من طهران: ماذا تنتظر ايران من الاتحاد الاوروبي؟

الجمعة ٢٥ مايو ٢٠١٨ - ٠٥:٢٣ بتوقيت غرينتش

اكد المتحدث باسم الخارجية الايرانية بهرام قاسمي في حوار خاص اجرتها معه قناة العالم خلال برنامج "من طهران" تحت عنوان: ايران.."الاستراتيجية الاميركية" والمفاوضات مع اوروبا" ان بلاده ستعلن موقفها حيال البقاء ضمن الاتفاق النووي او المغادرة منه وذلك خلال الاسابيع القليلة المقبلة، مشيراً الى انه ليس هناك وقت كثير امام الاتحاد وعليه ان يخبرنا مدى قدرته على تقديم الضمانات لاستمرار الاتفاق النووي بعد خروج الولايات المتحدة منه.

المذيع:  بعد اعلان وزير الخارجية الاميركي الاستراتيجية الجديدة تجاه ايران والتي وضع عدد من الشروط، اذا حققتها ايران ترفع الولايات المتحدة العقوبات بشكل كامل عن ايران.. ما هي ردة فعلكم على هذه الشروط؟

قاسمي: اعتقد باننا لم نسمع حديثاً جديداً في البيان الذي القاه وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو، خلال 25 دقيقة، ولكن نبرة صوته كانت غير دبلوماسية وبعصبية اكثر، حول الشروط غير القانونية التي وضعها من قبل الولايات المتحدة، واجهنا نحن هذه المطالب.

ما عرضه بومبيو في هذا البيان امام العالم يمكن بحثه من عدة زوايا، وان دل على شيء فانما يدل على رغبة اشعال الحروب والعدواة والتي تكنها الولايات المتحدة لايران وعدم معرفة الجهاز الدبلوماسي للادارة الاميركية الشعب الايراني وشعوب المنطقة والتجارب السابقة، ومن ناحية اخرى فان هذا العمل مبتدئ وغير مهني ولا يمت الى الدبلوماسية بصلة. اذا نظرنا الى الموضوع نرى بان ترتيب هذه المطالب غير المشروعة لا سابقة لها في التاريخ، وهي تدل على احباط وعصبية الولايات المتحدة، وهذا النوع من الشروط واجهت السخرية من قبل العالم وعلى الاخص مثقفي العالم لم يتوقعوا من هذه الدولة التي تعتبر قوية. والشعارات التي اطلقها الرئيس الاميركي دونالد ترامب في حملته الانتخابية بان كل شيء في الاصل موجود في اميركا، وان بلاده هي الموضوع الرئيسي لسياساته بعد الانتخابات، ولكنه دخل في بعض المواضيع غير المحقة ولا علاقه لها بالولايات المتحدة، واعتقد بان ليس هناك سوى طلب الحرب في البيان.

ان اميركا بخروجها من الاتفاق النووي قد ارتكبت خطأً استراتيجياً وأخطأت في حساباتها ولم تكن تتخيل او تعتقد بان ايران قامت بخطوات معقولة واستطاعت ان تجذب العالم الى جانبها وادت الى عزلة اميركا.

بعد خروج ترامب من الاتفاق النووي، دخل بومبيو الى الحلبة واظهر هذه العصبية في هذا البيان، هناك نظرة سلبية من العالم للسياسيين الاميركيين في مقابل النظرة الايجابية بالنسبة لسياسات الجمهورية الاسلامية في ايران، وفي النهاية انا ارى هذا البيان ما هو الا نتيجة لهزيمة السياسات الرئيسية للولايات المتحدة بعد خروجها من الاتفاق النووي، هم كانوا يعتقدون انهم بخروجهم من الاتفاق سيستمرون في وضع العراقيل والموانع لدفع ايران للقيام باعمال عدائية وتخرج من هذه الاتفاقية، ولكنهم فشلوا في ذلك. ان بومبيو دخل الميدان بهذه الشروط الـ12 الخاطئة وهيأ الارضية لاميركا لعدة سنوات قادمة لمواجهة مشاكلها.

المذيع: اهم الشروط التي وضعتها اميركا، هناك اربعة مهمة وهي الموضوع النووي والرقابة على البرنامج النووي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومسألة الصواريخ الايرانية  البالستية، والنفوذ الايراني في المنطقة ودعم بعض الحركات التي تعتبرها الولايات المتحدة ارهابية في المنطقة.. هذه الملفات الاربع بشكل او بآخر تؤيدها اوروبا ولديها نفس وجهة النظر الاميركية، كيف تقيمون ذلك؟

قاسمي: بالنسبة للمواضيع موجودة في عالم السياسة في العلاقات الدولية او بين الدبلوماسيين، وهناك اعراف موجودة وتجارب، الدول التي لديها فهم افضل للقضايا العالمية تستطيع ان تطرح هواجسها، الولايات المتحدة في بيانها الاخير قد خرجت من جميع الاعراف والتقاليد الدبلوماسية وهي ادارة تطلب الحروب وعنيفة وغير عالمة بالقضايا العالمية وبالاخص ايران والمنطقة.

لم تستطع الولايات المتحدة ان تتحدث بلغة واحدة ومحددة، وعلى هذا الاساس نحن نرى بان هذا التصريح قد قوبل بردة فعل شاملة في العالم التي انتقدت اميركا، ولدى ايران الكثير من المشتركات مع دول العالم رغم وجود وجهات نظر مختلفة ايضاً في بعض الاحيان، وعلى هذا الاساس ندخل في الحوار من اجل تقوية هذه المشتركات بيننا للوصول الى نتيجة وتقليل الخلافات.

الدول الاوروبية انتقدت بعض سياسات الجمهورية الاسلامية وطرحت اسئلة ونحن بدورنا تحدثنا بصراحة وعلنية واوضحنا الامر وايضاً انتقدنا بعض سياساتها، ونسعى في الحوارات المختلفة الى ان نصل في نهاية المطاف الى التقليل من فجوة هذه الخلافات.

المذيع: كيف تقيمون اداء الاتحاد الاوروبي، والدول الثلاث تحديداً المشاركة في الاتفاق النووي بعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق؟

قاسمي: ان الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا وهما عضوان في الاتفاق النووي، قد اتخذت مواقفها واعلنتها صراحة بالنسبة لخروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، ولمسنا الى ان هناك اجماعاً دولياً من اجل الحفاظ على الاتفاق النووي واهميته، وخلال اتصالاتهم سمعنا من السنتهم هناك مواقف ايجابية وكلمات مشجعة التي عبروا عن رفضهم للمواقف الاميركية.

المذيع: ألا ترون ان الدول الاوروبية تقارب مسألة الاتفاق النووي فقط من باب مصالحها، حتى ما صدر عن المسؤولين الاوروبيين تحدثت فقط عن حماية مصالح الشركات العاملة في ايران بغض النظر عن الاتفاق النووي، الان قد تتضررت المصالح الايرانية من قبل دول مثلاً خوفاً من العقوبات الاميركية، ماذا ستفعل اوروبا؟

قاسمي: ان اميركا بعد توقيع الاتفاق النووي بدأت بوضع العراقيل من اجل منع ايران من الانتفاع من هذا الاتفاق، وازدادت في ادارة ترامب عبر ممارسة انواع الحيل والمكر وتهديد الدول الاوروبية التي لديها اسهم داخل الولايات المتحدة ومنعها من التعاون مع ايران.

الاتحاد الاوروبي ينظر الى ايران من عدة زوايا وليست اقتصادية فقط، ويعلم جيداً بان الاتفاق النووي هي نتاج عمل جماعي داخل اوروبا التي تسعى للحفاظ على هذا الانجاز لنفسها، ليست بالضرورة من الناحية الاقتصادية، ولكن لجهد دبلوماسي وعمل مشترك الذي استطاع ان يحل مشكلة كبيرة كما يعتقدون وحلها بالطرق الدبلوماسية، بالتأكيد الموضوع الاقتصادية مطروح بقوة ولكن ليس بحجم ما تعنيه هذه الاتفاقية للقارة الاوروبية.

ارى شخصياً بان اوروبا تتحرك بجدية ولكن علينا ان نعلم ما هي الحقائق الاوروبية خاصة على الصعيد العالمي، والى اي حد يمكنها ان تتحرك بصورة مستقلة، وايضاً الشركات المتعددة الجنسيات التي لديها شركاء واسهم في الولايات المتحدة، هناك نقاط غامضة موجودة، ولهذا يجب علينا ان ننظر كيف ستستمر اوروبا في الاتفاق النووي، ولهذا بدأنا حواراتنا بعد توقيع الاتفاق النووي، وسنواصل ذلك وبالتأكيد ليس هناك وقت طويل امام اوروبا، وعليها الاسراع ان تصل الى نتيجة وان تلبي مطالب الجمهورية الاسلامية في ايران وتقديم الضمانات اللازمة من اجل رؤية هل يستطيع الاتفاق النووي البقاء بدون اميركا أم لا.

المذيع: هل سيكون موضوع اجتماع اللجنة المشتركة في فيينا المقرر يوم الجمعة، لمتابعة الاتفاق النووي؟

قاسمي: يوم الجمعة ستعقد لجنة خطة الاتفاقية النووية اجتماعاً بدون ممثل او مندوب من قبل الولايات المتحدة، ونحن لا نشترك في مجموعة 5+1 حالياً ولكن هناك لجنة مشتركة تتكون من ايران وخمس دول اخرى اوروبية مع الصين وروسيا، وهذه اللجنة ستعقد من مبادرة ايران وستطرح قضاياها للحصول على ضمانات من الدول الاوروبية، للاستمرار في الاتفاق النووي.

المذيع: هناك حديث بان هذا الاجتماع سيتم طرح سيناريوهات بديلة للاتفاق النووي بحيث ترضي الولايات المتحدة؟

قاسمي: اعتقد ان الاتفاق النووي ملف مغلق واجريت محادثات مفصلة وتم التوقيع على هذا الاتفاق، وان اميركا التي خرجت من هذه الاتفاقية النووية ولم تستلزم بتعهداتها العالمية فقد اثبتت بانها دولة لا يمكن الاعتماد عليها على الاطلاق، وكان الكثيرون يعلمون ذلك ولكن بعد خروج اميركا قد انتبه العالم الى عدم الاستقرار الاميركي. الاتفاقية ستستمر بحضور خمس دول، ولكن هناك شرط بان تحصل ايران على ضمانات اوروبية تمنحها اياها بعد خروج الولايات المتحدة، وتقديم التزامها بتعهدات الاتفاق كي تستمر الاتفاقية النووية، وعلى هذا الاساس سنستمر بهذه المحادثات وبدأ وزير الخارجية الايراني بجولة الى بكين وموسكو وايضاً الى بروكسل واجتمع مع اعضاء الدول الاوروبية وكذلك مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي.

المذيع: هل هناك آلية ملموسة لجولة ظريف لحفظ المصالح الايرانية؟

قاسمي: كان تقييمنا ايجابياً بالنسبة لزيارة ظريف لبكين وموسكو وبروكسل، وقررنا بان تستمر المحادثات سواء على الخبراء او في اللجنة المشتركة، الفرصة امام الاتحاد الاوروبي ليست طويلة، ونأمل خلال الاسابيع القادمة الحصول على ضمانات التي يمكن ان تقدمها اوروبا للجمهورية الاسلامية، بعد ذلك نقرر هل تستطيع الاتفاقية النووية ان الاستمرار بدون اميركا؟

المذيع: الولايات المتحدة ماضية في عقوباتها على ايران سواء ضد الاشخاص او المؤسسات، بعض الشركات الاوروبية اعلنت انها لم تعد تعمل في السوق الايرانية كشركة مرسك للنقل البحري، وهناك حديث متزايد عن استبدال شركة توتال الفرنسية التي تعمل النفط والغاز، ماذا ستفعلون حيال هذه الوقائع؟

قاسمي: هناك بعض الحقائق موجودة في اوروبا وفي العالم، وعلى هذا الاساس ندخل في المحادثات كي نعرف الى اي حد تستطيع اوروبا ان تتعاون وتلتزم بما تعهدت به وان تراقب وتشرف على المؤسسات الاقتصادية والمالية والمصرفية. الاجواء الجديدة قد اثبتت بعد الاتفاق النووي هناك شركات كبيرة قد عملت في ايران واعلنت بانها تتعرض لضغوط وتهديدات من الولايات المتحدة، وحالياً في طور المحادثات وننتظر في نهاية المطاف الدول الاوروبية الى اي حد تستطيع ان تقنع الشركات الاوروبية بالتعاون مع ايران وما هي الضمانات الجديدة التي ستكون بديلة للشركات غير القادرة في هذه الظروف ان تعمل داخل ايران.

ما نريده من اوروبا والدولتين الاخريتين تنفيذ جميع تعهداتها في الاتفاق النووي، وحالياً الشركات الاقتصادية ليست مهمة على الاطلاق.

المذيع: الان مرّ 15 يوماً على انسحاب ترامب من الاتفاق النووي، الى متى ستستمر هذه المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي؟

قاسمي: اوضحت انه ليس هناك وقت كثير امام اوروبا واتمنى خلال الاسابيع القادمة ان تكون تصل الى نتيجة شاملة، وان تستطيع ان تخبرنا مدى قدرتها على تقديم الضمانات، وعندها سنتخذ قراراتنا وفقاً للضمانات الاوروبية للاتفاق النووي.