تداعيات التخاذل العربي على دعم المغرب لاستضافة مونديال 2026

الإثنين ١٨ يونيو ٢٠١٨ - ٠٦:٥٨ بتوقيت غرينتش

صوتت الجمعية العامة للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، الأربعاء الماضي، لاختيار البلد الذي سيستضيف كأس العالم 2026. وحصل الملف المغربي على 65 صوتا فقط، مقابل 134 للملف الثلاثي (الأمريكي والمكسيكي والكندي).

العالم - المغرب

وتخلت سبع دول عربية وهي السعودية والبحرين والإمارات والعراق والأردن والكويت ولبنان عن دعم المغرب لصالح الملف الثلاثي. لكن هل سيغير المغرب سياسته تجاه الدول التي لم تصوت له ام لا؟

وبدأت التداعيات من خلال موقف المسؤولين المغاربة، مباشرة بعد ظهور نتائج التصويت فاعرب المتحدث باسم الحكومة مصطفى الخلفي عن خيبة أمله بعد اختيار نصف الدول العربية الملف الثلاثي. وقال: بالنسبة إلينا هذا الأمر مؤسف لكننا سنواصل العمل لأننا ننظر للمستقبل، دون تسمية دول بعينها. 

واضاف: "هناك دول كانت مغلوبة على أمرها، ورضخت للضغوطات، خاصة من قبل السعودية، وهناك دول اتخذت القرار لاعتباراتها السياسية الخالصة". 

 وأوضح أن بلاده "ستتعامل حسب الوضع، وستميز بين الدول التي خذلته عن قناعة وعن سبق إصرار، وبين الدول التي كانت تحت الضغط والإكراه، فاختارت الملف الثلاثي".

وسبق أن اعتذر وزير الثقافة والاتصال المغربي محمد الأعرج عن المشاركة في اجتماع لوزراء الإعلام في دول تحالف العدوان العربي ضد اليمن بمدينة جدة السعودية مقرر عقده يوم 23 يونيو/حزيران الجاري، وجاء في بيان للوزارة أن سبب عدم المشاركة يعود لارتباطات متعلقة بجدول أعمال الوزير، لكن لعدم مشاركة الأعرج أكثر من دلالة مما يرجح أن يكون غيابه تعبيرا عن انزعاج الرباط من وقوف الرياض وحلفائها ضد ملف استضافة المغرب لـكأس العالم 2026.

ومن المتوقع ان يتخذ المغرب عددا من المواقف المماثلة، بالنظر للفرص التي تتاح، خلال اللقاءات الإقليمية التي تجمع المغرب بالدول الخليجية تحديدا. 

كما أعرب وزير الرياضة المغربي رشيد الطالبي العلمي عن أسف بلده "للخيانة" التي تعرض لها من قبل بعض الدول العربية في هذا الملف.

كما عبر العديد من المحللين عن استغرابهم من عدم تصويت هذه الدول لصالح المغرب، ووصفوا ذلك بالأمر المعيب ووصمة العار واعتبروا ان لذلك سيكون تداعيات سياسية على علاقات المغرب والدول العربية التي فضلت الملف الثلاثي.

واضاف الخبراء ان التصويت كان سياسيا وليس رياضيا، ومن الطبيعي أن تكون له تداعيات معينة على اختيارات المغرب اتجاه الدول التي خذلته. 

وقال الخبراء إن المغرب سترد بالمثل على دول صوتت ضدها، وربما تصوت ضدها في المحافل الرياضية. 

وتوقعوا ان يؤدي ذلك الى تقوية محور الرباط والدوحة، على حساب محور الرباط والرياض.

وكان امير قطر تميم بن حمد ابلغ الملك محمد السادس بدعم بلاده الكامل للمغرب إذا تقدمت بترشيحها لتنظيم مونديال 2030. والموقف الذي عبّر عنه الملك المغربي بإجرائه اتصالاً مع أمير قطر تقديراً لتصويت الدوحة على ملف الرباط، أعطى أكثر من دلالة بخصوص تغييرات ممكنة في علاقة المغرب بالدول الخليجية، خاصة وأنه الاتصال الوحيد حول نتائج التصويت الذي أعلن عنه القصر الملكي المغربي حتى الآن.

ويقول عبد الفتاح بلعمشي، رئيس المركز المغربي للدبلوماسية الموازية ان "المصالح محفوظة لكل بلد، إلا أن ما وقع يضر بالطموح في علاقات عربية أقوى من الواقع الذي يعاني مجموعة من المشاكل". 

ومع ان المغرب يرتبط بعلاقات تاريخية مع السعودية يؤكدها تعاون ثنائي مستمر منذ عقود لكن وقوف المغرب على "الحياد الإيجابي" في الأزمة الخليجية وإبقائه علاقات قوية مع قطر، فتح باب الحديث أمام خلاف سعودي- مغربي صامت، من تجلياته ما كتبه رئيس إدارة الهيئة العامة للرياضة السعودية تركي آل الشيخ قبل أسابيع، من أن المغرب يضيّع وقته باتجاهه إلى قطر، وأن من يريد الدعم عليه أن يبحث عنه في الرياض.

والغضب المغربي من السعودية ليس فقط بسبب التصويت، وليس بسبب اتخاذ الرياض لموقف يتماشي مع مصالحها بل بسبب "تسييس الملف من  جانب تركي آل الشيخ، وبسبب قيامه عشية التصويت بحشد الدعم واستقطاب دول كثيرة لأجل التصويت على الملف الأمريكي فاعطت هذه السلوكيات للسجال الرياضي بعداً سياسياً.

وللتصويت السعودي على الملف الثلاثي المشترك جانب جيو سياسي، إذ سبق للرياض أن برّرت دعمها الملف الأمريكي بـ"المصالح"، وهي تلّمح هنا إلى علاقتها المتنامية مع واشنطن لأجل مواجهة إيران وتعزيز دورها الإقليمي على حساب قطر، بل إن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، فتح آفاقاً جديدة من التعاون مع أمريكا، عندما صرّح أنه من حق الإسرائيليين أن يكون لهم وطناً.

والإعلام المغربي دخل مؤخراً في دائرة الخلاف، ومنه إعلام مقرّب من بعض دوائر السلطة، إذ أنجز تغطيات تنتقد السعودية بشكل غير مسبوق، وهو مؤشر جديد على توتر علاقة الطرفين، بل إن متتبعين كثر توقعوا أن يعلن المغرب عن انسحابه من التحالف في اليمن.

ويقول الاعلامي المغربي نور الدين مفتاح : هناك تعامل بالمثل في العلاقات الدولية. وجُرح اليوم قد يتحوّل غداً إلى موقف سياسي"  والمغرب لن يضحي بكرامته من أجل حفنة استثمارات علماً أن السعودية هي من احتاجت المغرب في عدة محطات كحرب الخليج (الفارسي) الثانية والحرب في اليمن.

هذا فيما يستبعد بعض المحللين تغيير جذري في المنحى العام للعلاقات الخارجية المغربية، لكن مع حدوث تداعيات سياسية فقط.

وفضلا عن المسؤولين شعر الشعب المغربي بالصدمة من الدول التي كان يعتبره بالأمس حليفة له مثل السعودية، لكن للأسف لا يهم بعض الحكومات العربية الا المصالح.

وسادت حالةٌ من الغضب في مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب، ونعت مدونون في شبكات التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، و”تويتر” الموقف السعودي بكلماتٍ قاسية.

وكتب مدونون أنه بعد خيانة بعض الدول العربية للمغرب، وتصويتها لصالح الملف الأمريكي، "من تنكر لاخيه حتى في حال السلم فكيف سيكون إلى جانبه في حال الحرب لا قدر الله" وأورد مغاربة عبارات ساخرة، وساخطة على السعودية من قبيل "الأعراب أشد نفاقا".

ويرى ناشطون مغاربة أن المغرب عرف أصدقاءه، رغم خسارة تنظيم كأس العالم. وأشار مغردون إلى أن قرار بعض الدول العربية المؤثرة بالتصويت للملف الأمريكي يرجع إلى أسباب تتعلق بموقف المغرب من الأزمة الخليجية. فقد قرأ البعض في تلك الخطوة رسالة سياسية لتذكير المغرب بحاجتها إلى الدعم الخليجي وأن عليها الاختيار بين الرياض والدوحة.

وتجنّد آلاف المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي للسخرية من الهزيمة التي تعرّض لها المنتخب السعودي في افتتاح مباريات كأس العالم روسيا 2018 على يد المستضيفة روسيا بخمسة أهداف لصفر.

وهذه المرة الخامسة التي يفشل فيه المغرب في استضافة كأس العالم، إذ سبق أن رفض ملفه في 1994 و1998 و2006 و2010.

106-1

كلمات دليلية :