لبنان.. مداولات تفضح نوايا من يرفض عودة النازحين السوريين

لبنان.. مداولات تفضح نوايا من يرفض عودة النازحين السوريين
الأحد ١٧ مارس ٢٠١٩ - ٠١:٥٠ بتوقيت غرينتش

في اليومين الماضيين طفت على السطح من جديد الخلافات داخل الحكومة اللبنانية وعلى رأسها "ملف النزوح السوري"، وباتت تطرح تساؤلات عدة حول قدرة اطرافها على حفظ تماسكها في التعاطي مع الملفات الشائكة التي تواجهها، وحول مدى صمود التسوية الرئاسية بين "التيار الوطني الحر" وحلفائه، وبين زعيم تيار "المستقبل" رئيس الحكومة سعد الحريري.

العالم - تقارير

وكان الجانبان تبادلا حملات عنيفة سواء مباشرة كما فعل رئيس "التيار الحر" الوزير جبران باسيل، أو بطريقة غير مباشرة عبر محطة "المستقبل" التلفزيونية الناطقة باسم الحريري وتياره.

باسيل الذي اتهم مؤتمر بروكسل حول النازحين السوريين، الذي ترأس وفد لبنان إليه الحريري، بتمويل بقاء النازحين في مكانهم، لوّح في خطابه خلال احتفال للتيار في "نيو بيال" في فرن الشباك بإسقاط الحكومة حين تناول الملفات الخلافية المطروحة عليها.

إذ قال باسيل: "أو عودة النازحين أو الحكومة، أو نطرد الفساد عن طاولة مجلس الوزراء، أو لا حكومة، إما عجز الكهرباء صفر، أو حكومة صفر ولا حكومة"، مضيفا "أنني هنا اليوم ولست في بروكسل لأن مؤتمرات مثل مؤتمر بروكسل تمول بقاء النازحين ونحن نريد مؤتمرات تعيد النازحين إلى سوريا".

ورأى أنه "لا يعتقد احد انّه يقدر ان يغرينا بمساعدات مالية، او تهديدنا بحصار مالي فبالنسبة الينا “سيدر” هو رزمة اصلاحات لمصلحة بلدنا، وفي اليوم التي يستعملها احد ليفرض علينا قروضا مقابل النزوح، نجيبه: ما بدّنا لا قروضك ولا نزوحك، فلبنان ارضه وهويته ورسالته اغلى من كل اموالك".

ومن جانبه جدد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون تأكيده العمل مع المراجع الدولية بغية تأمين عودة النازحين إلى المناطق المستقرة في سوريا. كاشفا عن اصطدام المسعى اللبناني هذا بإصرار المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية للحل السياسي وهذا ما لا يقبل به لبنان.

وتبدو الدول الأوروبية والولايات المتحدة راغبة في منع الحكومة السورية من استكمال مسار الاستقرار من خلال سحب ورقة اللاجئين وإعادة العلاقات السورية اللبنانية، حيث اكدت تسريبات من مصادر لبنانية لـ”رأي اليوم” عن ما هو أبعد من هذا، والمحت المصادر أن رسائل الولايات المتحدة للقوى الحليفة لها في لبنان والمناوئة لسوريا وحزب الله، تقول ان ثمة ما هو قادم من تغييرات تخص الشأن السوري، وأن هناك ما يحضر سوف يقلب الموازين في سوريا بل في عموم المنطقة.

وبناء على ذلك انتعشت آمال تلك القوى بعد فترة من الإحباط بسبب ما بدا حسما سوريا مع الحلفاء، وباتت قوى مثل تيار المستقبل و القوات اللبنانية بالإضافة إلى وليد جنبلاط تفضل الانتظار والتريث مراهنة على تلك التغييرات الموعودة، التي ستقلب الموازين في لبنان والمنطقة لصالحهم.

ويبدو انتظار هذه المراهنة سوف يكون سببا خفيا لتأزيم داخلي بعناوين محلية يمس حكومة التوافق الوطني.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي المحامي اللبناني جوزيف أبو فاضل في حديث إلى تلفزيون "المنار" ضمن برنامج "حديث الساعة" أنّ مؤتمر بروكسل يهدف إلى بقاء النازحين حيث هم، موضحاً أنّ دعم اللاجئين هو لإبقائهم في البلدان المستضيفة لهم لا أكثر ولا أقلّ، مشدّداً على أنّ المطلوب ضرب سوريا الأسد وضرب لبنان وتغيير ديمغرافيته.

واستهجن أبو فاضل تغييب وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب عن مؤتمر بروكسل المخصص لمناقشة وضع النازحين، معتبراً أنّ مؤتمر بروكسل مؤتمر فشل ذريع للبنان والأردن وكل المنطقة، مشدّداً على أنّ هذا المؤتمر يثبّت مجتمعاً آخر على المجتمع المضيف.

وجدّد أبو فاضل القول إنّه يعارض أيّ مرسوم للتجنيس في لبنان، معرباً عن خشيته على التركيبة اللبنانية في ضوء كلّ هذه العوامل.

وانتقد أبو فاضل التدخلات اللبنانية في الشأن السوري، لافتاً في هذا السياق إلى مشاركة قوى لبنانية بالاعتداء على الدولة السورية، إن كان من تيار المستقبل وما قام به النائب السابق عقاب صقر من توزيع مساعدات والمشاركة في الازمة، وما قاله الرئيس الحريري شخصياً عن أنه وضع ثروته على ما سمّاها "الثورة" في سوريا، بالإضافة إلى حديث كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط وتدخلهما المتكرر في الشأن السوري.

واعتبر أبو فاضل أنّ كلّ هؤلاء يساهمون في بقاء النازحين في لبنان لاستخدامهم يوماً ما ضد حزب الله والمسيحيين والرئيس السوري بشار الأسد خصوصاً أن الانتخابات في سوريا قادمة والحل هو بعودة النازحين بأيّ طريقة، مشدّداً في الوقت نفسه على أنّ الانتصار السوري الذي تحقق لا يكتمل إلا بعودة النازحين، رافضاً ما يؤلّفه البعض عن أنّ النظام السوري لا يريد ضمناً عودة النازحين.

وجدّد أبو فاضل القول إنّ المفوضية "السفلى" (العليا) لشؤون اللاجئين تدفع من أجل إبقاء النازحين في لبنان، واضعاً ذلك في خانة استعمال اللاجئين لغايات سياسية.

وأكد أبو فاضل أنّ ما تقوم به قوى "14 آذار" في لبنان هو "إرهاب فكري" ضد النازحين السوريين لمنعهم من العودة، وبهدف استثمارهم في الصراع السياسي في لبنان.

وشدّد أبو فاضل على أنّ فريق "14 آذار" يريد بقاء النازحين السوريين في لبنان، معتبراً أنّ تغييب الوزير صالح الغريب عن مؤتمر بروكسل الخاص بالنازحين يندرج ضمن الفساد، وقال: "أنا أثق بالرئيس الحريري، لكن أخشى أن يكون قد تغيّر بعد لقائه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان".

وفي سياق متصل، ورد في بيان مشترك عن مقري التنسيق الروسي والسوري، أن المسلحين يتقاضون 300 دولار من كل نازح يقرر مغادرة مخيم "الركبان" القريب من الحدود مع الأردن.

وأشار البيان إلى أن أكثر من 800 نازح سوري تمكنوا من مغادرة المخيم بهذه الطريقة، فيما لم يتمكن الكثيرون هناك من ذلك لعدم توفر المال لديهم.

وجاء في البيان: "اعتبارا من مايو 2018، تمكن أكثر من 800 نازح سوري من مغادرة هذا المعسكر والعودة إلى مناطقهم في سوريا. واضطر كل واحد منهم لدفع 300 دولار للجماعات المسلحة المسيطرة على المخيم، واليوم لم يعد بمقدور أحد مغادرته لأن المسنين والمعاقين والنساء والأطفال، لا يملكون مثل هذه الأموال".

وأضاف البيان، أن النازحين الذين غادروا المخيم يخشون أن يصرحوا بهذه المعلومات، خوفا على حياة من بقوا هناك.

وقال البيان: "مرة أخرى نناشد الأمم المتحدة أن تتخلى عن إرسال القوافل الإنسانية إلى المخيم لأن الأمريكيين يستخدمون قسما كبيرا من هذه الشحنات لإطعام المسلحين".

وطالب البيان بالضغط على الولايات المتحدة لتفكيك المخيم والسماح لكل السوريين الموجودين فيه بالعودة إلى مناطقهم بسلام.

في الختام ... كلمة الفصل للحكومة السورية التي قالت ان السلوك الاوروبي والامريكي يؤكد شراكته ومسؤوليته الكاملة في الحرب الظالمة على سوريا ومعاناة السوريين وخاصة من خلال العقوبات أحادية الجانب اللامشروعة التي تستهدف المواطن في حياته ولقمة عيشه، موضحة ان من المثير للسخرية والغضب ذلك النفاق الذي اتسمت به خطابات مسؤولي بعض الدول المشاركة في مؤتمر بروكسل وتباكيهم على السوريين وهم أساسا يتحملون المسؤولية الأولى عن سفك دماء الشعب السوري من خلال دعمهم اللامحدود للمجموعات الإرهابية والحرب متعددة الأشكال وخاصة الاقتصادية منها والتي تؤثر بشكل كبير على معيشة السوريين.