ما ردع أوباما عن مهاجمة إيران سيردع ترامب

ما ردع أوباما عن مهاجمة إيران سيردع ترامب
الثلاثاء ٢٠ فبراير ٢٠١٨ - ٠٦:٣٥ بتوقيت غرينتش

مؤتمر ميونيخ للأمن لهذا العام والذي حضره 600 شخصية من مختلف انحاء العالم بينها العديد من الرؤساء ووزراء الخارجية والدفاع، كان حافلا بالفضائح التي عرّت ساسة كانوا يتفننون بالظهور بمظهر الاعتدال والحكمة والرصانة ويدعون قيادتهم للامة!.

العالم - مقالات

اولى هذه الفضائح الفضيحة الكبرى التي فجرها وزير الخارجية الامريكي السابق جون كيري في كلمة له امام المؤتمر عندما كشف في معرض دفاعه عن الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 ، عن ان الملك السعودي السابق عبدالله بن عبد العزيز والرئيس المصري حسني مبارك طلبا من امريكا قصف ايران كحل وحيد لقضية النووي الايراني، وهو الطلب الذي رفضت اداره الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما تنفيذه، لانه لن يقضي على البرنامج النووي الايراني، كما اكد جون كيري امام المؤتمر.

هذا الاعتراف الامريكي الصريح عن رفض السعودية، لاعتماد الدبلوماسية والحوار مع ايران لحل قضية البرنامج النووي الايراني، والضغط بالمقابل على واشنطن لقصف ايران، افسد على وزير خارجية السعودية عادل الجبير مهمته في تقديم بلاده على انها “حمامة سلام” تكافح “الارهاب الايراني”.

فضيحة جون كيري كشفت ايضا عن ان ايران، التي تتهمها السعودية و”اسرائيل” ليل نهار، بانها تهدد امن واستقرار المنطقة والعالم، هي من اكثر الدول تمسكا بالحوار والدبلوماسية لحل القضايا والازمات التي تهدد امن واستقرار المنطقة والعالم.

من فضائح مؤتمر ميونيخ ايضا، الضجة المفتعلة حول الجهة التي ارسلت الصواريخ الى حركة انصار الله والجيش في اليمن، بينما خيم صمت اشبه بصمت القبور على المشاركين في هذا المؤتمر ازاء مئات الالاف من الصواريخ والقنابل الغربية والامريكية، التي تتساقط ليل نهار ومنذ 3 اعوام على الشعب اليمني الاعزل، واسفرت عن مقتل الالاف من الاطفال والنساء، ونشرت المجاعة والامراض والاوبئة بين الشعب اليمني.

ومن فضائح مؤتمر ميونيخ فضيحة رئيس وزراء “اسرائيل” بنيامين نتنياهو الذي عرض قطعة من الحديد الخردة على انها جزء من طائرة ايرانية بدون طيار،  مهددا كالعادة ايران، بينما فات المشاركون بالمؤتمر ان يطلبوا منه عرض القنابل والصواريخ والاسلحة المحرمة دوليا التي استخدمها ضد المدنيين في لبنان وغزة، وارتكب ابشع المجازر بحق الاطفال والنساء وهم في الملاجىء والمدارس.

بعد اعترافات جون كيري حول الضغوط التي مارستها السعودية على ادارة اوباما لقصف ايران، بات واضحا ان هذه الضغوط تمارس الان وبإصرار اكبر على ادارة ترامب، لا سيما بعد ان اظهر الاخير عداء هستيريا ضد ايران، وهو ما انعش آمال السعودية و”اسرائيل” في تحقيق حلمهما الاثير بقصف ايران.

من نافلة القول ان رفض ادارة اوباما قصف ايران لم يكن من باب الحكمة او الانسانية او المسؤولية الدولية، فكل هذه القضايا لا اعتبار لها في قاموس السياسة الامريكية، فامريكا لا تتوانى لحظة واحدة عن استخدام القوة العسكرية اذا ما كانت مضمونة النتائج، وهو ما اعترف به اوباما اكثر من مرة بقوله انه يتمنى تفكيك اخر مسمار في البرنامج النووي الايراني، الا ان مثل هذا الامر غير واقعي.

 عدم واقعية القضاء على البرنامج النووي الايراني باستخدام القوة العسكرية يعود الى عدة اسباب منها ؛ قوة الردع الهائلة التي تمتلكها ايران، وانتشار البرنامج النووي الايراني على امتداد الجغرافيا الايرانية، وامتلاك العلماء الايرانيين لناصية التقنية النووية.

هذه الحقيقة التي غفلت وتغفل عنها السعودية و “اسرائيل” ، مازالت قائمة، والقدرات العسكرية والاستخباراتية لامريكا في عهد ترامب هي هي كما كانت في عهد اوباما، والعوامل التي دفعت اوباما مضطرا للجلوس الى طاولة المفاوضات مع ايران، هي التي ستضطر ترامب للقيام بنفس الفعل عاجلا ام اجلا، وعلى السعودية ان لا تضع نفسها في خانة واحدة مع “اسرائيل” ، فالهدف الاول والاخير لكل الضجيج الذي يثيره ترامب واعضاء ادارته حول ايران، هو شفط ما تبقى في الخزينة السعودية من اموال.

ماجد حاتمي  / شفقنا 

109-4