النرجسية القاسم المشترك لـ بن سلمان، وترامب ونتنياهو

النرجسية القاسم المشترك لـ بن سلمان، وترامب ونتنياهو
السبت ٠٨ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٥:٥٧ بتوقيت غرينتش

من فرائد العصر ان يرى المرء النرجسيين والانانيين المتطرفين الثلاثة، ممن يدَّعون الإنتماء للديانات الاسلامية والمسيحية واليهودية،مجتمعين في هذه الفترة المهمة من التاريخ، ويكون القاسم المشترك الأكبر لهم، "نظرة كل واحد منهم تجاه الآخر".

العالم- قضية اليوم

فمما لاشك فيه عندما تراجع الأجيال القادمة شخصيات وأفعال هذه الشخصيات الثلاثة ستجد أن النرجسية متجذرة في نفوسهم أكثر مما لمسه معاصروهم منهم، وسيشهدون بأن الإنحرافات النفسية لهؤلاء الثلاثة، هي التي دفعتهم للعجب بالنفس والنرجسية والغرور والعجب بالنفس، ماجعلهم يتصوروا بأنهم يجب أن يكونوا في قلب العالم، ليبقى الآخرون حقراء منحطون، على مر الزمان وعليهم أن يكونوا خدما لهم.

لكن مما يثير العجب لدى علماء النفس، هو إجتماع هؤلاء الثلاثة في الفترة الحالية من التاريخ، وبالرغم من أن كل واحد منهم يتربع على عرش النرجسية والانانية، ولا يمكن ان يتحمل ايا منهم الطرف الآخر لكن كل واحد منهم اضحى ينظر للآخر بأنه الآلة والوسيلة التي يمكن الإعتماد عليه لبلوغ أهدافه ونواياه المبيتة، وقد يكون هذا هو سر اجتماعهم في الفترة الراهنة.

وبناء على هذه الرؤية، فإن "بن سلمان"هو مجرد دولارات سوداء بترولية، يمكن أن يقدمها رخيصة ليتمكن من إرتقاء عرش الملكية ويكون جنديا مجدا للحكومة الأمريكية.

كما أن ترامب ينظر لنتنياهو، بأنه رئس حكومة وهمية، تشكل الركيزة الرئيسية لإستمرار التوغل الأمريكي في المنطقة، لتتمكن من لسلب اكبر قدر ممكن من ثرواتها، وذلك من خلال إتباع زرع التوتر فيها.

على صعيد آخر فإن بن سلمان عندما يراجع أحلامه المستقلية، ويتصور جلوسه على العرش السعودي، ليتمكن من قيادة العالم الاسلامي، يرى في ترامب عميلا، كلما أتخم بالدولارات، يسعى في الإسراع لتحقيق أحلام ولي العهد الشاب.

كما ان بن سلمان يعتقد، مع وجود ترامب، وإغرائه بالبترودولار، يمكن إستسلام امريكا امام كل هذه الأموال، وعند ذلك لن تبقى أهمية لنتنياهو او تهديدات حكومته. لأن نتنياهو في فكر ولي العهد السعودي الشاب هو متكد جريئ وصلف، ويرى مساعدته حقا على الآخرين. ومن أجل ذلك زغم بن سلمان سلفا أن للصهاينة حق الإستيطان في فلسيطين، الأمر الذي يمكن ان يجعله إحدى الركائز الرئيسية لـ "صفقة ترامب" في المستقبل القريب.

والى جانب هذين الأنانيين، يرى المراقبون ان نتنياهو له باع آخر في النرجسية والعجب بالنفس، فهو يعتمد التعليمات اليهودية المحرَّفة، ويرى أن مستقبل العالم يجب ان يكون من حصة القومية اليهودية، وبلده الوهمي المفتعل "اسرائيل".

بهذه الأفكار المحرفة، وفي الوقت الذي لم يتعد كل يهود العالم الـ 15 مليون نسمة، يرى نتنياهو عليه ان يكمل رسالته في إنجاز مشروع تهويد فلسطين، وبناء على نفس الرؤية المقنَّعة بقناع ديني مزيف، ينظر نتنياهو لترامب، بأنه الممهد والمسرِّع لتنفيذ مشروعه واستكماله على ارض الواقع.

وبناء على هذه الرؤية الإستعلائية لنتنياهو، يكون ترامب ممثلا عمن يدعون المسيحية، وبن سلمان ممثلا لمن يدعون إتباع الديانة الاسلامية، وكلاهما يصبحان في خدمت الصهيونية لبلوغهم "الأرض الموعودة". وبالرغم ان الأشخاص الثلاثة يحاولون عدم إظهار الحقيقة إزاء الآخر، الا ان حضورهم في الشرق الاوسط، أوضح المبرر الأول والقاسم المشترك الأكبر لإكمال المشروع المخصص لتعاونهم إزاء فلسطين.

ففي الحقيقة هذا المشروع هو المبرر الأول والضامن الوحيد، لإستمرار بقاء امريكا في المنطقة مستقبلا، ليكون كيان الإحتلال الإسرائيلي، الحارس المفضل لمصالحها في المنطقة، وأن المال السعودي هو الذي سيحرس ويساعد على ترسيخ الوجود الإسرائيلي فيها. وفي نفس الوقت يرى نتنياهو تحقيق احلام ترسيخ كيانه في المنطقة بعد 72 عاما، ستترجم عمليا من خلال دعم سيد البيت الأبيض والبترودولار السعودي، وبالتالي يرى بن سلمان أن أموال الشعب السعودي، ودعم ترامب ونتنياهو له، آليات وضمانة هامة لتحقيق أحلامه في إعتلاء العرش الملكي. لكن ما هي مديات إستقامة هذه القواسم المشتركة، وإلى أي حد يمكن أن تتحقق على أرض الواقع؟ نترك ذلك للتطورات الغير متوقعة، فالمثل الفارسي يقول: قد يهدأ أو ينام فقيران في حجرة متواضعة، لكن لن يعيش ملكين في بلد واحد. ومما لاشك فيه ان علماء النفس يرون ان ثلاثة نرجسيين لايمكن ان يبقوا في منطقة واحدة لفترة طويلة.

ابورضا صالح -العالم