ما هو المستقبل الذي ينتظر العراق؟

ما هو المستقبل الذي ينتظر العراق؟
الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٤١ بتوقيت غرينتش

تعديل قانون الانتخابات البرلمانية وإعادة الفرز اليدوي للأصوات في الانتخابات العامة الأخيرة بإشراف قضائي وإلغاء نتائج تصويت الخارج لجميع المحافظات، فضلا عن انتخابات التصويت المشروط في مخيمات النازحين والحركة السكانية لمحافظات الأنبار وصلاح الدين ونينوى وديالى، والفترة القصيرة المتبقية من عمر الحكومة والبرلمان الحاليين والتي تبلغ حوالي عشرين يوما، جميع هذه الامور ادت الى تعقيد الاوضاع المستقرة التي كانت تسود العراق بعد الانتخابات الاخيرة.

العالم - قضية اليوم

ففي حين اقيمت الانتخابات في اجواء هادئة وبعيدا عن اي توتر لتعزيز الآمال بوجود عراق سياسي- اقتصادي في المستقبل، حدثت بعض الامور مثل فشل واستياء بعض الخاسرين في الدخول الى البرلمان الجديد ومن ثم المساس بنزاهة نتائج الانتخابات الالكترونية في خارج هذا البلد المحرر قريبا من دنس "داعش" لتتفجر ازمة جديدة تحت عنوان ازمة الاستفتاء خلال الايام الاخيرة وبدعوة واصرار من بعض النواب الحاليين تمت الموافقة على اجراء تعديلات على قانون انتخابات عام 2013 في العراق. وشملت مواد التعديل إلزام المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بإعادة العد والفرز اليدوي لكل المراكز الانتخابية في عموم العراق، وانتداب تسعة قضاة لإدارة مجلس المفوضية يتولون صلاحيات مجلس المفوضين بدلا من مجلس المفوضية الحالي.

وبعيدا عن ابداء اي راي بشأن احقية او عدم احقية موقف من يطالبون باعادة فرز الاصوات ، فان هذه الخطوة ستكلف الشعب العراقي مائة مليون دولار كتقييم اولي وهو المبلغ الذي تم صرفه لاجراء الانتخابات الكترونيا. وفي ذات الوقت فان عدم ثبات قانون الانتخابات في العراق سيترك بلا شك تاثيره السلبي على القوانين الجارية في هذا البلد وهو ما سيبرز في المستقبل لامحالة. 

هذا فضلا عن ان الفترة المحدودة المتبقية امام البرلمان والحكومة العراقييين لحسم موضوع اعادة فرز الاصوات هي من القضايا الاخرى التي يواجهها ساسة وحكام العراق. فالمجتمع العراقي يواجه تساؤلات عدة حاليا منها لو افترضنا جدلا بانه يتم حل موضوع اعادة فرز الاصوات يدويا خلال الفترة الحرجة المتبقية، فما هو المستقبل الذي ينتظر العراق في ضوء عدم تقديم القوانين العراقية لاي حلول في هذا الخصوص. الن تنهار الحكومة والبرلمان وتتبعهما رئاسة الجمهورية في ظل الاوضاع الناتجة عن الفراغ القانوني لعدم وجود البرلمان؟ هل الحكومة والبرلمان العراقيان لديهما سيناريو خاص للتمديد المؤقت؟ او ان الفوضى ستعم العراق الذي يعيش اجواء الامن والاستقرار بعد "داعش"؟ لاشك ان المتضرر الاول والاخير في ضوء تحقق اي من السناريوهات المحتملة السابقة لن يكون سوى الشعب العراقي.

ويرى مراقبون ومحللون داخليون واجانب انه من المستبعد ان تشهد نتنائج الانتخابات تغييرا كبيرا فيما لو تم اعادة فرز الاصوات يدويا، ولكن لو على سبيل المثال لو حصل مثل هذا التغيير فما هي الضمانة بان لا تبادر جماعة اخرى للتعبير عن عدم رضاها حيال نتائج الانتخابات وهلم جرى.

في الواقع انه وفي ظل الظروف الراهنة والى جانب الوقت الحرج المتبقي امام البرلمان والحكومة العراقيين فان الائتلافات البرلمانية ايضا تسودها حالة من الضبابية ولذلك لا نرى خلال الفترة الاخيرة اي جهود جادة لتشكيل اتئلافات على الساحة العراقية كما كان الحال في الايام السابقة. وفي هذا الاطار فحتى الاخبار التي تم نشرها حول الائتلاف الجديد بين ائتلاف الصدر والحكيم وعلاوي ايضا لم تستطع كسر جمود البازار السيباسي في العراق، لذلك نرى ان الانباء عن الانفجارات التي طالت بغداد وكركوك هي التي تصدرت عناوين الاخبار في العراق وليس الاتئلافات.

المشاركة العامة للشعب العراقي في الانتخابات البرلمانية وان لم تكن بمستوى التوقعات الا انها حملت في طياتها عدة رسائل، الاولى هي ان الشعب العراقي يتطلع الى مكافحة الفساد في كافت مفاصل البلاد. ثانيا ان ثقة الشعب العراقي تميل اكثر الى الشخصيات التي لديها سجل ناصع ولامع على الصعيد العملاني مقارنة بالاخرين. واخيرا ان الشعب العراقي يشعر بعدم الرضا حيال انعدام الامن والاحتلال والتدخل الاجنبي في شؤون بلاده ويتطلع الى عراق عامر وآمن وخال من اي تدخل . وبالطبع فان من ضرورات ترجمة مثل هذا التطلع على ارض الواقع وبلورة مثل هذا البلد بخصائصه المنشودة هو وجود قانون ثابت والتزام الحكام به، بعبادرة اخرى فان اي اجراء يؤدي الى سوق العراق الى خارج هذه الاطر سيتعارض مع المستقبل الذي يتطلع اليه الشعب العراقي.

ابور ضا صالح

109-2