الجنوب السوري...

من حزام امان للصهاينة الى خط نار على طول الحدود

من حزام امان للصهاينة الى خط نار على طول الحدود
الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٢:٣٧ بتوقيت غرينتش

درعا وريفها خالية من الارهاب، بعد تضحيات الجيش السوري، انتصارٌ جاء بعد دماء الشهداء وصبر الجرحى على جرحهم النازف حتى سقت وديان وتلال وقرى حوران ، الحرية بعد طول معاناة مع الارهاب، انجاز  يوسع سيطرة الجيش على مساحة جغرافية واستراتجية مهمة.

الانجاز الذي جاء بالتزامن مع عيد الجيش السوري واللبناني، مشى فيه الرجال لحماية الحدود الجغرافية الجنوبية، كاسرين حدودا سياسية وهمية صُنعت لغايات في نفس الكيان الصهيوني والعدو الامريكي، ما يعني انه بعد انتصار درعا لن يكون كما قبلها، بعد ان اسقط الجيش اهم مشاريع الكيان الصهيوني في الجنوب وطهر المنطقة من داعش، ليتردد صدى هذا الانتصار في عواصم القرار، ولا سيما  واشنطن، التي اغلق الجيش الباب في درعا وريفها على يدها اللاعبة  في تلك المنطقة، وحصر خطرها في قاعدة التنف، والمناطق المحيطة بها حيث يتكاثر هناك داعش واخوته، ومنها انطلقوا للاعتداء على المدنيين وقرى السويداء.
هذاالانتصار يُعد تحولا استراتيجيا في تاريخ الحرب على سورية، اثر عودة الجيش السوري الى خطوط التماس مع الكيان الاسرائيلي، اي الى المواقع التي كان فيها قبل عام 2011، اثر السيطرة على كامل قرى ريف درعا الغربي الملاصقة للجولان السوري المحتل، حيث كان هذا الجيب الحدودي تحت رعاية الكيان المحتل، عبر تنسيق يومي، وذلك عبر البوابات الحدودية غير الشرعية، التي كانت تُفتح بشكل  مسخر لخدمة غرفة موك، واي عمل عسكري تشنه المجموعات الارهابية ضد الجيش السوري جنوباً، وقبل هذا الانسحاب لمجموعات النصرة واعوانها الى الشمال السوري، وطيلة فترة الحرب، وعبر هذه البوابات، أدخل الموساد الإسرائيلي وضباط ميدانيين من كيان الاحتلال ما يسمونهم "مصادر مستقبلية ومجندين أمنيين" إلى الداخل السوري، بعد اتمامهم دورات أمنية في صفد وطبريا وحتى في مواقع جيش الاحتلال في مرصد جبل الشيخ، كما استخدمت هذه المنطقة لتهريب عناصر من منظمة "الخوذ البيضاء" في المنطقة، مع مصادر وعملاء للعدو الصهيوني وضباط خليجيين وغربيين من غرفة الموك، إلى الأردن ومنها سينقلون الى بعض الدول الغربية.
قبل اتخاذ القرار بتحرير درعا وريفها من الارهاب، اي منتصف حزيران عام 2018 كانت المجموعات الارهابية  تتواجد داخل درعا وريفها بمساحة تقدر بـ 2350 كم2 من أصل مساحة المحافظة الكلي والبالغ 3900 كم2، أي ما يعادل 60% من المساحة الإجمالية، واما داعش تتمركز على مساحة تقارب الـ250 كم 2، أي 6% من المساحة الإجمالية، والجيش السوري يسيطر على مساحة تبلغ 1350كم 2، ما يعادل 34% من المساحة الإجمالية، هذا يعني ان العملية العسكرية كانت الاسرع في عمليات تحرير المحافظات الكبرى كدير الزور وريف دمشق، وتأتي من حيث الاهمية بعد السيطرة على حلب ودير الزور ودمشق وريفها، كون محافظة درعا تتشابك فيها المصالح الاقتصادية مع العسكرية والامنية، لقربها من الاردن من جهة، واتصالها بريف العاصمة من جهة اخرى، وملامستها لخطوط التماس مع الكيان الاسرائيلي من الجهة الغربية، وهذه السيطرة ستنعكس ايجابا على العلاقات بدول الجوار وتحديدا من الناحية الامنية والعسكرية، وبالذات مع الاردن، الذي بات يستعجل فتح معبر نصيب الحدودي، والذي يمثل شريان الحياة للاردن، اما من جهة الشرق فإن استعادة السيطرة على كامل محافظة درعا سيمنح الامان الاضافي لمحافظة السويداء، ما سيزيد حجم الضغط العسكري والسياسي على واشنطن بالانسحاب من قاعدة التنف كونها مصدر الخطر الوحيد الان في جنوب شرق وشرق سورية، والتي تشكل قاعدة انطلاق لمسلحي داعش لمهاجمة قرى شرق السويداء، وقواعد الجيش السوري في ريف دمشق الجنوبي الشرقي وريف السويداء الشرقي والشمالي الشرقي، وهذا يعني ان تفكيك قاعدة التنف، التي كانت توفر الدعم والتدريب للمجموعات الارهابية التابعة لداعش او المبايعة لها، وبأيدي ضباط بريطانيين وأمريكيين ونرويجيين، قادم لا محالة، كون تفكيك القاعدة مطلب سوري واضح، وهذا ما يفسر مخاوف الامريكي ونقله مجموعات داعش المحيطة بها في قلب الصحراء، من حالة السكون إلى العمل العسكري، مستغلا طبيعة المنطقة الجغرافية الصحرواية، واتصالها بحدود الاردن والعراق، ووصولها الى البوكمال في ريف دير الزور، وتشابكها مع ريف حمص، بالاضافة الى ملاصقتها لمخيم الركبان الذي سيتحول الى مأوى لتجمع مسلحي داعش، تحت سمع و نظر الامريكي.

وكل ما سبق يؤكد ان هدف الولايات المتحدة الامريكية والكيان الاسرائيلي، من استمرار قاعدة التنف هو خلق إرباك للدولة السورية وحلفائها سياسياً وعسكرياً وأمنياً، في ظل كل الانتصارات التي بددت حلمهم  في الجنوب، ولقنتهم دروسا في السياسة والحرب.


حسین مرتضی