تنسيق اميركي تركي جديد بسوريا.. وهذا موقف "قسد"

تنسيق اميركي تركي جديد بسوريا.. وهذا موقف
الإثنين ٢٤ ديسمبر ٢٠١٨ - ١١:٥٠ بتوقيت غرينتش

بعد اعلان وزارة الدفاع الأميركية أن الأمر التنفيذي بانسحاب الجنود الأميركيين من سوريا قد تم توقيعه، قال الرئيس دونالد ترامب، إن قوات بلاده المتواجدة على الاراضي السورية "عائدة إلى الوطن". في المقابل قالت الرئاسة التركية ان الرئيسين رجب طيب اردوغان وترامب "اتفقا على التنسيق بين البلدين لمنع حدوث أي فراغ في السلطة بالتزامن مع الانسحاب الاميركي"، حسب تعبيرها. هذا وطالب متظاهرون في منبج بريف حلب الشمالي بعودة الجيش السوري إلى المدينة لحمايتها وصون ترابها.

العالم - تقارير

على الرغم من مرور اسبوع على اعلان ترامب قرار انسحاب القوات الاميركية من سوريا إلا أن تنفيذه على الارض لم يتم حتى الآن. واشارت مصادر مطلعة الى أن القواعد الاميركية ما تزال متواجدة في الاراضي السورية، ولا يوجد اي مؤشرات على بدء تحرك القوات الاميركية من سوريا، ما أثار الكثير من التساؤلات حول حقيقة وطبيعة القرار الاميركي ومصداقيته.

استقالة ماتيس وماكغورك

وعلى خلفية قرار الانسحاب من سوريا قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه سيقصي وزير الدفاع جيمس ماتيس من منصبه قبل شهرين من الموعد المتوقع.

وأعرب ترامب صراحة عن انزعاجه من ماتيس بسبب غضبه من خطاب الاستقالة الذي انتقد فيه سياسات الرئيس الخارجية، وأعلن تعيين نائب وزير الدفاع باتريك شاناهان قائما بأعمال الوزير اعتبارا من بداية الشهر المقبل، فيما أبلغ وزير الخارجية مايك بومبيو ماتيس بأن عليه الرحيل في هذا التاريخ.

وكان ماتيس قد أعلن أنه سيترك منصبه نهاية شهر شباط فبراير المقبل إثر خلاف مع ترامب بشأن سحب القوات من سوريا وبدء التخطيط للانسحاب من أفغانستان.

وفي هذا السياق أكد القائم بأعمال كبير موظفي البيت الأبيض ميك مالفاني أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب لن يغير قراره سحب قواته من سوريا، رغم استقالة وزير الحرب جيمس ماتيس والمبعوث الخاص الأمريكي للتحالف الدولي ضد "داعش" بريت ماكغورك.

وقال القائم مالفاني في حديث لقناة "ABC NEWS" الأمريكية ردا على سؤال حول ما إذا كان هناك احتمال أن يغير ترامب قرار الانسحاب: "أعتقد أن الرئيس من البداية أخبر الناس بأنه لا يريد البقاء في سوريا إلى الأبد، والآن نرى النتيجة النهائية لسنتين من العمل".

وأشار مالفاني إلى أن ترامب لم يفاجأ باستقالة وزير الحرب ماتيس، وأن ترامب وماتيس ببساطة لم يكونا قادرين على التوصل إلى اتفاق أبدا، وأضاف: "الرئيس أبلغ الناس منذ حملة الانتخابات الرئاسية بأنه يريد الخروج من سوريا. أعتقد أن من حقه أن يكون لديه وزير حرب يشاطره الرأي وملتزم بالهدف ذاته".

وأكد مالفاني أن ترامب سينفذ قراره بشأن سوريا حتى ولو اضطر "للمواجهة" مع وزارة الحرب، مضيفا أن "سحب القوات هو وعد من قبل رئيس الولايات المتحدة... وهذا الأمر يمكن أن يزعج الكثير من الناس، ولكن بالمقابل سيروق لكثيرين ممن صوتوا له".

اردوغان يتعهد بـ"إجتثاث" داعش من سوريا

توقيع الأمر التنفيذي لترامب جاء بعد ساعات على اتصال هاتفي بينه وبين نظيره التركي رجب طيب اردوغان.

وصرح الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن نظيره التركي رجب طيب اردوغان أكد له أنه "سيجتث" كل بقايا مسلحي داعش في سوريا.

وقال ترامب في تغريدة حوالى منتصف ليل الأحد الإثنين إن رئيس تركيا أبلغني بقوة أنه سيجتث كل ما تبقى من داعش.

وقال ترامب إنه بحث مع إردوغان الملف السوري، وانسحابا "بطيئا ومنسقا بدقة" للقوات الأميركية من المنطقة، واضاف أنهما اتفقا على التنسيق العسكري والدبلوماسي لعدم السماح بوجود "أي فراغ" قد يتم استغلاله مع انسحاب واشنطن، بحسب قوله.

كما قال ترامب في تغريدة له على موقع تويتر منتصف ليل الأحد الإثنين إن اردوغان "أبلغني بقوة" أنه سيجتث كل ما تبقى من داعش.

وأضاف الرئيس الأميركي في تغريدته أن "قواتنا عائدة إلى الوطن!".

وأكد ترامب مجددا أن نظيره التركي قادر على الوفاء بهذا الالتزام. وقال إن اردوغان "رجل يستطيع القيام بذلك" حسب تعبيره.

وقالت الرئاسة التركية في بيان ان الرئيسين "اتفقا على التنسيق بين البلدين لمنع حدوث أي فراغ في السلطة بالتزامن مع انسحاب الولايات المتحدة من سوريا" حسب تعبيرها.

وقبل ساعات من بيان الرئاسة التركية، كتب ترامب على تويتر حول محادثته مع اردوغان "تباحثنا بشأن مكافحة داعش ومشاركتنا في سوريا، والانسحاب المنسق بشكل عال والبطئ للقوات الأمريكية من المنطقة".

وعقّب اردوغان بعد وقت قصير على ذلك في تغريدة قال فيها انه اتفق مع ترامب "على زيادة التنسيق حول العديد من القضايا التي تشمل العلاقات التجارية والتطورات في سوريا"، واصفا المحادثة بأنها "مثمرة".

وقال أردوغان عبر تويتر "أجريت مكالمة هاتفية مثمرة مع ترامب توافقنا فيها على تعزيز التنسيق بين بلدينا في العديد من القضايا بدءا من العلاقات التجارية ووصولا إلى المستجدات في سوريا".

جدول زمني للانسحاب

وكالة "رويترز" نقلا عن مصادرها اكدت في وقت سابق أن جميع موظفي وزارة الخارجية الأمريكية سيتم إجلاؤهم من سوريا خلال 24 ساعة.

ومن المتوقع أن يكون الإطار الزمني لسحب القوات الأميريكي من سوريا بين 60 و100 يوم، وفقا لـ"سي إن إن"، التي أشارت إلى أنه يوجد الآن نحو 2000 جندي أمريكي في سوريا.

تركيا ترسل تعزيزات عسكرية كبيرة للحدود مع سوريا

في هذه الاثناء أرسلت تركيا تعزيزات عسكرية كبيرة الى مواقعها العسكرية على جانبي الحدود مع سوريا.

وبثت قناة تركية مشاهد لقوافل عسكرية تدخل سوريا عبر بلدة قرقميش التركية الحدودية التابعة لإقليم غازي عنتاب جنوب شرقي البلاد.

فيما قالت وكالة دمير أورين التركية للأنباء إن جزءا من العتاد العسكري والجنود سينتشرون في نقاط على الحدود، فيما عبر البعض الى داخل سوريا من خلال منطقة البيلي شمال غربي منبج.

ويأتي تصاعد النشاط العسكري بعد يومين من اعلان انقرة تأجيل عمليتها العسكرية شرق نهر الفرات شمالي سوريا بعد أن اعلنت واشنطن أنها قررت سحب قواتها من سوريا.

بدورها، لم تعلّق دمشق على مستجدات التنسيق التركي الأميركي المرتقب، إلا أن اللافت أمس، كان عودة التوتر إلى بعض خطوط التماس في محيط المنطقة "المنزوعة السلاح" في محيط إدلب، بعد فترة من الهدوء النسبي.

وبينما تحدثت أوساط معارضة عن جهود تقوم بها الاستخبارات التركية لتحضير المناطق المحيطة بالطريقين الدوليين، حماة ــــ حلب واللاذقية ــــ حلب، لمرحلة مفترضة تتضمن عودة حركة النقل عبرهما، حيّدت تطورات شرق الفرات الضوء عن تنفيذ "اتفاق سوتشي" في إدلب.

ولم يعد الحديث عن التزام أنقرة بتنفيذ الاتفاق وسحب "التنظيمات الإرهابية" نقطة ساخنة تتطرق إليها التصريحات المعنية بالملف السوري، كما حال مبادرة "اللجنة الدستورية".

تظاهرات ضد قسد في منبج

في هذه الاثناء تشهد مدينة منبج في الشمال السوري حالة من الترقب والتوتر ازاء قرار ترامب، وتوجه رتل عسكري تركي إلى الحدود الجنوبية بولاية كليس التركية.

وذكرت صحيفة "الوطن" السورية أن عددا من سكان مدينة منبج السورية الواقعة في ريف حلب الشمالي تظاهروا يوم أمس ضد قوات "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن وقوات "قسد" التي تشكل وحدات "حماية الشعب الكردي" قوامها الرئيسي معتبرين هذا التواجد احتلالاً وطالبوا بعودة الجيش السوري إلى المدينة.

وبحسب الصحيفة، فقد طالب المتظاهرون بعودة الجيش السوري إلى منبج لأنه الوحيد القادر على حمايتها وصون ترابها.

وقال أحد المتظاهرين "لا ننتظر أن تبادر الوحدات الكردية، التي تقع تحت صدمة قرار سحب القوات الأميركية، إلى رفع العلم السوري في منبج السورية، والتي ستظل سورية بفضل إرادتنا وتضحيات الجيش العربي السوري الذي لن يتخلى عنها، وسيعيدها إلى حضن الوطن، ونوه إلى أن الجيش الأميركي لم يسحب أياً من قواته الموجودة في المدينة بعد".

وحذر متظاهر آخر من أن "منبج ستلاقي مصير عفرين نفسه إذا أصرت الوحدات الكردية على تجاهل حقيقة كون المدينة سورية، ولم تسلمها للجيش السوري الوحيد القادر على حمايتها من الأطماع التركية".

وقمعت قوات التحالف هذه التظاهرة حيث قامت بفتح المحلات التي أغلقها الأهالي بالقوة واعتقلت عدد من الشبان المتظاهرين بغية إثارة الخوف في صفوفهم وبدأت بتسيير دوريات أمنية في كافة أحياء المدينة خوفاً من تجدد التظاهرات وتمددها بحيث لا تقدر السيطرة عليها.

وكانت المتحدثة باسم قوات سوريا الديمقراطية، جيهان أحمد، أكدت أن "قسد" لا تعارض رفع العلم السوري على المؤسسات الحكومية في منبج السورية، وأنها لا تسعى للانفصال عن سوريا، بل تريد فقط الاتفاق على الإدارة الذاتية.

في هذا الوضع اصبحت "قسد" الطرف الاكثر خشية وقلقا بسبب التحضيرات التركية والتخلي المفاجئ لحليفتها الاميركية عنها، ورفض الاهالي لها، وما اذا كان اردوغان يريد فعلا اجتثاث داعش او المسلحين الاكراد من الشمال السوري.. الايام المقبلة ستكشف لنا عن ما سيحدث بعد كل هذه التطورات.