القدرات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية ونظرية توازن القوى

القدرات الصاروخية للمقاومة الفلسطينية ونظرية توازن القوى
الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٨ - ٠٦:٤١ بتوقيت غرينتش

تعتبر المقاومة الفلسطينة ان سلاح الردع الأساسي الذي تمتلكه لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي هي الصواريخ، لذلك فهي تسعى منذ فترة طويلة إلى امتلاك قُدرات صاروخية تُمكّنها من توجيه ضربات موجِعة للعُمق الإسرائيلي.

العالم- فلسطين

قصفت الطائرات الحربية الصهيونية، فجر اليوم الاثنين (18-6)، ثلاثة مواقع للمقاومة في قطاع غزة، فيما ردت المقاومة الفلسطينية برشقة صاروخية على مستوطنات الغلاف.

واطلق الطيران الحربي الصهيوني صاروخين على الأقل تجاه موقع بدر غرب غزة، وأربعة صواريخ تجاه موقع السفينة شمال غربي غزة وردا على العدوان الإسرائيلي، أكدت مصادر محلية وشهود عيان أن المقاومة الفلسطينية ردت بإطلاق رشقة صاروخية على مستوطنات غلاف غزة، بالتزامن مع سماع دوي صافرات الإنذار داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.

وتُشير التقديرات الإسرائيلية إلى أنه خلال فترة بسيطة، سيكون لدى المقاومة إن لم تكن قد امتلكت صواريخ دقيقة، يكون كل واحد منها قادراً على إصابة الهدف بمستوى دقّة يصل إلى أمتار معدودة، بما قد يؤدّي إلى إيقاع أضرار شديدة لمنظومة الاستخبارات والتحكّم وقواعد سلاح الطيران، ناهيك عن البُنى التحتية مثل شبكات الكهرباء والمياه والوقود، وكذلك رموز الحُكم مثل الكنيست والحكومة و"الكرياه" وغيرها.

إسرائيل عاجزة عن التعامُل مع القوّة الصاروخية

لقد أدركت المقاومة الفلسطينية أن الكيان الإسرائيلي عاجز عن التعامُل مع القوّة الصاروخية، وانتقلت لتجهيز نفسها بالصواريخ، للحد من قُدرات الجيش الإسرائيلي، استخدام القوّة الصاروخية للمقاومة يُتيح لها العديد من المزايا خلال المعارك:

خلال فترة قصيرة من الوقت يتم اتّخاذ قرار الإطلاق وفق تخطيط المهام والوقت المناسب.

ليس هناك أهمية للطقس أو الليل والنهار في عمليات الإطلاق.

تخزين وتشغيل أنواع مختلفة من الصواريخ من مواقع صغيرة، مُموّهة، أو من المركبات.

الدقّة تعتمد على نوعية النظام، أي الصواريخ غير الموجّهة أو الصواريخ الموجّهة.

الوقت القصير بين الإنذار والإصابة له تأثير عملياتي (القليل من الوقت للبحث عن مأوى)، ولديه التأثير النفسي.

في السابق تم إطلاق الصواريخ على كيان الإحتلال من خلال الصواريخ غير الموجّهة، ومدى الضرر، أو حتى التهديد للأهداف الاستراتيجية، كان قليلاً، وكان أهم حدث تعليق رحلات الطيران من مطار بن غوريون بعد استهداف القسّام له بالصواريخ خلال حرب العصف المأكول، كما سبّبت صواريخ القسّام مفاجأة للكيان وعطّلت جزءاً كبيراً من أهداف الحرب، وكان من الدروس المُستفادة من الحروب السابقة مع قوى المقاومة، حاجة المقاومة إلى زيادة كمية الصواريخ لديها وزيادة تهديدها بما يشمل نطاقها ودقّتها.

المقاومة قرأت العِبَر من الحروب الأخيرة بشكلٍ جيّد

ولقد استفادت المقاومة من حجم تأثير إطلاق الصواريخ على الجبهة الصهيونية، وبالتالي تسعى اليوم إلى زيادة تأثير الصواريخ بشكل أكبر، ومن الواضح أن المقاومة قرأت العِبَر من الحروب الأخيرة بشكلٍ جيّد، ووضعت يدها على نقاط الضعف، ومن خلال قراءة نقدية موسّعة لتفاصيل المعارك الأخيرة، بدت أكثر سرعة في تنفيذ ما وصلت إليه من ضرورات يجب تقويتها تحضيراً للمعركة المقبلة .

التجارب الصاروخية للمقاومة الفلسطينية تثير قلق “إسرائيل”

قال مصدر عسكري في جيش الاحتلال “الإسرائيلي”، إن المقاومة الفلسطينية، تجري تجارب شبه يومية لصواريخ تطوّرها وحدة التصنيع التابعة لها، تحسباً لأي مواجهة عسكرية جديدة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.

وأشارت المصادر إلى أن المقاومة تطلق هذه الصواريخ من مناطق عدة في القطاع، وأن التجارب تهدف إلى رفع الكفاءة والقدرات العسكرية لتلك الصواريخ وتحسين مداها.

وتثير عمليات إطلاق الصواريخ حالة من الخوف والقلق لدى المستوطنين اليهود الذين يقطنون بالقرب من حدود قطاع غزة.

ويبدو أن “تل أبيب” تتخوف من أن تكون عمليات إطلاق الصواريخ مقدمة لاستهداف منصات الغاز التي تعمل قبالة سواحل قطاع غزة، خصوصاً أن المقاومة الفلسطينية تمتلك قوة ضفادع بشرية تعمل في البحر، ونفّذت خلال حرب 2014 عدة مهام، منها عملية تسلل إلى موقع عسكري قبالة سواحل عسقلان شكلت مفاجأة كبيرة لقوات الأمن الإسرائيلية آنذاك.

ولم تتوقف الصحافة الإسرائيلية عن التلويح بالمخاطر التي تحدق بالاحتلال من جراء تطوير حماس لقدراتها العسكرية البحرية تحضيرا لأي مواجهة عسكرية مرتقبة بين الجانبين.

وتخشى "إسرائيل" من امتلاك حماس لصواريخ ومعدات عسكرية بحرية تمكنها من الوصول لمناطق إستراتيجية مثل منصات الغاز المنتشرة على الشريط الساحلي لقطاع غزة وهو ما يعطي لحماس تفوقا في أي مواجهة مرتقبة.

حماس وتصنيع معدات وأجهزة الغوص لمقاتليها

صحيفة يديعوت أحرونوت الصهيونية قالت إن حماس انتقلت مؤخرا لتصنيع معدات وأجهزة الغوص لمقاتليها الذين يقدر عددهم بالمئات في ضوء تدمير الجيش المصري لأغلب الأنفاق الحدودية في مدينة رفح، كما أن "كوماندوز حماس" بات يمتلك جهاز تنفس مغلق يسمح للغواص بالبقاء تحت الماء لمسافة عدة كيلومترات دون ترك علامات أو أثر.

من جانبه رأى اللواء المتقاعد والخبير العسكري من رام الله، واصف عريقات، أن "فصائل المقاومة في غزة وعلى رأسها حماس طورت من قدراتها العسكرية البحرية في السنوات الأخيرة ضمن ما تمتلكه من موارد وإمكانيات، وهي قدرات عسكرية متواضعة يتركز أغلبها في الدفاع عن النفس وليست أسلحة هجومية متطورة كما تحدث بذلك المسؤولون الإسرائيليون."

من حق حماس وفصائل المقاومة أن تقوم بتطوير قدراتها

بدوره قال المختص في شؤون حماس، حسام الدجني، إن "من حق حماس وفصائل المقاومة أن تقوم بتطوير قدراتها العسكرية كونها تقع تحت الاحتلال، كما أن حماس استطاعت خلال السنوات الماضية أن تطور من قدراتها العسكرية البرية والبحرية، وهذا ما يجعل المستوى الأمني والعسكري في دولة الاحتلال في حالة تأهب قصوى لأن ذلك سيخل بموازين القوى لصالح حماس في أي مواجهة قادمة."

إطلاق الصواريخ مقدمة لاستهداف منصات الغاز

ويبدو أن تل أبيب تتخوف من أن تكون عمليات إطلاق الصواريخ مقدمة لاستهداف منصات الغاز التي تعمل قبالة سواحل قطاع غزة، خصوصاً أن حركة «حماس» تمتلك قوة ضفادع بشرية تعمل في البحر، ونفّذت خلال حرب 2014 عدة مهام، منها عملية تسلل لمقاتلين إلى موقع عسكري قبالة سواحل عسقلان في عملية شكلت مفاجأة كبيرة لقوات الأمن الإسرائيلية آنذاك.

ويقول إبراهيم المدهون، المحلل السياسي، إن عمليات إطلاق الصواريخ التجريبية من قِبل المقاومة وعلى رأسها «كتائب القسام»، تُعد «سلوكاً طبيعياً وعملاً اعتيادياً تمارسه المقاومة الفلسطينية من أجل تطوير سلاحها وتعزيز دقة صواريخها ومداها». وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الصواريخ لا تطلَق للتهديد وإن كانت تحمل رسائل، ولكن هي تطلَق من أجل حاجة التطوير، وأن عملية إطلاق الصواريخ الخمسة ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي تقوم بها المقاومة».

 ولفت إلى أن ذلك «له دلالة تؤكد أن المقاومة، وخصوصاً كتائب القسام، تعمل بشكل متواصل على تطوير سلاحها وصواريخها، كما أنها (التجارب الصاروخية) تحمل رسائل مفادها أن نمو المقاومة وتسلحها لم يتوقفا رغم الحروب والحصار المفروض على قطاع غزة، وأنها نجحت في مواصلة توسعة عملها العسكري وزيادة قوتها وعدد صواريخها».

المقاومة لن تتنازل لا عن سلاحها ولا عن تطوير هذا السلاح

 وأضاف: «كما أنها تحمل رسائل واضحة أن المقاومة لن تتنازل لا عن سلاحها ولا عن تطوير هذا السلاح، وستستمر في تطويره وتنظر إلى هذا الأمر باعتباره أمراً طبيعياً بل جعلته اعتيادياً، ولهذا فإن الاحتلال حتى اللحظة يراقب هذه الصواريخ ولا يقوم بأي رد فعل عسكري غير رصدها، ويكتفي بالرد على الصواريخ الفردية التي تطلَق خارج الإجماع الوطني تجاه مستوطناته المحاذية للقطاع، كما جرى في اليومين الماضيين».

213