتمركز في ناحية إدلب، الأمر الذي يزيدها هامشية ويحصرها في موقع هزاز في مواجهة الجيش السوري الخارج من الحرب منتصراً وقوياً من جهة، وتركيا من جهة أخرى التي يختصر ما تبقّى من أدوارها في الحؤول دون خروج الأكراد من الحرب بامتيازات سياسية أو جغرافية أو عسكرية مهمة، وبالتالي فإنها أي تركيا مستعدة للمساومة على رقاب المسلحين المتمركزين على حدودها من دون تعذيب ضمير.

وإذا كانت ” الحرب امتداداً للسياسة بوسائل أخرى ” على ما يرى كلاوزفيتز فإن هذه القاعدة تنطبق أيضاً على الحرب السورية التي كفت عن أن تكون امتداداً للسياسة السعودية والتركية والأوروبية والأميركية ، منذ مابعد معركة حلب وما تلاها، وهذا الأمر انعكس بقوة على طاولة المفاوضات في أستانة، حيث انفردت إيران وتركيا تحت الرعاية الروسية بتصفية ما تبقّى من الحرب، وقد استبعد الطرفان في هذا السياق، الأوروبيين والولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية، أي كل الأطراف التي اعتبرت “الحرب السورية” امتداداً لسياستها إزاء النظام السوري ووضعت شرطاً واحداً لوقف الحرب حصرته برحيل الرئيس بشّار الأسد.

نهاية الحرب السورية في الميادين هي التي حملت الرئيس الأسد على مواجهة “العرض” السلمي للسيّد ماكرون بالقول: لقد موّلت ودعمت الإرهاب ولست في موقع جدير بصنع السلام. بعبارة أخرى يريد الأسد لفت انتباه نظيره الفرنسي إلى أنه خسر الحرب وبالتالي يحتاج إلى اصطفاف من نوع آخر للعودة إلى المسرح السوري. وما يصحّ على ماكرون يصحّ أيضاً على الأطراف الأخرى التي اشتركت في الحرب على سوريا منذ ست سنوات.

تحت هذا السقف العام يمكن الحديث عن نهاية الحرب السورية. وتحت هذا السقف يجب النظر إلى مؤتمر جنيف الذي جمع أعداء سوريا وأصدقاءها، خلال الحرب وجبهاتها المنتشرة على مجمل الأراضي السورية ، وبين مؤتمر أستانة الذي استبعد المهزومين في الحرب ومؤتمر سوتشي المقبل الذي يُقدّر له أن يخرج سوريا رسمياً من الحرب ويفتح أبواب السلام الشامل وإعادة الإعمار.

من هذه الأبواب، أي من موقع ما بعد الحرب في الميادين، يمكن النظر إلى الإصلاحات التي جرى الحديث عنها في أستانة ومن قبل في فيينا، باعتبارها محكومة بنتائج الحرب، وهذا يعني تحييد مصير الرئيس السوري عن طاولة المفاوضات، وحصر النقاش بالتعديلات الدستورية وحجم ونوع مشاركة المعارضين بالحكم وفي الحياة السياسية السورية. والراجح في عُرف كاتب هذه السطور أن تتوفر مخارج شبيهة بالمخارج الجزائرية ما يُسمّى ” العشرية السوداء” بين 1990 و2000 ، أي تعديل دستوري يتيح مشاركة أحزاب المعارضة في العملية الانتخابية الشاملة لاختيار ممثلي السلطات التشريعية والتنفيذية في مختلف المستويات الواقعة بين رئاسة الجمهورية والمجالس البلدية.

ثمة من يرى أن قضية إعادة الإعمار تحتاج إلى إجماع دولي وعربي وأن الولايات المتحدة وأوروبا والمملكة السعودية قد تستخدم هذه الورقة للضغط على الرئيس الأسد والروس والإيرانيين الذين ليس في وسعهم تحمّل كلفة إعادة الإعمار الباهظة، من أجل الحصول على تنازلات كبيرة ومراكز نفوذ أساسية في نظام ما بعد الحرب.

ما من شك في أن هذه الورقة مهمة للغاية ولا نعرف بعد كيف سيتم التعاطي معها، علماً أن البعض يرى أن بوسع الصين المُقرّبة من دمشق، تولّي هذه الكلفة إن كانت راغبة حقاً في إعادة الاعتبار لطريق الحرير وسوريا محطة أساسية فيه ، لكن هنا أيضاً ليس واضحاً رد الفعل الصيني على عرض افتراضي لا توجد أنباء موثوقة حوله. وهناك من يرى احتمال مشاركة تركية وروسية وإيرانية في إعادة الإعمار بعد أن يسحب أردوغان عباراته العدوانية ضد سوريا والرئيس الأسد، وإن صحّ ذلك فإنه يكرّس انتصار المحور السوري الإيراني على جبهتي الحرب وإعادة الإعمار ويؤذن بتكوّن محور لا يُقهر في الشرق الأوسط ، كما أنه يحرّر سوريا من الضغط الغربي والخليجي ، لكن هنا أيضاً لا نعرف إن كان أردوغان المعروف بمواقفه البهلوانية قادراً على المواءمة بين مصلحته في ضبط المسألة “الكردية” السورية وفي تعزيز قدرة المحور السوري الإيراني على الأرض. وهذا ينطبق على روسيا أيضاً التي يهمها الأمن الإسرائيلي والتي لم تنتقد مرة واحدة العمليات العدوانية الإسرائيلية داخل الأراضي السورية.

تبقى إشارة إلى الضغط العكسي الذي يمكن أن ينجم عن تأخّر إعادة الإعمار وبالتالي تأخّر عودة السوريين إلى مدنهم وقراهم ومواصلة البحث عن سبل اللجؤ إلى أوروبا، ومن غير المستبعد أن يكون السيّد ماكرون مهجوساً بهذا الافتراض من خلال عرض السلام والمساهمة في إعادة الإعمار.

كائناً ما كان حجم الضغط الذي يمكن أن يُمارس على سوريا عبر ورقة إعادة الإعمار فإن الخروج من الحرب سيتم تحت السقف الذي ارتسم في ميادين القتال، وقد لا يتأخّر الوقت الذي نرى فيه دستوراً سورياً يكرّس انتصار دمشق و محور المقاومة هذا إذا أردنا التزام الصمت حول احتمال تمدّد نفوذ هذا المحور في المنطقة بأسرها.

فيصل جلول - "الميادين نت"

2-4

0% ...

آخرالاخبار

قيادة العمليات المشتركة العراقية: التحالف الدولي سينسحب من قاعدة عين الأسد الأسبوع المقبل


الضفة تحت النار: شهيد ومواجهات عنيفة جراء اعتداءات الاحتلال


قراءة في.. احتمالات تجدد الحرب .. صاروخ فاتح 313 .. ديفيد زيني وعلاقته بسارة نتنياهو


الجلد الإلكتروني العصبي يمنح الروبوتات شعور الألم!


تعيين العميد "أحمد وحيدي" نائبًا للقائد العام لحرس الثورة الاسلامية


الرئيس الصيني: الشعبان على جانبي مضيق تايوان بينهما روابط دم ولا يمكن لأحد مقاومة إعادة توحيد الوطن


العميد "أحمد وحيدي" يتولى منصب نائب القائد العام لحرس الثورة الإسلامية


المتحدثة باسم الحكومة الايرانية: إيران لن تبدأ أي هجوم ولكنها على أتم الاستعداد للدفاع والتصدي لأي عدوان


المتحدثة باسم الحكومة الايرانية: طهران كانت مستعدة دائماً للمفاوضات والخارجية الإيرانية تتابع عملها الدبلوماسي


عاصفة حنظلة؛ معركة انهيار الأمن الإسرائيلي


الأكثر مشاهدة

غواصات إيران.. السلاح الصامت تحت الماء


شمخاني: أي اعتداء سيقابَل برد قاسٍ وفوري يتجاوز تصوّر مخططيه


اعلام الاحتلال: المستوى السياسي أصدر توجيها بوقف العمليات العسكرية حتى عودة نتنياهو من الولايات المتحدة


مصادر فلسطينية: مقاومون يستهدفون بالرصاص قوات الاحتلال بمنطقة شارع روجيب شرق مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية


محادثات هاتفية بين عراقجي ونظيره العماني حول الاوضاع في اليمن


الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان: معيشة الناس همي اليومي ووضعنا على جدول أعمالنا إجراءات أساسية لإصلاح النظامين النقدي والمصرفي


بزشكيان: كلفت وزير الداخلية بالاستماع إلى مطالب المحتجين المشروعة من خلال الحوار مع ممثليهم


بزشكيان: الحكومة تعمل بكل طاقتها على معالجة المشكلات وتقديم استجابة مسؤولة


ترامب: إيران ربما تعاود بناء برنامجها النووي في مواقع غير التي قصفتها أميركا


نتنياهو: منحنا الرئيس ترمب جائزة إسرائيل للسلام وهي جائزة رفيعة قلما يحصل عليها أحد


ترامب: توصلنا لعدة خلاصات خلال اجتماعنا مع نتنياهو