سورية و هستريا فشل الغرب

سورية و هستريا فشل الغرب
الإثنين ٢٣ أبريل ٢٠١٨ - ٠١:٢٦ بتوقيت غرينتش

انتهت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أنقره بقمة ثلاثية مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان و الرئيس الإيراني حسن روحاني. و أعاد البيان المشترك للرؤساء الثلاثة التأكيد على عزمهم التعاون من أجل الهزيمة النهائية للدولة الإسلامية (داعش) و جبهة النصرة و مجموعات متطرفة أخرى. و تم التركيز على أهمية الفصل بين المجموعات الإرهابية المذكورة أعلاه و بين تشكيلات المعارضة المسلحة التي انضمت إلى وقف إطلاق النار أو على وشك القيام بذلك.

العالم - مقالات

و أكد الرؤساء الثلاثة بشكل خاص على عدم قيام أي طرف بخطوة من شأنها تقويض المبادئ المتعلقة بسلامة الأراضي السورية و استقلالها. كما و رفضوا محاولات خلق ظروف جديدة بحجة محاربة الإرهاب و عبروا عن عزمهم على مواجهة خطط انشقاقية تهدف لتقويض سيادة سورية و سلامتها و الأمن القومي لجيرانها. و من أجل ذلك، طالب الرؤساء المجتمع الدولي بمنح المزيد من الدعم لسورية،بما فيها شحن المزيد من المساعدات الإنسانية ، المساعدة في نزع الألغام و إعادة اعمار البنية التحية الحيوية و الاجتماعية الاقتصادية و حفظ الإرث التاريخي.

و لكن الغرب لم يقم فقط بتجاهل هذه الطموحات الهادفة لحل نهائي للأزمة السورية ، بل قام أيضا بكل ما هو ممكن لضمان استمرار الحرب هناك و المتضمن استخدام عملاء محرضين و إرهابيين، ضاربين بعرض الحائط كل القيم الأخلاقية للبشرية و الآداب و القوانين الدولية ، و غرق الغرب في الكذب و الفجور متبعين نصيحة جوزف غوبلز* سيء الصيت القائل : “كلما كانت الكذبة أضخم كلما كان هناك المزيد من الاستعداد لتقبلها من قبل الجمهور”، و بناء عليه قاموا بتوجيه الاتهامات الرهيبة ضد روسيا و رئيسها بشكل شخصي حول استخدام أسلحة كيماوية ضد المدنيين.

رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي كانت على رأس الحربة مانحة بذلك درسا لطالبها الكسول دونالد ترامب الذي ، و حسب رأيها، لم يكن فعالا في القتال من أجل العالم الحر في مواجهة الهمجية. و بعد الحملة المستفزة المتعلقة بتسميم “سكريبال” ، تم الحديث عن تدمير منزله ، و وفقا لمسؤولين بريطانيين وصل الأمر للحديث عن تدمير الحي بل و ربما كل مدينة ساليسبوري البريطانية، بهدف زيادة أثر هذا الاستفزاز على العامة, فقد كانت هناك مدينة و سوف تزول، و سيصبح الجنون أسوأ

وصف الإعلام الغربي هستيريا القيادة البريطانية بشكل دقيق، إذ قام إرهابيو فيلق الرحمن بإعدام سبعة عشر مرتزقا أجنبيا، أغلبهم بريطانيين، حاولوا إعاقة الاتفاق المتعلق برافضي التسوية بحيث تغادر عائلاتهم إلى إدلب قبل مغادرتهم من جوبر إلى إدلب. و قد خاطبت لندن روسيا عبر عُمان حول موضوع تحرير السجناء، و لكن بعد أن رد الجيش الروسي بأن عليهم التنسيق مع القيادة السورية ، أصيب البريطانيون بالهستريا.

التحريض الجديد هذه المرة في سورية ، مع الإدعاء باستخدام الجيش السوري لقنابل غاز سام في المعقل الأخير للإرهاب، مدينة دوما.. و للصدق، هناك رؤية أخرى في الإعلام مفادها أن الإرهابيين فجروا برميل كلور وسط حشود من المدنيين حزنا على هزيمتهم.

و بنفس الوقت، بدأت ميليشيات جيش الإسلام بمغادرة مدينة دوما في الغوطة الشرقية. و الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بمشاركة روسية، يمنح ممرا آمنا للمتمردين و أفراد عائلاتهم، و يسمح لهم بمغادرة دوما، مقابل قيام جيش الإسلام بإطلاق سراح المئات من رهائن و أسرى الحرب.باصات خروج إرهابيي جيش الإسلام من معبر الوافدين.

غير أن الخبراء الدوليين الذي يملكون تفكيرا منطقيا يتساءلون : لماذا تستخدم روسيا أو سورية أسلحة كيماوية إن كانتا قد وافقتا بشكل طوعي على مغادرة الميليشيات؟ و علاوة على ذلك، لقد تم إخراج أسلحة دمشق الكيماوية خارج الدولة، و تم بشكل رسمي و واف ضمان ذلك من قبل سلطات دولية مؤهلة.

و من جانب آخر، لم يعثر خبراء منظمة الصليب الأحمر و الهلال الأحمر الدولية على أي إشارات لمواد سامة مستخدمة من قبل القوات المسلحة الحكومية في دوما، وفقا لوكالة الاستخبارات السوفييتية TASS مع الإشارة إلى ممثلي المنظمة . و قد أكد أحد أطباء الهلال الأحمر، عدنان طبنج، أنه خلال السنوات الست من عمله في سورية، لم يكن هناك من دليل على استخدام الأسلحة الكيماوية في الجمهورية العربية السورية .و قال الطبيب سيف الدين حوبيا: “عملت في المشفى المركزي في دوما لسبع سنوات، و في كانون الثاني من هذا العام كانت هناك حالة تم فيها احضار ستة مرضى يعانون من مشاكل تنفس، و كشف الفحص الطبي عدم وجود مشكلة أو مواد سامة،و تم علاجهم بالأوكسجين و لم يكن هناك دليل على أنهم مصابون بالتسمم”.

في مجتمع ديمقراطي سليم ، كالذي تتخيل كل من الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و دون أسس كافية أنهما تتمتعان به، يجب أن يقاد تحقيق دقيق حول حادثة الكيماوي في سورية التي اخترعها الغرب، و بعد ذلك و بالتوافق مع القانون الدولي يتم إنزال العقاب. غير أن دونالد ترامب تبع قيادة تيريزا ماي و أصيب بالهستيريا، و كتب على تويتر بأن رئيس روسيا بوتين و إيران مسؤولين عن دعم الأسد . و لا يمكن لأحد أن يغفل أنها المرة الأولى التي يقوم ترامب بانتقاد الرئيس الروسي بقوة حتى قبل أن يظهر التحقيق أية نتائج.

مسكينة يا أميركا أي شخص وثقت به و إلى أين سيقودها الرئيس ترامب؟ هناك انحطاط إنساني ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل بكل العالم الغربي.

دونالد ترامب الذي شكل فريقا من الصقور ( مستشار الأمن القومي الجديد جون بولتون ، الذي يرتبط مع المؤسسة البريطانية Cambridge Analytica المخزية، و وزير الخارجية الجديد المتحيز مايك بومبيو، و مديرة السي آي ايه الجديدة جينا هاسبل، و هي أول امرأة في التاريخ تحتل هذا الموقع و تملك تاريخا ساديا معروفا) في وضع الاستعداد لبدء حرب ضد سورية. و مكالمة هاتفية واحدة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون كانت كافية لباريس من أجل إرسال خمسين من ضباطها إلى منبج بناء على طلب رئيس الولايات المتحدة.

في الثاني من نيسان ذكرت قناة العربية الفضائية ، بناء على مصادرها المحلية ، أن الولايات المتحدة تملك فرق قوات أرضية احتياطية (ثلاثمائة رجل) ، بما في ذلك عدد كبير من ناقلات الجنود المدرعة و المعدات العسكرية الثقيلة. و أشار الخبراء أن الولايات المتحدة تعتمد على حلفائها و ما من سر أن الوجود الفرنسي قوي في عدة أماكن في سورية، في محاولة لاستعادة نفوذ باريس السابق بعد الحرب العالمية الأولى، عندما كانت فرنسا تسيطر على سورية. و كل العالم المتحضر يملك فكرة جيدة حول قدرة فرنسا على التعامل مع الصراعات، فباريس هي من اقترح إبادة الجماهيرية الليبية الدولة ذات السيادة و القتل الوحشي لقائدها معمر القذافي.

هذه هي فرنسا الديمقراطية بمبادئ ثورتها!!

و من الواضح كم كان فاسيلي نيبينزيا محقا في خطابه أمام مجلس الأمن في الأمم المتحدة عندما اتهم الدول الغربية بدعم الإرهابيين في سورية لأجل إسقاط الحكومة السورية : “الإرهابيون و المتطرفون، المدعومون من رعاة خارجيين، قد هزموا في سورية . دعوني أذكركم ، أنهم ذات الإرهابيين و المتطرفين الذين جهزتموهم و مولتموهم و أرسلتموهم إلى ذاك البلد لتغيير حكومة شرعية . و الآن من الواضح ، لماذا تسبب هذه الهزيمة الهستريا لأولئك الذين استثمروا قوتهم السياسية و العسكرية في هذه القوى الظلامية”..

بقلم فيكتور ميخين – ترجمة رنده القاسم / شام تايمز

109-1