عملية نابلس بداية عودة المقاومة المسلحة أقوى للضفة والقطاع..

عملية نابلس بداية عودة المقاومة المسلحة أقوى للضفة والقطاع..
الأحد ١٧ مارس ٢٠١٩ - ٠٦:٠٢ بتوقيت غرينتش

المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة أثبتت في الأيام القليلة الماضية، وبالطرق العملياتية أنها ما زالت الرقم الصعب في معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة، وأن دولة الاحتلال ما زالت هي الخطر الأكبر على العرب والمسلمين باستمرار جرائمها وحصاراتها وسياساتها الاستيطانية في رد مباشر وقوي، على مؤتمر وارسو التطبيعي الذي تجاهل هذا الخطر، والقرارات الأميركية التي رصدرت بإلغاء صفة الاحتلال عن هضبة الجولان والضفة والقطاع، وإعطاء الضوء الأخضر للحكومة الإسرائيلية بضمها.

العالم - مقالات وتحلیلات

تطوران رئيسيان كانت الأراضي المحتلة في الضفة والقطاع ميدانهما، الأول وقع اليوم جنوب غربي نابلس وتمثل في إقدام شابين على هجوم فدائي أدى إلى مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة أربعة مستوطنين بجروح خطيرة، تردد أن اثنين منهم في حال موت سريري، أما التطور الثاني فتمثل في إطلاق صاروخين من قطاع غزة يوم الخميس الماضي فشلت القبة الحديدية في اعتراضهما، وسقطا في منطقة "غوش دان" الاستراتيجية قرب تل أبيب.

اللافت أن الجهة التي وقفت خلف هاتين العمليتين ما زالت مجهولة، ولم تتبناهما أي حركة مقاومة فلسطينية، رغم أن "حماس" أشادت بشجاعة منفذي هذه العملية التي وصفتها بالبطولية، وقالت إنها جاءت ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على المقدسات وخاصة المسجد الأقصى، وتأكيداً على "أن خيار المقاومة هو الأجدى والأنجع".

اللافت أيضاً أن هذه التطورات التي تعيد القضية الفلسطينية إلى العناوين الرئيسية مجدداً، تأتي قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات التشريعية الإسرائيلية أولاً، ووسط أنباء عن تقارب سوري مع حركة "حماس" برعاية مباشرة من قبل السيد حسن نصر الله، زعيم المقاومة الإسلامية في لبنان، أي اعتمادها رسميا في إطار محور المقاومة، وفتح صفحة جديدة استعداداً للمرحلة المقبلة.

اختيار السيد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ومسؤول علاقاتها الخارجية، ليكون ضابط اتصال بين سورية وحركة "حماس" وهو المقرب جدا من إيران واللواء قاسم سليماني، رئيس فليق القدس في الحرس الثوري، يعني أن مرحلة تفعيل المقاومة في الأراضي المحتلة ضد الاحتلال الإسرائيلي بدأت تدخل مرحلة جدية وجديدة، وأن العملية الفدائية الأخيرة في جنوب غرب نابلس قد تكون قمة جبل الثلج فقط، وما هو قادم أعظم.

ربما يفيد التذكير بأن السيد العاروري الذي كان العقل المخطط لعملية خطف ثلاثة مستوطنين إسرائيليين وقتلهم انتقاماً لحرق الشاب الشهيد محمد أبو خضير، وهي العملية التي أدت إلى جر الجيش الإسرائيلي إلى حرب غزة عام 2014، وتعرض فيها إلى هزيمة كبرى، والعاروري هو المسؤول عن العمليات العسكرية في الضفة الغربية، وتجنيد خلايا المقاومة وتسليحها في الضفة والقطاع معاً، بحكم علاقاته القوية مع إيران وحزب الله، وتردده المتواصل على طهران.

نتنياهو يعيش حالة من الرعب، تضخمت أثناء حرب غزة الأخيرة التي كانت أقصر الحروب ولم تستمر إلا لـ48 ساعة لهرولته إلى القيادة المصرية طالباً التدخل السريع لإيقافها، ويبدو أنها بلغت ذروتها، حسب تصريحات المحللين العسكريين الإسرائيليين التي نقلها موقع "واللا" الإخباري، بعد نشر أنباء تفيد بأن حركة "حماس" دفنت آلاف الصواريخ تحت الأرض، وهي صواريخ دقيقة يمكن تشغيلها وإطلاقها بالروموت كونترول، ويصعب على الرادارات الإسرائيلية رصدها وتدميرها.

نتنياهو اعتقد أن الشعب الفلسطيني يمكن ترويضه بالحصار التجويعي، ومنع كل مقومات الحياة عنه، وكم كان مخطئاً في هذا الاعتقاد، وربما أدرك هذه الحقيقة متأخراً من خلال رده "المسرحي" على الصاروخين اللذين انطلقا من غزة يوم الخميس الماضي، حيث استهدفت صواريخ طائراته مناطق خالية في القطاع، ولم تؤد إلا إلى إصابة أربعة أشخاص بإصابات طفيفة خوفاً من رد انتقامي يعيد مئات الآلاف، إن لم يكن ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ إيثاراً للسلامة.

الشعب الفلسطيني لم يعد يملك الكثير لكي يخسره في ظل سياسات التجويع الأميركية الإسرائيلية المدعومة بتطبيع رسمي عربي، وانهيار كل آماله في سلام عادل يحقق الحد الأدنى من مطالبه المشروعة في دولة مستقلة.

المارد الفلسطيني يخرج بشكل متسارع من قمقم اتفاقات أوسلو المشينة والمهينة، ويتحدى التنسيق الأمني المعيب، ويعود لسلاح المقاومة بأشكاله كافة مؤكداً أنه لا بديل عنه في ظل الخنوعين العربي والسلطوي الفلسطيني.

* "رأي اليوم"