من اختبار ايران للصواريخ البالستية الی القلق الأمريکي والغربي

من اختبار ايران للصواريخ البالستية الی القلق الأمريکي والغربي
الأربعاء ٠٥ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٧:٢١ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي لايزال الأوروبيون من شركاء إيران الموقعين على الاتفاق النووى في عام 2015 متمسكين بهذه الصفقة التي انسحبت منها الولايات المتحدة الأمريكية في 8 مايو الماضي، فجرت الولايات المتحدة قنبلة في وجه هؤلاء، بعد إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو السبت الماضي، اختبار طهران صاروخا باليستيا متوسط المدى قادر على حمل رؤوس متعددة، واعتبر هذا الإجراء يمثل خرقا لقرار مجلس الأمن 2231.

العالم- تقارير

وبينما لم يشر وزير الخارجية إلى موعد التجربة، أيد وزير الدفاع الأمريكى، جيم ماتيس أن الاختبار الإيراني لصاروخ باليستي متوسط المدى قادر على حمل عدة رؤوس، يعيد إلى الأذهان أن من غير المحتمل منع إيران من مواصلة تكنولوجيا الصواريخ أو دعم وكلائها من المسلحين.

وقال الموفد الأمريكي الخاص بإيران برايان هوك: "تؤكد الحكومة الإيرانية، أن تجاربها في مجال الصواريخ هي بطبيعتها محض دفاعية إلا أنها ليست كذلك.

وعلى الجانب الآخر يبدو الاعلان عن تجارب صاروخية إيرانية في هذا التوقيت، محاولة أمريكية لاستقطاب شركاء طهران الأوروبيين الذين يتمسكون بالاتفاق النووي وفي الوقت نفسه يشاطرون واشنطن مخاوفها حيال برنامج طهران الصاروخي.

فأمريکا تسعی لحرف الرأي العام العالمي، والأوروبي خاصة والإيحاء بأن طهران شريك لا يلتزم بالإتفاقات الدولية، في وقت تتصاعد فيه دعوات الأوروبين لتدشين قنوات مالية لمساعدة طهران للالتفاف على الحظر الأمريکي.  

ودعت الولايات المتحدة، يوم الإثنين، الأوروبيين إلى فرض عقوبات على برنامج الصواريخ البالستية الإيراني، الذي يمثل بنظرها تهديدًا خطيرًا ومتناميًا. وتلبية للنداء الأمريکي أعربت المملكة المتحدة عن قلقها الشديد واعتبرته عملا استفزازيا وتهديديا يتعارض مع القرار 2231، كما أدانت وزارة الخارجية الفرنسية، التجربة ووصفتها بالمستفزة مؤكدة أن ذلك يخالف قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 ودعت طهران للتوقف فوراً عن جميع الأنشطة المتعلقة بالصواريخ الباليستية. وطلبت فرنسا وبريطانيا عقد اجتماع مغلق لمجلس الأمن الدولي، لکن الدول الأوروبية الموقعة خاصة على الاتفاق النووي، نددت بالموقف الأمريكي، قائلة انها تسعى للحفاظ على الاتفاق رغم انتقاداتها لإيران في ملفات أخرى.

ثم جاء الرد الإيرانى، فلم تؤيد طهران التجربة الصاروخية كما لم تنفها، بل أكد وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف ان بومبيو لايقيم اي اعتبار لقرار مجلس الامن الدولي وان بلاده خرجت من الاتفاق النووي خلافا للتعهدات الدولية ولكنه يعاقب الاخرين لالتزامهم بالاتفاق النووي ومن هنا فاننا لانتوقع منه اكثر من ذلك.

واكد ظريف ان الاتفاق النووي لاينص على حظر التجارب الصاروخية على ايران وان ما جاء في القرار 2231 هو يختص بالصواريخ التي لها قابلية حمل الرؤوس النووية. واشار الى ان ايران لاتسعى لامتلاك السلاح النووي كما ان الصواريخ الايرانية لم تصنع لحمل الرؤوس النووية بل هي مخصصة لحمل للرؤوس التقليدية .

كما قال وزير الدفاع وإسناد القوات المسلحة العميد أمير حاتمى ان القوة الدفاعية الإيرانية تحمل رسالة سلام وصداقة وتحمي الاستقرار والأمن.

وفي خطاب جماهيري بمدينة شاهرود الايرانية، أكد الرئيس روحاني أن واشنطن لن تنجح في منع طهران من الاستمرار بعلاقاتها التجارية مع دول المنطقة والعالم وان بلاده ستبيع نفطها وليس بامكان اميرکا ان تمنعها من ذلك واذا ما ارادت ان تفعل ذلك يوما فسوف لن يصدّر اي نفط من الخليج الفارسي.

من جهته اعتبر النائب الأول للرئیس الايراني "إسحاق جهانغیري" بان محاولات تضعيف ايران لاتصب في مصلحة المنطقة وبالعكس فان وجود إیران القویة یسهم في أمن المنطقة واستقرارها.

 واضاف جهانغیري: إذا واجهت إیران تحدیات في المنطقة فان ذلك سینعكس على الشرق الأوسط ویعرضه الى أزمات قد لایستطیع العالم على حلها.

وبالتزامن مع الاختبار الإيراني للصواريخ البالستية نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن حاملة طائرات أمريكية ستصل خلال أيام إلى الخليج الفارسي، في استعراض جديد للقوة الأمريكية أمام إيران، خاصة أنه يأتي بعد أطول فترة غياب عسكري أمريكي عن منطقة الشرق الأوسط خلال العقدين الماضيين، وهو أول وجود عسكري للبحرية الأمريکية في المنطقة خلال الأشهر الثمانية الماضية.

وتضيف الصحيفة أن نشر حاملة الطائرات في الخليج الفارسي سيدعم الحرب المستمرة ضد فلول تنظيم "داعش" في العراق وسوريا، والحرب الأمريكية بأفغانستان.کما ان حاملة الطائرات سوف تبقى شهرين في مياه الخليج الفارسي، وهو ما يوفر " قوة ردع" ضد أي نشاط إيراني معادٍ في المنطقة، بحسب وصف مسؤول أمريكي.

وحول عودة القطع البحرية الاميركية الى الخليج الفارسي اكد ظريف اننا نقول دوما ان تواجد القوات الاجنبية في الخليج الفارسي يزعزع الامن في هذا الحوض المائي وان الجمهورية الاسلامية الايرانية تدافع باقتدار عن سيادتها ومياهها الاقليمية .کما أعلن ظريف التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن آلية الدفع الخاصة المُعدّة من قِبل الاتحاد الأوروبي ضد العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران.

وأعلن ظريف عن تسجيل الجانب الاوروبي لـ SPV (الالية المالية الخاصة) في المستقبل القريب وقال: إنه نظراً الى مساعي الأمريكيين لمنع أي إجراء أو تطور لصالح ايران، سيقوم الاوروبيون بتنفيذ هذا المشروع بطريقة سرية.

کما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية بهرام قاسمي ان امريكا تسعی عبر تشكيل لجان ومجموعات في مختلف انحاء العالم ولاسيما دول الجوار تسعی لعرقلة مجالات التعاون الاقتصادي مع ايران، لكننا سنتجاوز هذه المرحلة من خلال ادارة دقيقة ومنتظمة ولن نخضع للضغوط الامريكية.

وأما على مستوى المواقف الدولية فقد حذر المتحدث باسم الرئاسة الروسية "ديميتري بيسكوف"  أطراف الإتفاق النووي بألا يتخذوا قرارات او اجراءات تؤدي الى إنسحاب إيران من الإتفاق النووي.

ونقلت وكالة تاس للأنباء عن بيسكوف قوله: انه لا يوجد مشروع إستبدال لخطة العمل المشترك الشاملة وان روسيا كمعظم دول العالم متطلعة الي الحفاظ على هذا الإتفاق.

وفي الوقت الذي ادان بيسكوف إنسحاب أميركا من الإتفاق النووي، حذر العالم بأن (إنسحاب إيران من هذا الإتفاق) ستكون له تداعيات سلبية ضخمة.

واذا صحت الأنباء المتعلقة بالاختبار الايراني للصواريخ البالستية فقد أرادت قوات الحرس الثوري بهذا الاختبار أن تبعث رسالة لترامب فحواها أنها لا تهاب لغة التهديد والعقوبات وستواصل سياساتها وفقا لمصالحها، كما أنها لن تتراجع عن تعزيز برنامجها الصاروخي تحت أي ظرف، فهي تعتبره درعا في مواجهة التهديدات الخارجية.

* د. نظري