بعد التفاؤل الأخير.. الحكومة اللبنانية الى جمود جديد

بعد التفاؤل الأخير.. الحكومة اللبنانية الى جمود جديد
الأربعاء ٣١ أكتوبر ٢٠١٨ - ٠٦:٢٢ بتوقيت غرينتش

لا حكومة قريباً.. هي الخلاصة التي خرجت بها كل الأطراف اللبنانية أمس، ليدخل ملف تشكيل الحكومة الجديدة، مربع التأجيل، رغم مرور أكثر من خمسة أشهر، مع تعثر المشاورات لحل أزمة "الفراغ الحكومي" في لبنان، وتشير الدوائر السياسية في بيروت، إلى أن الأمور وصلت الى حائط مسدود، لتبقى الأوضاع مجمدة حتى إشعار آخر.

العالم - تقارير

وما أن تحلّ عقدة حتى تبرز عقدة أخرى في مسار تشكيل الحكومة اللبنانية التي طال انتظارها، في ظل إصرار المعنيين بحل عقدة تمثيل سُنّة المعارضة، أي الرئيس ميشيل عون ورئيس الحكومة سعد الحريري وحزب الله، كل على موقفه.. وهي الخلاصة التي ثبّتها اللقاء المسائي "غير المعلن"، الذي جمع الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري في قصر بعبدا أمس.

الحريري يرفض لقاء "سُنّة 8 آذار"

ئيس الجمهورية يرفض أن يتمثل هؤلاء من حصته، وحزب الله مصرّ على احترام نتائج الانتخابات النيابية ووحدة المعايير، فيما رئيس الحكومة لا يزال عند المربع الأول، رافضاً، حتى يوم أمس، تقبّل جلوس سُنّة المعارضة معه على طاولة مجلس الوزراء، وهو ما يتضح من خلال استخفافه بمطالبهم، إلى حد عدم قبوله اللقاء بهم منذ الاستشارات النيابية التي عقدها في المجلس النيابي بُعيد تسميته.

وبعد أن أشيع أول من أمس أن الحريري واجه العقدة الأخيرة أمام التأليف، بالقول: "فتشوا عن غيري"، وصلته إشارات عديدة تؤكد تمسك الجميع به رئيساً للحكومة. لكن حزب الله كان يلفت إلى أن من انتظر القوات لخمسة أشهر، لم يهدد خلالها يوماً بالانسحاب، كيف له أن يهدد بالاعتذار بعد يوم واحد من تيقنه من جدية مطلب تمثيل المعارضة السُّنية؟

أما بعد أن انتهى مفعول التهديد الحريري، فقد انتقل البعض إلى الإيحاء أنه بعد حلّ عقدة القوات، لم يعد الرئيس المكلف تحت الضغط من جراء تأخير الحكومة، وبالتالي فإن الحل عند رئيس الجمهورية وحزب الله، وهما الأكثر تعرضاً للضغط، وخاصة حزب الله، الذي أصرّ على تمثيل هؤلاء بعد أن حلت كل العقد.

في المقابل، يبدو حزب الله مطمئناً إلى أن الحريري يدرك أكثر من غيره أن الحزب وحركة أمل كانا أكثر من سهّل التأليف منذ اليوم الأول، من خلال خفض سقف مطالبهما إلى الحد الأدنى. أما الإشارة إلى وضع الحزب تحت الضغط، فلا تشكل بالنسبة إليه هاجساً فعلياً، ولا تجعله يتنازل عن المطلب الذي أبلغه للحريري منذ اليوم الأول للتأليف.

بري يستقبل وفد "لقاء النواب المستقلين"

وتأكيداً لموقف أمل وحزب الله الداعم لحصول "سُنّة المعارضة" على مقعد وزاري، استقبل رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أمس، وفد "لقاء النواب المستقلين" الذي ضم: فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي والوليد سكرية، وغاب عنه عبد الرحيم مراد وقاسم هاشم بسبب السفر.

وأكد سكرية، بعد اللقاء، "موقفنا الثابت في حقنا بوزير من السُّنة المستقلين وفقاً لنتائج الانتخابات". ونقل عن بري تأكيده أنه "لا بد من تمثيل هذا اللقاء المستقل بوزير في الحكومة، والمسألة هي عند رئيس الحكومة أن يوجد الحلول لذلك".

موقف "القوات" من المشاركة في الحكومة

على رغم أنّ قرار القوات اللبنانية بالمشاركة في الحكومة، كان مُتخذاً مُسبقاً، إلا أنّ اجتماع "تكتل الجمهورية القوية" شهد نقاشاً "خجولاً" من فريق يُعارض القرار. حجتهم الرئيسية: التسليم لجبران باسيل والتنازل له، والانعكاس السلبي شعبياً.

قرار المُشاركة في الحكومة، كان محسوماً لدى دوائر حزبية عدّة في القوات اللبنانية، منذ أن سلّمها رئيس الحكومة المُكلّف سعد الحريري عرضه الأخير، وهو القبول بحقائب الشؤون الاجتماعية والعمل والثقافة ومنصب نائب رئيس الحكومة. لمس سمير جعجع جدّية الحريري السير بتشكيلة وزارية، أيّاً يكن موقف القوات اللبنانية منها، فتوصّل إلى أنّ "المصلحة" تقتضي السير بالقافلة.

ولكن لأنّ "الديموقراطية" سمة أساسية في العمل داخل "القوات"، دُعي أعضاء "كتلة الجمهورية القوية" أول من أمس إلى اجتماعٍ، بيانه الختامي جاهزٌ. ما نوقش على مدى ساعتين، كان القرار المُتخذ مُسبقاً، وهو المشاركة في الحكومة. معظم الذين حضروا اللقاء، من نواب ووزراء حاليين وسابقين، أيّدوا خيار القيادة.

ثوابت حزب الله

الى ذلك قال نائب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله الشيخ علي دعموش، في احتفال تأبيني في بلدة المعيصرة، إن "أمام الهموم الكبيرة التي يعيشها الناس في لبنان لا سيما على الصعيدين المعيشي والاقتصادي يصبح وجود حكومة جامعة ومتوازنة وقوية أمرا ملحا، ونحن نعرف بأن مسار التشكيل بات في مراحله الاخيرة وسنصل الى نتيجة في نهاية المطاف عاجلا أم آجلا”.

واشار الشيخ دعموش الى ان "حزب الله منذ البداية طالب بوضع معيار واضح ومحدد وكانت مطالبه واضحة منذ البداية ايضا، وقدمنا كل التسهيلات المطلوبة لولادة الحكومة، واليوم على الطرف الآخر ان يساعد نفسه ويقدم التسهيلات اللازمة من أجل الوصول الى نتيجة سريعة".

وشدد على "ان حزب الله لديه ثوابت لن يتخلى عنها في البيان الوزاري"، آملا "أن لا يضيع احد وقتا في نقاش ما اصبح من الثوابت، فالحكومة التي ستتشكل ينتظرها عمل كثير ولا مجال لتضييع المزيد من الوقت، ولذلك المطلوب بعد تشكيل الحكومة انجاز البيان الوزاري سريعا والتوجه نحو العمل"، معتبرا ان "على الحكومة الجديدة أن تبذل جهودا مضاعفة فتعمل بفاعلية أكبر وبمسؤولية وجدية للتعويض عن الفترة الماضية وتحقيق انجازات على الصعد المختلفة، من أجل اعادة كسب ثقة اللبنانيين الذين شعروا في الفترة الأخيرة بأن همومهم في مكان وهموم المسؤولين في مكان آخر".

وأكد "أن الأولوية في الحكومة الجديدة وفي المرحلة المقبلة يجب أن تكون لاصلاح الوضع الاقتصادي ومكافحة الفساد والهدر ومعالجة المشكلات الحياتية للمواطنيين، كحل مشكلة الكهرباء والمياه والنفايات، ودعم القطاعات الاقتصاديّة المنتجة لا سيما قطاعات الزراعة والصناعة، اضافة الى العديد من الملفات السياسية والأساسية الأخرى سواء المرتبطة بالنازحين او باستخراج النفط والغاز، او بالعلاقة مع سوريا، او بالتصدي لصفقة القرن وللعقوبات الأميركية على لبنان، واذا لم تتمكن الحكومة من انطلاقة قوية وايجابية في هذه الملفات وغيرها فقد نشهد وضعا أكثر سوءا من الوضع الذي نحن فيه".

في ظل هذه المعطيات.. يبقى المواطن اللبناني ينتظر تشكيل الحكومة بأسرع وقت، اول الاسباب هو الوضع الاقتصادي الخطير الذي يعيشه البلد، والذي حذرت منه جهات كثيرة، ليس آخرها صندوق النقد الدولي. فهل سينظر المعرقلون الى هذا المواطن ويرفعون عصيهم من دواليب تشكيل الحكومة؟