العسكريون المتقاعدون: سنحاصر بيروت غداً !

العسكريون المتقاعدون: سنحاصر بيروت غداً !
الأربعاء ٢٦ يونيو ٢٠١٩ - ٠٥:٣٨ بتوقيت غرينتش

قرر العسكريون المتقاعدون مواجهة مناقشة مشروع موازنة الـ2019، والبنود التي يعتبرونها تمس حقوقهم، عبر إعلان قطع كل الطرق الرئيسية التي تربط المناطق بالعاصمة، قبل ظهر الغد.

العالم - لبنان

سياسة الهروب إلى الأمام، التي تعتمدها قوى السلطة في لبنان، شراء للوقت وهربا من حل الأمور الخلافية، لا تؤدي عمليا إلا إلى تفاقم الأزمات. نقاشات مشروع الموازنة، وتحديدا ما يتعلق بموازنة وزارة الدفاع، والبنود التي تطاول معاشات التقاعد ومخصصات العسكريين، خير دليل على ذلك. الأمور تسير نحو التصعيد، وجديد فصولها سيكون غدا، مع «عزل» بيروت عن بقية المناطق اللبنانية. فالعسكريون المتقاعدون يعودون إلى صلب الصورة، مع إعلانهم قطع كل الطرقات الرئيسية التي تربط بيروت بالمناطق، منذ الساعة الخامسة صباحا حتى العاشرة صباحا، ولن يسمح إلا بمرور الآليات التابعة للقوات المسلحة والدفاع المدني والصليب الأحمر والهلال الأحمر وسيارات الإسعاف التابعة للبلديات والجمعيات وآليات قوات الأمم المتحدة التي تحمل شعارها. خطوة العسكريين تأتي ردا على «إصرار الحكومة على هضم حقوق المواطنين»، بحسب البيان الصادر عن «حراك العسكريين المتقاعدين»، محذِرين من أن هذه الخطوة «تعتبر تحذيرية لأن الخطوات اللاحقة ستكون أشد قسوة وإيلاما».

في كل التجارب السابقة، كانت قوى السلطة تصم أذنيها تجاه الاعتراضات والتحركات الشعبية، وغالبا ما تنجح في امتصاصها وتحويلها إلى مادة لصراع المكونات الشعبية فيما بينها. لكن المشهد الحالي يكتسب دلالات أخرى، مع وجود العسكريين المتقاعدين على الأرض. وهم أكدوا في بيانهم توسع دائرة تحركهم، «وأمام تعنت السلطة وإصرارها على المضي قدما في موازنة الذل والعار، التي تخالف الدستور والأنظمة والقوانين وشرعة حقوق الإنسان وتهدد الأمن الاجتماعي للمواطنين وتطيل أمد الهدر والفساد ومعاناة العباد، فإن حراك العسكريين المتقاعدين والتزاما منه بالقسم الوطني، أصبح ملزما بتجاوز المطالبة بحقوقه المادية والمعنوية إلى المطالبة بالحفاظ على أمن المواطن والوطن بإسقاط الموازنة المسخ، ورفض الاستدانة باسم الشعب اللبناني والارتهان والإذعان لإملاءات الصناديق الدولية». وورد في البيان أنه سيتم «محاصرة وعزل مجلس النواب، وتدريجيا عزل لبنان عن الخارج، تزامنا مع انعقاد الهيئة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون الموازنة، ولن يثنيه عن ذلك إلا إعلان رسمي في أقرب وقت ممكن يتضمن إسقاط كل المواد والبنود التي تطال حقوق المواطنين على اختلاف شرائحهم، تفاديا لأخذ الوطن إلى الانهيار التام الذي وصل إليه بفضل السياسة الاقتصادية المجرمة للحكومات المتعاقبة منذ عام 1990 وحتى اليوم».

واحدة من نقاط الخلاف هي منع الإحالة على التقاعد في السنوات الثلاث المقبلة

اعتراض المتقاعدين العسكريين، يدور حول ثلاث نقاط: الأولى تتعلق بفرض ضريبة دخل على التعويضات الإضافية، التي يحصل عليها العسكريون المتقاعدون، ومنها مثلا بدل ألبسة وتجهيزات... هذه «المتممات»، يفترض بها أن تكون في أصل الراتب، إلا أنه منذ تسعينيات القرن الماضي، اتفق على أن تدفع من خارج الراتب، حتى لا تشملها تعويضات نهاية الخدمة، التي تحتسب على أساس الراتب. اقترح وزير المال علي حسن خليل، أن تفرض ضريبة دخل عليها. في حين أن الجيش وبقية الأجهزة الأمنية، يعتبرون أن هذه الخطوة تمهيدية، لتفرض أيضا على العسكر في الخدمة.
نقطة الخلاف الثانية، هي المادة 76 من مشروع قانون الموازنة، التي تمنع الإحالة على التقاعد في السنوات الثلاث المقبلة، إلا لمن بلغ السن القانونية للتقاعد. يتمسك بها وزير المال، لقوله إن كلفة التقاعد المبكر كبيرة على الدولة كبيرة جدا، وقد كلفت الخزينة في الـ2018 أكثر من ألف مليار ليرة، وأن المادة تشمل الجيش والقوى الأمنية وكل المؤسسات الرسمية والإدارة العامة. أما موقف وزير الدفاع الياس بو صعب، فمغاير، لاعتقاده أن إقرار هذا الاقتراح (الوارد في المادة 76 من مشروع الموازنة) سيحدث إرباكا في المؤسسة العسكرية، التي تريد خفض عديد العمداء إلى أقل من 150 عميدا، ومنع التقاعد المبكر سيؤدي إلى مضاعفة مبالغ التقاعد أكثر من 3 مرات عند انتهاء صلاحية المادة 76.
النقطة الثالثة، أقل تسببا للخلاف بسبب وجود تلاق بين موقفي وزيري الدفاع والمال، وهي رفع نسبة بدل الطبابة التي يدفعها العسكريون من 6% إلى 9%، أسوة ببقية الموظفين في الإدارة العامة، فيحاول بو صعب تمريرها بين العسكريين، من منطلق أنها «منطقية، ومساواة العسكريين بالإداريين».

جريدة الأخبار