ما تداعيات قرار عباس بحل المجلس التشريعي الفلسطيني؟

ما تداعيات قرار عباس بحل المجلس التشريعي الفلسطيني؟
الأحد ٠٩ ديسمبر ٢٠١٨ - ٠٩:٥٦ بتوقيت غرينتش

في خطوة جديدة قديمة قد تساهم في تعزز الانقسام والفصل بين قطاع غزة والضفة المحتلة، وتدمر ما تبقى من مؤسسات النظام الأساسي في فلسطين، قال رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إنه سيحل المجلس التشريعي الفلسطيني الذي فازت فيه حركة حماس بأغلبية في انتخابات عام 2006 طالبا منها تسليم الحكومة جميع الصلاحيات لإدارة قطاع غزة.

العالمفلسطين

وقال عباس، في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر نظمته وزارة الاقتصاد الوطني حول "الحوكمة ومكافحة الفساد": "نحن بالطريقة القانونية سنحل المجلس التشريعي، وهذا سيأتي قريبا، وهذا كلام أقوله لأول مرة أمامكم".

وكرر عباس مواقفه السابقة، وهي إما أن تسلم حماس الحكومة برئاسة رامي الحمد الله جميع الصلاحيات لإدارة قطاع غزة أو أن تتسلمها وتتحمل كافة مصاريفها.

واستعرض رئيس السلطة أمام المشاركين في المؤتمر عددا من الاتفاقات التي وقعت مع حماس لإنهاء الانقسام المستمر منذ ما يزيد عن 10 سنوات، والتي كان آخرها الاتفاق الذي وقع برعاية مصرية في عام 2017، إلا أنه لم ينفذ، ويتبادل الطرفان في الضفة الغربية وقطاع غزة مسؤوليه عدم تنفيذه.

تحذيرات من خطوة حل المجلس التشريعي

هذا وحذر الناشط الحقوقي الفلسطيني صلاح عبد العاطي، من حل المجلس التشريعي الفلسطيني، باعتباره أحد أشكال العقوبات التي قد تفرض على قطاع غزة.

وقال عبد العاطي "إن اتخاذ قرار رسمي بحل المجلس التشريعي يأتي في إطار المناكفات السياسية، وهذه الخطوة غير قانونية مطلقاً ومخالفة للقانون الأساسي الفلسطيني الذي ينص على عدم جواز حل التشريعي حتى في حالة الطوارئ"، مشيراً إلى أن حل التشريعي لا يملكه الرئيس ولا يملكه المجلس المركزي.

ولفت إلى أن "حل المجلس التشريعي يعني حل المجلس المركزي والمجلس الوطني لأن التشريعي هو جزء من تركيبة منظمة التحرير فإذا تم حل الجزء انتهى الكل".

يُشار إلى ان المجلس الثوري لحركة "فتح" أوصى في (14/10/2018)، المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية بحل المجلس التشريعي، معللاً السبب بـ: "حماس عطلت أعمال المجلس التشريعي الذي فقد قدرته على مزاولة عمله التشريعي والرقابي ولم يعد قائماً بالفعل".

وأثارت التوصية تنديد حركة "حماس"، التي تشغل الحصة الأكبر من مقاعد المجلس التشريعي بموجب أخر انتخابات برلمانية جرت في العام 2006، حيث قال رئيس المجلس التشريعي بالإنابة عن حركة حماس أحمد بحر: "إن أي قرارات بشأن حل المجلس التشريعي ليس لها قيمة دستورية أو قانونية والمجلس سيد نفسه".

تعزيز تفرد رئيس السلطة...

من جهته يرى الكاتب والمحلل السياسي الدكتور ناجي الظاظا، أن قرار رئيس السلطة محمود عباس حل المجلس التشريعي خطوة تهدف للتأكيد على تفرد عباس بالقرار الفلسطيني واقصاء جميع الفصائل وتجاوز الشرعيات ولا يؤسس لشراكة سياسية بل يعمق الانقسام.

واضاف الظاظا "المجلس التشريعي هو سيد نفسه وجميع أعضائه تلقائياً أعضاء في المجلس المركزي، والتغيير الذي أصاب المركزي في الأشهر الماضية هو تغيير انفصالي وأي اجراء يتخذ غير قانوني ولا دستوري مطلقاً".

واوضح: "التحركات السابقة من الجميع وعدم تحقيق المصالحة تدلل بأن عباس ماضٍ في سياسته وقراراته الاستفرادية وهو لا يهتم بالعلاقات والمصالح العربية والإقليمية بل إن تعنته وما ينتج عنه من استمرار للانقسام يقلل تعاطف العالم مع القضية الفلسطينية خاصة وأن الجميع من أبناء العالم يتساءل كيف ستحررون وطنكم وأنتم منقسمون؟"، مشيراً إلى أن عباس أقال حكومات وشكل أخرى وأجرى تعديلات وزارية واتخذ قرارات تشريعية ورئاسية دون الرجوع للشرعية المتمثلة في المجلس التشريعي وخاصة لم يرجع للتشريعي بعد تشكيل حكومة الحمد الله".

وعن المطلوب حالياً في ظل التوقعات بحل التشريعي قال: "أولاً لن يحدث تغير يذكر على الواقع حال اتخذ قرار حل التشريعي، ثانياً المطلوب حالياً هو تنفيذ ما طالبت به الفصائل الفلسطينية من رفع للعقوبات وعقد مجلس وطني توحيدي بناءً على مخرجات بيروت، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، والذهاب إلى صناديق الاقتراع التي تحدد وتجدد الشرعيات.

هل يملك عباس صلاحية حل المجلس..

بداية استقر الفقه الدستوري في فلسطين على أن النظام السياسي في فلسطين هو نظام مختلط ,فهو نظام رئاسي من جهة أنه يجعل انتخاب الرئيس يتم من قبل الشعب مباشرة وهو برلماني من جهة انه يجعل الحكومة مسؤولة امام البرمان وله ان يحجب الثقة عنها.

القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003 وتعديلاته لم يمنح الرئيس بالمطلق صلاحية حل المجلس التشريعي الفلسطيني سواء في الظروف العادية وذلك حينما حدد صلاحيات رئيس السلطة الوطنية على سبيل الحصر في الباب الثالث منه,وسار على ذات المنوال السابق وطبقه في الظروف الطارئة ,حيث لم يعط للرئيس صلاحية حل البرلمان في الظروف الاستثنائية - كوجود تهديد للامن القومي بسبب حرب أو غزو أو عصيان مسلح او حدوث كارثة طبيعية, فالمشرع الدستوري حدد ضوابط حالة الطوارئ من حيث احكام اعلانها وتمديدها وما يتضمنه المرسوم الخاص باعلانها في الباب السابع من القانون الاساسي وأورد قيدا مهماً على السلطة التنفيذية بنص المادة 113 (لا يجوز حل المجلس التشريعي الفلسطيني أو تعطيله خلال فترة حالة الطوارئ أو تعليق أحكام هذا الباب) ,

وهذا يعني أن القاعدة لدى المشرع الدستوري هي عدم جواز حل المجلس التشريعي في الظروف العادية والاستثنائية حتى في حالة الطوارىء التي تبيح ما هو غير مباح, علاوة على أن المجرى الدستوري التي سارت عليه النظم البرلمانية النقية هو أن النصوص الدستورية الناظمة لحل البرلمان يتم النص عليها بشكل معين,حينما يحجب البرلمان الثقة عن الحكومة , فتقوم الحكومة ممثلة برئيس السلطة التنفيذية في إجراء مضاد بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة وهذا ما لم ينتهجه المشرع الفلسطيني بالمطلق.

كل ما سبق يقطع بما لا يدع مجال للشك أن مقاصد المشرع عندما تم اعداد القانون الاساسي الفلسطيني كانت تتجه نحو ارساء استقلالية مطلقة للسلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية وليس العكس وذلك لأن الحكومة مسؤولة امام المجلس التشريعي الفلسطيني وله الحق في الرقابة على ادائها وصلاحية طرح الثقة عنها وحلها بموجب القانون الاساسي.

ولا يجوز بالمطلق منح هذه الخاصية للرئيس بالاستناد على نص المادة (43) من القانون الاساسي للاسباب الآتية :

1-المنطق الدستوري الذي يقتضي العودة الى مقصد المشرع من وراء تنظيمه لهذا النص ,فالمشرع رأى أن هناك حالات طارئة تهدد استقرار النظام العام في المجتمع صادفت عدم انعقاد البرلمان, ولذلك هي لا تحتمل أي تأخير أو انتظار ريثما يتم انعقاد المجلس التشريعي ليقوم بتنظيم كيفية التعامل معها بسن قوانين ناظمة , وهذه الحالات كما يعرفها الفقه الدستوري هي الحالات التي تنطوي على خطر حال مباشر يهدد السلامة العامة للمجتمع السياسي أي كيان الدولة أونظامها الاجتماعي أو الاقتصادي بأضرار جسيمة ,أي كما نرى هي حالة تتصف بعموميتها , وكما نعلم (الضرورة تقدر بقدرها) باعتبارها استثناء يجب ان لا يتوسع فيه وان يضيق في مداه بقدر الإمكان وبناء على ذلك فانه من العبث بمكان تخويل الرئيس صلاحية حل المجلس التشريعي لوجود حالة طارئة ,

لأن في ذلك مخالفة سافرة للمبادئ الدستورية الراسخة كمبدأ سمو الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات وقاعدة تدرج القواعد القانونية وعلاوة على انه لا يمت للمنطق الدستوري بأي صلة كانت ويتعارض مع مقصد المشرع وعلة النص وايضا يخالف ما يلي :

1-ان منح صلاحية حل البرلمان لرئيس السلطة التنفيذية هو بمثابة تعديل لأحكام القانون الاساسي في حين أن السلطة الوحيدة المنوط بها تعديل أحكامه هي المجلس التشريعي وذلك بعد موافقة أغلبية ثلثي أعضاء المجلس على التعديل عملاً بنص المادة (120).

2-اذا كان المشرع في الظروف الأكثر خطورة و أشد وقعا على البلاد -حالة الطوارئ -حظر حل المجلس التشريعي فإنه ومن باب القياس لاتحاد العلة بل وبشكل اقوى في حالة الضرورة فانه لا يجوز حل البرلمان بموجب قرار بقانون.

3 -هذا الحق لا يقر بشكل ضمني ولا يستشف من مجمل النصوص ولا من مقاصد المشرع إن وجدت بل يحتاج إلى النص عليه صراحة بأن يفرد له نص دستوري واضح وقاطع وذلك لخطورة هذا الإجراء وأهميته.

ولكل ماسبق يجب على الرئيس الالتزام باحكام القانون الاساسي الوقوف عند تخوم صلاحياته المحددة حصرا وفقا للقانون الاساسي الفلسطيني والا يعتدي على السلطات الاخرى.

ماهو المجلس التشريعي ...

يعرف البرلمان الفلسطيني باسم المجلس التشريعي، وهو أحد مكونات السلطة الوطنية الفلسطينية، ويبلغ عدد مقاعد المجلس 132 مقعدا، وينتخب أعضاؤه لخمس سنوت، وتم آخر تجديد له يوم 25 يناير/ كانون الثاني 2006.

وكانت نتيجة الاقتراع الأخير فوز حركة حماس التي شاركت بلائحة اسمها التغيير والإصلاح ونالت 76 مقعدا، وحصلت حركة فتح على 45 مقعدا، ثم جاءت القوى السياسية الأخرى بعد ذلك بنسب ضئيلة.

ويبين الرسم التالي توزيع مقاعد المجلس التشريعي الفلسطيني على القوى السياسية.

يعكس الرسم البياني حصول حركة حماس (قائمة التغيير والإصلاح) على الأغلبية المطلقة داخل المجلس التشريعي الفلسطيني أمام حركة فتح وغيرها من التشكيلات السياسية.

التأسيس والدور ...

التأسيس: تأسس المجلس في العام 1996، إثر الانتخابات التشريعية والرئاسية التي جرت في بداية ذلك العام.

دور المجلس: يقوم المجلس التشريعي الفلسطيني بدور البرلمان؛ حيث أصبحت من مهامه مسؤولية سن القوانين، والرقابة على السلطة التنفيذية.

عدد الأعضاء: يتألف المجلس التشريعي من 132 عضواً يتم اختيارهم عن طريق الانتخاب الحر من فلسطينيي الضفة الغربية و قطاع غزة و القدس الشرقية.

تشكيلة المجلس: يتكون المجلس من هيئة رئاسة المجلس، التي تتكون بدورها من رئيس المجلس ونائبين له وأمين سر، وجرى العرف أن يتم انتخابهم من بين أعضاء المجلس في أول دورة برلمانية لمدة عام كامل، إضافة إلى عدة لجان تنظم نشاط الأعضاء.

مدة المجلس: أربع سنوات من تاريخ انتخابه؛ وتجري الانتخابات مرة كل أربع سنوات بصورة دورية.

مهام المجلس التشريعي الفلسطيني...

1- التشريع: وتتمثل في سن القوانين، وتعديلها، وإلغائها.

2- الرقابة: وهي مراقبة سلوك السلطة التنفيذية، ومدى التزامها بالقواعد الدستورية، ولعل أهم أشكال المراقبة التي تمارسها السلطة التشريعية هي المراقبة المالية للسلطة التنفيذية؛ حيث تعين مراقباً عاماً ومحاسباً مستقلاً لفحص ما إذا كان الإنفاق الحكومي وفق الميزانية التي أقرها البرلمان أم لا، ويكون المراقب شخصاً أو لجنة يشكلها البرلمان.

3- المحاسبة: وهي إحدى الوظائف الأساسية للسلطة التشريعية، وترتبط ارتباطاً وثيقاً بوظيفة الرقابة؛ فالسلطة التشريعية تمتلك الحق في استجواب أعضاء السلطة التنفيذية ومراجعتهم، وتمتلك الحق في رفع توصياتها بحجب الثقة سواء عن الحكومة ككل أو عن بعض الأشخاص في الحكومة، وتمتلك حق الطلب من بعض الأشخاص في السلطة التنفيذية أن يقدموا استقالتهم إذا ثبت بحقهم أي مخالفات.